يتم التحميل...

صدقةُ الوليّ

ذو الحجة

عنِ الإمامِ أبي جعفرٍ الباقرِ (عليه السلام)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾[1]، قَالَ: «إِنَّ رَهْطاً مِنَ الْيَهُودِ أَسْلَمُوا، مِنْهُمْ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَأَسَدٌ وَثَعْلَبَةُ وَابْنُ يَامِينَ وَابْنُ صُورِيَا،

عدد الزوار: 98

عنِ الإمامِ أبي جعفرٍ الباقرِ (عليه السلام)، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾[1]، قَالَ: «إِنَّ رَهْطاً مِنَ الْيَهُودِ أَسْلَمُوا، مِنْهُمْ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَأَسَدٌ وَثَعْلَبَةُ وَابْنُ يَامِينَ وَابْنُ صُورِيَا، فَأَتَوُا النَّبِيَّ (صلّى الله عليه وآله)، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ مُوسَى (عليه السلام) أَوْصَى‏ إِلَى‏ يُوشَعَ‏ بْنِ‏ نُونٍ،‏ فَمَنْ‏ وَصِيُّكَ‏ يَا رَسُولَ‏ اللَّهِ؟ وَمَنْ‏ وَلِيُّنَا بَعْدَكَ؟‏ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ﴾[2]‏.

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّى الله عليه وآله): قُومُوا، فَقَامُوا، فَأَتَوُا الْمَسْجِدَ، فَإِذَا سَائِلٌ خَارِجٌ، فَقَالَ: يَا سَائِلُ، أَمَا أَعْطَاكَ أَحَدٌ شَيْئاً؟ قَالَ: نَعَمْ، هَذَا الْخَاتَمَ، قَالَ: مَنْ أَعْطَاكَهُ؟ قَالَ: أَعْطَانِيهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي يُصَلِّي، قَال:َ عَلَى أَيِّ حَالٍ أَعْطَاكَ؟ قَالَ: كَانَ رَاكِعاً، فَكَبَّرَ النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله)، وَكَبَّرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله): عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي، قَالُوا: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبّاً، وَبِالْإِسْلَامِ دِيناً، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيّاً، وَبِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَلِيّاً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَ:‏ ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ‏﴾[3]‏»[4].

لقدْ تباركَت بعضُ الأيّامِ بسببِ فضيلةِ حدَثٍ وقعَ فيها، ومنها يومُ التصدّقِ بالخاتمِ في الرابعِ والعشرينَ منْ ذي الحِجّةِ، والّذي وردَت تفاصيلُهُ في روايةِ الإمامِ الباقرِ (عليه السلام).

هذهِ الحادثةُ هيَ منْ ضمنِ حوادثَ متعدّدةٍ، وقعَت في حياةِ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله)، كانَ الهدفُ منها الإعلانَ العامَّ على الملأِ، وتثبيتَ أمرٍ مهمٍّ في نفوسِ المسلمينَ، هوَ ولايةُ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام).
ولا شكَّ في أنَّ سيرةَ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) في حياةِ النبيِّ (صلّى الله عليه وآله) تضمّنَت مواقفَ عظيمةً على مستوى النتائجِ والآثارِ الدنيويّةِ والأخرويّةِ، وجعلَت منزلةَ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) متقدّمةً على كافّةِ أصحابِ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله).

والتصدّقُ بما هوَ فعلٌ مستحبُّ، اقترنَ بصورةٍ خاصّةٍ، هيَ أنّهُ قدّمَهُ أثناءَ ركوعِهِ وخلالَ صلاتِهِ، وهوَ في حالةِ الحضورِ بينَ يدَي اللهِ عزَّ وجلَّ، فجعلَ لهذا الفعلِ مكانةً خاصّةً.

لذا، كانَ منَ الأمورِ المؤكَّدةِ في التأسّي بأميرِ المؤمنينَ (عليه السلام)، التصدّقُ بنيّةِ التقرّبِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، ورجاءَ نيلِ الثوابِ الإلهيِّ، وذكرَ الشيخُ عبّاسُ القمّيُّ في مفاتيحِ الجنانِ الآتي: «وينبغي التصدّقُ في هذا اليومِ على الفقراءِ، تأسّياً بمولى كلِّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ أميرِ المؤمنينَ (عليه ‌السلام)، وينبغي أيضاً زيارتُهُ (عليه‌ السلام)، والأنسبُ قراءةُ الزيارةِ الجامعةِ»[5].

وفي رسالةِ الحقوقِ للإمامِ زينِ العابدينَ (عليه السلام): «وَحَقُّ الصَّدَقَةِ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهَا ذُخْرُكَ عِنْدَ رَبِّكَ، وَوَدِيعَتُكَ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إِلَى الْإِشْهَادِ عَلَيْهَا، وَكُنْتَ بِمَا تَسْتَوْدِعُهُ سِرّاً أَوْثَقَ مِنْكَ بِمَا تَسْتَوْدِعُهُ عَلَانِيَةً، وَتَعْلَمَ أَنَّهَا تَدْفَعُ الْبَلَايَا وَالْأَسْقَامَ عَنْكَ فِي الدُّنْيَا، وَتَدْفَعُ عَنْكَ النَّارَ فِي الْآخِرَة»[6].

نباركُ لصاحبِ العصرِ والزمانِ (عجّلَ اللهُ تعالى فرجَه) ولوليِّ أمرِ المسلمينَ (دام ظلّه) وللمجاهدينَ جميعاً ذكرى يومِ المباهلةِ والتصدّقِ بالخاتمِ.

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين


[1]  سورة المائدة، الآية 55.
[2]  سورة المائدة، الآية 55.
[3]  سورة المائدة، الآية 56.
[4]  الشيخ الصدوق، الأمالي، ص124.
[5]  الشيخ عبّاس القمّيّ، مفاتيح الجنان، ص443.
[6]  الشيخ الصدوق، الأمالي، ص369.

2024-07-01