شهر المناجاة الشعبانية:
فضل شهر شعبان وأعماله
شهر المناجاة الشعبانية: "وأقبل علي إذا ناجيتك"
عدد الزوار: 352
شهر شعبان شهرٌ مبارك، وللعبادة والصيام فيه خصوصية وأجر كبير، لكونه أهم ممهد لشهر
رمضان أعظم الشهور عند الله عز وجل.
شهر شعبان هو شهر المناجاة والأنس مع المحبوب في خلوات الليالي، وهو شهر قراءة
المناجاة الشعبانية، تلك المناجاة العظيمة المليئة بالأنفاس التوحيدية، والتي تنضح
بالأسس والمعارف والأسرار الربانية.
إن المتأمل في فقرات ومقاطع هذه المناجاة سيكتشف بسرعة أنها مناجاة وردت عن دوحة
الولاية الإلهية، ونطق بها لسان أمراء الكلام المتصلين بمدينة العلم المحمدية.
فهكذا عبارات بما لها من الطابع الخاص والمميز لا نجدها في تراث أي من البشر
العاديين حتى لو كان لهم ما لهم من باع في اللغة والأدب والقدرة على التعبير وتضمين
الجمل والفقرات مضامين ومعاني مكثفة.
من هنا، علينا في أيام شهر شعبان ولياليه أن لا نقتصر في قراءتنا لهذه المناجاة
العظيمة على التلاوة المجردة من التأمل والتدبر، بل ينبغي أن نستنطق عباراتها،
لنتغذى من معارفها وأسرارها، وعلينا أن نداوي بالتفاعل معها ومع أجواء شهر شعبان
المليئة بالنفحات، أمراضنا الباطنية وآلامنا النفسانية، وأن نرتقي من خلال ما فيها
من أسس توحيدية بمعارفنا ورؤيتنا الكونية.
إن شهر شعبان هو شهر يستجاب فيه الدعاء لما له من الخصوصية التي خصه الله بها
والسمات التي تميزه بحيث تجعله شهراً مفعماً بالمعنويات والروحانية. ولهذا ردِّدوا
هذه العبارة المؤثرة من المناجاة الشعبانية وكرروها أثناء إحيائكم لبعض ليالي هذا
الشهر العظيم: «واسمع دعائي إذا دعوتك، واسمع ندائي إذا ناديتك، وأقبل علي إذا
ناجيتك»[1]، فلعل تكرارها بتأمل وتركيز يكون مفتاحاً لاستدرار الدمعة، التي هي
مفتاح أساسي من مفاتيح استجابة الدعاء.
إن الإلحاح على الله عزوجل في كل ليلة من ليالي شعبان مع استعمال هذه العبارات
الراقية والمؤثرة، ومع استشعار الفقر والعبودية ونزول الدمعة من المؤمّل أن يفتح
باب الرحمة الإلهية، ألم يقل تعالى:
﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي
قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي
وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾[2].
وألم يرد عنهم صلوات الله عليهم: «لا والله لا يلحّ عبدٌ على الله عز وجل إلا
استجاب الله له»[3].
* فرع الانتاج الثقافي في شبكة المعارف الإسلامية
[1] - مفاتيح الجنان،
المناجاة الشعبانية.
[2] - سورة البقرة، الآية 186.
[3] - الكافي - الشيخ الكليني - ج 2 ص 475، والرواية واردة عن الإمام الباقر (عليه
السلام).