عزاء وزيارة سيد الشهداء (عليه السلام)
قافلة السبايا وأحزان الأربعين
لا شكّ في أنّ حفظ أحداث عاشوراء وذكر فضائل ومصائب الإمام الحسين عليه السلام يعدّ من المصاديق البارزة لإحياء أمر أهل البيت عليهم السلام. وهذا الأمر ثابتٌ بالوجدان إذ إنّ الأسباب الهامّة الباعثة على حفظ واقعة عاشوراء وبقائها حيّة على مرّ التاريخ هو هذه المجالس التي تقام للعزاء،
عدد الزوار: 518لا شكّ في أنّ حفظ أحداث عاشوراء وذكر فضائل ومصائب الإمام الحسين عليه السلام يعدّ من المصاديق البارزة لإحياء أمر أهل البيت عليهم السلام. وهذا الأمر ثابتٌ بالوجدان إذ إنّ الأسباب الهامّة الباعثة على حفظ واقعة عاشوراء وبقائها حيّة على مرّ التاريخ هو هذه المجالس التي تقام للعزاء، والتي قام بها أهل بيت العصمة والطهارة مراراً وتكراراً وعملوا بترغيبنا وتشجيعنا على حفظ الأحداث والقضايا المرتبطة بعاشوراء وكما هو معروف عند العلماء فإنّ الأمر جنس الأجناس ودائرة الأمر أوسع من الشيء وعليه فكلّ ما يتصوّر من مصاديق الأمر فإنّه مشمولٌ له، ولذا فإنّ أهل البيت عليهم السلام يقولون لنا: أحيوا أمرنا أهل البيت.
وفي هذا المقام سنكتفي بذكر ثلاث روايات فقط:
أـ ينقل الأزديّ عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال لفضيل: "تجلسون وتتحدّثون؟" قال: نعم، جُعلت فداك. قال: "إنّ تلك المجالس أحبّها، فأحيوا أمرنا يا فضيل، فرحم الله من أحيا أمرنا، يا فضيل، من ذكرنا أو ذُكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر"[1].
ب ـ الرواية الثانية عن الإمام الباقر عليه السلام حيث يقول: "اجتمعوا وتذاكروا تَحُفَّ بكم الملائكة، رحم الله من أحيا أمرنا"[2].
ج ـ ورد أيضاً عن الإمام الرضا عليه السلام أنّه قال: "ومن جلس مجلساً يحيا فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب"[3].
إحياء شعائر سيّد الشهداء عليه السلام مظهر تبلْور المحبّة لأهل البيت عليهم السلام يقول الله تبارك وتعالى في محكم قرآنه الحكيم: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾[4].
اتفق علماء العامّة والخاصّة ومفسّروهم على نزول هذه الآية في حقّ وشأن الآل الأطهار للنبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام. ولذا لا بدّ لكلّ الأمّة من امتلاك المودّة والمحبّة لهؤلاء العظماء عليهم السلام.
وبالتالي فإنّ إطاعة أوامرهم عنوان للمودّة والمحبّة تجاههم وكذلك فإنّ الاقتداء بأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام عنوان لمودّتهم ومحبّتهم.
وأيضاً فإنّ الفرح لفرحهم عنوان آخر لمودّتهم ومحبّتهم.
وأخيراً فإنّ الحزن والغمّ لحزنهم وغمّهم ومصابهم عنوان للمودّة والمحبّة.
وفي هذا المجال رُوي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "شيعتنا منّا وقد خُلقوا من فاضل طينتنا، وعُجنوا بنور ولايتنا، ورَضوا بنا أئمّة ورَضينا بهم شيعة، يصيبهم ما أصابنا، ويبكيهم مصائبنا، ويحزنهم حزننا، ويسرّهم سرورنا. ونحن أيضاً نتألّم بتألّمهم ونطّلع على أحوالهم، فهم معنا لا يفارقوننا ونحن لا نفارقهم"، ثمّ قال: "اللهمّ إنّ شيعتنا منّا، فمن ذكر مصابنا وبكى لأجلنا استحيى الله أن يعذّبه بالنّار"[5].
ولا يخفى أنّ أشدّ المصائب التي أوجعت قلوب أهل البيت عليهم السلام وأوردت عليهم الغمّ والحزن هو مصاب سيّد الشهداء عليه السلام . ولذا يجب علينا بأيّ نحو من الأنحاء إظهارُ الحزن والتفجّع على مصابه، وفي ذلك إظهارٌ لمودّتنا ومحبّتنا لأهل البيت عليهم السلام .
وفي رواية أخرى عن الإمام الباقر عليه السلام في مورد زيارة سيّد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام نقل عنه أنّه قال: "... من كان لنا محبّاً فليرغب في زيارة الحسين عليه السلام فمن كان للحسين عليه السلام زَوّاراً عرفناه بالحبّ لنا أهلَ البيت وكان من أهل الجنّة"[6].
وفي موضع آخر ينقل عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "من لم يأت قبر الحسين عليه السلام وهو يزعم أنّه لنا شيعة حتّى يموت فليس هو لنا بشيعة..."[7].
وسوف يأتي معنا لاحقاً أنّ أحد مصاديق الشعائر الحسينيّة هو الذهاب لزيارة سيّد الشهداء عليه السلام.
حيث إنّ الأمور المرتبطة بالإمام الحسين عليه السلام بالخصوص، وكما يُستفاد من الروايتين السابقتين، أنّه مضافاً إلى إظهار المحبّة والودّ تجاهه سلام الله عليه فإنّه أيضاً إظهارٌ للمحبّة تجاه أهل البيت عليهم السلام عامّة.
ولذا لو قام أيّ إنسان بأيّ أمر مهما صغر تجاه الساحة المقدّسة للإمام الحسين عليه السلام فكأنّه أظهر علاقته ومحبّته بكلّ أهل البيت عليهم السلام أيضاً.
الشعائر الحسينية – إحياؤها وأبعادها، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
[1] بحار الأنوار، ج44، ص282, قرب الإسناد، ص26.
[2] كنوز الحكم، ص289.
[3] بحار الأنوار، ج44، ص278, أمالي الصدوق، المجلس 17، رقم 4.
[4] سورة الشورى، الآية: 23.
[5] الخصائص الحسينيّة، ص166, منتخب الطريحيّ، ص268.
[6] كامل الزيارات، باب 78، رقم 4، ص356.
[7] المصدر السابق، باب 78، رقم 3، ص356.