كلمة الإمام الخامنئي في أهالي جالوس ونوشهر
2009
لا تسمحوا للأعداء باستغفالكم: ما يغضبهم هو الصواب وخلافه هو الخطأ
عدد الزوار: 147
كلمة
الإمام الخامنئي في أهالي جالوس ونوشهر 07-10-2009
لا تسمحوا للأعداء باستغفالكم: ما يغضبهم هو الصواب وخلافه هو الخطأ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة
والسلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى محمّد وعلى آله الأطيبين الأطهرين
المنتجبين سيّما بقيّة الله في العالمين.
أشكر الله تعالى على أن وفّقني أخيرًا لأكون بين جمعكم -أهالي جالوس ونوشهر
الأودّاء- في هذا اليوم الماطر وأن أقف أمام كلّ هذه المشاعر المخلصة الودودة. لم
أوفّق في زيارتي السابقة لهذه المنطقة للقاء أهالي جالوس عن قرب. لم يسمح لنا المطر
في ذلك اليوم، لم يسمح للناس بالتجمّع ولا لي بأن آتي لزيارتكم ولقائكم. واليوم
أيضًا مع أنّ الأمطار تهطل، لكن نتمنّى أن نستطيع قضاء هذه الساعة القصيرة معكم.
جالوس محطة لتعبئة الجنود المتوجهين إلى الجبهة
أعرف مدينة جالوس باعتبارها المدينة التي كان معظم الجنود في فترة الدفاع المقدّس
والمتوجّهين من مازندران وكيلان نحو جبهات القتال بين الحق والباطل، كانوا يمرّون
بها. كانت جالوس غالبًا نقطة تعبئة عشرات الآلاف من الجنود نحو الجبهة. والواقع أنّ
هذه المدينة موطئ أقدام أكثر من واحدٍ وعشرين ألف شهيد من كيلان ومازندران.
أهالي مازندران من المدافعين الأشداء عن الثورة والنظام
لقد خاض أهالي مازندران عمومًا تجربة في القضايا المختلفة ذات الصلة بالإسلام
والثورة، خاضوا غمار امتحانات، أعتقد أنّه- في حساب منصف- قلّ نظيرهم فيها. والسبب
هو أنّ حجم العمل الضخم الذي رصده أعداء الأخلاق والإسلام قبل انتصار الثورة وفي
عهد الطاغوت، الموجَّه لهذه المنطقة، كان أكبر من أيّ مكان آخر. وإنّ هؤلاء الذين
دفعهم المناخ الطيّب والمناظر الجميلة النادرة في هذه المحافظة وبحرها وغاباتها نحو
هذه المنطقة والتملّك فيها ووضع أيديهم لم يكونوا يريدون لأهالي هذه المحافظة
خصوصًا، ولأهالي هذه المناطق الحسّاسة جدًّا أن يلتزموا بالدين والأخلاق؛ لأنّهم
يعلمون أنّ الدين والأخلاق هما أهمّ العقبات والموانع بوجه التعدّي والظلم
والطغيان. وإنّ المقدار الذي بذلته الأجهزة المتجبّرة في عهد الطاغوت لمحو الدين في
هذه المنطقة ومنطقة كيلان قلّما نجد نظيرًا له في منطقة أخرى من إيران. ولكن رغم
كلّ هذا، نجد أنّ مازندران في عهد الثورة كانت رائدةً سبّاقة. أيّ إيمان هذا، وأيّ
قدرة على الإخلاص والتديّن تنبع من قلوب الناس، فيعلنون أنفسهم جنودًا للدين رغم
كلّ ذلك التخريب. هكذا كان الحال في الثورة، وهكذا كان في الحرب المفروضة، وفي
أحداث ما بعد الحرب وإلى اليوم، أينما كانت القضيّة قضيّة الإسلام والدين والثورة
والجمهوريّة الإسلاميّة والنظام الإسلامي، كان أهالي مازندران من المدافعين
الأشدّاء عن جبهة الحق. لقد قدّم أهالي جالوس ونوشهر الأعزّاء نحو ألف شهيد.
هذا شيء مسجّل في الهويّة المعنويّة والإنسانيّة والإسلاميّة لهؤلاء الأهالي. هذه
من المحطّات المضيئة التي ترسم مسيرة الشعب والمجتمع. واليوم أيضًا، فإنّ مودّتكم
تحت هذه الأمطار، واجتماعكم الحماسي في هذه الساحة يعبّر عن جانب من النور الذي في
قلوبكم. يجب عليَّ أن لا أضايقكم كثيرًا في مثل هذا المناخ. أغتنم هذا اللقاء وأذكر
نقطةً عن مازندران، ونقطةً أخرى حول قضايا البلد والثورة العامة.
لاستثمار ثروات المحافظة بما لا يضعف الأخلاق والدين
إنّ هناك ثروتين وفرصتين كبريين لهذه المحافظة هما البحر والغابات: إنّهما مصدران
هائلان للثروة لأهالي هذه المحافظة ولعموم البلاد. ينبغي المحافظة على هاتين
الثروتين العظميين وهاتين الفرصتين الكبيرتين بشكل صحيح واستثمارهما أيضًا بشكل
صحيح. هذه هي توصيتي لمسؤولي البلاد: هذه الغابات هي ملك للشعب، وهذا البحر هو ملك
للشعب، وإنّ مسؤولي الحكومة يتولّون تنظيم وإدارة شؤون الشعب والعمل في البلاد؛
عليهم توخّي الدقّة والحذر. يجب أن يُصار إلى الاستثمار الأمثل والاقتصادي والصحيح
والحيلولة دون مختلف أشكال استغلال الغابة أو البحر بنحو من الأنحاء -حيث إنّ
الاستغلال يطال الغابة أكثر- وهذا هو واجب مسؤولي البلاد. أن تبادر الأيدي الطامعة
واللاهثون وراء المصالح الشخصيّة بعناوين متنوّعة لتفريغ هذه الثروة الوطنيّة في
جيوبهم، فهذا أمر غير مقبول. هذه المنطقة عمومًا وهذه المدينة المحاذية للطريق بين
جالوس وطهران وهذه المناطق الجميلة الطيّبة المناخ حول هذه المنطقة كلّها نعم
إلهيّة، وينبغي الاستفادة من هذه النعم، ولكن بشكل صحيح. ينبغي الانتفاع منها ولكن
بمراعاة الحرمات الإلهيّة، يجب الانتفاع منها ولكن إلى جانب احترام القيم والدين
والأخلاق التي يتحلّى بها الأهالي؛ هذه القيم التي حافظوا عليها سنين طوالًا في
الميادين العصيبة.
يجب التنبّه لكي لا يؤدّي استخدام الغابات والاستفادة من البحر ومن المناظر الجميلة
إلى خدش أخلاق الناس وتضعيف دينهم. كما يجب أن يستفاد من هذه المواهب بحيث لا يبقى
للفقر معنى في هذه المحافظة. هذه من الواجبات، وهو طبعًا واجب يتطلّب تعاونكم. على
الناس أن يعملوا الثقافة في مازندران، خصوصًا في المناطق القريبة جدًّا من الساحل
والغابات. يجب أن يطالبوا بأن تعمل الأجهزة الحكوميّة لهم ولصالحهم ليستطيعوا
الحفاظ على دينهم وأخلاقهم، وكذلك على مصالحهم. لا بدّ من تعاون وثيق وارتباط عميق
بين الحكومة والشعب في هذه الأمور.
مازندران سند الجهاد والقيم الإسلامية ماضيا وحاضرا
اعلموا يا أهالي مازندران وأنتم تعلمون أنّ قوى بني أميّة وبني العبّاس لم تستطع
أبدًا في القرون الإسلاميّة الأولى وبما لديها من جيوش جرّارة التغلّب على هذه
المنطقة الشماليّة من البلاد (منطقة طبرستان). إنّ كلّ جيوش بني أميّة وبني العبّاس
التي زحفت نحو هذه المناطق والتي فتحت باقي أقاليم هذه البلاد وفتحت بلاد الروم، لم
تستطع فتح مازندران. وقد مكّنت سلسلة جبال البرز هذه الناس هنا كحصن منيع، من
المقاومة أمام جيوش بني أميّة وبني العبّاس فلم تستطع الانتصار على مازندران. إنّما
فتحت مازندران على يد أبناء آل محمد المظلومين. وقد استطاع الأبناء المظلومون
والمشرّدون من ذريّة الإمام السجّاد، والإمام الباقر، والإمام الصادق (عليهم
السلام) والذين هربوا من خلفاء زمانهم السفّاحين الفتّاكين، استطاعوا الوصول إلى
هذه المنطقة بصعوبة. وحينما وصلوا فتح أهالي مازندران وكيلان أذرعهم لهم واحتضنوا
أبناء الرسول (ص) وأسلموا على أيديهم. لذلك كانت هذه المنطقة الشماليّة من البلاد
تابعة لمذهب الإمام علي ومذهب التشيّع منذ اللحظة الأولى لدخولها في الإسلام. هذا
عن الماضي التاريخي لهذه المنطقة. لقد كانوا دومًا سندًا قويًّا للقيم الإسلاميّة،
وللجهاد في سبيل الله، ولحملة رايات مواجهة الظلم والجور. واليوم هم كذلك أيضًا،
ولا بدّ من احترام هذه القيم، وهذا الإيمان، وهذه الأخلاق العميقة المتبقيّة عن
قرون طويلة من الزمن.
البصيرة بوصلة المسير
وهناك نقطة حول القضايا العامة للبلاد والثورة. لاحظوا أيّها الإخوّة والأخوات
الأعزّاء: يقول الله تعالى لرسوله في الفترة المكيّة الصعبة:
«قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني»1.
النبي نفسه يسير على بصيرة، وكذلك أتباعه وأنصاره والمدافعون عن فكره هم أيضًا على
بصيرة من أمرهم. هذا الأمر يتعلّق بالفترة المكيّة. حينما لم تكن ثمة حكومة بعد،
ولم يكن هناك مجتمع، ولم تكن هناك إدارة صعبة، لكن البصيرة كانت ضروريّة. وفي فترة
المدينة المنوّرة من باب أولى. وما حدا بي طوال السنوات الماضية للتشديد والتأكيد
على البصيرة هو أنّ الشعب إذا كان صاحب بصيرة، والشباب في البلاد إذا كانوا أصحاب
بصيرة ويتحرّكون بوعي ويسيرون بوعي فسوف تكِلُّ جميع سيوف الأعداء أمامهم. هذه هي
البصيرة. إذا توفّرت البصيرة لن تستطيع أغبرة الفتنة تضليلهم وإيقاعهم في الخطأ.
وإذا لم تتوفّر البصيرة فقد يسير الإنسان في الطريق الخطأ حتى لو كانت نيّته حسنة.
إذا لم تكونوا على معرفة بالطريق في جبهات الحرب، وإذا لم تكونوا ممّن يجيدون قراءة
الخرائط، وإذ لم تكن لديكم بوصلة، قد تنظرون فجأة وإذا بكم محاصرين من قبل الأعداء،
لأنّكم سرتم في الطريق الخطأ واستطاع العدو السيطرة عليكم؛ هذه البوصلات هي
البصيرة.
في الحياة الاجتماعيّة المعقّدة اليوم، لا يمكن السير من دون بصيرة. على الشباب أن
يفكّروا ويتأمّلوا ويزيدوا من بصيرتهم. كذلك الأساتذة في الجامعات والحوزات، عليهم
الاهتمام بمسألة البصيرة. البصيرة في الهدف، والبصيرة في الوسيلة، والبصيرة في
معرفة العدو، والبصيرة في معرفة عقبات الطريق، والبصيرة في معرفة سبل الحدّ من هذه
العقبات ورفع الموانع. هذه البصائر كلّها ضروريّة. إذا ما توفّرت البصيرة ستعرفون
من هو عدوّكم وستختارون الأدوات والوسائل اللازمة. تارةً تريدون أن تتمشّوا في
الشارع، ويمكن للمرء أن يتمشّى في الشارع بملابس عاديّة وحتى بالنعال. ولكن تارةً
تريدون الذهاب لفتح قمّة دماوند؛ هذه العمليّة تتطلّب طبعًا أدواتها الخاصّة.
البصيرة هي أن تعلموا ماذا تريدون لتعرفوا ما الذي يجب أن تأخذوه معكم.
الحضور الحي للجمهورية الإسلامية في العالم الإسلامي
لقد أطلقت الجمهوريّة الإسلاميّة كلامًا جديدًا على مسرح السياسة العالميّة. لا
يزال هذا الكلام الجديد اليوم بعد مرور ثلاثين سنة جديدًا وجذّابًا في الثقافة
السياسيّة العالميّة. لذلك ترون أنّ الشعوب تهتم بالجمهوريّة الإسلاميّة وتحبّها.
حينما تقام انتخاباتكم بمشاركة 85 بالمئة من الشعب، يفرح الناس في المناطق المختلفة
وفي البلدان المختلفة ويُسرّ محبّو الجمهوريّة الإسلاميّة، ويرفعون الشعارات،
ويروّجون لهذا الأمر. لدينا اطّلاع على هذه الحالة عبر قنوات عديدة.
حينما يريد العدو تخريب هذه الانتخابات وهذه المشاركة العظيمة وهذا الانتصار
السياسي الكبير، يبادر إلى بثّ الإشاعات وتوجيه التهم وخلق الاضطرابات في مناطق
البلاد، ونرى أنّ محبّي الجمهوريّة الإسلاميّة يقلقون لذلك، والشعوب تقلق لذلك، في
لبنان، وفي باكستان، وفي أفغانستان، وفي مناطق متعدّدة، أينما كان هناك شيعة،
وأينما كان هناك مسلمون مخلصون، تراهم يقلقون لوضع البلاد. هذا دليل الحضور الحي
للجمهوريّة الإسلاميّة في العالم الإسلامي.
عداء قوى الهيمنة العالمية لا يؤثر على صمود الشعب
الإيراني وتقدمه
للجمهوريّة الإسلاميّة بعدان: الجمهوريّة بمعنى الشعب [الشعبيّة]، والإسلاميّة
بمعنى أنّها قائمة على القيم والشريعة الإلهيّة.
الصفة الشعبيّة معناها أنّ الشعب له دور في تشكيل هذا النظام وفي تعيين وتنصيب
مسؤوليه. إذن، الشعب يشعر بالمسؤوليّة. وهم [الناس] ليسوا بمعزل عن هذه الأمور.
النظام نظام شعبي جمهوري بمعنی أنّ مسؤولي النظام من الشعب وقريبون منه، وليس فيهم
نزعات أرستقراطيّة أو بُعد عن الناس، أو عدم اكتراث للناس أو استهانة بهم. لقد جرّب
شعبنا لقرون طويلة طباع الأرستقراطيّة والاستبداد والدكتاتوريّة في الحكّام غير
الشرعيّين في البلاد، و لا يمكن أن يكون عهد الجمهوريّة الإسلاميّة كتلك العهود.
إنّ معنى عهد الجمهوريّة الإسلاميّة معناه عهد سيادة أفراد هم من الشعب ومع الشعب
ومنتخبون من قبل الناس وإلى جانب الناس ولهم سلوك شبيه بسلوك الناس. هذا هو معنى
الجمهوريّة والشعبيّة. الشعبيّة بمعنى الاهتمام بعقائد الشعب، وحيثيّته، وهويّته،
وشخصيّته، وكرامته؛ هذه خصائص الحالة الشعبيّة.
أمّا الإسلاميّة فهي بمعنى أنّ كلّ ما ذكرناه يكتسب رصيدًا معنويًّا2؛
فستُستبعد الحكومات الديمقراطيّة العلمانيّة، والأجنبيّة عن الدين، والمنفصلة عن
الدين، أو المعادية للدين في بعض الأحيان. معنى الإسلاميّة أنّ الناس حين يعملون
لدنياهم إنّما يقومون في الحقيقة بعمل إلهي. الذين يعملون للمجتمع، والذين يعملون
لتمتين أركان النظام، والذين يعملون لتقدّم كلمة النظام والبلاد وإعلاء كلمة النظام
إنّما يعملون لله وعملهم هذا عمل إلهي؛ هذا شيء له قيمة كبيرة. هذه وصفة جديدة، لم
يشهدها العالم من بعد زمن الرسل وما بعد صدر الإسلام وإلى اليوم. هذا ليس بالشيء
القليل. ولهذه الحالة أعداؤها. أعداء هذا النظام المستبدّون في العالم، وكذلك
المهيمنون والمعتدون على حقوق الشعوب هم أعداؤه؛ ينبغي توقّع هذا العداء. لكن هذا
الشعب أثبت أنّ هذه العداوات لا تؤثّر على صموده. منذ ثلاثين عامًا والأعداء
يمارسون عداءهم والشعب الإيراني يقف ويصمد، ونتيجة هذه التحدّيات تقدّمٌ مذهل أحرزه
الشعب الإيراني، وسوف يستمرّ التقدّم بعد اليوم أيضًا3. شكرًا لكم.. إلى
متى سنبقيكم تحت المطر4؟ هذا لطفٌ من عندكم، لا شكّ في هذا، لكنّني جالس
هنا تحت السقف، وأنتم تحت المطر، هذا شيء صعب عليّ.
لا تسمحوا للأعداء باستغفالكم
أقول كلمة واحدة فقط أخاطب بها عموم الناس لا سيّما الشباب منهم، جميع أبناء البلاد
خصوصًا هذه المناطق الحسّاسة: أيّها الشباب الأعزّاء: زيدوا ما استطعتم من بصيرتكم
واسعوا لتعميقها، ولا تسمحوا للأعداء باستغلال ضعف بصيرتنا. يظهر العدو بمظهر
الصديق، ويعرض الحقيقة بشكل الباطل والباطل في لبوس الحقيقة. يعدُّ الإمام علي في
إحدى خطبه أنّ هذه من أهمّ مشكلات المجتمع: «إنّما بدء
وقوع الفتن أهواء تتّبع وأحكام تُبتدع يُخالف فيها كتاب الله»5.
ويقول الإمام علي في هذه الخطبة نفسها لو أنّ الحق ظهر للناس واضحًا جليًّا لما
استطاع أحد التفوّه بشيء ضدّ الحق. ولو ظهر الباطل بشكل واضح لما مال الناس نحوه؛
«ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان».
الذين يريدون إضلال الناس لا يعرضون الباطل خالصًا بل يمزجون الحق بالباطل فتكون
النتيجة: «فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه».
يشتبه الحق حتى على أنصار الحق؛ عندئذ تصبح البصيرة أوّل واجباتنا. يجب أن لا نسمح
بامتزاج الحق والباطل.
في الموقف من الأعداء: ما يغضبهم هو الصواب
اليوم ثمّة صفوف تقف في مواجهة نظام الجمهوريّة الإسلاميّة الذي يمثّل قمّة ثبات
الإسلام في العالم الإسلامي. والاستكبار العالمي، يقف في قلب هذه الصفوف، وكذلك
الصهيونيّة. هؤلاء هم ألدّ أعداء الإسلام صراحة، وعليه، فهم أعداء الجمهوريّة
الإسلاميّة الألدّاء. وهكذا نصل إلى المعيار؛ إذا قمنا بشيء ينتهي لصالح الأعداء،
فعلينا التيقّظ إذا كنّا غافلين، ويجب أن نعلم أنّنا نسير في الطريق الخطأ. إذا
قمنا بعمل وجدنا أنّه يغضب الأعداء فيجب أن نعلم أنّ طريقنا صحيح. العدو يغضب من
تقدّم الشعب الإيراني، ويغضب من نجاحاتكم، ويغضب من تماسك النظام الإسلامي وقوّته.
لاحظوا ما هي الأعمال التي تغضب العدو؛ الشيء الذي يغضب العدو هو الخط الصحيح.
والشيء الذي يُفرح العدو ويثيره فيجعله متّكَأً له في إعلامه وسياسته دائمًا هو
الخط المنحرف والأعوج. خذوا هذه المعايير بعين الاعتبار؛ هذه المعايير هي التي
تُجلي الحقائق. في كثير من الأحيان حينما تقع أخطاء يمكن تصحيحها بواسطة هذه
المعايير.
ولينصرنّ الله من ينصره
يجب التوكّل على الله تعالى والثقة به، وحسن الظن به. لقد وعد الله تعالى:
«ولينصرنّ الله من ينصره»6. الذين
يسيرون في طريق نصرة دين الله، إذا تحرّكوا وعملوا فسوف ينصرهم الله؛ نعم، إذا كنّا
أنصارًا لدين الله ولم نفعل شيئًا بل نمنا في بيوتنا فلن تكون هناك نصرة. ولكن
حينما نتحرّك لنصرة دين الله وقد تكون لذلك تكاليفه، ستكون النصرة يقينيّة. مثلما
انتصر الشعب الإيراني منذ بداية الثورة وإلى اليوم في تحديّات متنوّعة؛ هذه هي
النصرة الإلهيّة. في الحرب المفروضة، وقفت تقريبًا جميع دول العالم المهمّة آنذاك
لمدّة ثمانية أعوام سندًا لعدوّنا وحاربتنا. ساعدته أمريكا وساعده الاتّحاد
السوفياتي، وساعده حلف الناتو، وساعده الجيران عديمي الإنصاف.. حيث أعطوه المال
والإمكانات، ووقفوا جميعهم ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة وكان قصدهم تجزئة إيران وفصل
خوزستان واحتلال الأرض لإظهار الجمهوريّة الإسلاميّة وكأنّها غير كفوءة، وإسقاطها.
لكن الله تعالى صفعهم على وجوههم، ووجّه الشعب الإيراني بصبره وصموده وبصيرته ضربة
للأعداء جعلتهم يتراجعون. هذه الإمكانيّة متاحة لكم على الدوام.
ربّنا، نقسم عليك بمحمّد وآل محمّد، كما أنّ أمطار الرحمة هذه تهطل اليوم على هؤلاء
الأهالي، أمطر علينا جميعًا رحمتك وفضلك وهدايتك. اللهم أحينا دومًا بالإسلام
والقرآن. ربّنا، زد يومًا بعد يوم من عزّة شعب إيران وشموخه واقتداره. ربّنا اشمل
كلّ من يعمل ويسعى ويخدم ويخلص لهذا الشعب بلطفك ورحمتك وعنايتك. اللهم احرم الذين
يسيئون لهذا الشعب ويوجّهون له الضربات، ويصدِّعون وحدته، من لطفك ورحمتك. ربّنا،
اجعلنا عبادًا مخلصين لك، وجندًا حقيقيّين للإسلام. أرضِ عنّا القلب المقدّس للإمام
المهدي. وأرضِ عنّا الروح الطاهرة للإمام الجليل وأرواح الشهداء الطيّبة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1- سورة يوسف، الآية 108.
2- أو: يوجد ذخيرة معنويّة أو دعمًا معنويًّا
3- شعارات الجمهور: أيها القائد الحر.. نحن مستعدون مستعدون.
4- شعارات الجمهور: هطلت أمطار الرحمة ، فمرحبًا بقائدنا.
5- نهج البلاغة، الخطبة رقم 50.
6- سورة الحج، الآية 40.