محاولات الغرب لتحريف تأريخ الإسلام وتشويهه
الغزو الثقافي
شهد الغرب وعالم المسيحية، بعد القرون الوسطى هجوما دعائيا واسعا نال شخصية الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، فقد أدرك أعداء الإسلام الموتورون أن احد وسائل مواجهة الإسلام،
عدد الزوار: 408شهد الغرب وعالم المسيحية، بعد القرون الوسطى هجوما دعائيا واسعا نال شخصية الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، فقد أدرك أعداء الإسلام الموتورون أن احد وسائل مواجهة الإسلام، يتمثل في التعريض بشخصية النبي المكرم صلى الله عليه وآله وسلم وتشويهها. لقد بذلوا مساعي كبيرة في هذا المضمار، ولاتزال جهود العدو مستمرة حتى اللحظة ـ وإن كان بوسائل مختلفة ـ للنيل من شخصية النبي ومحوها من ذهنية أحرار العالم.
ثمّ في العالم اليوم أناس كثيرون، لو قدّر لهم أن يتعرفوا على شخصية نبي الإسلام، كما يعرفها المسلمون ـ أو حتى أقل من ذلك أيضا ـ لانجذبوا إلى الإسلام ومعنوياته. بل يكفي لحصول هذه الانعطافة والانجذاب نحو الإسلام إشراقة سريعة من نور شخصية رسول الله في قلوبهم([1]).
لقد رأيتم أخيرا أنّ الاستكبار العالمي أراد أن يواجه النمو المعنوي المتزايد للإسلام الذي حصل ببركة الثورة الإسلامية، من خلال دفعه لأحد عملائه كي ينال من شخصية الرسول الأكرم والنبي المعظم.. فجاءت الثمرة هذا الكتاب الشيطاني الذي ألّف بأمر من شيطان القوة والمال في العالم.
بديهي أن موقف مسلمي العالم جاء قاطعا، وفي مقدمة هؤلاء كان موقف قائد النهضة الإمام الراحل، الذي حكم بهدر دم الكاتب وإعدامه([2]).
استهدف الاستعمار منذ بداية نفوذه الى آسيا وأفريقيا أن ينال من ماضي الأمة ويشوهه ويقطعها عنه. قال كان هدف الاستعمار أن يهيمن على الذخائر المادية والإنسانية للبلاد الإسلامية، ويتحكم بشكل مباشر أو غير مباشر بمصير الشعوب الإسلامية.. وتحقيق هدف مثل هذا كان يستلزم بشكل طبيعي أن يسعى الاستعمار الى هزيمة الشعوب الإسلامية في شخصيتها، ومواطن احساسها بالفخر، والأهم من ذلك أن يقطعها كاملا عن ماضيها.
وهذه هي المهمة التي ترافقت مع بداية العصر الاستعماري أواخر القرن الميلادي الثامن عشر، وطلت تواكبه بعدئذ.
وطريقة الانسلاخ عن الماضي والانقطاع عنه، تمت بدفع هذه الشعوب للتخلي عن ثقافتها وأخلاقها. كي تكون أرضا مهيأة لقبول ثقافة الغرب والاستعمار. وقد انطلت هذه الحيلة بيسر على أرضية مناسبة تمثلت بوجود الأنظمة المستبدة. والحكومات الفاسدة في العالم الإسلامي وتحركت العجلة فأخذ موج الثقافة الغربية المهاجمة ينحدر كالسيل. وهو يروّج لفكر الاستعمار وثقافته بين الشعوب الإسلامية. وهذا العمل كان ضروريا لتثبيت السلطة السياسية والاقتصادية للغرب.
تحوّل العالم الإسلامي إثر ذلك إلى أرض مفتوحة للغرب الناهب، الذي مارس سلطته بدءا من التحكم المباشر، حتى استنزاف ثرواته، وتغيير أبجدية الخط وحروف اللغة، بل حصل أحيانا وأن ألغوا كيان البلد وحوّلوه إلى إقليم محتل كما هو الحال مع البلد الإسلامي فلسطين.
قامت سياسة الاستعمار على أساس الاستهانة بالمكونات الإسلامية والاستخفاف بها في هذه البلاد، وحرموا المسلمين من بركة الاستقلال السياسي والاقتصادي والثقافي، وحالوا دون تقدمهم علميا وثقافيا.
إن الناظر إلى حاضر البلاد الإسلامية يلمس إحساسها بعقدة العجز والحقارة التي آلت بها إلى ما هي عليه من ضعف ثقافي واجتماعي واقتصادي وعسكري. فما عليه البلاد الإسلامية من ضعف روحي ومادي وما تنطوي عليه بنية النظم السياسية، تحكي شعورا بالحقارة والعجز.
وهذه الأوضاع المتردية تعود في أهم عللها إلى غربة هذه الشعوب عن المجد العظيم الذي يطل من وراء القرون، وهو يمد الإنسان مهما بلغ ضعفه ويأسه، وبالأمل ويسوقه صوب البذل والحركة.. وذلك المجد العظيم انبثق باسم الله وجهاد المخلصين في سبيل الله والعاملين بأحكام الإسلام النابضة بالحرية والحياة.. وشيّد بنيانه على أساس جهاد المسلمين في صدر الإسلام وتغذّى بما تجرعوه من آلام الغربة في أيام مكة، وعصر الجهاد في المدينة.
لقد تمخض ذلك المجد عن وليد مبارك، اسمه "المجتمع الإسلامي" تحول ببركة الجهاد الى وجود فتي معطاء، استطاع أن يمدّ الانسانية ويحمل لها مشعل العلم والمعرفة، ويبسط بين ربوعها راية القدرة والسياسة.
لا ريب أن ذلك الجلال، انبثق من عظمة الجهاد في مكة والمدينة. واليوم اذ تتحرك الشعوب الإسلامية بعد قرون من الانحطاط والركود والذل، في حركة إحياء وقيام لله تملأ أربعة أركان العالم.. وحيث ينبثّ من جوانب حركة الاحياء هذه عطر الحرية والاستقلال.. وتلوح في أفق الكثير من البلاد الإسلامية علائم العودة إلى الإسلام والقرآن.. يكون المسلمون أشد حاجة من أي وقت مضى لتحكيم صلتهم بماضيهم المشع بالنور.. بماض معجز، انطلاقته بالقيام لله وبالجهاد الإسلامي في الصدر الأول.
يتبين مما ذكرناه دوافع الاستعمار في الماضي وقوى الاستكبار في الحاضر على قطع علاقة المسلمين بماضيهم، وخشيتهم من تواصلهم معه فكريا وعاطفيا، ومناهضتهم لذلك.
أجل، إن مثل هذا الارتباط مع الماضي، هو الذي يوجّه الحركة في الحاضر والمستقبل.
العالم الإسلامي والغزو الثقافي، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
([1]) حديث قائد الثورة لضيوف مؤتمر الوحدة الإسلامية، 24\7\1968.
([2]) المصدر السابق.