رسالة سماحة الإمام الخامنئي لرئيس الجمهورية الإسلامية بخصوص الاتفاق النووي
رسائل
رسالة سماحة الإمام الخامنئي لرئيس الجمهورية الإسلامية بخصوص الاتفاق النووي
عدد الزوار: 114رسالة سماحة الإمام الخامنئي لرئيس الجمهورية الإسلامية بخصوص الاتفاق النووي (برجام)
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة السيد
روحاني
رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية ورئيس المجلس الأعلى للأمن القومي (دامت
توفيقاته)
بعد السلام والتحية..
الآن وبعد أن اجتاز الاتفاقُ المسمى "برجام"1
القنوات القانونية، بعد بحث ودراسة دقيقة ومسؤولة في مجلس الشورى الإسلامي، واللجنة
الخاصة وسائر اللجان، وكذلك في المجلس الأعلى للأمن القومي، وهو بانتظار إعلان
رأيي؛ فإنّي أرى من اللازم التذكير بنقاط من أجل أن تتوافر لحضرتكم وسائر العاملين
المباشرين وغير المباشرين في هذا الأمر الفرص الكافية لمراعاة وصيانة المصالح
الوطنية والمصالح العليا للبلاد.
1- قبل كلّ شيء أرى من اللازم أن أبدي تقديري لكل العاملين في هذه العملية المليئة
بالتحديات في كل الفترات بمن فيهم: الهيئة المفاوضة الأخيرة التي بذلت كل مساعيها
الممكنة لإيضاح النقاط الإيجابية في العملية، ولتكريس تلك النقاط في الحقيقة، وكذلك
الناقدون الذين ذكّرونا جميعاً بحذاقة جديرة بالثناء بنقاط ضعف العملية، وخصوصاً
رئيس وأعضاء اللجنة الخاصة في مجلس الشورى الإسلامي، وكذلك الأعضاء الأجلاء في
المجلس الأعلى للأمن القومي الذين ملأوا بعض الفراغات بإدراجهم ملاحظاتهم الهامة،
وبالتالي لرئيس ونواب مجلس الشورى الإسلامي الذين صادقوا على المشروع باحتياط وحرص،
عارضين بذلك طريق التنفيذ الصحيح على الحكومة، وكذلك لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون
وكتّاب الصحافة في البلاد الذين عرضوا عموماً، رغم وجود كل هذا الاختلاف في وجهات
النظر، صورة متكاملة لهذا الاتفاق أمام الرأي العام.
هذه المنظومة الكبيرة من العمل والمساعي والتفكير في قضية يعتقد أنها ستكون من
القضايا الباقية والمنطوية على عبر ودروس في مسيرة الجمهورية الإسلامية، جديرة
بالتقدير وباعثة على الرضى والارتياح. لهذا، يمكن القول بثقة إن الأجر الإلهي على
هذا الدور المسؤول سيتضمن إن شاء الله النصر والرحمة والهداية من ذات الباري تعالى،
لأنّ وعد النصرة الإلهية قبال نصرة دين الله لا يُخلف.
2- سماحتكم تعلمون طبعاً، بما لكم من تجربة تمتدّ لعدة عقود من الحضور والمشاركة في
أصل قضايا الجمهورية الإسلامية، أن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية لم تنتهج، لا
في الملف النووي ولا في أي ملف وقضية أخرى، منحى حيال إيران سوى منحى الخصام
والإخلال، ومن المستبعد أن تنتهج سوى هذا النهج في المستقبل أيضاً. فتصريحات رئيس
جمهورية أمريكا في رسالتين بعثهما لي فيما يتعلق بعزوفه عن هدف إسقاط الجمهورية
الإسلامية، سرعان ما تبيّن أنها بخلاف الواقع وذلك من خلال مناصرته للفتن الداخلية
وتقديم المساعدات المالية لمعارضي الجمهورية الإسلامية، كما إنّ تهديداته الصريحة
بالهجوم العسكري - وحتى النووي الذي يمكن أن يشكّل لائحة اتهام مفصلة ضده في
المحاكم الدولية – قد كشفت النقاب عن النية الحقيقية للساسة الأمريكيين. وإنّ
الخبراء السياسيين في العالم والرأي العام للعديد من الشعوب يشخّصون بوضوح أن سبب
هذا الخصام الدائم والمتواصل هو ماهية الجمهورية الإسلامية الإيرانية وهويتها
النابعة من الثورة الإسلامية. كما إنّ الصمود على المواقف الإسلامية الحقة في
معارضة نظام الهيمنة والاستكبار، ومقاومة الأطماع والتطاول على الشعوب الضعيفة،
وفضح دعم أمريكا دكتاتوريات القرون الوسطى وقمع الشعوب المستقلة، والدفاع المتواصل
عن الشعب الفلسطيني ومجموعات المقاومة الوطنية، والنداءات والشعارات المنطقية
والمقبولة عالمياً ضد الكيان الصهيوني الغاصب، تشكل النقاط الأساسية التي جعلت عداء
نظام الولايات المتحدة الأمريكية للجمهورية الإسلامية أمراً لا مندوحة منه بالنسبة
لهم. وسيستمر هذا العداء إلى أن تفرض الجمهورية الإسلامية اليأس عليهم باقتدارها
الداخلي وصمودها.
إنّ سيرة وسلوك الحكومة الأمريكية وأقوالها في الملف النووي ومفاوضاته الطويلة
المملة دلّت على أن ذلك أيضاً حلقة من حلقات سلسلة عدائهم الشديد للجمهورية
الإسلامية. إنّ الخداع الذي مارسوه من خلال ازدواجية تصريحاتهم الأولى عند قبول
إيران بالمفاوضات المباشرة، ونكثهم المتكرر للعهود خلال المفاوضات التي امتدت
لسنتين، ومراعاتهم لمطالب الكيان الصهيوني، ودبلوماسيتهم المتعجرفة بخصوص الحكومات
والمؤسسات الأوروبية المعنية بالمفاوضات، كل ذلك يدل على أن الدخول المخادع لأمريكا
في المفاوضات النووية لم يكن بنية حلّ عادل، بل بغرض تحقيق أهدافها العدائية حيال
الجمهورية الإسلامية.
لا شك في أن الحفاظ على الوعي حيال النيات العدائية للحكومة الأمريكية، وما نجم عنه
من ثبات أبداه مسؤولو الجمهورية الإسلامية طوال مسار المفاوضات، قد حال في موارد
متعددة دون وقوع أضرار جسيمة.
مع ذلك فإن حصيلة المفاوضات التي تمخّضت وظهرت على شكل "برجام" تعاني من نقاط غموض
وضعف بنيوية، ونقاط عديدة إذا لم تولَ العناية والمراقبة الدقيقة لحظة بلحظة فيمكن
أن تلحق أضرارًا كبيرة بحاضر البلاد ومستقبلها.
3- تتضمن البنود التسعة للقانون الأخير لمجلس الشورى الإسلامي، والملاحظات العشر
الملحقة بقرار المجلس الأعلى للأمن القومي، نقاطاً مفيدة ومؤثرة يجب مراعاتها، ومع
ذلك توجد نقاط أخرى ضرورية يعلن عنها مع التأكيد على بعض ما ورد في تلكم الوثيقتين:
أولاً: حيث إن قبول المفاوضات من قبل إيران كان أساساً بهدف رفع الحظر الاقتصادي
والمالي الظالم، وقد أرجئ تنفيذه في "برجام" إلى ما بعد الخطوات التي ستتخذها
إيران، من اللازم توفير ضمانات قوية وكافية للحيلولة دون مخالفة الأطراف المقابلة،
منها الإعلان المكتوب لرئيس جمهورية أمريكا والاتحاد الأوروبي عن إلغاء الحظر. ويجب
أن يتم التصريح في إعلان الاتحاد الأوروبي وإعلان رئيس جمهورية أمريكا أن هذا الحظر
سيرفع تماماً. وإنّ أي تصريح ببقاء نيّة الحظر يعدّ بمنزلة نقض لـ"برجام".
ثانياً: إذا ما تمّ خلال فترة الثمانية أعوام، وضع أي حظر على أي مستوى وبأي ذريعة
(بما في ذلك ذرائع تكرارية وملفقة تخص الإرهاب وحقوق الإنسان) من قبل أي بلد من
بلدان الجانب الآخر في المفاوضات، سيعتبر نقضاً لـ"برجام"، ومن واجب الحكومة طبقاً
للبند 3 من قرار مجلس الشورى الإسلامي القيام بالإجراءات اللازمة وإيقاف نشاطات
"برجام".
ثالثاً: الخطوات المتعلقة بما ورد في البندين التاليين؛ لا تبدأ إلا إذا أعلنت
الوكالة الدولية للطاقة الذرية اختتام ملف موضوعات الحاضر والماضي. (pmd)
رابعًا: لا يبدأ العمل على تجديد معمل أراك، مع الحفاظ على هويته للماء الثقيل، إلا
بعد إبرام عقد حاسم وموثوق بشأن المشروع البديل والحصول على ضمانة كافية لتنفيذه.
خامساً: لا تبدأ مقايضة اليورانيوم المخصب الموجود بالكعكة الصفراء مع حكومة خارجية
إلا بعد إبرام عقد موثوق بهذا الشأن إلى جانب وجود ضمانات كافية. إنّ التعامل
والتبادل المذكور يجب أن يكون تدريجياً وعلى شكل دفعات متعددة.
سادساً: طبقاً لقرار مجلس الشورى الإسلامي، ينظم المشروع والتمهيدات اللازمة
للتنمية المتوسطة الأمد لصناعة الطاقة النووية، والتي تشمل أسلوب التقدم في المراحل
المختلفة، على أن يكون من الآن إلى 15 سنة وينتهي بـ 190 ألف سو، ويدرس بدقة في
المجلس الأعلى للأمن القومي. ينبغي أن يبدّد هذا المشروع أي هواجس ناجمة عن بعض
الأمور في ملحقات "برجام".
سابعاً: يجب أن تنظم مؤسسة الطاقة النووية البحثَ العلميَّ والتنمية بأبعادهما
المختلفة على مستوى التنفيذ بالشكل الذي لا يكون هناك في نهاية فترة الأعوام
الثمانية أي نقص تقني للعمل بالتخصيب المقبول في "برجام".
ثامناً: يجب التنبه إلى أنه في حالات الغموض في وثيقة "برجام" لا يُقبل تفسير الطرف
المقابل، إنما تكون المرجعية لنص المفاوضات.
تاسعاً: إنّ وجود تعقيدات وغموض في نص "برجام"، واحتمال نكث العهود والمخالفات
والمخادعات من الطرف المقابل وخصوصاً أمريكا، يوجب تشكيل هيئة قوية وواعية وفطنة
لرصد تقدم الأعمال وأداء الطرف المقابل لالتزاماته وتعهداته وتحقق ما تم التصريح به
أعلاه. يجب أن تحدّد تركيبة ووظائف هذه الهيئة ويصادق عليها في المجلس الأعلى للأمن
القومي.
بالنظر لما تم ذكره، تُعلن الموافقة على قرار المجلس الأعلى للأمن القومي في جلسته
634 بتاريخ 19/5/94 بمراعاة النقاط المذكورة.
ختاماً، كما ذكرتُ لحضرتكم وسائر المسؤولين الحكوميين في جلسات متعددة، وكما
لَفَتُّ في جلسات عامة مع شعبنا العزيز، فإن رفع الحظر مع أنه عملية لازمة من باب
رفع الظلم وإحقاق حقوق الشعب الإيراني، إلا أنّ الانفراج الاقتصادي وتحسّن المعيشة
ورفع المعضلات الحالية غير متاح إلا بالاهتمام الجادّ والمتابعة الشاملة للاقتصاد
المقاوم. على أمل أن تكون هناك مراقبة لمتابعة هذا الهدف بكلّ جد، وأن يكون هناك
على الخصوص اهتمام بتعزيز الإنتاج الوطني، وأن تحذروا من أن ينتهي الوضع بعد رفع
الحظر إلى حالات استيراد منفلتة، وينبغي خصوصاً وقطعاً اجتناب استيراد أي مواد
استهلاكية من أمريكا.
أسأل الله تعالى التوفيق لحضرتكم وسائر المسؤولين.
1- مختصر لعبارة بالفارسية مفادها: "الاتفاق النووي بين إيران والدول الخمس + واحد".
2017-03-09