هدى الله
رمضان
أراد الله تعالى أن يعرِّف عباده بكرامة شهر رمضان المبارك فكان التعريف القرآني للشهر الفضيل بإنزال القرآن الكريم فيه فقال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)(البقرة:185). إنه الكتاب المعجزة التي تحدَّى الله تعالى الخلق أن يأتوا بمثله بل بعشر سور مثل سوره بل بمثل سورة واحدة منه، وعجز البلغاء عن ذلك بل اعترفوا بالعجز كما حدث مع كبير بلغاء العرب في زمن الرسالة الوليد بن المغيرة الذي كان يُسمى بريحانة العرب
عدد الزوار: 255بسم الله الرحمن الرحيم
هدى الله
المناسبة: حلول شهر رمضان المبارك
أراد الله تعالى أن يعرِّف عباده بكرامة شهر رمضان المبارك فكان التعريف القرآني للشهر الفضيل بإنزال القرآن الكريم فيه فقال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾(البقرة:185).
إنه الكتاب المعجزة التي تحدَّى الله تعالى الخلق أن يأتوا بمثله بل بعشر سور مثل سوره بل بمثل سورة واحدة منه، وعجز البلغاء عن ذلك بل اعترفوا بالعجز كما حدث مع كبير بلغاء العرب في زمن الرسالة الوليد بن المغيرة الذي كان يُسمى بريحانة العرب وكان الحاكم والمرجع في الشعر العربي إلا أنه حينما سمع بعض آيات القرآن الكريم قال لقومه: "والله لقد سمعت من محمّد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه ليعلو وما يُعلى عليه".
غاية الكتاب: وجعل الله تعالى إعجاز القرآن الكريم وسيلة لتحقيق غايته السامية التي نصَّ الله تعالى في آيات عديدة ألا وهي هداية الناس فقال تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ..﴾(الإسراء:9)، ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ﴾(البقرة:2)، ﴿هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ﴾(آل عمران:138)، ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ﴾(البقرة:185).
وقد أكد أمير المؤمنين عليه السلام عن دور القرآن الكريم في هداية الناس فقال عليه السلام: "اعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغشّ، والهادي الذي لا يضلّ، والمحدِّث الذي لا يكذب، وما جالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان، زيادة في هدى، أو نقصان من عمى".
قراءةُ الهدى: ولأجل الاستفادة من هداية القرآن الكريم ورد الحث الشديد على قراءته قراءةً لا تقتصر على تحريك الشفاه بل لتدخل إلى القلب لتؤثر في مسلك الإنسان في طريق النور الإلهي. فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "يُقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة اقرأ واصعد فيقرأ ويصعد بكل آية درجة حتى يقرأ آخر شيء معه منه". وقد أكَّد أهل البيت عليهم السلام أن لا يخلو يومُ المسلم من قراءة القرآن فعن الإمام الصادق عليه السلام: "القرآن عهد الله إلى خلقه فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر في عهده، وأن يقرأ منه في كل يوم خمسين آية" وتتأكد قراءة القرآن في شهر الله المبارك الذي وصف بربيع القرآن، "لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان" وتعاظم ثواب قراءة القرآن فيه ليصل ثوابُ الآية الواحدة إلى ثواب قراءة القرآن كلِّه في غيره من الشهور.
ويزداد ثواب قراءة القرآن عظمة حينما يكون قراءته في بيوت الله التي ورد فيها. "إنما نصبت المساجد للقرآن" وعن أحد أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام: كنت مع علي عليه السلام فسمعَ صيحتهم في المسجد يقرؤون القرآن، فقال: "طوبى لهؤلاء، كانوا أحب الناس إلى رسول الله".
دراسة الهدى: وأراد الله تعالى أن نتعلم من القرآن الكريم دروس الحياة فهو الخريطة الإلهية لطريق الله تعالى التي تخرج الناس من الظلمات إلى النور لذا أمرنا ان ندرس آياته لا أن نتلوها فقط، فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "إن أردتم عيش السعداء، وموت الشهداء، والنجاة يوم الحسرة، والظل يوم الحرور، والهدى يوم الضلالة، فادرسوا القرآن، فإنه كلام الرحمان، وحرز من الشيطان ورجحان في الميزان".
وأحبَّ الله تعالى تلك المجالس التي يجتمع فيها المؤمنون في المساجد غايتهم تلاوة القرآن ودراسته. فحدثنا النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم عن البركات الإلهية النازلة على تلك المجالس بقوله الوارد عنه: "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفَّتهم الملائكة وذكرهم فيمن عنده".وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين