عَمَلُ الخَير
ذو الحجة
عن أميرِ المؤمنين (عليه السلام): «افْعَلُوا الْخَيْرَ، ولَا تَحْقِرُوا مِنْه شَيْئاً، فَإِنَّ صَغِيرَه كَبِيرٌ، وقَلِيلَه كَثِيرٌ، ولَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنَّ أَحَداً أَوْلَى بِفِعْلِ الْخَيْرِ مِنِّي»
عدد الزوار: 282
عن أميرِ المؤمنين (عليه السلام): «افْعَلُوا الْخَيْرَ، ولَا تَحْقِرُوا مِنْه شَيْئاً، فَإِنَّ صَغِيرَه كَبِيرٌ، وقَلِيلَه كَثِيرٌ، ولَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنَّ أَحَداً أَوْلَى بِفِعْلِ الْخَيْرِ مِنِّي»[1].
لقد حثّت الرواياتُ، وبأساليبَ متنوِّعةٍ، على عملِ الخير، فحثّت على الالتزامِ به، وذلك بالإضافةِ إلى كونِهِ أمراً مزروعاً في فطرةِ النفْسِ الإنسانيةِ السليمة، والخيرُ عملٌ للَّه أو لخَلْقِ اللهِ فيما يُفيدُهُم ويُرضيهِم، والحَثُّ مِن جهاتٍ عديدة:
1. توسعةُ عملِ الخيرِ، وعدمُ تخصيصِهِ بأمرٍ ما، فمَن عجزَ عن العطاءِ لا يعجزُ عن الموساةِ بالكلمةِ الطيّبة، فعن رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله): «إنّ على كلِّ مسلمٍ في كلِّ يومٍ صدقةً، قيل: مَن يطيقُ ذلك؟ قالَ (صلى الله عليه وآله وسلم): إماطتُكَ الأذى عن الطريقِ صدقة، وإرشادُكَ الرجُلَ إلى الطريقِ صدقة، وعيادتُكَ المريضَ صدقة، وأمْرُكَ بالمعروفِ صدقة، ونَهْيُكَ عن المنكرِ صدقة، وردُّكَ السلامَ صدقة»[2].
2. المبادَرةُ إلى عملِ الخير، والبحثُ عن مواطِنِهِ للقيامِ به، فعن أميرِ المؤمنين (عليه السلام): «عبادَ الله، إنّ مِن أَحَبِّ عبادِ اللهِ إليه عبداً . . . لا يَدَعُ للخيرِ غايةً إلّا أَمّها، ولا مظنّةً إلّا قصدَها»[3].
3. عدمُ استقلالِ الخيرِ حتى لو كان قليلاً، فالصغيرُ منه كبيرٌ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ؛ لأنّ رضا اللهِ مكنونٌ في كلِّ أعمالِ الخيرِ صغيرِها وكبيرِها، وفيما رُوي عن أميرِ المؤمنينَ قولُه: «لا تستحِ مِن إعطاءِ القليل؛ فإنّ الحرمانَ أقلُّ منه»[4].
4. الثوابُ الجزيلُ عليه، فقد وَعَدَ اللهُ عزَّ وجلَّ في كتابِهِ بمضاعَفةِ الثوابِ عليه أضعافاً، قال تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنفقُونَ أَموالَهُم فيِ سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أنْبَتت سَبعَ سَنَابِلَ فِي كُلّ سُنبُلَةٍ مائةُ حبّة وَاللهُ يُضَاعِف لِمن يشاءُ و اللهُ وَاسِع عَليمُ﴾[5].
5. إنه بابٌ للقُرْبِ والمنزلةِ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ، فقد أثنى اللهُ عزَّ وجلَّ على أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) في آيةِ الولاية، وأعلى مِن شأنِ ما قامَ به مِنَ الصدقةِ في الصلاةِ، فقَرَنَ هذا الفعلَ بالإعلانِ عن كونِهِ وليّاً للناسِ بعدَ النبيِّ (صلى الله عليه وآله)، ففي الروايةِ عن أبي ذرٍّ: صلّيتُ معَ رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) يوماً من الأيّامِ صلاةَ الظهر، فسألَ سائلٌ في المسجد، فلم يُعطِهِ أحدٌ، فرَفع السائلُ يدَهُ إلى السماءِ وقال: اللهمَّ اشهدْ أنّي سألتُ في مسجدِ رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) فلم يعطِني أحدٌ شيئاً، وكان عليٌّ راكعاً، فأومأ إليه بخنصرِهِ اليمنى، وكان يتختّم فيها، فأقبلَ السائلُ حتى أَخَذَ الخاتمَ مِن خنصرِهِ، وذلك بعَينِ النبيِّ (صلى الله عليه وآله)...، ونزلَ جبرائيلُ مِن عندِ اللهِ تعالى إلى الرسولِ الأكرمِ (صلى الله عليه وآله)، وقال: يا محمّد، اِقرأ: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾[6].
وفي رسالةِ الحقوقِ للإمامِ زينِ العابدينَ (عليه السلام): «وَحَقُّ الصَّدَقَةِ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهَا ذُخْرُكَ عِنْدَ رَبِّكَ عَزَّ وَجَلَّ، وَوَدِيعَتُكَ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إِلَى الْإِشْهَادِ عَلَيْهَا، فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ كُنْتَ بِمَا تَسْتَوْدِعُهُ سِرّاً أَوْثَقَ مِنْكَ بِمَا تَسْتَوْدِعُهُ عَلَانِيَةً، وَتَعْلَمَ أَنَّهَا تَدْفَعُ الْبَلَايَا وَالْأَسْقَامَ عَنْكَ فِي الدُّنْيَا، وَتَدْفَعُ عَنْكَ النَّارَ فِي الْآخِرَةِ»[7].
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
[1] نهج البلاغة (تحقيق صبحي صالح)، ص550.
[2] القطب الراوندي، الدعوات (سلوة الحزين)، ص98.
[3] نهج البلاغة (تحقيق صبحي صالح)، ص119.
[4] المصدر نفسه، ص479.
[5] سورة البقرة، الآية 261.
[6] سورة المائدة، الآية 55.
[7] الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج2، ص620.