يتم التحميل...

خطبة السيدة زينب عليها السلام في الشام

رجب

نعزي الإمام صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف، وولي أمر المسلمين الإمام الخامنئي مدّ ظلّه العالي، وعموم المؤمنين لا سيما المجاهدين، بذكرى رحيل السيدة زينب عليها السلام في الخامس عشر من شهر رجب.

عدد الزوار: 92

نور الأسبوع: خطبة السيدة زينب عليها السلام في الشام
المناسبة: رحيل السيدة زينب عليها السلام


نعزي الإمام صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف، وولي أمر المسلمين الإمام الخامنئي مدّ ظلّه العالي، وعموم المؤمنين لا سيما المجاهدين، بذكرى رحيل السيدة زينب عليها السلام في الخامس عشر من شهر رجب.

تميزت السيدة زينب عليها السلام إبنة أمير المؤمنين عليه السلام بمواقفها البطولية والرائدة في مواجهة الظلم والطغيان الأموي،ولا سيما بعد أحداث واقعة كربلاء، ومن ذلك أنه عندما وجه عبيد الله بن زياد آل الحسين عليه السلام إلى يزيد بدمشق ومثلوا بين يديه أمر برأس الحسين فجيء به في طست فجعل ينكت ثناياه بقضيب في يده وهو يقول من أبيات:
ليت أشياخي ببدر شهدوا... جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلوا واستهلوا فرحا... ثم قالوا يا يزيد لا تشل
فجزيناهم ببدر مثلها... وأقمنا ميل بدر فاعتدل


فقالت عليها السلام:
"الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على رسوله وآله أجمعين، صدق الله سبحانه حيث يقول: ﴿ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون(الروم:10). أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض، وآفاق السماء، فأصبحنا نساق كما تساق الأسارى أن بنا على الله هوانا، وبك عليه كرامة، وأن ذلك لعظم خطرك عنده فشمخت بأنفك، ونظرت في عطفك (ما أنت عليه من السلطان)، جذلان مسروراً، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة، والأمور متسقة، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا فمهلاً مهلاً، أنسيت قول الله تعالى: ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ. (آل عمران:178)

أمن العدل يا ابن الطلقاء، تخديرك حرائرك وإماءك، وسوقك بنات رسول الله سبايا، قد هتكت ستورهن، وابديت وجوههن، تحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد، ويستشرفهن أهل المناهل والمعاقل، ويتصفح وجوههن القريب والبعيد، والدني والشريف، ليس معهن من حماتهن حمي ولا من رجالهن ولي، وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الازكياء، ونبت لحمه من دماء الشهداء، وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر إلينا بالشنف(بالطمع) والشنآن(البغض)، والاحن(ما في القلب من شجون) والأضغان ثم تقول غير متألم ولا مستعظم:
لأهلوا واستهلوا فرحا... ثم قالوا يا يزيد لا تشل

منحنياً على ثنايا أبي عبد الله سيد شباب أهل الجنة تنكتها بمخصرتك وكيف لا تقول ذلك، وقد نكأت القرحة، واستأصلت الشأفة، بإراقتك دماء ذرية محمد صلى الله عليه وآله ونجوم الأرض من آل عبد المطلب وتهتف بأشياخك زعمت أنك تناديهم فلتردن وشيكا موردهم ولتودن انك شللت وبكمت ولم تكن قلت ما قلت وفعلت ما فعلت.

اللهم خذ لنا بحقنا، وانتقم ممن ظلمنا، واحلل غضبك بمن سفك دماءنا، وقتل حماتنا.

فوالله ما فريت إلا جلدك، ولا حززت إلا لحمك، ولتردنّ على رسول الله صلى الله عليه وآله بما تحملت من سفك دماء ذريته وانتهكت من حرمته في عترته ولُحمته، حيث يجمع الله شملهم، ويلم شعَثَهم، ويأخذ بحقهم ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ.(آل عمران:169)

وحسبك بالله حاكماً، وبمحمد صلى الله عليه وآله خصيماً، وبجبرئيل ظهيراً، وسيعلم من سول لك ومكنك من رقاب المسلمين بئس للظالمين بدلاً وأيكم شراً مكاناً، واضعف جنداً.

ولئن جرّت علي الدواهي مخاطبتك، إني لأستصغر قدرك واستعظم تقريعك، واستكثر توبيخك، لكن العيون عبرى، والصدور حرى.

ألا فالعجب كل العجب، لقتل حزب الله النجباء، بحزب الشيطان الطلقاء، فهذه الأيدي تنطف من دمائنا، والأفواه تَتَحلّب من لحومنا وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل، وتعفّرها أمهات الفراعل(أمهات الضباع) ولئن اتخذتنا مغنماً، لتجدنا وشيكاً مغرما، حين لا تجد إلا ما قدمت يداك وما ربك بظلام للعبيد، وإلى الله المشتكى وعليه المعول.

فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المناد ألا لعنة الله على الظالمين.

والحمد لله رب العالمين، الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة ولآخرنا بالشهادة والرحمة، ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب، ويوجب لهم المزيد ويحسن علينا الخلافة، إنه رحيم ودود، وحسبنا الله ونعم الوكيل".

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

2011-06-21