يتم التحميل...

حدوث كلامه تعالى وقدمه

صفات وأسماء الخالق

لما ظهرت الفلسفة وأثيرت مسائل صفات الله تعالى بين المتكلمين، كانت أهمّ مسألة طُرحت على بساط البحث مسألة كلام الله تعالى وخَلْق القرآن. وقد تبنى المعتزلة القول بخَلْق القرآن وانبَرُوا يدافعون عنه بشتى الوسائل. ولما كانت الخلافة العباسية في عصر المأمون ومن بعده إلى زمن الواثق بالله، تؤيد حركة الاعتزال وآراءها...

عدد الزوار: 19

لما ظهرت الفلسفة وأثيرت مسائل صفات الله تعالى بين المتكلمين، كانت أهمّ مسألة طُرحت على بساط البحث مسألة كلام الله تعالى وخَلْق القرآن. وقد تبنى المعتزلة القول بخَلْق القرآن وانبَرُوا يدافعون عنه بشتى الوسائل. ولما كانت الخلافة العباسية في عصر المأمون ومن بعده إلى زمن الواثق بالله، تؤيد حركة الاعتزال وآراءها، استفاد المعتزلة من هذا الغطاء، وقاموا باختبار علماء الأَمصار الإِسلامية في هذه المسألة. وكانت نتيجة هذا الإِمتحان أَنْ أَجاب جميع الفقهاء في ذلك العصر بنظرية الخَلْق ولم يمتنع إلاّ نفر قليل على رأسهم الإِمام أحمد بن حنبل.

ويمكن إرجاع مسألة أنَّ كلام الله تعالى غير مخلوق إلى القرن الثاني.

وبقيت في طي الكتمان إلى زمن المأمون. ومع أنَّ أهل الحديث يلتزمون بعدم التفوه بشيء لم يرد فيه نص عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أَو عهد من الصحابة، إلاّ أَنَّهم خالفوا مبدأهم في هذه المسألة، إلى أَنِ انجرّ بهم الأَمر إِلى إِعلانها على رؤوس الأَشهاد وصَهَوات المنابر. والسبق في ذلك بينهم يرجع إلى أحمد بن حنبل ومواقفه. فقد أَخذ يروج لفكرة عدم خلق القرآن أو قِدَمه، ويدافع عنها بحماس، متحملا في سبيلها من المشاق ما هو مسطور في زُبُر التاريخ. وقد عرفت امتناعه عن الإِقرار بخلق القرآن عند استجواب الفقهاء فسُجن وعُذّب وجُلِد بالسياط، ورغم كل ذلك لم يُر منه إلاّ الثبات والصمود، وكان هذا هو أَبرز العوامل التي أَدّت إلى اشتهاره وطيران صِيته في البلاد الإِسلامية فيما بعد. وقد سجل التاريخ جملة من المناظرات التي جرت بينه وبين المفكرين من المتكلمين.

ولأَجل إيضاح الحال في المقام نأتي بما جاء به أَحمد بن حنبل وأبو الحسن الأشعري في هذا المجال.

قال أحمد بن حنبل: "والقرآن كلام الله ليس بمخلوق، فمن زعم أَنَّ القرآن مخلوق فهو جَهْمِيّ كافر، ومن زعم أَنَّ القرآن كلام الله عزَّ وجل ووقف ولم يقل مخلوق ولا غير مخلوق، فهو أَخبث من الأول. ومن زعم أَنَّ أَلفاظنا بالقرآن وتلاوتنا له مخلوقة، والقرآن كلام الله، فهو جَهْميّ. ومن لم يُكَفِّر هؤلاء القوم كلهم فهو مثلهم.
 
وكلّم الله موسى تكليماً، من الله سمع موسى يقيناً، وناوله التوراة من يده، ولم يزل الله متكلماً عالماً، تبارك الله أحسن الخالقين"1.

وقال أبو الحسن الأشعري: "نقول إِنَّ القرآن كلام الله غير مخلوق وإِنَّ من قال بخلْق القرآن فهو كافر"2.

وقد نقل عن إِمام الحنابلة أنَّه قيل له:ها هنا قوم يقولون القرآن لا مخلوق ولا غير مخلوق. فقال: هؤلاء أَضرّ من الجَهْمِيّة على الناس، ويلكم فإنْ لم تقولوا: ليس بمخلوق فقولوا مخلوق. فقال أحمد هؤلاء قوم سوء. فقيل له: ما تقول؟ قال: الذي أَعتقد وأَذهب إليه ولا شكّ فيه أنَّ القرآن غير مخلوق. ثم قال: سبحان الله، ومن شك في هذا؟3.

هذا ما لدى المحدّثين والحنابلة والأَشاعرة. وأَمَّا المعتزلة فيقول القاضي عبدالجبار: "أما مذهبنا في ذلك إِنَّ القرآن كلام الله تعالى ووحيه وهو مخلوق مُحْدَث أنزله الله على نبيه ليكون علماً ودالا على نبوته، وجعله دلالة لنا على الأَحكام لنرجع إليه في الحلال والحرام، واستوجب منا بذلك الحمد والشكر، وإذاً هو الذي نسمعه اليوم ونتلوه وإنْ لم يكن (ما نقرؤه) مُحدَثاً من جهة الله تعالى فهو مضاف إليه على الحقيقة كما يضاف ما نَنْشِدُهُ اليوم من قصيدة امرئ القيس على الحقيقة، وإنْ لم يكن (امروء القيس) مُحدِثاً لها الآن"4.

وقبل الخوض في تحليل المسألة نقدم أموراً

1- إذا كانت مسألة خلق القرآن أو قدمه بمثابة أوجدت طائفتين يكفّر كل منهما عقيدة الآخر، فإمام الحنابلة يقول: إنَّ من زعم أَنَّ القرآن مخلوق فهو جَهْميّ كافر، والمعتزلة تقول: إِنَّ القول بكون القرآن غير مخلوق أو قديم شِرْك بالله سبحانه، فيجب تحليلها على ضوء العقل والكتاب والسنة باجتناب كل هياج ولَغْط. ومما لا شك فيه أَن المسألة كانت قد طرحت في أجواء خاصة عزّ فيها التفاهم وساد عليها التناكر. وإلاّ فلا معنى للإِفتراق في أمر تزعم إحدى الطائفتين أنه ملاك الكفر وأنَّ التوحيد في خلافه، وتزعم الطائفة الأُخرى عكس ذلك.

ولو كانت مسألة خلق القرآن بهذه المثابة لكان على الوحي التصريح بأحد القولين ورفع الستار عن وجه الحقيقة، مع أَنَّا نرى أَنَّه ليس في الشريعة الإِسلامية نص في المسألة، وإنَّما ظهرت في أوائل القرن الثاني. نعم، استدلت الطائفتان ببعض الآيات، غير أَنَّ دلالتها خَفيّة، لا يقف عليها "على فرض الدلالة" إلاّ الأوحدي. وما يُعدّ مِلاك التوحيد والشِّرك يجب أنْ يرِدَ فيه نص لا يقبل التأويل ويقف عليه كل حاضر وباد.

وقد نقل الأشعري في كتابه (الإِبانة) أخباراً في شِرْكِ أبي حنيفة والبراءة منه واستتابة ابن أبي ليلى إياه لقوله بخلق القرآن، فتاب تقية، مخافة أنْ يُقدِم عليه، كما صَرَّح هو نفسه بذلك5. مع أنَّ الطَحاوي ذكر في عقائده ما يناقض ذلك وقال بعدم خلق القرآن رغم أنَّه حنفيّ، المشرب والمسلك.

2- كان بعض السلف يتحرّجون من وصف القرآن بأنه قديم وقالوا فقط إِنه غير مخلوق. لكنهم تدرّجوا في هذا القول حتى وصفوا كلام الله بأنه قديم. ومن المعلوم أنَّ توصيف شيء بأنه غير مخلوق أو قديم مما لا يتجرَّأُ عليه العارف، لأن هذين الوصفين من خصائص ذاته فلو كان كلامه سبحانه غير ذاته فكيف يمكن أَنْ يتصف بكونه غير مخلوق أو كونه قديماً. ولو فرضنا صحة تلك العقيدة التي لا ينالها إلاّ الأوحدي في علم الكلام فكيف يمكن أنْ تكون هذه المسألة الغامضة مما يجب الاعتقاد به على كل مسلم مع أَنَّ الإِنسان البسيط بل الفاضل لا يقدر أنْ يحلل ويدرك كون شيء غير الله سبحانه وفي الوقت نفسه غير مخلوق.

إنَّ سهولة العقيدة ويسر التكليف من سمات الشريعة الإِسلامية وبها تفارق سائر المذاهب السائدة على العالم، مع أنَّ تصديق كون كلامه تعالى "وهو غير ذاته" غير مخلوق أو قديم، شيء يعسر على الخاصة فكيف على العامة.

3- إِنَّ الظاهر من أهل الحديث هو قدم القرآن "المقروء" وهو أمر تنكره البداهة والعقل ونفس القرآن. وقد صارت تلك العقيدة بمنزلة من البطلان حتى تحامل عليها الشيخ محمد عبده إذْ قال: "والقائل بقدم القرآن المقروء أشنع حالا وأضل اعتقاداً من كل ملة جاء القرآن نفسه بتضليلها والدعوة إلى مخالفتها"6.

ولما رأى ابن تيميّة، الذي نصب نفسه مروجاً لعقيدة أهل الحديث، أنَّها عقيدة تافهة صرح بحدوث القرآن المقروء وحدوث قوله ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ(المزمل:1). و﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ(المدثر:1). وقوله ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَـدِلُكَ فِي زَوْجِهَا(المجادلة:1)... إلى غير ذلك من الآيات الدالة على حدوث النداء والسمع من حينه لا من الأزل 7.

والعجب أَنَّه يستدل بدليل المعتزلة على حدوث القرآن المقروء، ويقول إِنَّ ترتيب حروف الكلمات والجمل يستلزم الحدوث، لأنَّ تحقق كلمة "بسم الله" يتوقف على حدوث الباء وانعدامها ثم حدوث السين كذلك إلى آخر الكلمة. فالحدوث والإِنعدام ذاتي لمفردات الحروف لا ينفك عنها، وإلا لما أمكن أَنْ توجد كلمة، فإذن كيف يمكن أنْ يكون مثل هذا قديماً أزلياً مع الله تعالى؟.

4- لما كانت فكرة عدم خلق القرآن أو القول بقدمه شعار أهل الحديث وسِمَتهم ومن جانب آخر كان القول بقدم القرآن المقروء والملفوظ شيئاً لا يقبله العقل السليم، جاء الأشاعرة بنظرية جديدة أصلحوا بها القول بعدم خلق القرآن وقدمه والتجأوا إلى أنّ المراد من كلام الله تعالى ليس هو القرآن المقروء بل الكلام النفسي، وقد عرفت مدى صحة القول بالكلام النفسي.

وعلى كل تقدير فالقول بِقدَم الكلام النفسي ليس بمنزلة القول بِقدَم القرآن المقروء.

5- كيف يكون القول بخلق القرآن وحدوثه مِلاكاً للكفر مع أنَّه سبحانه يصفه بأنَّه محدث أَيٌ أَمر جديد؟ قال سبحانه: ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَة مُّعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْر مِّن رَّبِّهِم مُّحْدَث إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ(الأنبياء:1-2). والمراد من الذكر هو القرآن الكريم لقوله سبحانه: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ(الحجر:9)، وقوله سبحانه: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ(الزخرف:44).

والمراد من "مُحْدَث" هو الجديد، وهو وصف لِلذِكْر. ومعنى كونه جديداً أنه أتاهم بعد الإِنجيل. كما أنَّ الإِنجيل جديد لأنه أتاهم بعد التوراة. وكذلك بعضُ سور القرآن وآياته ذكر جديد أتاهم بعد بعض. وليس المراد كونه مُحْدَثاً من حيث نزوله، بل المراد كونه مُحْدَثاً بذاته بشهادة أَنَّه وصف لـ"ذكر". فالذكر بذاته مُحْدَث، لا بنزوله فلا معنى لتوصيف المحدث بالذات بكونه من حيث النزول.

وكيف يمكن القول بقدم القرآن مع أنه سبحانه يقول في حقه: ﴿وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً(الإِسراء:86)، فهل يصح توصيف القديم بالإِذهاب والإِعدام؟!.

6- العجب أَنَّ مَحَطَّ النزاع لم يُحَدّد بشكل واضح يقدر الإِنسان على القضاء فيه، فها هنا احتمالات، يمكن أنْ تكون محط النَّظر لأهل الحديث والأشاعرة عند توصيف كلامه سبحانه بالقِدَم نطرحها على بساط البحث ونطلب حكمها من العقل والقرآن.

أ - الألفاظ والجمل الفصيحة البليغة التي عجز الإِنسان في جميع القرون عن الإِتيان بمثلها، وقد جاء بها أمين الوحي إلى النبي الأكرم، وقرأها الرسول فتلقتها الأَسماع وحرّرتها الأَقلام على الصُحُف المطهرة. فهي ليست بمخلوقة على الإِطلاق لا لله سبحانه ولا لغيره.

ب - المعاني السامية والمفاهيم الرفيعة في مجالات التكوين والتشريع والحوادث والأَخلاق والآداب وغيرها.

ج - ذاته سبحانه وصفاته من العلم والقدرة والحياة التي بحث عنها القرآن وأَشار إليها بأَلفاظه وجُمَلِه.

د - علمه سبحانه بكل ما ورد في القرآن الكريم.

هـ - الكلام النفسي القائم بذاته.

و - القرآن ليس مخلوقاً للبشر وإن كان مخلوقاً لله.

وهذه المحتملات لا تختص بالقرآن الكريم بل تَطّرد في جميع الصحف السماوية النازلة إلى أنبيائه ورسله.

وإليك بيان حكمها من حيث الحدوث والقدم.

أَما الأَول: فلا أَظن أَنَّ إنساناً يملك شيئاً من الدَّرْك والعقل يعتقد بكونها غير مخلوقة أو كونها قديمة، كيف وهي شيء من الأَشياء، وموجود من الموجودات، ممكن غير واجب. فإذا كانت غير مخلوقة وجب أن تكون واجبة بالذات وهو نفس الشِّرك بالله سبحانه وحتى لو فُرض أَنَّه سبحانه يتكلم بهذه الأَلفاظ والجمل، فلا يخرج تكلُّمه عن كونه فعله، فهل يمكن أَنْ يقال إنَّ فعله غير مخلوق أو قديم؟!

وأَما الثَّاني
: فهو قريب من الأَول في البداهة، فإنَّ القرآن يشتمل، وكذا سائر الصحف على الحوادث المحقَّقة في زمن النبي من مُحاجّة أهل الكتاب والمشركين وما جرى في غزواته وحروبه من الحوادث المؤلمة أو المُسِرّة، فهل يمكن أنْ نقول بأَنَّ الحادثة التي يحكيها قوله سبحانه: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَـادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعُ بَصِيرٌ(المجادلة:1)، قديمة.

وقد أخبر الله تبارك وتعالى في القرآن والصحف السماوية عما جرى على أَنبيائه من الحوادث وما جرى على سائر الأمم من أَلوان العذاب، كما أَخبر عما جرى في التكوين من الخلق والتدبير، فهذه الحقائق الواردة في القرآن الكريم، حادثة بلا شك، لا قديمة.

وأَما الثَّالث
: فلا شك أَنَّ ذاته وصفاته من العلم والقدرة والحياة وكل ما يرجع اليها كشهادتِه أنَّه لا إله إلاّ هو، قديم بلا إشكال وليس بمخلوق بالبداهة، ولكنه لا يختص بالقرآن بل كل ما يتكلم به البشر ويشير به إِلى هذه الحقائق، فمعانيه المشار اليها بالألفاظ والأَصوات قديمة، وفي الوقت نفسه ما يشار به من الكلام والجمل حادث.

وأَما الرَّابع: أي عِلْمه سبحانه بما جاء في هذه الكتب وما ليس فيها، فلا شك أنَّه قديم نفس ذاته. ولم يقل أَحد من المتكلمين الإِلهيين إلاّ من شذّ من الكرّامية - بحدوث علمه.

وأما الخامس
: أعنى كونه سبحانه متكلماً بكلام قديم أزلي نفساني ليس بحروف الأصوات، مغاير للعلم والإِرادة، فقد عرفت أن ما سمّاه الأشاعرة كلاماً نفسيّاً لا يخرج عن إطار العلم والإِرادة ولا شك أنّ علمه وإرادته البسيطة قديمان.

وأما السَّادس: وهو أنَّ الهدف من نفي كونه غير مخلوق، كون القرآن غير مخلوق للبشر، وفي الوقت نفسه هو مخلوق لله سبحانه، فهذا أمر لا ينكره مسلم. فإِنَّ القرآن مخلوق لله سبحانه والناس بأَجمعهم لا يقدرون على مثله. قال سبحانه: ﴿قُل لَّـئِنِ اجْتَمَعَتِ الاِْنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْض ظَهِيرًا(الإِسراء:88).

وهذا التحليل يُعْرِبُ عن أنّ المسألة كانت مطروحة في أجواء مُشَوّشة وقد اختلط الحابُل فيها بالنابِل ولم يكن محط البحث محرَّراً على وجه الوضوح حتى يعرف المُثْبَت عن المَنْفي، ويُمخض الحق من الباطل. ومع هذا التشويش في تحرير محل النزاع نرى أنَّ أهلَ الحديث والأشاعرة يستدلون بآيات من الكتاب على قدم كلامه وكونه غير مخلوق. وإليك هذه الأدلة واحداً بعد واحد.

أَدلة الأَشاعرة على كون القرآن غير مخلوق
إستدلَّ الأَشعري بوجوه

الدليل الأول: قوله سبحانه ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيء إِذَا أَرَدْنَـاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ(النحل:40). قال الأشعري: ومما يدل من كتاب الله على أنَّ كلامه غير مخلوق قوله عزوجل: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيء إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ(النحل:40).

فلو كان القرآن مخلوقاً لوجب أنْ يكون مقولا له "كن فيكون". ولو كان الله عز وجل قائلا للقول "كن" لكان للقول قول. وهذا يوجب أَحد أمرين: إِما أَنْ يؤول الأَمر إلى أَنَّ قول الله غير مخلوق، أو يكون كل قول واقعاً بقول لا إلى غاية وذلك محال. وإذا استحال ذلك صحَّ وثبت أنَّ لله عز وجل قولا غير مخلوق8.

يلاحظ عليه: أوَّلا: إنَّ الإِستدلال مبني على كون الأمر بالكون في الآية ونظائرها أمراً لفظيّاً مؤلفاً من الحروف والأصوات. وأنَّه سبحانه كالسلطان الآمر، فكما أنَّه يتوسل عند أمرِهِ وزراءه وأعوانه باللفظ، فهكذا سبحانه يتوسّل عند خلق السَّموات والأرض باللفظ والقول، فيخاطب المعدوم المطلق بلفظة "كن".

ولا شك أَنَّ هذا الإِحتمال باطل جداً، إذ لا معنى لخطاب المعدوم. وما يقال في تصحيحه بأنَّ المعدوم معلوم لله تعالى فهو يعلم الشيء قبل وجوده وأَنَّه سيوجد في وقت كذا، غير مفيد، لأن العلم بالشيء لا يصحح الخطاب، وإنْ كنت في شك من ذلك فلاحظ النّجار الذي يريد صناعة الكرسي بالمعدات والآلات، فهل يصح أنْ يخاطبها بهذا اللفظ، هذا وإنْ كان بين المثالِ والمُمَثَّل له فَرْق أو فُروق.

وإِنَّما المراد من الأمر في الآية، كما فهمه جمهور المسلمين، هو الأمر التكويني المُعبّر عن تَعَلُّق الإِرادة القطعية بإيجاد الشيء، والمقصود من الآية أنَّ تعلق إرادته سبحانه يعقبه وجوده، ولا يأبى عنه الشيء، وأنَّ ما قضاه من الأُمور وأَراد كونه فإنه يتكون ويدخل في حيز الوجود من غير امتناع ولا توقف، كالمأمور المطيع الذي يؤمر فيمتثل، لا يتوقف ولا يمتنع ولا يكون منه الإِباء.

وبذلك تقف على الفرق بين الأمر التكليفي التشريعي الوارد في الكتاب والسنَّة، والأمر التكويني. فالأَول يخاطَب به الإِنسان العاقل للتكليف ولا يخاطب به غيره فضلا عن المعدوم. وهذا بخلاف الأَمر التكويني فإِنَّه رمز لتعلق الإِرادة القطعية بإيجاد المعدوم.

وهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يفسّر الأَمر التكويني بقوله "يقول لِمَا أراد كونَه كُنْ، فَيكونُ. لا بصوت يَقْرَعُ ولا بِنداء يُسمَع، وإنَّما كلامُهُ سُبْحانَه فعلٌ منه، أنْشَأهُ وَمَثَّله، لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبلِ ذلِكَ كائناً، ولَو كانَ قديماً لَكانَ إِلهاً ثانياً"9.

وثانياً: نحن نَختارُ الشِقّ الثاني، ولا يلزم التسلسل. ونلتزم بأنَّ هنا قولا سابقاً على القرآن هو غير مخلوق أوجد به سبحانه مجموع القرآن وأَحدثه حتى كلمة "كن" الواردة في تلك الآية ونظائرها. فتكون النتيجة حدوث القرآن وجميع الكتب السماوية وجميع كَلِمِه وكلامه إِلاَّ قولا واحداً سابقاً على الجميع. فينقطع التسلسل بالإِلتزام بعدم مخلوقية لفظ واحد.

ثالثاً: كيف يمكن أنْ تكون كلمةُ "كن" الواردة في الآية وأَمثالها قديمةً. مع أنها إخبار عن المستقبل فتكون حادثة. يقول سبحانه مخبراً عن المستقبل ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيء إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ(النحل:40). ولأَجل ذلك التجأ المتأخرون من الأَشاعرة إلى أَنَّ لفظ "كن" حادث والقديم هو المعنى الأَزلي النفساني.

الدَّليل الثاني: قوله سبحانه: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَـاوَاتِ وَالأَْرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّام ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي الَّيْلَ النَّهَارَ يَطْـلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَات بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَْمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَـالَمِينَ(الأعراف:54).

قال الأشعري: فـ "الخلق" جميع ما خلق داخل فيه، ولما قال "والأمر" ذكر أَمراً غير جميع الخلق. فدل ما وصفناه على أنَّ أَمر الله غير مخلوق. وأَما أَمر الله فهو كلامه. وباختصار: إِنَّه سبحانه أَبان الأَمر من الخلق، وأمرُ الله كلامه، وهذا يوجب أنْ يكون كلام الله غير مخلوق10.

يلاحَظُ عليه: إِنَّ الإِستدلال مبني على أَنَّ "الأَمر" في الآية بمعنى كلام الله وهو غير ثابت بل القرينة تدل على أَنَّ المراد منه غيره، كيف وقد قال سبحانه في نفس الآية: (والنُّجومَ مُسَخَّرات بِأمْرِهِ ألا لَهُ الخَلْقُ والأَمْرُ) والمراد من اللفظين واحد، والأول قرينة على الثاني. وهدف الآية هو أنّ الخلقَ "بمعنى الإِيجاد" وتدبيرَه كلاهما من الله سبحانه وليس شأنه سبحانه خلق العالم والأَشياء ثم الإِنصراف عنها وتفويض تدبيرها إلى غيره حتى يكون الخلق منه والتدبير على وجه الإِستقلال من غيره، بل الكل من جانبه سبحانه.

فالمراد من الخلق إِيجاد ذوات الأَشياء، والمراد من الأَمر النظام السَّائد عليها، فكأَنَّ الخلق يتعلق بذواتها والأَمر بالأوضاع الحاصلة فيها والنظام الجاري بينها. ويدل على ذلك بعض الآيات التي تذكر "تدبير الأمر" بعد الخلق.

يقول سبحانه: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَـاوَاتِ وَالاَْرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّام ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَدَبِّرُ الاَْمْرَ مَا مِن شَفِيع إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ(يونس:3). وقال تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَد تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لاَِجَل مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الاَْمْرَ يُفَصِّلُ الآَيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ(الرعد:2).

فليس المراد من الأَمر ما يقابل النهي، بل المراد الشؤون الراجعة إِلى التكوين، فيكون المقصود أَنَّ الإِيجاد أَوّلا، والتصرف والتدبير ثانياً منه سبحانه فهو الخالق المالك لا شريك له في الخلق والإِيجاد ولا في الإِرادة والتدبير.

الدليل الثَّالث: قوله سبحانه: ﴿إنْ هَذا إلاّ قَوْلُ البَشَرِ(المدثر:25).

قال الاشعري: "فمن زعم أَنَّ القرآن مخلوق فقد جعله قولا للبشر، وهذا ما أَنكره الله على المشركين"11.

يلاحظ عليه: إِنَّ من يقول بأَنَّ القرآن مخلوق لا يريد إِلاّ كونه مخلوقاً لله سبحانه. فالله سبحانه خلقه وأَوحى به إلى النبي ونزّله عليه مُنِّجماً على مدى ثلاث وعشرين سنة وجعله فوق قدرة البشر فلن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً.

نعم، كون القرآن مخلوقاً لله سبحانه لا ينافي أَنْ يكون ما يقرؤه الإِنسان مخلوقاً له لبداهة أنَّ الحروف والأصوات التي ينطق بها الناس مخلوقة لهم وهذا كمعلقة امرئ القيس وغيرها، فأصلها مخلوق لنفس الشاعر، ولكن المقروء مثال له، ومخلوق للقارئ.

والعجب أَنَّ الأشعري ومن قبله ومن بعدَه لم ينقّحوا موضع النزاع فزعموا أنَّه إذ قيل "القرآن مخلوق" فإنما يراد منه كون القرآن مصنوعاً للبشر، مع أَنَّ الضرورة قاضية بخلافه، فكيف يمكن لمسلم يعتنق القرآن ويقراً قول البارئ سبحانه فيه: ﴿وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ(الانعام:155)، أن يَتَفَوّه بأنَّ القرآن مخلوق للبشر. بل المسلمون جميعاً يقولون في القرآن نفس ما قاله سبحانه في حقّه. غير أَنَّ المقروء على ألسنتهم مخلوق لأنفسهم، فيكون مثال ما نزله سبحانه مخلوقاً للإِنسان، وكون المثال مخلوقاً لهم ليس دليلا على أَنَّ المُمَثَّل مخلوقاً لهم. والناس بأجمعهم عاجزون عن إيجاد مثل القرآن ولكنهم قادرون على إيجاد مثاله. فلاحظ وتدبر.

وبذلك تقف على أنَّ أكثر ما استدل به الأشعري في كتاب "الإِبانة" غير تام من جهة الدلالة، ولا نطيل المقام بإِيراده ونقده. وفيما ذكرنا كفاية.

بقي هنا نكتة ننبه عليها وهي: إِنَّ المعروف من إِمام الحنابلة أنَّه ما كان يرى الخوض في المسائل التي لم يخض فيها السَلَف الصالح لأَنه ما كان يرى علماً إِلاّ علْمَ السَلَف، فما يخوضون فيه يخوض فيه، وما لا يخوضون فيه من أمور الدّين يراه ابتداعاً يجب الإِعتراض عنه. وهذه المسألة لم يتكلم فيها السلف فلم يكن له أن يتكلم فيها. والمبتدعون هم الذين يتكلمون، فما كان له أن يسير وراءهم وكان من واجبه حسب أصوله أن يتوقف ولا يَنْبُس بِبِنْتِ شَفَة. نعم نقل عنه ما يوافق التوقف "رغم ما نقلنا عنه من خلافه" وأنَّه قال: من زعم أنَّ القرآن مخلوق فهو جهمي، ومن زعم أنَّه غير مخلوق فهو مبتدع.

ويرى المحققون أنَّ إِمام الحنابلة كان في أوليات حياته يرى البحث حول القرآن، بأنَّه مخلوق أَوْ غير مخلوق، بدعة. ولكنه بعدما زالت المحنة وطلب منه الخليفة العباسي المتوكل، المؤيد له، الإِدلاء برأيه، إِختار كون القرآن ليس بمخلوق. ومع ذلك لم يؤثر عنه أنَّه قال: إِنَّه قديم12.

موقف أَهل البيت عليهم السَّلام
إِنَّ تاريخ البحث وما جرى على الفريقين من المحن، يشهد بأَنَّ التشدّد فيه لم يكن لإحقاق الحق وإِزاحة الشكوك، بل استغلت كل طائفة تلك المسألة للتنكيل بخصومها. فلأجل ذلك نرى أَنَّ أَئمة أَهل البيت عليهم السَّلام منعوا أَصحابهم من الخوض في تلك المسألة، فقد سأل الرّيّانُ بن الصَّلْت الإِمام الرضا عليه السَّلامو قال له: ما تقول في القرآن؟

فقال عليه السَّلام: "كلامُ الله لا تَتَجاوَزُهُ ولا تَطْلُبوا الهُدى في غَيرِه، فَتَضِلّوا"13.

ورَوى علي بن سالم عن أبيه قال: سألت الصادق جعفر بن محمد فقلت له: يابن رسول الله ما تقول في القرآن؟ فقال: "هو كلامُ اللهِ وقَوْلُ اللهِ، وكتابُ اللهِ ووَحْيُ اللهِ، وتنزيلُه، وهو الكتاب العزيز لا يأتيه الباطل من بين يَدَيْهِ ولا مِن خلفه، تنزيلٌ من حكيم حميد"14.

وحدّث سليمان بن جعفر الجعفري قال، قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليه السَّلام: يا ابن رسول الله، ما تقول في القرآن؟ فقد اختلف فيه مَنْ قَبْلَنا، فقال قوم إنه مخلوق، وقال قوم إنه غير مخلوق.

فقال عليه السَّلام: أما إني لا أقول في ذلك ما يقولون، ولكنّي أقولُ: إنه كلامُ الله15.

فإنا نرى أَنَّ الإِمام عليه السَّلام يبتعد عن الخوض في هذه المسألة لِمَا رأى من أَنَّ الخوض فيها ليس لصالح الإِسلام، وأنَّ الإِكتفاء بأنَّه كلام الله أَحسم لمادة الخلاف. ولكنهم عليهم السَّلام عندما أحسوا بسلامة الموقف، أَدلوا برأْيهم في الموضوع، وصرّحوا بأَنَّ الخالق هو الله وغيره مخلوق والقرآن ليس نفسه سبحانه، وإلاّ يلزم اتحاد المُنْزَل والمُنْزِل، فهو غيره، فيكون لا محالة مخلوقاً.

فقد روى محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني أنَّه كتب علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا عليه السَّلامإلى بعض شيعته ببغداد: "بسم الله الرحمن الرحيم، عَصَمَنا اللهُ وإيّاكَ مِنَ الفِتْنَةِ، فإنْ يَفْعَل فقد أعْظَمَ بها نِعمة، وإنْ لا يَفْعَل فهي الهَلَكَة. نحن نرى أنَّ الجِدالَ في القرآن بِدْعَةٌ، اشترك فيها السائل والمُجيب، فيتعاطى السائل ما ليس له، ويتكلَّفُ المُجيب ما ليس عليه، وليس الخالقُ إِلاّ اللهَ عزّوجل، وما سواهُ مخلوقٌ، والقرآنُ كلامُ الله، لا تَجْعَل لَه إِسماً مِنْ عندِك فتكونَ من الضّالّين، جَعَلَنا الله، وإياك من الذين يَخْشَوْنَ ربهم بالغيب وهم من الساعة مُشفقون"16.

وفى الروايات المروية إشارة إلى المحنة التي نقلها المؤرخون، حيث كان أحمد بن أبي دؤاد في عصر المأمون كتب إلى الولاة في العواصم الإِسلامية أنْ يختبروا الفقهاء والمحدّثين في مسأَلة خلق القرآن، وفرض عليهم أنْ يعاقبوا كل من لا يرى رأي المعتزلة في هذه المسألة. وجاء المعتصم والواثق فطبقا سيرته وسياسته مع خصوم المعتزلة وبلغت المحنة أَشدها على المحدثين، وبقى أحمد بن حنبل ثمانية وعشرين شهراً تحت العذاب فلم يتراجع عن رأيه17. ولما جاء المتوكل العباسي، نصر مذهب الحنابلة وأقصى خصومهم، فعند ذلك أَحسّ المحدثون بالفرج وأَحاطت المحنة بأولئك الذين كانوا بالأمس القريب يفرضون آراءهم بقوة السلطان.

فهل يمكن عدّ مثل هذا الجدال جدالا إسلامياً، وقرآنياً، لمعرفة الحقيقة وتبيّنها، أو أنه كان وراءه شيء آخر؟ الله العالم بالحقائق وضمائر القلوب.


* الإلهيات،آية الله جعفر السبحاني.مؤسسة الامام الصادق عليه السلام.ج 1 . ص205-220.


1- كتاب السنة، لأحمد بن حنبل، ص 49.
2- الإِبانة، ص 21، ولاحظ مقالات الإِسلاميين، ص 321.
3- الإِبانة، ص 69، وقد ذكر في ص 76.
4- شرح الأَصول الخمسة، ص 528.
5- الإِبانة، ص 71 - 72.
6- رسالة التوحيد ص 49.
7- مجموعة الرسائل الكبرى، ج 3، ص 97.
8- الإِبانة، ص 52 - 53.
9- نهج البلاغة، الخطبة 186.
10- الإِبانة، ص 51 - 52.
11- الإبانة - ص 56.
12- تاريخ المذاهب الإِسلامية، ص 300.
13- التوحيد للصَّدوق، باب القرآن ما هو، الحديث2، ص 223.
14- التّوحيد، للصّدوق، باب القرآن، الحديث 3، ص 224.
15- المصدر السابق، الحديث 5، ص 224.
16- المصدر السابق، الحديث4.
17- لاحظ سير أعلام النبلاء للذهبي، ح11، ص252.

2009-07-21