يتم التحميل...

كربلاء ووضوح الهدف والطريق

محطات من محرم الحرام

إنّ "الاسترجاع" وهو عبارة: "إنّا لله وإنّا إليه راجعون" التي تقال عند السماع بخبر موت أو شهادة أحدٍ ما، وتقال عند كلّ مصيبة، كانت في منطق الإمام الحسين عليه السلام

عدد الزوار: 122

إنّ "الاسترجاع" وهو عبارة: "إنّا لله وإنّا إليه راجعون" التي تقال عند السماع بخبر موت أو شهادة أحدٍ ما، وتقال عند كلّ مصيبة، كانت في منطق الإمام الحسين عليه السلام - فضلاً عن بعدها المعروف- تذكيراً بالحكمة العالية للوجود والحياة والمصير: "منه وإليه"، وكثيراً ما كان ينطق بها الإمام عليه السلام أثناء مسيره منذ خروجه من المدينة حتّى ساعة استشهاده، كيما تكون هذه العقيدة هي الموجّه لكلّ تصميم وعمل.

لقد استرجع الإمام مراراً في منزل الثعلبيّة بعد أن سمع بخبر شهادة مسلم وهاني1، وفي نفس هذا المنزل أيضاً كان الإمام عليه السلام في وقت الظهيرة قد وضع رأسه فرقد، ثمّ استيقظ " فقال: قد رأيتُ هاتفاً يقول: أنتم تسرعون، والمنايا تسرع بكم إلى الجنة.

فقال له ابنه عليُّ: يا أبه! أفلسنا على الحقّ؟

فقال: بلى يا بنيّ والذي إليه مرجع العباد.

فقال: يا أبه! إذن لا نبالي بالموت!

فقال له الحسين عليه السلام:جزاك الله يا بنيّ خير ما جزى ولداً عن والد..."
2.

كان تذكيره المتواصل على طول الطريق بحقيقة الارتباط بالله تبارك وتعالى، وبالرجوع إليه، وتأكيده المستمرّ عليها، من أجل إعداد أصحابه إعداداً روحيّاً عالياً للتضحية الكبرى في سبيل العقيدة، ذلك لأنّ المقاتل لا يستطيع بدون العقائد الصافية الواضحة أن يبقى إلى النهاية مقاوماً صلباً لا يكلُّ في دفاعه عن الحقّ.

لقد كان "اليقين" يتجلّى في معسكر الحسين عليه السلام في "الموضوع"، أي المعرفة الواضحة بالهدف وبالطريق وبالظروف، ويتجلّى كذلك في "الحكم"، يعني كون التكليف هو الجهاد والاستشهاد، وأنّ ذلك في صالح الإسلام في تلك الظروف، كما تجلّى أيضاً في الإيمان ب-"الله" و"اليوم الآخر"، هذا الإيمان الذي هو الباعث الأساس للإقدام في ميدان الفداء والتضحية، نقرأ هذه الحقيقة في مضامين الرجز الذي أنشده وهب بن عبد الله في نزلته الثانية إلى الميدان، حيث كان يعرّف نفسه "المؤمن بالرّب"3 و"الموقن بالرّب"4.

* بلاغ عاشوراء – بتصرف يسير


1- مقتل الحسين عليه السلام، للخوارزميّ، ج1، ص328.
2- بحار الأنوار، ج44، ص367.
3- راجع: بحار الأنوار، ج25، ص17.
4- راجع: المناقب لابن شهر آشوب، ج4، ص109 - 110.

2017-09-22