العباس (عليه السلام) ومجد السقاية الغرّاء
ولادة قمر بني هاشم (ع)
العباس (عليه السلام) ومجد السقاية الغرّاء
عدد الزوار: 565
اسم العباس:
قَلَّ من سُمي باسم العباس في صدر الإسلام، وأشهرهم صيتاً وأعلاهم صوتاً ومجداً
وشرفاً هو العباس بن عبد المطلب الهاشمي عم النبي والوصي سلام الله عليهما.
وقد اجتمعت كل تلك المعاني الرفيعة والأهداف السامية في تسمية الإمام ولده العباس.
وفي التسمية بالعباس لمحة غيبية، تفوق مجرد التمجد والتفأل والتوقع، وهي أن العباس
العم كانت له السقاية في مكة، يسقي الحجيج الآمين البيت الحرام والبلد الآمن.
والعباس ثبتت له السقاية في وادي كربلاء، سقى العطاشى المواجهين الأعداء في أتون
حرب شرسة شنها آل حرب، وناضل السقاء في سبيل وظيفته تجاه أخيه الحسين (عليه السلام)
حتى قطع الأعداء يديه، ورزق الشهادة لديه.
ألقاب العباس (عليه السلام):
عرف العباس (عليه السلام) بألقاب عديدة، أهمها:
السقاء: مبالغة الساقي وهو: القائم بالسقي يعني إرواء الغير من الماء وغيره من
المائعات.
ويطلق أيضاً على من التزم السقي، أو كانت خاصته.
وقد ورد في السقي للماء، فضل وثواب كثير، في الأحاديث الشريفة، لأن الماء هو من
ضرورات الحياة، بل هو أصل الحياة كما قال الله تعالى:
﴿وجعلنا من الماء كل شيئ
حي﴾[1]. وقد ندب الدين الحنيف إلى السقي: فعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): «إن
الله تبارك وتعالى يحب إبراد الكبد الحرى، ومن سقى كبداً حرى من بهيمة أو غيرها،
أظله الله يوم لا ظل إلا ظله»[2].
وقال: «من سقى مؤمناً شربة من ماء، فكأنما أعتق عشر رقاب من ولد إسماعيل»[3].
وغيرها من الروايات التي هي بنفس المعنى.
وكانت السقاية من أشرف خصال قريش في الجاهلية: قال الجاحظ: إن أشرف خصال قريش في
الجاهلية: اللواء، والندوة، والسقاية، والرفادة، وزمزم، والحجابة... وإن معظم ذلك
صار شرفه في الإسلام إلى بني هاشم[4].
وقد مر أن هذه كلها اجتمعت إلى قصي فحازها حتى قال القائل فيهم:
ولهم زمزم وجبرائيل ومجد السقاية الغراء[5]
ولقد أقر الإسلام البعض منها، وأهمها السقاية وقصي قد حفر بئراً اسمها العجول وأخرى
اسمها سجلة[6] كما أن عبد المطلب حفر بئر زمزم الشهيرة، وقبله حفر هاشم بئر النيرد.
ولقد سبق القيام بهذا الشرف أجداد أبي الفضل العباء (عليه السلام) كما قرأناه عن
قصي أنه جمع المكارم والمآثر المعروفة عند العرب في الجاهلية، ومنها السقاية.
ولقد أبدل الله بكل تلك المكارم الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله، وذلك عندما
تفاخر من تولى تلك المآثر من السقاية التي أعطاها الرسول (ص) في فتح مكة إلى
العباس، والحجابة التي أعطاها للحجبي، فتفاخرا بذلك على أمير المؤمنين (عليه
السلام) فأنزل الله في قوله عز وجل:
﴿ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ
وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ
وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا
يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾[7].
* السيد محمد رضا الحسيني الجلالي - بتصرّف
[1] سورة الأنبياء، الآية 30.
[2] الكافي للكليني، ج 7، ص 354.
[3] الكافي للكليني، ج 2، ص 201.
[4] كتاب فضل هاشم على عبد شمس، للجاحظ، مطبوع مع رسائل الجاحظ (الرسائل
السياسية)، ص 409.
[5] المصدر السابق، ص 410.
[6] الروض الأنف، ج 1، ص 267.
[7] سورة التوبة، الآية 19.