السكينة الروحية تعين السائرين في طريق الحق
تربية دينية (مواعظ)
السكينة الروحية تعين السائرين في طريق الحق
عدد الزوار: 318
قال الحكيم في كتابه: {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم، ولله جنود السماوات والأرض، وكان الله عليمًا حكيمًا} .
تبشّر الآية التي تلوتها المؤمنين وتذكّرهم بنـزول السكينة الإلهيّة. السكينة هي الهدوء حيال العواصف الروحيّة والاجتماعيّة المختلفة. ترتبط هذه الآية بحادثة الحديبيّة. في حادثة الحديبيّة تحرّك الرسول الأكرم (ص) من المدينة إلى مكّة بعدّة مئات من أصحابه بقصد العمرة - في السنة السادسة من الهجرة - ووقعت أحداثٌ أدّت من عدّة جهات إلى تزلزل واضطراب في قلوب المؤمنين. فمن جهة حاصرهم الأعداء بقوّات ذات عددٍ وعدّة، وقد كانوا بعيدين عن المدينة، فالحديبيّة قريبة من مكّة، وكانت قوّات الأعداء تستند على إمداداتها في مكة فهي قويّة ومدجّجة بالسلاح وعديدها كبير. وكان هذا الجانب يبعث على الاضطراب والقلق في قلوب كثيرٍ من المؤمنين. من جانبٍ آخر وطبقًا للسياسة الإلهيّة العظيمة المكتومة التي تجلّت بعد ذلك للجميع تنازل النبي في بعض الأمور أمام الكفار الذين جاءوا لمواجهته. قال الكفّار يجب حذف كلمة الرحمن والرحيم وبسم الله من نصّ المعاهدة، فوافق النبيّ؛ ووقعت عدّة مسائل أخرى من هذا القبيل، فشوّشت القلوب وأوقعت الشكّ والاضطراب فيها.
في مثل هذه الحالات حيث ينتاب الاضطراب المؤمنين بالإسلام؛ سواء من حيث القضايا الشخصيّة أو من حيث القضايا الاجتماعيّة، هنا يجب انتظار السكينة الإلهيّة. يقول عزَّ وجلَّ: {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين}. ربط الله على القلوب ومنحها السكون وأنقذها من الطوفان الروحي فركن المسلمون إلى الهدوء من الناحية النفسيّة بفضل هذه السكينة التي أنزلها الله عليهم. حينئذ ستكون نتيجة هذه السكينة الإلهيّة والاستقرار الروحي: {ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم}. سوف تتعمّق بذور الإيمان في قلوبهم، ويزداد نور الإيمان سطوعًا في أفئدتهم، و[بالنتيجة] يقوى إيمانهم ويتعمّق أكثر.
من هنا كان مهمًّا جدًّا لدى الجماعة المسلمة المؤمنة أن تُحسن الظنّ بالله وتعلم أنّ الله يعينها ويعين السائرين في طريق الحق. إذا قويت القلوب ترسّخت الخطوات أيضًا، وحين تترسّخ الخطوات يسهل طيّ الطريق ويقترب السائرون من الهدف.
أراد أعداء الإسلام دومًا تشويش قلوب المسلمين وزلزلتها. وقعت أحداثٌ عديدة طوال تاريخ الإسلام. وكذلك قبل الإسلام وفي الحركات الجهاديّة العظيمة للأنبياء الذين سبقوا نبيّ الإسلام الكريم. استطاع بعض المؤمنين الحفاظ على متانة إيمانهم وسكونهم الروحي فثبَّت هذا السكونُ الروحيّ حركاتهم ومسيرهم في الاتّجاه الإيمانيّ، فلم يتزلزلوا ولم يضطربوا ولم يضيّعوا الطريق، فتشخيص طريق الصواب في حال التشويش والاضطراب عمليّة صعبة. وإنّ الإنسان المتمتّع بالسكينة النفسيّة يفكّر بطريقةٍ صحيحة ويتّخذ قراره بنحوٍ صائب، ويتحرّك بصورةٍ صحيحة. هذه علامات الرحمة الإلهيّة.
1 ـ سورة الفتح، الآية: 4
* من خطبتا صلاة الجمعة - 19/06/2009.