أبوابُ الصِّلةِ باللهِ عزَّ وجلَّ
ذو الحجة
«اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَخْشَاكَ كَأَنِّي أَرَاكَ، وَأَسْعِدْنِي بِتَقْوَاكَ، وَلَا تُشْقِنِي بِمَعْصِيَتِكَ، وَخِرْ لِي فِي قَضَائِكَ، وَبَارِكْ لِي فِي قَدَرِكَ، حَتَّى لَا أُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ، وَلَا تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ».
عدد الزوار: 248
مِن دعاءِ الإمامِ الحسينِ (عليه السلام) يومَ عرفة: «اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَخْشَاكَ كَأَنِّي أَرَاكَ، وَأَسْعِدْنِي بِتَقْوَاكَ، وَلَا تُشْقِنِي بِمَعْصِيَتِكَ، وَخِرْ لِي فِي قَضَائِكَ، وَبَارِكْ لِي فِي قَدَرِكَ، حَتَّى لَا أُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ، وَلَا تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ».
الأدعيةُ المأثورةُ عن أئمّةِ أهلِ البيتِ (عليهم السلام) بابٌ لِصِلَةِ العبدِ بخالقِه، تَفتحُ له أبواباً منَ المعرفةِ باللهِ عزَّ وجلَّ، وَبِسُبُلِ التقرُّبِ منه، ومِن أعظمِ الأدعيةِ دعاءُ الإمامِ الحسينِ (عليه السلام) يومَ عرفة. وفي هذه الفِقْرة منَ الدعاءِ أمورٌ خمسة، بالعملِ بها يكونُ الفوزُ مِن نصيبِ الإنسان يومَ القيامة:
1- الخشيةُ مِن الله: أي الخوفَ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ، النابعَ مِن الإحساسِ بعظمةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وبابُ ذلكَ الشعورُ بالرَّقابةِ الإلهيةِ على الأعمال، فعن رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله): «مَن كان باللهِ أعرفَ، كان مِن اللهِ أخوفَ»، وقد ورد عن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «إنَّ للهِ عباداً كَسَرَتْ قلوبَهم خشيةُ الله، فاستَنكَفوا عنِ المنطق، وإنهم لَفُصَحاءُ عُقَلاءُ أَلِبَّاءُ نُبَلاءُ، يَسبِقونَ إليهِ بالأعمالِ الزاكية، لا يَستكثِرونَ لهُ الكثير، ولا يَرضَوْنَ لهُ القليل، يَرَوْنَ أنفسَهم أنهم شِرار، وإنهمُ الأكياسُ الأبرارُ».
2- التقوى سعادةٌ في الدارَين: والتقوى مَلَكَةٌ في النَّفْس، تمنعُ الإنسانَ مِن الوقوعِ في المعاصي، وقد رُويَ عن رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله):، وعن أمير «مَن رُزِقَ تُقًى، فقد رُزِقَ خيرَ الدنيا والآخرة»ِ المؤمنينَ (عليه السلام): «أَيَسُرُّكَ أن تكونَ مِن حزبِ اللهِ الغالبِين؟ اِتَّقِ اللهَ سبحانه، وأحسِنْ في كلِّ أمورِك؛ فإنَّ اللهَ معَ الذين اتّقَوا والذينَ هم محسنون».
3- المعصيةُ شقاء: إذا تَنَبَّهَ الإنسانُ إلى حقيقةِ المعصية، وأنها داءٌ كما ورد في الروايات، تحرَّزَ عنها، وقد ورد عن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «الذنوبُ الداءُ، والدواءُ الاستغفارُ، والشفاءُ أَنْ لا تعودَ». وعلى أساسِ هذهِ النظرةِ يكونُ الرادعُ عنِ المعصيةِ قويّاً؛ لأنَّ ذلكَ يدفعُ الإنسانَ للاحتماءِ منها، وكما ورد عن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «عَجِبْتُ لأقوامٍ يحتمونَ الطعامَ مخافةَ الأذى، كيف لا يحتمونَ الذنوبَ مخافةَ النار».
4- القضاءُ بالخير: كُلُّ ما يجري على الإنسانِ في هذه الدنيا هو بِيَدِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فيما قضى أن يجريَ على عبادِه، وقد وردتِ الوصيّةُ مِن أهلِ البيتِ (عليهم السلام) بالدعاءِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ أن يكونَ الخيرُ في هذا القضاء، فعن أميرِ المؤمنينَ في وصيّتِهِ لولدِهِ الإمامِ الحسنِ (عليه السلام): «اِستودِعِ اللهَ دِينَكَ ودُنياك، واسألْهُ خيرَ القضاءِ لكَ في العاجلةِ والآجلةِ، والدنيا والآخرة، والسلام»، ومِن كلامٍ له (عليه السلام) في صفةِ أولياءِ اللهِ سبحانه: «وإنْ صُبَّتْ عليهِمُ المصائبُ، لَجَأُوا إلى الاستجارةِ بك، عِلْماً بأنَّ أَزِمَّةَ الأمورِ بِيَدِك، ومصادرَها عن قضائك».
5- البَرَكَةُ مِن عندِ اللهِ عزَّ وجلَّ: وللبركةِ أبوابُها، ومنها رضا اللهِ عزَّ وجلَّ. ففي الروايةِ عنِ الإمامِ الـرضـا (عليه السلام): «أوحـى اللّهُ عزَّ وجلَّ إلى نبيٍّ مِنَ الأنبياء، إذا أُطِعْتُ رَضِيتُ, وإذا رَضِيتُ باركْتُ, وليس لبَرَكَتي نهايةٌ».
ومَن عَمِلَ بما تقدّم، كان له الأثرُ الكبيرُ في حياته، وقوامُهُ التسليمُ للهِ عزَّ وجلَّ، فلا يستعجلُ ما تأخَّرَ عليه مِن رزقٍ وغيرِهِ، ولا يتمنّى تأخيرَ ما يَحِلُّ عليه من بلاءٍ ونحوِه.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين