حبيبُ رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله)
رجب
عنْ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «لَقَدْ عَلِمَ الْمُسْتَحْفَظُونَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ (صلّى اللهُ عليه وآلِه)، أَنِّي لَمْ أَرُدَّ عَلَى اللَّهِ ولَا عَلَى رَسُولِه سَاعَةً قَطُّ، ولَقَدْ وَاسَيْتُه بِنَفْسِي فِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي تَنْكُصُ فِيهَا الأَبْطَالُ، وتَتَأَخَّرُ فِيهَا الأَقْدَامُ، نَجْدَةً أَكْرَمَنِي اللَّهُ بِهَا»
عدد الزوار: 306
عنْ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «لَقَدْ عَلِمَ الْمُسْتَحْفَظُونَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ (صلّى اللهُ عليه وآلِه)، أَنِّي لَمْ أَرُدَّ عَلَى اللَّهِ ولَا عَلَى رَسُولِه سَاعَةً قَطُّ، ولَقَدْ وَاسَيْتُه بِنَفْسِي فِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي تَنْكُصُ فِيهَا الأَبْطَالُ، وتَتَأَخَّرُ فِيهَا الأَقْدَامُ، نَجْدَةً أَكْرَمَنِي اللَّهُ بِهَا»[1].
لقدْ جَعَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ لوصيِّ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليه وآلِه) المكانةَ العظيمةَ والمنزلةَ الرفيعة، وخصَّهُ بأنَّهُ سيِّدُ الأوصياء. ولأميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) فضائلُ جمَّة، يقولُ ابنُ أبي الحديدِ المعتزِليّ: «فأمّا فضائلُه (عليه السلام)، فإنَّها قدْ بلغتْ منَ العِظَمِ والجلالةِ والانتشارِ والاشتهارِ مبلغاً يسمُجُ معهُ التعرُّضُ لذِكرِها والتصدّي لتفصيلِها... ما أقولُ في رَجُلٍ أقرَّ له أعداؤه وخصومُه بالفضل، ولم يمكِنْهُم جَحدُ مناقبِه، ولا كتمانُ فضائلِه! كانَ كالمِسْكِ، كلَّما سُتِرَ انتشرَ عَرْفُه، وكلَّما كُتِمَ تضوَّعَ نَشْرُه، وكالشمسِ لا تُسْتَرُ بالرَاح، وكضوءِ النهارِ إنْ حُجِبَتْ عنه عينٌ واحدةٌ أدركَتْهُ عيونٌ كثيرة.
وما أقولُ في رَجُلٍ تُعْزَى إليه كلُّ فضيلة، وتنتهي إليه كلُّ فِرقة، وتتجاذبُه كلُّ طائفة؛ فهو رئيسُ الفضائلِ ويَنبوعُها، وأبو عُذْرِها، وسابقُ مضمارِها، ومُجلي حَلَبَتِها! كُلُّ مَن بزغَ فيها بعدَهُ فمِنْهُ أَخذ، وله اقتفى، وعلى مثالِه احتذى»[2].
ومِنَ الصفاتِ الّتي دعا القرآنُ إليها هي اتِّباعُ النبيِّ (صلّى اللهُ عليه وآلِه)، قالَ تعالى: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾[3]. ولمْ يصلْ أحدٌ مِنَ الصحابةِ في اتِّباعِهِ رسولَ اللهِ (صلّى اللهُ عليه وآلِه) ما وصلَ إليهِ أميرُ المؤمنينَ (عليه السلام)؛ لذا وردَ عنه في نهجِ البلاغة: «ولَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّه، يَرْفَعُ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلَاقِه عَلَماً، ويَأْمُرُنِي بِالِاقْتِدَاءِ بِه، ولَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ، فَأَرَاه ولَا يَرَاه غَيْرِي، ولَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي الإِسْلَامِ غَيْرَ رَسُولِ اللَّه (صلّى اللهُ عليه وآلِه) وخَدِيجَةَ، وأَنَا ثَالِثُهُمَا، أَرَى نُورَ الْوَحْيِ والرِّسَالَةِ، وأَشُمُّ رِيحَ النُّبُوَّةِ»[4].
ولذلكَ كانَ أعظمَ الناسِ مكانةً ومنزلةً في قلبِ النبيِّ هو أميرُ المؤمنينَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ (عليه السلام)، ففي حديثِ ابنِ عبَّاسٍ قال: قالَ رسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليه وآلِه) لعليٍّ (عليه السلام): «يا عليّ، أنتَ سيِّدٌ في الدنيا وسيِّدٌ في الآخرة، حبيبُكَ حبيبي، وحبيبي حبيبُ الله، وعدوُّكَ عدوّي، وعدوّي عدوُّ الله، والويلُ لمَنْ أبغضَكَ مِنْ بعدي»[5].
وعنْ ابنِ عبَّاسٍ قال: قالَ رسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليه وآلِه): «يا عَلِيّ، أَنَا مَدِينَةُ الحِكمَةِ وَأَنتَ بَابُهَا، وَلَن تُؤْتَى الْمَدِينَةُ إِلَّا مِن قِبَلِ البَاب، وَكَذَبَ مَن زَعَمَ أَنَّهُ يُحِبُّنِي وَهُوَ يُبغِضُك؛ لأَنَّكَ مِنّي وَأَنَا مِنْكَ، لَحْمُكَ مِن لَحْمِي، وَدَمُكَ دَمِي، وَرُحُكَ مِن رُوحِي، وَسَريرَتُكَ مِن سَرِيرَتِي، وَعَلاَنِيَتُكَ مِن عَلاَنِيَتِي، وَأَنتَ إِمَامُ أَمَّتِي، وَخَلِيفَتِي عَليْهَا بَعدِي»[6].
نباركُ لصاحبِ العصرِ والزمانِ (عجَّلَ اللهُ تعالى فَرَجَه)، ولوليِّ أمرِ المسلمين، وللمجاهدينَ جميعاً، ذكرى ولادةِ أميرِ المؤمنينَ عليِّ بنِ أبي طالبٍ (عليه السلام).
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
[1] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص311، الخطبة 197.
[2] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج1، ص16.
[3] سورة آل عمران، الآيتان 31 و32.
[4] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص300، الخطبة 192.
[5] السيد عبد الحسين شرف الدين، المراجعات، ص247.
[6] راجع: الشيخ الصدوق، الأمالي، ص269.