يتم التحميل...

المحاضرة الرمضانية الرابعة

المحاضرات الرمضانية

المحاضرة الرمضانية الرابعة

عدد الزوار: 374

المحاضرة الرمضانية الرابعة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله 19-6-2017

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.

في هذه الليلة المباركة وفي اللقاء الأخير في شهر رمضان المبارك على مستوى هذه الأحاديث الرمضانية أودّ أن أختتم كلماتي بإستعراض ولو مختصر لوصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام التي أوصى بها ولديه وإبنيه العزيزين الإمام الحسن والإمام الحسين عليهما السلام ومن خلالهما سجّل وصيّته الخالدة لكل الناس ولكل المسلمين ولكل من بلغته هذه الوصيّة.

كما هو معلوم عند صلاة الفجر يوم التاسع عشر من شهر رمضان أصيب أمير المؤمنين عليه السلام وهو في الصلاة ضربه عبد الرحمن بن ملجم على رأسه بالسّيف وأمضى أيام 19 ، 20، 21 وكانت الشهادة.

وصية أمير المؤمنين لولديه قبيل استشهاده
أمير المؤمنين يوصي بقاتله خيرا

أول وصيّة كانت للإمام الحسن عليه السلام سأقرأها في البداية لأنني سوف أعود إليها في النهاية حيث وردت في ختام الوصيّة الكاملة. يقول الأمير عليه السلام للحسن عليه السلام: "بحقّي عليك فأطعمه (أي عبد الرحمن بن ملجم الذي ضرب رأس أمير المؤمنين بالسيف في الصلاة غدراً) ممّا تأكل، وأسقهِ مما تشرب، ولا تقيّد له قدماً ( يعني لا تربط رجليه)، ولا تغلّ له يداً (لا تضع الأغلال في يديه)، فإن أنا متّ فإقتصّ منه بأن تقتله، وتضربهُ ضربة واحدة، ولا تحرقه بالنارولا تمثّل بالرّجل فإنّي سمعت جدّك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إيّاكم والمثلى ولو بالكلب العقور .هذا المضمون آخر ورد بشكل في الوصيّة فأتركه إلى آخر الوصيّة والكلام الذي سنصل إليه إن شاء الله.

قبل شهادته ووفاته عليه السلام أوصى بهذه الوصيّة والخطاب للحسن والحسين عليهما السلام ومن خلالهما للجميع. طبعاً، إذا أردنا أن نأخذ كل مقطع لوحده فهو يحتاج إلى شرح طويل وليالي طويلة. لكن أنا أريد أن أشمل الوصية كلها وهي صفحة واحدة . لذا فأنا أقف أحياناً وقفات مختصرة عند بعض العناوين الواردة في الوصية.

لكن من باب المقدّمة وللتأكيد على أهمية الوصية لأن الإنسان عادةً في آخر ساعات حياته، عندما يريد أن يوصي ـ خصوصاً مثل أمير المؤمنين عليه السلام ـ عليه أن يكثّف المطالب ويركّز على المطالب التي يعتبرها على درجة عالية من الأهمية. وهذه خصوصية هذه الوصية. الأمير عليه السلام في آخر ساعات حياته يركّز على الأولويات والعناوين المهمة والأساسية التي يريد أن يوصي بها.

يقول عليه السلام: " أُوصِيكُمَا بِتَقْوَى اللَّهِ وَ أَلَّا تَبْغِيَا الدُّنْيَا وَ إِنْ بَغَتْكُمَا وَ لَا تَأْسَفَا عَلَى شَيْ‏ءٍ مِنْهَا زُوِيَ عَنْكُمَا".

أ ــ التقوى هي الطريق الموصل إلى الله تعالى
التقوى يعني الإجتناب وتقوى الله تعني إجتناب ما حرّم الله سبحانه وتعالى، إجتناب المعاصي، إجتناب الذنوب هي التقوى وهذه الوصية هي دائماً وصية الأنبياء عليهم السلام. وهي الأمر الإلهي التي أوصى بها الأنبياء منذ آدم عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ الرسول الخاتم. فهذه من ثوابت الدعوات النبوية. دعوة الناس إلى أن يجتنبوا كل ما نهى الله تعالى عنه وكل ما يُغضب الله سبحانه وتعالى وكل ما يُبعدهم عن الله سبحانه وتعالى وهذه هي المسألة الأساسية. عندما يقول الله {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} {العاقبة للمتقين}؛ التقوى هي الطريق الموصل إلى الله سبحانه وتعالى لا يوجد طريق آخر. طريق آخر بدون تقوى لا يوصل إلى الله سبحانه وتعالى. وبالمناسة حتى فيما يتعلّق بالصوم الذي نحن ما زلنا في شهره؛ في هذه الأيام والليالي الله سبحانه وتعالى يقول: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، يعني التقوى هي المرجوّ أن تحصل لكم من خلال هذا الصوم الذي كتبه الله سبحانه وتعالى عليكم.

• الصوم من عوامل تنمية ملكة التقوى
الصوم كيف يوصل إلى التقوى؟ لأنه بالأصل الإنسان لماذا يعصي ربه ولماذا يُذنب ولماذا يرتكب حرام؟ الذي يُلجأه إلى ذلك هي نفسه الأمّار بالسّوء: شهوته، هواه ... وإلاّ الإنسان العاقل الذي يؤمن بوجود الله سبحانه وتعالى وأنه يوجد آخرة ويوم قيامة وحساب وعقاب ويوجد كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها؛ فالعاقل لا يعصي الله ولا يتجرأ على الله، ولكن أحياناً هذا العاقل حتى ولو كان عاقلاً فنفسه الأمّارة بالسّوء وشهواته، أهوائه الشخصية، غضبه؛ أحياناً تدفعه إلى إرتكاب معصية هنا أو معصية هناك. عندما نصوم نستطيع من طلوع الفجر إلى أول الليل وما بعد مغيب الشمس أن نمنع أنفسنا من المفطرات، من الأكل والشرب ووو.. إلى آخره. الإنسان هنا، يدخل كما يقولون في تمرين وفي رياضة روحية مشروعة وعملية تدريب لنفسه ولروحه ولعقله ويستطيع أن يُثبت: أنه أنا على مدى ثلاثين يوماً من طلوع الفجر إلى مغيب الشمس أستطيع أن أسيطر على نفسي وعلى شهوتي وعلى ما يدفعني إلى الطعام والشراب ووو.. إلى آخره. عندما أتمرّن على هذه السيطرة فيمكنني أن أكمل فيه إلى شهر رمضان القادم. وفي شهر رمضان القادم أعود وأدخل في الرياضة الروحية السنوية الجديدة، لأن كل القصّة بالتقوى ـ إخواني وأخواتي ت ـ هي في مسألة السيطرة على النفس. فالإنسان عندما يكون عقله هو المسيطر عليه ودينه هو المُسيطر عليه، حينئذ النفس سوف تصبح خاضعة ومطيعة ومنسجمة ومتجاوبة مع كل ما يطلبه عقل الإنسان الذي يحدد له مصلحته في الآخرة ومصلحته في الدنيا لا يذهب إلى معصية. اليوم نحن في الأيام الأخيرة من شهر رمضان؛ فمن يريد أن يعرف إذا صومه هذه السنة كان مفيدا وبأي بمقدار كان مفيد؛ فعليه أن يرى هل إزدادت قدرته في السيطرة على نفسه؟هل إزدادت إستعداداته لتجنّب المعاصي والآثام؟ هل أصبحت قدرته أعلى على الإبتعاد عمّا حرّم الله سبحانه وتعالى؟ إذا كان تقدير ذلك عاليا فإذاً هو ناجح وإذا ما زال مكانه فهو لم يستفد شيئا جديدا، وإنما حافظ على المستوى لديه فحسب. وهذا جيد أيضاً، لكن المهم أن لا نكون في تراجع.

• ... وكذلك الصلاة
كما الصلاة تماماً،إذا أراد الإنسان أن يضع ميزانا ليرى صلاته كم هي مقبولة وكم هي مفيدة وكم هي مثمرة وحقيقية؟ فليراقبنفسه: هل صلاته هذه تنهاه عن الفحشاء والمنكر(بالنهاية التقوى) لأن الإبتعاد عن الفحشاء والمنكر وإجتنابهما هو التقوى. إذن الصوم هو مساعدة لنا للوصول إلى التقوى، الصلاة هي مساعدة لناز فهي رياضة روحية وعبادة يومية لنحصل على هذه الملكة وهذه القدرة وهذه الروحية. وهذا الَنفَس الذي يُسمى التقوى؛ إجتناب المعاصي وقرار إجتناب المعاصي والإستعداد لإجتناب المعاصي والممارسة الفعلية التي نجتنب فيها المعاصي.

ب ــ التحذيرمن التعلق بالدنيا وجعلها منية المنى
إذاً أولاً: " أُوصِيكُمَا بِتَقْوَى اللَّهِ وَ أَلَّا تَبْغِيَا الدُّنْيَا ـأي لا تطلبا الدنيا ولا تجعلا الدنيا بغيتكما وغايتكما وهدفكما ـ وإِنْ بَغَتْكُمَا ـ حتى لو جاءت الدنيا إليكم طالبةً خاضعةً. لأنه هناك الكثير من الناس تفتّش عن الدنيا: أي مالها وجاهها وسلطانها نعيمها، متاعها، مداعبها، زخارفها.... هناك ناس هم يذهبون ليفتشوا عن هذه الدنيا ويقاتلون كي يحصل على شيء منها. وهناك أشخاص الدنيا تأتي إليهم من رزق وجاه وسلطة؛ وربما بمسعى بسيط.

ج ــ التعلق بالدنيا رأس كل خطيئة
فهؤلاء الذين تأتيهم الدنيا يجب أن لا يتعلّقوا فيها. وأن لا تصبح الدنيا هدفك وغايتك ومناك. لأن الإنسان إذا تعلّق بالدنيا وتمسّك فيها وصار يحبّها فإن حبّ الدنيا رأس كل خطيئة. فهذا التعلق وحب الدنيا مع الوقت سوف يُقاتل للحفاظ على جاهه ـ مثلاً، أو يقاتل من أجل زيادة ماله حتى ولو وقع في الحرام وفي المعصية ولو قتل النفس المحترمة ولو إستولى على أموال الآخرين ولو إستخدم الوسائل المحرّمة. فحب الدنيا والتعلق بالدنيا فيه هذه المخاطر الحقيقية. ولذلك الإنسان يجب أن يُقدم على معالجة جذرية وهي أن لا يجعل الدنيا هدفه، وأن لا يطلب الدنيا ولا يبحث عنها وحتى إذا جاءت إليها يجب أن لا يتعلّق بها وأن لا يحبّها وأن لا يتمسّك بها.

• لعدم التأسف على دنيا فانية
"َلَا تَأْسَفَا عَلَى شَيْ‏ءٍ مِنْهَا زُوِيَ عَنْكُمَا". أي ما أٌبعد عنكما، ما قُبض عنكما، ما نُحّيَ عنكما، فلا تأسفا ولا تحزنا ولا تأسيا، لأن هذه الدنيا وما فيها فانية وزائلة وذاهبة. لذلك عندما يأتي كل هؤلاء الناس يوم القيامة وبينهم ملوك وأغنياء ومترفين وأصحاب مزارع وحقول ومصانع ومليارت الدولارات... لكن كم عمّروا في هذه الدنيا؟ {قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم}. في مكان آخر عندما يوصّف أمير المؤمنين عليه السلام هؤلاء يقول "أين هم؟ فيجيب: ها هم رهائن القبور ومضامين اللحود"، لا يوجد شيء في هذه الدنيا إنظروا من سبقنا حتى لو كانوا ملوك الأرض وأصبحوا قياصرة وأكاسرة فما هي النهاية التي وصلوا إليه؟

د ــ لا تصرفنكم الدنيا عن قول الحق والعمل للآخرة
" وَ قُولَا بِالْحَقِّ وَاعْمَلَا لِلْأَجْرِ" . وفي نقلٍ آخر: وإعملا للآخرة. الإنسان يجب أن يقول الحق وأن يؤمن بالحق وأن ينصر الحق وأن يقول بلحق وأن يدافع عن الحق بلسانه، بيده، بكل ما يملك من طاقة ومن قدرة ولكن بالحدّ الأدنى أن يقول الحق. وإعملا للأجر أي لا تعملا للدنيا بل إعملا للأجرعند الله سبحانه وتعالى. إذاً أخذنا بلنقل الثايي: "إعملا للآخرة"؛ له نفس النتيجة. لأنه عند الله سبحانه وتعالى لا يضيع شيء لا أجر المحسنسن ولا أجر المجاهدين ولا أجر العابدين ولا أجر الصابرين ولا أجر الشاكرين لا يوجد شيء عند الله سبحانه وتعالى يضيع. إذا توقّع في الدنيا الإنسان من الناس إنصاف وشكر وتقدير؛ فهذا بالدنيا صعب. ولا أقول مستحيل، ولكنه صعب. فلا تتوقّعوا من الناس شيئاً كهذا عندما تقومون بواجبكم، مثل المقاومة. فهي قامت وهزمت إسرائيل وحررت الأرض والأسرى وأعزّت لبنان والشعب اللبناني والعرب والمسلمين وألحقت هزائم تاريخية بالعدو الإسرائيلي الذي يتهدد المنطقة، وحتى الآن هناك الكثير لا يشكرونها ولا يقدّرون جهادها بل لا يعترفون بإنجازاتها. فالمهم أن ما يتطلّع إليه الإنسان هو عند الله سبحانه وتعالى لأنه لا يضيع لديه أجر ولا مقام.

..." وَكُونَا لِلظَّالِمِ خَصْماً وَ لِلْمَظْلُومِ عَوْناً"
هذا خط تاريخي حيث تكون جبهة الظلم والعدوان والإحتلال والتّعدي والهيمنة والإستكبار يجب أن تكونوا خصماً. وحيث يكونوا المظلومون والمعذبون والمستضعفون والمحتلّة أرضهم والمشرّدون من أرضهم ووو... يجب أن تكونوا عوناً، ".

هـ ــ لإعتماد النظام في مختلف جوانب حياتنا
"أُوصِيكُمَا وَ جَمِيعَ وَلَدِي وَأَهْلِي وَ مَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي بِتَقْوَى اللَّهِ" مجدداً التأكيد على الوصية بتقوى الله . "وَ نَظْمِ أَمْرِكُمْ". إنتبهوا معي جيّداً. هناك الكثير من الناس عندهم تصوّر(خاطئ) بسبب التشويهات التي حدثت في موضوع الفوضى والنظام. فالأمير قبل ساعات من شهادته ورحيله عن الدنيا يضع تقوى الله ونظم الأمر بجانب بعضهم وهي تعني التنظيم. مثلاً: العائلة بدون نظام وتقسيم مسؤولية الأب ومسؤولية الأم ومسؤولية الأولاد فإن العائلة لا تستقيم. أو مثلاً؛ البناية حيث يسكن الناس فوق بعضهم البعض وهناك أقسام مشتركة وأعمال مشتركة ومصالح مشتركة إذا لم ينظّموا وضعهم فالبناية لن تستقيم ويحصل الخلاف بين الناس على الكهرباء والماء والخدمات.... أيضاً الحي، الضيعة، المدينة الوطن الأمة.. في كل إطار أنتَ بحاجة إلى نظام وفي كل شيء وعلى كل صعيد: الصحي، التربوي، الإقتصادي ،المالي، السياسي، الأمني، العسكري،الدفاع، الإعلام.... ولذلك الأميرعليه السلام يؤكّد هنا ويُرشد إلى سنّة إلهية حقيقية. فأصل الكون قائم على نظام دقيق ومتقن وحكيم ونحن جزء من هذه الحياة وهذا الكون فيجب أن يكون في حياتنا هذا النظم وهذا النظام وهذا التّقيد بالنظام. فالبديل هو الفوضى. ولكن الفوضى لا تبني عائلة ولا تبني بيت ولا بناية ولا حيّ ولا ضيعة ولا مدينة ولا وطن ولا أمّة ولا تصنع مصير. بل تؤدّي إلى كوارث إجتماعية وحياتية وروحية ونفسية وأمنية وو.... المدرسة بحاجة إلى نَظْم والجامعة بحاجة إلى نًظْم والمستشفى والحوزة العلمية وكل شيء يجب أن يكون فيه نًظم.

• للإلتزام بالنظام العام حتى في بلاد غير المسلمين
حتى عندما يعيش المسلمون في دولة وفي بلد غير مسلم وغير إسلامي كحال الذين يعيشون في أوروبا، بعض الناس تشتبه الأمور عليهم ويتعلّمون أشياء خطأ لكن بالعكس فالحفاظ على النظام العام وإحترام النظام العام والقوانين العامة التي تنظّم حياة الناس واجب شرعي على كل إنسان مسلم سواء كان البلد الذي يعيش فيه بلد مسلمين أو لا. وسواء كانت الدولة والنظام الحاكم هو نظام إسلامي أو لا. فإن ذلك ليس له علاقة. لأنه هناك شيء إسمه"النظام العام" والبديل هو الفوضى. والإسلام يريد للناس أن يعيشوا حياة طبيعية، شرطها النظام.

و ــ المبادرة إلى رأب الصدع بين الناس
"وَ صَلَاحِ ذَاتِ بَيْنِكُمْ فَإِنِّي سَمِعْتُ جَدَّكُمَا (ص) يَقُولُ:صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلَاةِ وَ الصِّيَامِ." هناك وصية مهمة جداً أيضاً، وهي صلاح ذات بينكم. ولدينا مستويين الأول هو صلاح ذات بينكم أي العلاقات البينية داخل العائلة أو البناية أو الحي أو الضيعة أو المدينة أو الوطن. بمعزل عن الإختلافات التي يمكن أن تكون يجب أن يكون هناك علاقات جيدة وسليمة بين الناس الذين يعيشون ضمن جغرافيا معينة أو دولة معينة أو مجتمع معين: العلاقات الجيدة، الإنسجام، التفاهم، الأخذ والرد، الإحتكام إلى القانون ... هذا يجب أن نحافظ عليه وأن يكون موجود. أما المستوى الثاني فهو إن حصل أي خلل يجب المبادرة لإصلاح ذات البين. إذن لدينا صلاح ذات البين وهي حالة جيدة قائمة في العلاقات وعندما يحصل أي خلل يأتي العنوان الثاني وهو إصلاح ذات البين.العقلاء، الحكماء، المسؤلون، القيادات، العلماء، الذين يمونون ويؤثرون) يجب أن يتدخّلوا وأن لا يتركوا أي خلل ينمو ويتّسع. مثلا، الثوب يكون فيه مزق إذا تركته وأهملته سوف يتّسع. أيضاً الجلد إذا كان هناك جرح وأهملته فقد يؤدي ذلك إلى نزيف وإلى كارثة.

• الإنسجام الداخلي قاعدة النمو والتطور
إذاً إعطاء الأولوية لصلاح ذات البين، الإنسجام الداخلي،لأنه هذا شرط الإستقرار والهدوء. والناس حينئذ عندما تكون مرتاحة ومنسجمة" لا فتنة داخلية ولا حرب أهلية ولا صراع داخلي وهناك أطر تحتكم إليها عند إختلاف فهذا شرط يؤدي إلى التنمية والنمو التطوّر والعلم والمعرفة والعدالة إلى آخره...

"وَإصَلَاحِ ذَاتِ بَيْنِكُمْ فَإِنِّي سَمِعْتُ جَدَّكُمَا ص يَقُولُ:".هنا تأكيد على أهمية هذه الوظيفة وهذا الواجب وهذه المسؤلية المهملة في الحقيقة في مجتمعاتنا ومتروكة غالباً " يَقُولُ:صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلَاةِ وَ الصِّيَامِ." بأجرها وثوابها ودرجتها، بمقبوليتها عند الله سبحانه وتعالى، بمطلوبيتها لله عزوجل. طبعاً بعض العلماء يقولون أن المقصود بالصلاة والصيام غير الواجبة أي عامة المستحبّات من الصلاة والصيام.بكل الأحوال اليوم إذا كان في ضيعة أو منطقة عائلتان مختلفتان أو عائلة واحدة إختلفوا فيما بينهم أو ضيعتان إختلفوا؛ هنا المسؤولية ليست فقط مسؤولية الدولة والقيادة الدينية أو السياسية. أي شخص بالمجتمع بهذه العشيرة أو بتلك، بهذه العائلة أو بتلك، بهذه الضيعة أو بتلك، عنده نوع من الكرامة أو شيء من التأثير أو شيء من النفوذ ـ ليس كل شيء مركزي يا إخوان ـ يجب أن يبادر لإصلاح ذات البين وتأليف القلوب وتوحيد الكلمة. لا أن نترك الأمور في ضيعنا وعائلاتنا وبيوتنا ومحتمعنا تكبُر وتكبُر وتمتدّ لأن نتائجها ستكون وخيمة؛ والتي سنرجع إليه في الشق الثاني من الوصية.

ز ــ للإهتمام بالأيتام والعناية الدائمة بهم
" اللَّهَ اللَّهَ فِي الْأَيْتَامِ فَلَا تُغِبُّوا أَفْوَاهَهُمْ وَلَا يَضِيعُوا بِحَضْرَتِكُمْ". الله الله يا أمير المؤمنين. تصوّروا الأمير في آخر ساعات حياته وهو يجود بنفسه والام الجراح ،لأن السيف وصل إلى الدماغ ـ ويمكن أن نفترض حجم الآلام التي كان يعاني منها ـ وفي تلك الدقائق واللحظات لا ينسى الأيتام. وهنا عندما يوصّي بالأيتام هناك وصية ملفتة جداً عندما يقول لا تغبّوا أفواههم فقد فسّروها بمعنى تطعموهم يوماً وتتركوهم يوما آخر أو تطعموهم مدة وتتركوهم مدة ثانية. مثلا: الآن في شهر رمضان هناك توصية خاصة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم للأيتام بشهر رمضان فنهتمّ بهم في هذا الشهر وندعوهم للإفطارات ونوصل طعام لهم على المبرات ولكن بعد شهر رمضان ماذا؟؟ إذاً العناية بالأيتام ليست عناية موسمية أو مقطعية أو زمانية. فالأمير عليه السلام يوصينا بالعناية بالأيتام والإهتمام بالأيتام وإطعامهم وعدم تضييعهم وعدم تضييع حقوقهم. وهي مسؤولية على مدار الساعة والأيام والعمر.

ح ــ وجوب التواصل مع الجيران والتواصي بهم
"وَاللَّهَ اللَّهَ فِي جِيرَانِكُمْ فَإِنَّهُمْ وَصِيَّةُ نَبِيِّكُمْ فمَا زَالَ يُوصِي بِهِمْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُمْ" هذه أيضاً من الوصايا أو الوظائف المهملة والمتروكة وخصوصاً في المدن، على العكس من الضيع والقرى لأن البيوت متقاربة من بعضها والناس يعرفون بعضهم جيداً. والضيع التي أصبحت كبيرة تُبتلى ببلاءات المدينة. لكن عموماً أهل الضيع يعرفون بعضهم والجيران يسألون عن بعضهم ويهتمّون ببعضهم ويتزاورن وإذا أصاب المرض شخصا ترى الجيران كلهم يهتمون به كذلك الأمر بالفرح والحزن، وعندالوفاة والمصائب يهتمّون ببعضهم. وهذه هي التربية الإسلامية والتوجيه الإسلامي الأساسي. هذا المضمون موجود في الروايات عند كل المسلمين أن النبي كان يوصي بالجار بكل شيء:عدم الأذيّة، الإحسان له. الأولوية للجار حتى ظننا أنه سيورثه أي سيعتبره جزءا من العائلة ومن الأرحام الذين سيحصلون على حصة أو نسبة من الإرث عند موت الإنسان: مالاً وعقاراً لأرحامه؛ إلى هذا الحدّ يعني كأنه رحم. عندما نتكلّم عن صلة الرحم وكأن الجار رحم. لذلك الأمير يوصي بالجيران. ونحن تكلمنا عن الضيع، لأن الحياة في المدن كما تعلمون؛ الذين يعيشون في البناية الواحدة لا أحد منهم يعرف جيرانه الذين "فوقه أو تحته أو جنبه": ناموا جياعا ،شباعا، محتاجين، فقراء، مهمومين، مغمومين. وهو يستطيع أن يساعدهم، لكن هم لا يزورون بعضهم ولا يلتقون مع بعضهم. قد يروا بعضهم عند إنتخاب لجنة البناية هذا إذا لم يختلفوا على لجنة البناية. وطبعاً هذا خلل كبير في الحياة الإجتماعية.انشالله هذا فيما بعد يحتاج وحده إلى بحث.

"وَاللَّهَ اللَّهَ فِي جِيرَانِكُمْ فَإِنَّهُمْ وَصِيَّةُ نَبِيِّكُمْ مَا زَالَ يُوصِي بِهِمْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُمْ"

ط ــ كونوا السباقين للعمل بالقرآن
"وَاللَّهَ اللَّهَ فِي الْقُرْآنِ لَا يَسْبِقُكُمْ بِالْعَمَلِ بِهِ غَيْرُكُمْ". في بداية شهر رمضان نقلنا خطبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والتي أكّد فيها على إستحباب تلاوة القرآن في هذا الشهر الكريم وهو شهر القرآن. وكان هناك ثواب إستثنائي لمن تلا آية من كتاب الله في شهر رمضان فكأنما ختم القرآن في غيره من الشهور. وتحدثنا هناك أن التلاوة مطلوبة للتدبّر والتّذكّر كي يتأمل الإنسان ويتفكّر ويفهم ويستوعب أين يعيش والدنيا التي هو فيها وإلى أي عالم هو ذاهب، وموضوع الآخرة... لكن التلاوة التي ستوصل إلى التدبّر والتذكّر، الهدف الحقيقي منها هو العمل والإلتزام بالقرآن والعمل به. أما مجرّد تلاوة القرآن وتحسين الصوت بالقرآن والإهتمام بالقرآن وطباعة القرآن هو بحد ذاته جيد لكن ليس كافٍ. وهذا أساساً مطلوب كي يوصلنا إلى غاية أعلى وأسمى وهي العمل بما جاء به كتاب الله وبما جاء في كتاب الله عزوجل من كل هذه التوصيات العظيمة العبادية والإجتماعية والأخلاقية والتي تحكم العلاقات العلاقات الجتماعية والعلاقات العامة وتنظم حياة الناس وتأخذ بأيديهم في طريق الدنيا إلى الآخرة. لذلك العمل بالقرآن هو الأصل وهو الأهم وهو الغاية المطلوبة من كل هذه المقدمات وأيضاً التسابق بالعمل بالقرآن وهنا التنافس الإيجابي وليس السلبي. أن نتنافس كأفراد وجماعات وحتى إذا كنا أتباع مذاهب أو أتباع طوائف أو حركات إسلامية أو أحزاب إسلامية. أيا يكن الإطار: إن كان فرديا أو جماعيا يجب أن يكون هناك تسابق وتنافس إيجابي للعمل بالقرآن. في هذا يجب أن نتنافس لأن هذا يوصل إلى خير الدنيا وخير الآخرة وسعادة الدنيا وسعادة الآخرة.

ي ــ الصلاة قوام الدين فلا تتغافلواعنها بأي حال
"أللَّهَ اللَّهَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا عَمُودُ دِينِكُمْ" وهنا التأكيد على أداء الصلاة وخصوصاً الفرائض الواجبة على الإنسان. والأمير عليه السلام يُعيد توصيف الصلاة بما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الأحاديث المتواترة والمعروفة والمشهورة "الصلاة عامود الدين" وفي بعض الروايات يُشبه الصلاة بعامود الدين أي مثل عامود الخيمة، فالخيمة بدون عامود تقع ولا تستقيم حتى لو كان هناك حبال ومسامير مثبتة بالأرض لكن إذا لم يوجد عامود لننصب الخيمة فهي لا تصبح خيمة ولا تكون قابلة للسكن ولا للإستفادة ولا للإتّقاء بها من الشمس ومن الحر ومن البرد ومن الريح. إذاً الخيمة تقوم بعامودها فالعامود هو الجزء المؤسس لوجود الخيمة، والصلاة هي عامود الدين أي الجزء المؤسس للتدين والدين والعمل بالدين وبما جاء به كتاب الله وأنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. لذلك التأكيد على الإهتمام بالصلاة وأنه لا تُترك الصلاة بحال: مشغول، إمتحانات، حرب، قتال. حتى الغريق هو في حالة اغرق إذا كان هناك إحتمال أن لا ينجو أو فهناك صلاة إسمها صلاة الغريق. يعني الصلاة لا تترك بأي حال. لذا لا أحد يوجد لنفسه حجة أو غذر ليقول أنا لم أصلي لأنني كنت مشغولا أو كنت بالجبهة... الصلاة لا تترك بحال على الإطلاق لماذا؟ لأنها عامود الدين فبدون الصلاة كل شيء يقع.

ك ــ تجنبوا سخط ربكم بإعمار بيته الحرام
"وَ اللَّهَ اللَّهَ فِي بَيْتِ رَبِّكُمْ" أي في بيت الله الحرام في المسجد الحرام في الكعبة "لَا تُخَلُّوهُ مَا بَقِيتُمْ فَإِنَّهُ إِنْ تُرِكَ لَمْ تُنَاظَرُوا". يعني بيت الله الحرام لا تخلوه والخلو هو بالحد الأدنى أداء الحج فالعمرة مستحبة على مدار السنة. لكن هنا قد أن يكون المقصود هو القدر المتيقّن، عدم التخلّف عن حج بيت الله الحرام. ميزة الحج هو أن كل المسلمين والمستطيعين يأتون إلى الحج في زمن واحد كالمشاهد التي نراها: الآن مئات الآلاف أو مليون أو مليونين يأتون من كل أنحاء العالم ويحتشدون في هذه البقعة المباركة. الأمير عليه السلام يقول “لا تخلو بيت ربّكم” أي لا تنقطعوا عن الحج ولا تتركوا الحج أيها المسلمون: وطبعاً الحمد لله في العقود الأخيرة الوضع تطوّر وإلا نحن نتذكّر قبل خمسين سنة وستين سنة وسبعين سنة الذين يذهبون إلى الحج هم من تقدّم بهم السن وأصبحوا في آخر حياتهم. وقلّما كنا نجد عناية عند الشباب في موضوع الحج، لكن اليوم الحمد لله أن الحج أصبح عبادة واسعة والمشكلة أصبحت إجرائية ولم تعد المشكلة في الإهتمام والإندفاع وفي الرغبة لدى المسلمين وخصوصاً شباب المسسلمين في الإقبال على حج بيت الله الحرام. في تكملتةالكلام يقول عليه السلام "فإنه إن تُرك ــ أي بيت الله الحرام وأصبح هناك إنقطاع أو ضعف بالحضور للحج ــ لم تُناظروا". وهنا لها إحتمالان: كلمة " لم تناظروا" ــ حتى في شرح نهج البلاغة؛ بعضهم قال الإحتمال الأول وبعضهم الإحتمال الثاني وكلا الإحتمالين وارد. الإحتمال الأول: أي لم تُناظروا من الله سبحانه وتعالى يعني لا يوجد شيء يمنع أن يحلّ بكم ـ أيتها الأمة التاركة لبيت الله الحرام ـأن يحلّ بكم غضب الله ونقمة الله وسخط الله وما شاكل. والإحتمال، أو التفسير الثاني: أنه لم تُناظروا من أعدائكم لأن الحج هو مظهر القوة الحقيقية لهذه الأمة، وعندما ينظر أي شخص ويرى في هذه الأمة مثلا مليوني إنسان في مكان واحد يلبسون نفس الثياب ويمشون بنفس المسار ويجتمعون على صعيد واحد كما في عرفات وما شاكل ويأتون من كل حدب وصوب فإن هذا من أهم مظاهر قوة الأمة. وبالتالي إذا هذا تُرك وضاع وضعف فالعدو لن يترككم ولن يمهلكم ولن يهملكم وبالتالي ستدفعون الثمن على هذا الصعيد. كلاهما محتمل ولا مانع من الجمع بينهم.

• القائمون على شؤون الحج اختزلوه إلى طقوس شكلية
طبعاً اليوم وللأسف الشديد فإن مظهر القوة هذا بسبب الإدارة الموجودة هناك وبسبب التعقيدات الموجودة يُمنع حجاج بيت الله الحرام من التعبير عن المضمون العقائدي والعبادي والجهادي والسياسي والثقافي الحقيقي للحج وحولوا موسم الحج إلى طقوس فقط. حتى إذا أردنا أن نعبر عن هذه الطقوس بأدنى تعبير نواجه أو يواجَه الحجاج بالقتل وبالسجن وبالإعتقال والإتهام بالتسيس وما شاكل.

ل ــ لا تتركوا الجهاد في سبيل الله فتذلوا
"وَ اللَّهَ اللَّهَ فِي الْجِهَادِ بِأَمْوَالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ وَ أَلْسِنَتِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". الجهاد في سبيل الله أيضاً من أولويات هذه الوصية لا تهملوه ولا تتركوه. الجهاد في سبيل الله بالمال أي من ينُفق ماله في الجهاد مثل من يدفع المال ليُشترى به السلاح أو الذخيرة أو تجهيز المقانلين أو تجهيز الجبهات وما شاكل. الجهاد بالنفس هو أن يذهب الإنسان بنفسه ويحضر في جبهات القتال أو يكون جزءا من القوة التي تواجه العدو، إن كان بالخط الأمامي أو بالمدفعية أو بالخط الخلفي أو باللوجيست أو بالدعم بالتدريب أوالإشارة. فهذا كله تفصيل لكن هو يتقدّم بنفسه وجسده ودمه ليكون بهذه الجبهة.

• الجهاد باللسان اليوم في أعلى درجات الأهمية
"وبألسنتكم" حتى من يملك المال والنفس يجب أن يجاهد بلسانه ومن لا يملك مالاً ولا يستطيع أن يجاهد بنفسه يجب أن يجاهد بلسانه. الجهاد باللسان اليوم على درجة عالية من الأهمية خصوصاً في هذا الزمن. وبكل زمن هو هكذا. لكن الآن بسسب وجود الإعلام والفضائيات والإنترنت ومواقع التواصل إلاجتماعي وما شاكل فإن كل إنسان اليوم أمامه فرصة للجهاد. وأنا هنا أقول لكل الشباب والصبايا المهتمّين بمواقع التواصل الإجتماعي أنه مامكم فرصة الجهاد بألسنتكم. فاللسان المقصود به ليس فقط عندما يتكلّم بل عندما يكتب فهذا أيضاً جزء من الجهاد في سبيل الله عزوجل.

عندما نرى أعدائنا ينفقون مليارات الدولارات على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي ووسائل الإتصالات المتنوعة من أجل تشويه الإسلام وتشويه أنبياء الله عزوجل وليس فقط النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم. إنظروا كم شوّهوا السيد المسيح عليه السلام والنبي موسى عليه السلام وهكذا.. لكن طبعاً هناك تمركز خاص على رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم. تشويه الإسلام وأحكام الإسلام، تعاليم الإسلام، تشويه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، تشويه التاريخ الإسلامي، تشويه المقاومة التي ترفع راية الإسلام. هذا كله حرب لسان حرب الأفواه. { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ}. في المقابل السلاح قد لا يكون مجدياً، فأنت بحاجة أن تجاهد بلسانك: أن تقف وتقول الحق، أن تعبّر عن الحق، أن تصرخ بالحق، أن تذكر الحق في كل يوم وفي كل ليل، واليوم هذه الأمة بحاجة أن تدافع عن دينها وعن أنبيائها وعن نبيّها وعن مقدّساتها وعن رموزها وعن دنياها وعن مصالحها، باللسان كما تدافع بالمال وبالنفس وكما تجاهد بالمال وبالنفس وعدم التخلي عن الجهاد لأن حجم الإستهداف كبير وخطير جداً. فإنظروا نتائج التخلي عن الجهاد: فاليوم عندنا مظهر من مظاهر الخزي والذّل فالأمّة التي تتخلّى عن الجهاد تخضع للقوى المستكبرة وتسمح للمستكبرين أن ينهبوا أموالها، تسمح وتجيز لهم أن يصادروا سيادتها وقرارها. وللأسف الشديد نجد دول اليوم في العالم العربي والإسلامي وحكومات تتنافس: أيها تتقدّم وتتقرب إلى الولايات المتحدة الأميركية وأيها يتقرّب إلى إسرائيل. وهذا بسبب التخلّي عن المسوؤلية الجهادية. أما من يحمل راية الجهاد والأمة المجاهدة هي أمة عزيزة وأمة قوية وأمة تفرض وجودها على العالم وهي أمة يحترمها العالم. ولذلك أمير المؤمنين عندما كان يخطب بالكوفة كان يقول " أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، فَتَحَهُ اللهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ، وَهُوَ لِباسُ التَّقْوَى، وَدِرْعُ اللهِ الحَصِينَةُ، وَجُنَّتُهُ الوَثِيقَةُ، فَمَنْ تَرَكَهُ (أي ترك الجهاد) رَغْبَةً عَنْهُ أَلبَسَهُ اللهُ ثَوْبَ الذُّلِّ، وَدُيِّثَ بِالصَّغَارِ وَالقَمَاءَةِ ، وَشَمِلَهُ البَلاَءُ". هذا اليوم تفسيره هو لأن هذه الدول وهذه الأنظمة والحكومات والحكام تركوا الجهاد نجدهم بحالة الذل والقماءة والبلاء والضعف والوهن.لا يثقون بشعوبهم ولا حتى بجيوشهم ويطلبون القوة والمدد والعزة والبقاء من أعداء هذه الأمة الذين دمّروا هذه الأمة وهتكوا حرمات هذه الأمة وإحتلّوا مقدسات هذه الأمة في فلسطين وفتنوا هذه الأمة وأساؤا إلى هذه الأمة . هذه نتيجة التخلّي عن الجهاد. "

م ــ وتعاونوا وتناصروا تفلحوا وتنتصروا
"وَعَلَيْكُمْ بِالتَّوَاصُلِ" الأصل في العلاقات هو التواصل وليس الإنقطاع والإنعزال وكل إنسان يأخذ جماعته ويعيش لوحده أو كل عائلة تعيش لوحدها وكل ضيعة تعيش لوحدها وكل منطقة تعيش لوحدها. "وَعَلَيْكُمْ بِالتَّوَاصُلِ وَ التَّبَاذُلِ". التواصل مفهوم؛ أن الناس تتكلم مع بعض وتزور بعض وتجلس مع بعض وتتحاور وتتناقش. هذا كله يدخل تحت عنوان التواصل. والتباذل، أي أن نبذل لبعضنا البعض وأن نساعد بعضنا البعض. "وَإِيَّاكُمْ وَالتَّدَابُرَ" أي أن ندير ظهورنا لبعض وأن نقول ليس لنا علاقة أو كما يقال بالعامية "بطيخ يكسّر بعض" ،"كل واحد يقلّع شوكه بإيدو" وهي تعابير رائجة الآن وتعبّر عن التدابر. وعندما نتدابر وكل إنسان يذهب في طريقه حينها سنمكّن أعدائنا من رقابنا ومن مقدساتنا ومن أولادنا وأحفادنا ومصائرنا. "وَإِيَّاكُمْ وَ التَّدَابُرَ وَالتَّقَاطُعَ ".

• نحن في لبنان مدعوون للواصل للتعاون
إذاً، التوصية العامة والأصل التواصل التباذل والحوار واللقاء والتعاون والتفاهم. وإذا قاطعنا بعض وأدرنا ظهورنا لبعض ولم نذهب إلى حد الخصومة أيضاً والعداوة فلن يتحقق الأمن والإستقرار ولا يُبنى الإقتصاد ولا تُحلّ المشاكل ولا أي شيء. إذاً، المطلوب الإنسجام والتواصل والتباذل وصلاح ذات البين ـ التي سنرجع لها بعد قليل ـ وإصلاح ذات البين وبذل الجهد لأنه بعض الناس ملّ بسرعة ويتعب نتيجة الحوار والتواصل. ولأن هذا الأمر على درجة عالية من القداسة والأهمية والمطلوبية من قبل الله سبحانه وتعالى فإنه يستحقّ منا جميعاً بذل الجهد والعمل والصبر ـ فهذا من موارد الصبر أيضاً. وليس الصبرفقط في ميادين القتال. والفقر والجوع فيه أيضا صبر ـ بل بالتواصل والحوار والتفاهم والبحث عن المشتركات وتحمّل بعضنا البعض مسلمين ومسحيين وسنة وشيعة وأحزاب وطوائف وما شاكل. فهذا من أهم الأساسيات. وهي أيضاً من السنن الإلهية التي أرشد لها القرآن والتي تحدّث عنها الأمير وقبلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز: { وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}. طبيعي أي جماعة مهما كانت قوية ستضعف إن كانت غير متماسكة ذاتيا. الإتحاد السوفياتي ـ على سبيل المثال ـ قوة عظمى لكن عندما تفكك من الداخل ودخل في صراعات داخلية إنهار.إذاً نحن مدعوّن إلى هذا التماسك والتواصل وهذا التباذل.

الأمر بالعروف والنهي عن المنكر يعني ألإلتزام بالمصالح العامة
" لَا تَتْرُكُوا الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَيُوَلَّى عَلَيْكُمْ شِرَارُكُمْ ثُمَّ تَدْعُونَ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ.". لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وطبعاً من جملة الأمور التي تم تشويهها في العصر الحديث: موضوع الجهاد، أو "الله أكبر". أيضاً من جملة الأمور التي تم تشويهها نتيجة بعض السلوكيات والأداء. مثال ذلط: بعض هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي أقيمت بالسعودية وغيرها أو أداء داعش في هذا الموضوع. فقد أسيء وأصبح يُنظر إليه بطريق ملتبسة.

• منكرات في مجتمعنا ينبغي التصدي
عندما نتكلّم عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بعض الناس تذهب إلى الصغائر في وقت يوجد أشياء كبيرة وأهم ومصيرية وحساسة مثلاً: عندما نتحدّث عن “العمالة ”فهذا منكر يجب النهي عنه "العمالة لإسرائيل والعمالة لأميركا والعمالة للعدو". هذه من المنكرات التي يجب أن تُعطى أولوية في النهي عنها. وبالمقابل المعروف هو أن يلتزم الإنسان بمصالح أهله وشعبه وأمّته ووطنه وأن يدافع عن هذه المصالح وعن هذه السيادة وعن هذه الكرامة وعن هذه الحرية. هذا هو النهي عن المنكر والأمر بالمعروف. مثلأً، النهي عن السرقة سواءً سرقة أموال الناس أو السرقات الكبيرة أو الضغيرة أو النهب الذي يكون موجود في هذه الدولة أو تلك الدولة، هذه الحكومة أو تلك الحكومة، هذه الوزارة أو تلك الوزارة؛ هذا نهي عن المنكر. وبالمقابل الحفاظ على أموال الناس وعلى المال العام وعلى مال الحكومة. هذا من المعروف الذي يجب أن يؤمر به.

لماذا عندما نقول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الناس تذهب إلى صغائر الأمور الشخصية. فهناك ما هو أهم وأكبر وأولى عند الله سبحانه وتعالى أن نهتمّ به. من الأمثلة التي يمكن أن نضربها في هذا السياق؛ من أكبر المنكرات اليوم هي "المخدرات": صنع المخدرات، تجارة المخدرات، تهريب المخدرات، ترويج المخدرات... الذي يدمّر مجتمعنا، اليوم الحرب على كل ما يتّصل بملف المخدّرات هو نهي عن المنكر وبالمقابل فإن السلامة الصحية والصحة النفسية وما شاكل فهذا أمر بالمعروف وهكذا...

اليوم مواجهة الفتنة والصراعات الداخلية هذا نهي عن المنكر والسعي للحوار والتواصل والتباذل والتفاهم هو أمر بالمعروف وبكل الوسائل المتاحة. أما إذا لم ننهى عن المنكر ولم نأمر بالمعروف وأصبح الشائع في المجتمع هو العمالة والفساد والسرقة والرشوة والمخدرات والقتل ووو...وفيما بعد إذا إجتمعنا بالمسجد أو بالكنيسة أو بالبيت وجلسنا ندعو الله سبحانه وتعالى فالله لن يسمع لنا ولن يتطلّع إلينا لأننا لن نكون جديرين بأن نخاطب الله سبحانه وتعالى ونحن نتخلى عن هذه المسؤلية.

حقوق الأسير في الإسلام علي(ع)
" ثُمَّ قَالَ: ‏يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ" الآن أصبح الخطاب والموضوع شخصيا، لكن فيه درس كبير جداً؛ خصوصاً في هذا الزمن. أولاد عبد المطلب يعني أولاد أبو طالب والعباس والباقون: " لَا أُلْفِيَنَّكُمْ تَخُوضُونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ خَوْضاً تَقُولُونَ قُتِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَلَا لَا تَقْتُلُنَّ بِي إِلَّا قَاتِلِي". لا أريد أن أراكم تحت عنوان العائلة والعشيرة ـ أي عشيرة بني عبد المطلب بحكم أنكم أقربائي وأرحامي وأولادي وما شاكل ـ أن تقتلون وتصنعون المذابح والمجازر كما يحدث الآن في العالم. وهذا الشيء ما يزال حتى اليوم: عندما يقتل أي زعيم أو ملك أو أمير أو مسؤول كبير فترى ردّ الفعل هو القتل عن اليمين وعن الشمال دون تمييز.

"أَلَا لَا تَقْتُلُنَّ بِي إِلَّا قَاتِلِي". وهنا الدرس الكبير: " انْظُرُوا إِذَا أَنَا مِتُّ" يعني إذا مت بهذه الضربة وأصبح عبد الملجم الأسير لديكم؛ أصبح قاتلاً ويستحقّ القصاص. " انْظُرُوا إِذَا أَنَا مِتُّ مِنْ ضَرْبَتِهِ هَذِهِ فَاضْرِبُوهُ ضَرْبَةً بِضَرْبَةٍ" يعني ضربة بضربة فقط. " وَلَا تُمَثِّلُوا بِالرَّجُلِ" والتمثيل ماذا يعني؟ تقطيع الأيدي، تقطيع الرجلين، قطع الرأس، تشويه الجثّة وما شاكل. " وَلَا تُمَثِّلُوا بِالرَّجُلِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ إِيَّاكُمْ وَ الْمُثْلَةَ وَ لَوْ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ" ليس الإنسان بل الكلب وليس أي كلب فمن الممكن أن يكون كلب حماية أو كلب حراسة أو كلب صيد بالنهاية له قيمة معينة لكن حتى الكلب العقور الذي يكون شاردا ومريضا ويعتدي على الناس ويعقر الناس:يعض، يهجم ..وقد يسبب نقل الأمراض والسموم؛ حتى هذا النوع من الكلاب إذا أردتم أن تقتلوه فاقتلوه ولكن لا تمثّلوا به. أُعيد وأقرأ لكم النص الذي قلته في البداية عندما يقول الإمام عليه السلام للحسن: "بحقّي عليك فأطعمه ممّا تأكل"، لمن؟ للذي ضرب خليفة المسلمين. وهذا لا نقاش فيه لأن الشيعة والسنة متفقون على عظمة علي بن أبي طالب عليه السلام. فالشيعة يقولون هو إمام من الله والسنة يقولون بأنه الخليفة الرابع الذي بايعه المهاجرون والأنصار الذين بايعوا الخلفاء من قبله. يعني هو الخليفة أي حاكم المسلمين وإمام المسلمين ضربه هذا الرجل فيقول لهم الإمام: لا تأذوه ولا تعتدوا عليه بل "أطعمه مما تأكل واسقهِ مما تشرب، ولا تقيّد له قدماً، ولا تغلَّ له يداً ، فإن أنا متّ فإقتصّ منه بأن تقتله، وتضربهُ ضربة واحدة، ولا تحرقه بالنار ولا تمثّل بالرّجل فإنّي سمعت جدّك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول إيّاكم والمثلى ولو بالكلب العقور".

عدالة الإسلام يجسدها أميرالمؤمنين علي لا داعش وطالبان وأمثالهما
هذا هو الإسلام وهذه عدالة الإسلام التي يجسّدها علي بن أبي طالب عليه السلام. هذا هو الإسلام، وليس الإسلام الذي نراه في السعودية ورأيناه في أفغانستان لدى طالبان. والآن تُرينى إياه داعش وأمثال داعش وأخوات داعش من ذبح وقتل وتقطيع أيدي وأرجل وتمثيل وحرق أجساد ... سلوك هؤلاء ما هي علاقته بالإسلام! أصلاً ما هي علاقته بالعقل والإنسانية والبشر والقيم البشرية فضلاً عن القيم الدينية؟! لكن للأسف الشديد اليوم يُحمّل هذا للإسلام؛ وخصوصاً أن هؤلاء يحاولون أن يأتوا بحديث من هنا وقصة تاريخية من هناك وأحياناً يستدلّون بمن عمله ليس بحجّة فيقولون لك: أن فلان في صدر الإسلام جاء بفلان وقتله وقطع رأسه ووضعه بإناء الطبخ وطبخه و... هل هذا يعني أنه حجّة إلهية أو دليل شرعي؟!

اليوم نحن نحتاج أن تقّدم نموذجاً. وهذا نموذج حي وليس كلام أرسطو وأفلاطون. نحن نتكلّم عن إمام وخليفة المسلمين مسجى وبعد ساعات سيموت وقد ضُرب بالسّيف وهو يقول: أن هذا القانل الموجوج بالسّجن لا يقيّدوا يديه ولا رجليه وأطعموه وأشربوهوولا تأذوه. وإذا أنا قُتلت فإقتصّوا منه بضربة واحدة ولا تحرقوه ولا تمثّلوا به ولا تذبحوه ولا تقطعوا يديه أو رجليه.

لنبذ عادة الأخذ بالثأر
هذا هو الإسلام وهذه عدالة الإسلام. هناك شيء آخر، هو أنه "إقتلوا قاتلي". هذا الذي قاله الأمير لبني عبد المطّلب. وهنا نأتي للعشائر والقبائل والعائلات وبعض الناس الذين لديهم عادات. وعندما نتكلّم عن العشائر فهم لديهم عادات جيدة جداً. حتى لا أحد يأخذ المعنى السلبي فهناك عادات جيدة جداً: مثل إيواء المظلوم والضعيف، الحميّة، الغيرة، النصرة، إكرام الضيف، الشجاعة .. هذه كلها موجودة عند العشائر. لكن للأسف هناك عادات سيئة أيضاً ومنها الأخذ بالثّأر. يعني إذا أحدهم قتل والدك أو إبنك أو أحد من أقاربك ما علاقة أبوه وأمه وأخوه وعمه وجدّه وعائلته وعشيرته؟ وقد يكون هو أصلاً، من هذه العائلة أو العشيرة بالإسم وليس لديه علم وليس له أية صلة بالأمر ولا هو راضٍ. ثمّ يقتلون شمالاً ويميناً.

إسمحوا لي هنا بهذه الليلة الأخيرة أن أقوم بنداء مجدداً وهو نداء لكل المسلمين وكل الناس. ولكن ـ خصوصاً ـ للعشائر الذين يقولون نحن من شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام: يا إخواننا يا أهلنا يا أحبائنا، هذا إمامكم علي بن أبي طالب عليه السلام الذي تعتزّون به وتفخرون به وتقسمون على الناس بجاهه فتقولون له: "جوّهت عليكم علي بن أبي طالب"؛ علي بن أبي طالب هذا يقول لا تقتلوا بي إلاّ قاتلي، ولا دخل لأبيه ولا عائلته ولا إخوته ولا عشيرته. وطبعاً ضمن ضوابط وليس بالمطلق ولا يجوز لأحد بسبب أنه قُتل له عزيز أن يذهب ويخوض في دماء الناس ويقتل شمالاً يميناً؛ فقط ليثبت أنه رجل وأنها عشيرة قوية وأنها لم تترك دم إبنها أن يذهب. بل على العكس من ذلك فأنتم بذلك تكونون قد أضعتم دم أبنائكم وأعزائكم. فالتشيّع لعلي بن أبي طالب عليه السلام هو الإلتزام بوصية علي بن أبي طالب عليه السلام. هذا كان آخر شيء في الوصية ورأينا القضايا الأساسية والمركزية.

هذه الوصية دستورحياة للدنيا والأخرة
وفي الحقيقة هذه الوصية تستحقّ أن تتحوّل إلى دستور للحياة لنركّز على الأولويات والعناصر الأساسية والكبرى التي إذا أصغى لها الإنسان وإلتزم بها هي كافية وجديرة بأن تبني لنا حياةً مختلفة وتأخذنا بالطّريق إلى الآخرة، آخرة المتّقين والمجاهدين والمصلحين والصابرين والمقرّبين من الله سبحانه وتعالى.

أسأل الله عزوجل أن يوفّقنا جميعاً للإلتزام بهذه المعاني وبهذه الوصايا العظيمة وأن يوفقنا ويمدّ بأعمار الجميع لإتمام ليالي وأيام شهر رمضان المبارك. وأن يتقبّل من الجميع صيامهم وقيامهم وأن يجعله مفيداً ومثمراً لهم في الدنيا وفي الآخرة. وأن يجعل هذا العيد المقبل عيداً للبركة والخير والنصر والصبر في هذه الأيام المليئة بالمحن والمصائب والصعوبات. وكل عام وأنتم بخير. وتقبّل الله تعالى منكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

2018-01-17