خطبتا صلاة الجمعة - طهران
2009
قوى الاستكبار تستغل "فتنة الإنتخابات الرئاسية" بأمل إسقاط النظام
عدد الزوار: 171
خطبتا صلاة
الجمعة - طهران 19/06/2009
قوى الاستكبار تستغل "فتنة الإنتخابات الرئاسية" بأمل إسقاط النظام
الخطبة الأولى
التقوى
تستدر الرحمة والبركات الإلهية
قال الحكيم في كتابه: {هو الذي أنزل السكينة في قلوب
المؤمنين ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم، ولله جنود السماوات والأرض، وكان الله
عليمًا حكيمًا}1.
أوصي جميع الإخوة والأخوات الأعزّاء وأدعوهم لمراعاة تقوى الله والتوجّه إليه تعالى
وعقد آمال القلوب على الرحمة والفضل الإلهيّين في كلّ الأحوال. إذا انتهجنا تقوى
الله، وإذا وجّهنا قلوبنا نحو الله في كلّ حال، ولم ننس وجودنا ووقوفنا أمام الذات
الربوبيّة المقدّسة- وهذا هو المعنى الحقيقي للتقوى- فلا مراء أنّ البركات والرحمة
والعون الإلهي ستشملنا. في صلاة الجمعة من كلّ أسبوع، يجب على قلوب المصلّين
المتجّهة نحو الله تعالى مراجعة هذه الحقيقة وهذا المعنى المدهش، وتلقين أنفسها
التقوى.
السكينة الروحية تيسر الطريق وتقرب السائرون نحو الأهداف
اقترنت هذه الأيام، من ناحية، بذكرى الولادة السعيدة للصديقة الكبرى فاطمة الزهراء
(سلام الله عليها)، وارتبطت من ناحية أخرى بأيّام شهر رجب المباركة الثمينة؛ أوقات
الذكر، والدعاء والتوجه.
تبشّر الآية التي تلوتها المؤمنين وتذكّرهم بنـزول السكينة الإلهيّة. السكينة هي
الهدوء حيال العواصف الروحيّة والاجتماعيّة المختلفة. ترتبط هذه الآية بحادثة
الحديبيّة. في حادثة الحديبيّة تحرّك الرسول الأكرم (ص) من المدينة إلى مكّة بعدّة
مئات من أصحابه بقصد العمرة - في السنة السادسة من الهجرة - ووقعت أحداثٌ أدّت من
عدّة جهات إلى تزلزل واضطراب في قلوب المؤمنين. فمن جهة حاصرهم الأعداء بقوّات ذات
عددٍ وعدّة، وقد كانوا بعيدين عن المدينة، فالحديبيّة قريبة من مكّة، وكانت قوّات
الأعداء تستند على إمداداتها في مكة فهي قويّة ومدجّجة بالسلاح وعديدها كبير. وكان
هذا الجانب يبعث على الاضطراب والقلق في قلوب كثيرٍ من المؤمنين. من جانبٍ آخر
وطبقًا للسياسة الإلهيّة العظيمة المكتومة التي تجلّت بعد ذلك للجميع تنازل النبي
في بعض الأمور أمام الكفار الذين جاءوا لمواجهته. قال الكفّار يجب حذف كلمة الرحمن
والرحيم وبسم الله من نصّ المعاهدة، فوافق النبيّ؛ ووقعت عدّة مسائل أخرى من هذا
القبيل، فشوّشت القلوب وأوقعت الشكّ والاضطراب فيها.
في مثل هذه الحالات حيث ينتاب الاضطراب المؤمنين بالإسلام؛ سواء من حيث القضايا
الشخصيّة أو من حيث القضايا الاجتماعيّة، هنا يجب انتظار السكينة الإلهيّة. يقول
عزَّ وجلَّ: {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين}.
ربط الله على القلوب ومنحها السكون وأنقذها من الطوفان الروحي فركن المسلمون إلى
الهدوء من الناحية النفسيّة بفضل هذه السكينة التي أنزلها الله عليهم. حينئذ ستكون
نتيجة هذه السكينة الإلهيّة والاستقرار الروحي: {ليزدادوا
إيمانًا مع إيمانهم}. سوف تتعمّق بذور الإيمان في قلوبهم، ويزداد نور
الإيمان سطوعًا في أفئدتهم، و[بالنتيجة] يقوى إيمانهم ويتعمّق أكثر. من هنا كان
مهمًّا جدًّا لدى الجماعة المسلمة المؤمنة أن تُحسن الظنّ بالله وتعلم أنّ الله
يعينها ويعين السائرين في طريق الحق. إذا قويت القلوب ترسّخت الخطوات أيضًا، وحين
تترسّخ الخطوات يسهل طيّ الطريق ويقترب السائرون من الهدف.
أراد أعداء الإسلام دومًا تشويش قلوب المسلمين وزلزلتها. وقعت أحداثٌ عديدة طوال
تاريخ الإسلام. وكذلك قبل الإسلام وفي الحركات الجهاديّة العظيمة للأنبياء الذين
سبقوا نبيّ الإسلام الكريم. استطاع بعض المؤمنين الحفاظ على متانة إيمانهم وسكونهم
الروحي فثبَّت هذا السكونُ الروحيّ حركاتهم ومسيرهم في الاتّجاه الإيمانيّ، فلم
يتزلزلوا ولم يضطربوا ولم يضيّعوا الطريق، فتشخيص الطريق الصواب في حال التشويش
والاضطراب عمليّة صعبة. وإنّ الإنسان المتمتّع بالسكينة [الروحيّة] النفسيّة يفكّر
بطريقةٍ صحيحة ويتّخذ قراره بنحوٍ صائب، ويتحرّك بصورةٍ صحيحة؛ هذه علامات الرحمة
الإلهيّة.
سفينة الثورة الإسلامية حافظت على استقرارها بفضل ذكر
الله
يحتاج مجتمعنا الثوريّ اليوم وشعبنا المؤمن إلى أن يوجد في نفسه هذا الهدوء وهذه
السكينة وهذه الطمأنينة والوقار أكثر فأكثر. {ألا بذكر
الله تطمئن القلوب}2. فذكر الله هو الذي يحفظ القلوب في
الحوادث العاصفة في الحياة. اغتنموا ذكر الله.
اقتربت أيّام شهر رجب كما ذكرنا، وأدعية شهر رجب بحارٌ من المعرفة. حينما يدعو
الإنسان فإنّه لا يقرِّب قلبه من الله وحسب. فهذا موجود، وهناك أيضًا التعليم. ثمّة
تعليم في الدعاء، وفيه أيضًا تزكية. الدعاء ينير الذهن ــ هذه الأدعية المأثورة عن
الأئمّة عليهم السلام- ويعلّمنا حقائق ومعارف نحتاج إليها في حياتنا، ويوجّه القلوب
أيضًا نحو الله. ينبغي اغتنام ذكر الله إلى أقصى حدّ. صلاة جمعتكم هذه هي ذكر لله:
{فاسعوا إلى ذكر الله}3. ما يجب أن
يغلب على قلوبكم وألسنتكم وحركاتكم هنا هو ذكر الله. القلب يذكر الله، واللسان يذكر
اسم الرب المقدس، وحركات الأيدي والأرجل والأجسام تتّجه كلّها إلى ذكر الرب وطاعة
أوامره. هذا ما يحتاجه كلّ فرد منّا.
أقول لكم إنّه منذ بداية الثورة وإلى اليوم - حيث مضت ثلاثون سنة - وقعت لهذا البلد
أحداث كثيرة بعضها كان يمكن أن يستأصل شعبًا أو نظامًا أو يعرّض بلدًا لبحار مضطربة
عاصفة لا يدري كيف يقابلها. وهذا ما نراه في بعض بلداننا الجارة. لكن هذه السفينة
المتينة المستندة إلى إيمانكم، وإرادتكم، وقلوبكم المنيرة، وذكر الله، لم يعترها
أدنى اضطراب في هذه العواصف المختلفة. هذا دليل الرحمة الإلهيّة ومؤشّر فضل الله
المتواتر عليكم أيّها الشعب العزيز.
حذار من الإغترار والغفلة عن ذكر الله
التمتّع بالفضل الإلهيّ شيء والحفاظ على الفضل والرحمة الإلهيّة شيء آخر. حذار من
أن نغترّ بأنفسنا، حذار من أن نقول حين نشاهد يد العون الإلهي:
"إنّنا محظيّون عند الله والله ينظر إلينا"؛
فنغفل بذلك عن واجباتنا، وعن ذكر الله في قلوبنا. وأقول لكم خصوصًا أيّها الشباب
الأعزّاء في كلّ أرجاء البلد وأينما كنتم: أيّها الشباب، اغتنموا هذه القلوب
الطاهرة المنيرة الليّنة واجعلوها تنتهل وترتوي من ذكر الله. اجعلوها طافحة بذكر
الله وعندئذ سيُديم الله تعالى عنايته وفضله ورحمته على هذا الشعب. واعلموا -أقولها
اليوم- حسب ما أرى من هذا الشعب وحسب اطّلاعي على تاريخ الماضين في بلدنا وفي سائر
البلدان، فإنّني واثق وعلى يقين من أنّ هذا الشعب سيبلغ جميع أهدافه العليا بتوفيقٍ
من الله وحول منه وقوة.
اعرفوا قدر هذا الفضاء المعنويّ في المجتمع. وحذارِ أن تغفلنا حالات الهياج السياسي
عن الله. حذارِ أن تغفلنا السجالات المتنوّعة4 في البلد -وهي ظاهرة
طبيعيّة لدى الشعب الحر- فلا نعلم إلى أين نريد السير ولا ندري كيف نريد أن نسير.
قامت هذه الثورة منذ بدايتها على أساس الإيمان النقي الصادق، وستكون مواصلة هذا
الطريق على هذا الأساس نفسه.
إستطاع نظامنا بفضل الروح المعنوية الثبات بوج العواصف
العاتية
رغم وجود كلّ عوامل الانحراف فإنّ شعبنا والحمد لله مؤمن، محبٌّ لله، عارف بدينه،
راغبٌ في المعنويّة. الشباب اليوم في العالم الذي تحكمه النـزعة الماديّة غارقون في
الحيرة والاضطراب. وقد جعلهم بُعدهم عن المعنويّة مشتّتين متزلزلين لا يعلمون ماذا
يجب أن يفعلوا، ووقع مفكّروهم في الحيرة والعجز. وقد أدرك بعضهم أنّ سبيل صلاح
أمورهم هو العودة إلى المعنويّة. ولكن كيف يريدون استعادة المعنويّة المفقودة التي
سحقت في البلدان الغربية طوال قرنين بشتّى الوسائل؟ إنّها ليست بالعمليّة السهلة.
لكنّ شعبنا هكذا، فقد سار في درب المعنويّة العظيم واستطاع بهذه المعنويّة أن ينتصر
في ثورة بهذه العظمة. وتمكّن بفضل المعنويّة تأسيس نظام إسلامي يرتكز إلى المعنويّة
في هذا العالم المادي، ويعزّز أركانه ويصونه إزاء الهجمات والعواصف المختلفة.
استطاع شعبنا أن يخوض حربًا مفروضة مدّة ثمانية أعوام، ويخرج منها شامخًا منتصرًا،
اعتمادًا على هذه المعنوية. ومعظم شبابنا اليوم أيضًا مؤمنون معنويّون. حتى الذين
لا تلوح آثار المعنويّة على سيماهم ظاهريًّا، يلاحظ المرء أنّ قلوبهم تتّجه نحو
الله في المواقع الحسّاسة. قلتُ مرارًا إنّ ليالي القدر وأيّام الاعتكاف ومراسم
صلاة عيد الفطر يحضرها أفراد وأشخاص لم يكن المرء يتصوّر حضورهم، يتوجّهون بقلوبهم
نحو الله.
ربّنا نقسم عليك بالقرآن، نقسم عليك بالقرآن وبأئمّة الهدى (عليهم السلام) والنبي
المكرم (ص): املأ قلوبنا بالمعنويّة أكثر فأكثر. ربّنا لا تقصّر أيدينا عن القرآن
وأهل البيت. اللهم أنزل التقوى والإيمان والسكينة على قلوب هذا الشعب الكبير. اللهم
انصر هذا الشعب المقتدر المظلوم أمام أعدائه. ربّنا أبقِ قلوبنا متوجّهةً إليكَ.
ربّنا اجعل ما نقوله وما نفعله لك وفي سبيلك، واقبله منا. ربّنا بلّغ سلامنا
لوليّكَ وحجّتك وعبدك الصالح سيّدنا بقيّة الله (أرواحنا فداه)، واستجب دعاءه في
حقّنا.
{بسم الله الرحمن الرحيم* والعصر* إنّ الإنسان لفي خسر*
إلّا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحقّ وتواصوا بالصبر}5
الخطبة الثانية:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة
والسلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى محمّد وعلى آله الأطيبين الأطهرين
المنتجبين الهداة المهديّين المعصومين، سيّما عليّ أمير المؤمنين، وحبيبته فاطمة
الزهراء، والحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، وعليّ ابن الحسين، ومحمد بن علي،
وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والخلف القائم المهديّ، صلواتك عليهم أجمعين، وصلّ
على أئمّة المسلمين وحماة المستضعفين وهداة المؤمنين.
أوصيكم عباد الله بتقوى الله.
في هذه الخطبة أيضًا أدعو جميع الإخوة والأخوات الأعزّاء المشاركين في الصلاة
للتقوى والورع.
القضيّة التي سأطرحها في هذه الخطبة هي قضيّة الانتخابات وهي حاليًّا قضيّة الساعة
في بلادنا. أذكر ثلاث نقاط لثلاث فئات: نقطة منها أخاطب بها عموم شعبنا العزيز
أينما كانوا من البلاد، ونقطة أخرى أخاطب بها النخب السياسيّة ومرشّحي رئاسة
الجمهوريّة والناشطين والعاملين في قضايا الانتخابات، والنقطة الثالثة أخاطب بها
ساسة الاستكبار وبعض الحكومات الغربيّة ومسؤولي وسائل الإعلام التي يديرونها.
إنتخابات 22 خرداد شعور عظيم لشعبنا بالمسؤولية
بخصوص النقطة الأولى التي أخاطبكم بها أيّها الشعب العزيز فهي عالم لا متناهٍ من
التكريم والتعظيم والشكر. إنّني لا أحبّ في خطاباتي أن أبالغ حين أتحدّث حول من
يستمعون إليّ، أو أتملّق لهم، لكن في قضيّة الانتخابات هذه أقول لكم أيّها الشعب
العزيز إنّني مهما بالغت فلن يكون ذلك كثيرًا. ولا ضير في ذلك حتى لو كان فيه شيء
من التملّق؛ لقد قمتم بعمل كبير. كانت انتخابات الثاني والعشرين من خرداد استعراضًا
عظيمًا لشعور شعبنا بالمسؤوليّة تجاه مصير البلاد؛ كانت استعراضًا هائلًا لروح
المشاركة في إدارة البلاد؛ كان استعراضًا ضخمًا لحبِّ الجماهير لنظامهم. في الحقيقة
إنّني لا أعرف مثيلًا لهذه الحركة التي شهدتها البلاد اليوم في العالم وفي هذه
الديمقراطيّات المختلفة سواء الديمقراطيّات الظاهريّة والكاذبة أو الديمقراطيّات
التي ترجع حقيقةً إلى أصوات الجماهير. وفي الجمهوريّة الإسلاميّة لم يكن ثمّة نظير
لهذه الانتخابات التي قمتم بها في الجمعة الماضية باستثناء الاستفتاء الذي حصل في
فروردين من سنة 1358ه.ش [1980م] وكانت المشاركة بحدود 85 بالمائة وبما يقرب
الأربعين مليون نسمة. يرى الإنسان اليد المباركة للإمام المهديّ خلف أحداث بهذه
العظمة؛ هذه علامة عناية الله. أرى من الضروري أن أبدي احترامي وتواضعي الحقيقي من
أعماق قلبي لكم أيّها الشعب العزيز في كلّ أنحاء البلاد.
1ــ جيل الشباب أثبت وعيه وحماسه
لقد أثبت جيلنا الشابّ أنّه يتحلّى بالحماس السياسي نفسه، والوعي السياسي نفسه،
والالتزام السياسي نفسه الذي شهدناه لدى الجيل الأول للثورة، مع فارق أنّه في عهد
الثورة كان أتون الثورة الملتهب يهيّج القلوب، ثم كان ذلك الهياج بشكل آخر خلال
فترة الحرب. لكن هذه الأشياء غير موجودة اليوم ومع ذلك لا يزال ذلك الالتزام
والشعور بالمسؤوليّة والحماس والوعي موجودًا في جيلنا الصاعد؛ هذا ليس بالشيء
القليل. طبعًا ثمّة اختلاف في الأذواق والآراء بين النّاس؛ البعض يوافقون شخصًا
وكلامًا، والبعض الآخر يؤيّدون شخصًا آخر وكلامًا آخر. هذه أمور موجودة وطبيعيّة،
بيد أنّ المرء ليشعر بالتزام جماعي بين كافّة الأفراد على اختلاف آرائهم: التزام
جماعي لصيانة بلادهم ونظامهم. الجميع شاركوا في المدن، والقرى، والمدن الكبيرة،
والمدن الصغيرة، والقوميّات المختلفة، والمذاهب المختلفة، والرجال، والنساء،
والشيوخ، والشباب، والجميع خاضوا هذه الساحة وشاركوا كلّهم في هذه الحركة العملاقة.
2ــ تجديد العهد مع الثورة والنظام
لقد كانت هذه الانتخابات يا أعزّائي زلزالًا سياسيًّا لأعدائكم. وكانت احتفالًا
حقيقيًّا لأصدقائكم في كلّ أرجاء العالم. كانت احتفالًا تاريخيًّا. أن يحضر الناس
هكذا وفي السنة الثلاثين من عمر الثورة وأن يُظهروا كلّ هذا الوفاء للنظام والثورة
والإمام الجليل فهذه نهضة شعبيّة عامّة لتجديد العهد مع الإمام والشهداء، وهي
بمثابة الأنفاس الجديدة لنظام الجمهوريّة الإسلاميّة، وحركة جديدة وفرصة كبيرة.
3ــ إختبار ناجح للسيادة الشعبية الدينية
لقد عرضت هذه الانتخابات السيادة الشعبيّة الدينيّة أمام كلّ الملأ في العالم. كلّ
الذين يكنّون السوء لنظام الجمهوريّة الإسلاميّة شاهدوا ما معنى السيادة الشعبيّة
الدينيّة. إنّها طريق ثالث مقابل الدكتاتوريّات والأنظمة المستبدّة من جهة،
والديمقراطيّات البعيدة من المعنويّة والدين من جهةٍ ثانية. هذه هي الديمقراطيّة
الدينيّة. وهذا هو ما يجتذب إليه أفئدة الناس ويدفعهم إلى المشاركة في الميدان. هذا
شيءٌ تمّ اختباره بنجاح؛ هذه نقطة حول الانتخابات.
4 ــ المشاركة في الانتخابات ثقة بالنظام
النقطة الثانية هي أنّ انتخابات الثاني والعشرين من خرداد أثبتت أنّ الناس يعيشون
في هذا البلد بثقةٍ وأمل وبهجةٍ وطنيّة. هذا ردٌّ على كثيرٍ من الكلام الذي يُطلقه
أعداؤكم في إعلامهم المغرِض. لو لم يكن النّاس متفائلين بالمستقبل في بلادهم لما
شاركوا في الانتخابات. لو لم تكن لهم ثقة بنظامهم لما شاركوا في الانتخابات. لو لم
يكن لديهم شعور بالحريّة لما رحّبوا بالانتخابات. لقد تجلّت الثقة بنظام الجمهوريّة
الإسلاميّة في هذه الانتخابات. وسوف أذكر لاحقًا أنّ الأعداء يستهدفون هذه الثقة
الجماهيريّة. يريد أعداء الشعب الإيرانيّ نسف هذه الثقة. هذه الثقة أعظم رأسمال
للجمهوريّة الإسلاميّة، وهم يريدون سلبها منها. يرومون بثّ الشكوك والريب حول هذه
الانتخابات وحول الثقة التي أبداها الناس حتى يضعضعوا هذه الثقة.
يعلم أعداء الشعب الإيرانيّ أنّه لو انعدمت الثقة فسوف تضعف المشاركة، وحينما تضعف
المشاركة في الساحة، تتعرّض شرعيّة النظام للتزلزل، هذا ما يريدونه، هذا هو هدف
العدو. يبغون سلب الثقة ليسلبوا المشاركة، وليسلبوا بالتالي الصفة الشرعيّة عن
الجمهوريّة الإسلاميّة. هذه الخسارة أفدح بكثير من إحراق بنك أو حافلة. إنّها خسارة
لا يمكن مقارنتها بأيّة خسارة أخرى. أن يأتي الشعب ويشارك بكلّ هذا الاندفاع
والحماس في مثل هذه الحركة العظيمة، ثمّ يُقال للشعب لقد أخطأتَ عندما وثقتَ
بالنظام، والنظام لا يمكن الثقة به، فهذا ما يريده العدو.
لقد بدأوا هذا الاتّجاه قبل الانتخابات، قبل شهرين أو ثلاثة. لقد قلت في الأوّل من
فروردين6 في مشهد إنّهم يكرّرون دومًا مقولة أنّه سيحصل تزوير في
الانتخابات؛ أرادوا تمهيد الأرضيّة. وقد نبّهت حينها أصدقاءنا الطيّبين في داخل
البلاد وقلت لهم لا تكرّروا هذا الكلام الذي يريد العدوّ ترسيخه في أذهان الناس.
إنّ نظام الجمهوريّة الإسلاميّة موضع ثقة الشعب؛ ولم تكن هذه الثقة لتحصل بسهولة،
منذ ثلاثين سنة استطاع نظام الجمهوريّة الإسلاميّة بمسؤوليه وأدائه ومساعيه الحثيثة
ترسيخ هذه الثقة في قلوب الناس؛ يريد العدو سلب هذه الثقة وزلزلة الناس.
ب ــ التنافس الرئاسي بين مرشحين ينتمون جميعهم إلى
النظام
النقطة الثالثة: قضيّة التنافس. كانت المنافسة بين المرشّحين حرّة تمامًا وجادّة
وشفّافة؛ وقد شاهد الجميع ذلك. لقد كانت هذه المباريات والحوارات والمناظرات شفّافة
وصريحة إلى درجة أثارت اعتراض بعضهم، وقد كان معهم الحق إلى حدّ ما، حدثت توتّرات
ومماحكات لا نزال نشاهد آثارها إلى الآن. أقول لكم إنّنا افترضنا ولا نزال نفترض
أنّ هذا التنافس القائم بين المرشّحين الأربعة للانتخابات إنّما هو تنافس بين
شخصيّات وتيّارات تنتمي إلى النظام الإسلاميّ. ولا صحّة لما يحاول الأعداء في
وسائلهم الإعلاميّة المختلفة -وغالبًا ما تكون هذه الوسائل الإعلاميّة ملكًا
للصهاينة الخبثاء الأراذل- الإيحاء به من أنّ المعركة بين أتباع النظام ومعارضيه.
إنّهم يرتكبون حماقة إذ يقولون هذا؛ لا صحّة لهذا.
فالأشخاص الأربعة الذين خاضوا ساحة هذه الانتخابات الجادّة كلّهم من عناصر النظام
وكانوا ولا زالوا ينتمون إلى النظام. أحدهم رئيس الجمهوريّة في بلادنا؛ رئيس
الجمهوريّة الخدوم، الدؤوب، الجَهود، الموثوق به. وأحدهم رئيس الوزراء لثمانية
أعوام خلال فترة رئاستي للجمهوريّة. وأحدهم قائد الحرس طوال سنوات متمادية وأحد
أبرز القادة في فترة الدفاع المقدس. وأحدهم كان رئيسًا للسلطة التشريعيّة خلال
دورتين. كان رئيسًا لمجلس الشورى الإسلامي. هؤلاء عناصر النظام وينتمون جميعًا
للنظام. طبعًا يوجد بينهم اختلاف في بعض الآراء والبرامج والتوجّهات السياسيّة،
لكنّهم جميعًا ينتمون للنظام؛ أربعة من شخصيّات النظام. إنّه تنافس داخل النظام
وليس تنافسًا بين داخل النظام وخارجه، كما تريد قوله وإثارته إذاعات الصهاينة
وأمريكا والخبيثة بريطانيا والآخرون. كلّا؛ لقد كان تنافسًا داخل النظام وبين
شخصيّات مرتبطة بالنظام ومنتمية إلى النظام ولديهم جميعًا هذه السوابق. وأنا أعرفهم
عن قرب وأعرف أفكارهم وأذواقهم وخصوصيّاتهم السلوكيّة، وقد عملتُ معهم جميعًا عن
قرب.
طبعًا لستُ أوافق جميع وجهات نظرهم. بعض آرائهم وأعمالهم جديرة بالنقد من وجهة نظري
بلا شك. وأرى بعضهم أنسب من البعض الآخر لخدمة البلاد، لكنّ الانتخاب على عاتق
الشعب ولا تزال. الشعب هو الذي انتخب. لم يُذكر مرادي وتشخيصي للشعب ولم يكن لازمًا
أن يراعيهما. فالشعب نفسه شخّص الأمر حسب معاييره وتحرّك وعمل، فكانت الملايين إلى
هذه الجهة وملايين أُخرى إلى تلك الجهة. إذًا، فالقضيّة قضيّة داخل إطار النظام. أن
يحاولوا تغيير شكل القضيّة فهذا أمر مغرض وخبيث مئة بالمئة. ليست المعركة بين
النظام وخارج النظام، ولا هي بين الثورة وأعداء الثورة؛ الاختلاف هو بين شخصيّاتٍ
داخل إطار النظام.
وإنّ الجماهير التي منحت أصواتها لهؤلاء الأشخاص الأربعة قد صوّتت أيضًا انطلاقًا
من إيمانها بالنظام. وكان تشخيصها أنّ هذا [المرشّح] هو أفضل للنظام وأنّ التزامه
بالنظام أكثر فمنحته أصواتها. منحت الجماهير أصواتها للشخص الذي وجدته أصلح لخدمة
النظام، كما أنّ الجماهير عملت أيضًا داخل إطار النظام.
ج ــ المناظرات بين المتنافسين كان واقعيا وليس إستعراضيا
أمّا هذا التنافس والمناظرات التي كانت ابتكارًا مهمًّا ولافتًا فقد كانت صريحة
جدًا وشفّافة جدًا وجدية للغاية. ولقد صفعت هذه المناظرات الذين كانوا يروّجون من
الخارج ويقولون إنّ هذا التنافس استعراضي ظاهري وليس واقعيًّا. فقد وجدوا أنّه
واقعيٌّ. وقف المرشّحون بجدٍّ أمام بعضهم وتناقشوا وقدموا أدلّتهم. لذلك كانت
المناظرات والحوارات إيجابيّة جدًّا من هذه الناحية. طبعًا كان لها آثار إيجابيّة
ولها عيوبها أيضًا. وسوف أتطرّقُ إلى الجانبَين.
1 ــ الجانب الإيجابي في المناظرات
الجانب الإيجابيّ [فيها]، هو أنّ الجميع تحدّثَ بكلّ حريّة ووضوح، وتحدّثوا بما في
قلوبهم. وقد أحدث ذلك سيلًا من الانتقادات واضطّر الجميع إلى تقديم الإجابات وتحمّل
المسؤوليّة. تمّ توجيه النقد إليهم وقدّموا هم الإجابات ودافعوا عن أنفسهم. تجلّت
مواقف الأفراد والفئات أمام أنظار الناس دون غموض، ودون تعقيد، وبوضوحٍ تامّ. فقد
تجلّت أمام أنظار الشعب ماهيّة سياساتهم وبرامجهم والتزاماتهم وماهيّة حدودها،
واستطاع الشعب إصدار حكمه. شعر الشعب أنّه ليس غريبًا في النظام الإسلاميّ، وليس في
نظام البلاد جناحٌ داخليّ وآخر خارجيّ. كلّ شيء واضح أمام الجماهير وكلّ الآراء
مطروحة أمام النّاس، وقد تبيّن أنّ أصوات الشعب جاءت نتيجة هذه الدقة. لم تكن أصوات
الشعب للزينة. حقّ الانتخاب من حقوق الشعب حقًّا، فالشعب يروم الانتخاب بوعيٍ
ويقظة. هذا ما أثبتته المناظرات. ولا شكّ أنّ من أسباب ارتفاع مستوى التصويت بعشرة
ملايين صوت مقارنةً إلى آخر نصابٍ في الدورات السابقة هو إشراك عقول الناس وأفكارهم
ومجيئها إلى الساحة، حيث استطاعوا التشخيص وخوض الميدان. وقد انسحبت هذه المناظرات
إلى الشوارع ودخلت إلى البيوت وهذا ما يرفع قدرة الجماهير على الانتخاب. مثل هذه
النقاشات والحوارات تنمّي الأذهان وترفع القدرة على الانتخاب؛ هذا شيءٌ إيجابيّ من
وجهة نظر الجمهوريّة الإسلاميّة.
طبعًا يجب أن أقول هنا إنّ هذه الحوارات ينبغي أن لا تصل إلى حدودٍ تتحوّل معها إلى
أحقادٍ وضغائن. إذا حصل هذا فستكون النتائج عكسيّة. إذا بقيت عند الحد الذي كانت
عليه يومذاك فهذا شيء جيّد. أمّا إذا أريد لها أن تتمدّد وتستمرّ وتتحوّل إلى جدل
فسوف تصبح تدريجيًّا أحقادًا. طبعًا من المناسب جدًّا أن تستمرّ مثل هذه المناظرات
على مستوى المسؤولين، مع حذف تلك العيوب التي سأشير لها لاحقًا؛ فيعرض الأفراد
والمسؤولون أنفسهم للنقد ويتحمّلون المسؤوليّة ويوضّحون الأمور ويقدّمون الإجابات.
في كثيرٍ من الأحيان، عندما يتعرّض شخصٌ معيّن للنقد، فسيكون ذلك فرصة له يستطيع من
خلالها تنوير الأذهان وتبيين الحقيقة. إنّه لشيءٌ ايجابيّ جدًّا طبعًا مع إقصاء تلك
العيوب التي سأذكرها. إذا استمرّت مثل هذه المناظرات طوال السنة وطوال السنوات
الأربع، فلن تظهر حالة صداميّة في أيام الانتخابات. سوف تطرح الآراء جميعها على
امتداد الزمن، وتُسمع الانتقادات والإجابات. هذه إيجابيّات المناظرات، لكنّها انطوت
أيضًا على عيوبٍ ينبغي تلافيها.
2 ــ عيوب رافقت المناظرات: الطرفان اشتركا في الإهانات
يلاحظ المرء أحيانًا أنّ الجانب المنطقي في هذه المناظرات كان يؤول إلى الضعف،
وتكتسب طابعًا عاطفيًّا وعصبيًّا، ويغلب عليها التشويه والتسقيط وتشويه الواقع
القائم حاليًا بشكلٍ متطرّف. ولوحظ فيها أيضًا تشويه الدورات السابقة. كلا الفعلَين
كان سيّئًا. طُرحت اتّهامات لم تثبت في مكان ما، وتمّ الاعتماد على شائعات وأحكام
غير منصفة أحيانًا. حصل عدم إنصاف تجاه هذه الحكومة بكلّ هذا الحجم من الخدمات،
وعدم إنصاف تجاه الحكومات السابقة وفترة الثلاثين سنة. إنتابت السادة أحوال عاطفيّة
وقيلت في ثنايا الكلام الجيّد كلمات لم تكن جيّدة.
جلستُ أمام التلفاز كباقي أفراد الشعب وشاهدت هذه المناظرات واستمتعت بحريّة
التعبير عن الرأي. وقد سُررتُ وفرحتُ كثيرًا لأنّ نظام الجمهوريّة الإسلاميّة
استطاع قيادة الشعب والسير به ومساعدته ليرفع قدرته على الانتخاب. بيد أنّ الجانب
المعيب من القضيّة بعث على ألمي وعدم ارتياحي. وقد أدّت تلك العيوب والتهجّمات
والتصريحات إلى إثارة أنصار المرشّحين وقلقهم، وكان الأمر من قبل الجانبَين طبعًا.
يجب عليَّ هنا ومن على منبر صلاة الجمعة، وفي الخطبة التي هي بحكم الصلاة أن أبيّن
بعض الحقائق. نعم؛ كِلا الطرفين اشترك مع الأسف في هذا العيب. فمن جانب وُجّهت أصرح
الإهانات إلى رئيس جمهورية البلاد القانونيّ. وحتّى ما قبل المناظرات بشهرين أو
ثلاثة أشهر كانوا يأتونني بهذه الخطابات والكلمات وكنتُ أرى أو أسمع أحيانًا أنّهم
يوجّهون التهم والكلام إلى رئيس جمهوريّة البلاد القانوني المستند إلى أصوات الشعب.
نسبوا إليه أمورًا غير صحيحة، واتّهموا رئيس جمهوريّة البلاد الذي هو محلّ ثقة
الشعب بالكذب. هل هذا حَسِن؟ اصطنعوا قضايا كاذبة وألصقوها بالحكومة ونشروها هنا
وهناك. ونحن ممّن يعرف بمجريات الأمور نرى ونعلم أنّ هذا خلاف الواقع. أطلقوا
الشتائم ووصفوا رئيس الجمهوريّة بأنّه خرافي، ومنجِّم، وما إلى ذلك من الأوصاف
المخجِلة، وداسوا على الأخلاق والقانون والإنصاف.
هذا بالنسبة إلى ذلك الطرف، أمّا من هذا الطرف فقد حصل الأمر ذاته أيضًا، حصل ما
يشبه هذه الأمور بطريقةٍ أخرى. فقد تمّ الاستهانة بسجلّ الثورة المتألّق طوال
ثلاثين سنة، وذكِرَت أسماءُ بعضهم وهم شخصيّات هذا النظام؛ هؤلاء أشخاص بذلوا
أعمارهم في سبيل هذا النظام. إنّني لم أعتَد في صلاة الجمعة وليس من المعروف لديَّ
أبدًا أن أذكر أسماء الأشخاص، ولكن حيث إنّه قد ذُكرت هنا بعضُ الأسماء فأنا مضطرّ
لذكر الأسماء. يجب أن أذكر على الخصوص أسماء السيد هاشمي رفسنجاني والسيد ناطق
نوري. طبعًا لم يتّهم أحد هذين السيدَين بالفساد المالي؛ أمّا بخصوص الأقارب فعلى
كلّ من لديه ادّعاءٌ إثباته بالطرق القانونيّة، ولا يمكن ذكره في وسائل الإعلام قبل
إثباته. وإذا لم يتم إثبات شيء فلا فرق بين أفراد المجتمع، ولكن لا يمكن طرح هذه
الأمور والقطع بها قبل الإثبات. حينما يُطرحُ مثلُ هذا الكلام تُعرَض على النّاس
والمجتمع تصوّرات وأفكار غير صائبة ويظنّ الشباب ظنونًا أخرى ويفهمون أشياء أخرى.
السيد هاشمي كان في خدمة الثورة والنظام على الدوام
الكلّ يعرف السيد هاشميّ. ومعرفتي به لا تعود إلى ما بعد الثورة ومسؤوليّات ما بعد
الثورة. إنّني أعرفه عن قرب منذ سنة 1336 [1957م] أي منذ 52 عامًا. كان السيد هاشمي
من أبرز شخصيّات النهضة خلال فترة الكفاح والنضال. كان من المناضلين الجادّين
والدؤوبين قبل الثورة، وكان بعد انتصار الثورة من أكثر شخصيّات الجمهوريّة
الإسلاميّة تأثيرًا إلى جانب الإمام. وبعد رحيل الإمام كان إلى جانب القيادة إلى
هذا اليوم. اقترب هذا الرجل عدّة مرات من حافّة الاستشهاد. قبل الثورة كان ينفق
أمواله للثورة ويعطيها للمجاهدين. من المناسب أن يعرف الشباب هذه الأمور. وبعد
الثورة تولّى مسؤوليّات عديدة: كان رئيسًا للجمهوريّة ثمانية أعوام، وكان رئيس
المجلس قبل ذلك. وتولّى مسؤوليّات أخرى بعد ذلك. لم نجد ولا يُذكَر طوال هذه المدّة
أنّه اختصّ أو اكتسَب شيئًا من الثورة. هذه حقائق ينبغي معرفتها. كان في خدمة
الثورة والنظام خلال أكثر الفترات حساسيّة.
بالطبع يوجد اختلاف في وجهات النظر مع السيد هاشمي حول أمور عديدة، وهذا طبيعي. بيد
أنّ الناس يجب أن لا يقعوا في الأوهام ويتصوّروا أشياء أخرى. طبعًا كان بينه وبين
السيّد رئيس الجمهوريّة اختلاف في الآراء منذ انتخابات سنة 84 [2005 م] وإلى حدّ
الآن. وهذا الاختلاف موجود الآن أيضًا، سواء في القضايا الخارجية، أو على صعيد
تطبيق العدالة الاجتماعيّة، أو بخصوص بعض الشؤون الثقافيّة. وإنّ رأي السيّد رئيس
الجمهوريّة أقرب إلى رأيي.
وكذا الحال بالنسبة إلى السيد ناطق نوري. هو أيضًا من شخصيّات الثورة الخدومة وقد
قدّم خدمات عديدة، ولا شك إطلاقًا في حبّه لهذا النظام والثورة.
المناظرات التلفزيونيّة المباشرة جيّدة، ولكن ينبغي تلافي هذه الآفات. وقد ذكّرتُ
حينها - بعد المناظرة- السيد رئيس الجمهوريّة لأني كنتُ أعلمُ أنّه سيستجيب.
وجوب مكافحة الفساد
أمّا بالنسبة إلى مكافحة الفساد المالي فإنّ موقف النظام موقف واضح. وحول القضايا
ذات الصلة بالعدالة الاجتماعيّة فإنّ موقف النظام واضح. ينبغي مكافحة الفساد أينما
كان. أريد أن أقول: لا ندعي عدم وجود فساد مالي واقتصادي في نظامنا، بلى، لو لم يكن
موجودًا لما كتبت قبل سنوات تلك الرسالة ذات المواد الثماني أخاطب بها رؤساء
السلطات الثلاث المحترَمين ولما شدّدت عليها كل هذا التشديد. بلى، يوجد، لكنّني
أروم القول إنّ نظام الجمهوريّة الإسلاميّة اليوم من أنظف النظم السياسيّة
والاجتماعيّة في العالم. أن نتّهم النظام والبلد بالفساد بناءً على تقرير المصدر
الصهيوني الفلاني فهذا ليس بصحيح البتّة. كما ليس من الصحيح التشكيك اعتباطًا
بالأشخاص والمسؤولين بخصوص الفساد. الفساد المالي من القضايا المهمّة في النظام
الإسلامي وينبغي مكافحته بجد، سواء في السلطة التنفيذيّة، أو السلطة القضائيّة، أو
السلطة التشريعيّة. من واجب الجميع مكافحة هذا الشيء. إذا لم يكافح ولم يجرِ
احتواؤه فسوف ينمو ويتطوّر. كما إنّ كثيرًا من بلدان العالم -هذه البلدان الغربيّة
التي تتشدّق بمكافحة الفساد المالي وغسل الأموال وما إلى ذلك- غارقة في الفساد إلى
رقبتها. سمعتم هذه الأيام قضيّة الحكومة البريطانية والبرلمان البريطاني وعلم بها
العالم كلّه. هذا جانب من الأمور، والحقيقة أكبر من هذا بكثير.
لألخّص هذا الجزء الذي خاطبت به الجماهير..
أربعون مليون صوت للثورة
يا أعزائي، أيّها الشعب الإيراني، كان الثاني والعشرون من خرداد ملحمة7،
وقد غدت هذه الملحمة تاريخيّة عالميّة؛ مع أنّ بعض أعدائنا في أنحاء العالم أرادوا
التشكيك في هذا الانتصار المطلق الحتميّ للنظام؛ بل أراد بعضهم تبديله إلى هزيمة
وطنية. أرادوا أن يذيقوكم المرارة ولا يسمحوا أن يتسجّل النسبة الأعلى للمشاركة
العالميّة باسمكم. أرادوا فعل هذا لكنّها تسجّلت باسمكم، ولا يمكن التلاعب بها.
لقد انتهى التنافس. كل الذين صوّتوا لهؤلاء الأشخاص الأربعة مأجورون. لهم أجرهم عند
الله إن شاء الله. كلّهم ينتمون إلى داخل جبهة الثورة والنظام. وإذا كانوا قد
صوّتوا بقصد القربة فقد قاموا بعملٍ عبادي. إنّ لخط الثورة أربعين مليون صوت، وليس
أربعة وعشرون مليون ونصف مليون صوت، أعطوا رئيس الجمهوريّة المنتخب. أربعون مليونًا
منحوا أصواتهم لخطّ الثورة.
الجمهوريّة الإسلاميّة لا تخون أصوات الشعب
الشعب واثقٌ من نفسه، ولكن ليكن بعض أنصار المرشحين أيضًا على ثقة أنّ الجمهوريّة
الإسلاميّة لم تكن لتخون أصوات الشعب. لا تسمح الآليّات القانونيّة للانتخابات في
بلادنا بالتلاعب. هذا ما يؤيّده كلّ من يعمل في شؤون الانتخابات ويعرف قضاياها؛
خصوصًا على مستوى فارق مقداره أحد عشر مليون صوت! تارة يكون الفارق بين مرشّحين مئة
ألف أو خمس مئة ألف أو مليون، قد يمكن للإنسان أن يقول أنّه حصل تلاعب أو تغيير
بشكلٍ من الأشكال. ولكن كيف يمكن التلاعب بأحد عشر مليون صوت؟! ومع ذلك، أنا قلت
ومجلس صيانة الدستور يؤيّد أيضًا؛ إنّه إذا كان لدى البعض شكوك وقدّموا وثائق
فينبغي متابعة المسألة بالتأكيد، طبعًا بالطرق القانونيّة. وأن تكون المتابعة
بالطرق القانونيّة فقط. إنّني لن أخضع للبدَع غير القانونيّة. إذا انهارت الأطر
القانونيّة فلن تتمتّع أيّ انتخابات بالمصداقيّة في المستقبل. ففي كلّ انتخابات
هناك من يفوز وهناك من يخسر. لن تكون أيّ انتخابات أخرى موثوقة ومصونة أبدًا. إذًا،
ينبغي متابعة كلّ شيء وإتمام الأمور والأعمال الصحيحة طبقًا للقانون. إذا كانت هناك
شبهة ما حقًا فيجب متابعتها بالطرق القانونية. القانون في هذا المجال صحيح ولا
إشكال فيه أبدًا. فكما أُعطيَ المرشّحون حقّ الإشراف، فقد أُعطوا أيضًا حقّ تقديم
الشكاوى، وحقّ دراسة الموضوع. لقد طلبت من مجلس صيانة الدستور المحترم أنّهم إذا
أرادوا إعادة فرز بعض الصناديق فليفعلوا ذلك بحضور ممثّلي المرشحين أنفسهم. ليكونوا
هم أنفسهم هناك ويفرزوا ويسجّلوا ويوقّعوا. إذًا، لا توجد من هذه الناحية أية
مشكلة. هذا فيما يتعلق بالانتخابات خطابًا لكم أيّها الشعب العزيز.
واجب المسؤولين التحلي باليقظة وعدم الغفلة عن الأعداء
المتربصين
أما خطابي الثاني فهو للسياسيين والمرشّحين وقادة الأحزاب والتيارات السياسيّة.
أريد أن أقول لهؤلاء السادة إنّ هذه اللحظة لحظة تاريخيّة حساسة للبلاد. انظروا إلى
لوضع في العالم، وانظروا إلى الوضع في الشرق الأوسط. انظروا إلى الوضع الاقتصادي في
العالم. لاحظوا واقع البلدان الجارة كالعراق، وأفغانستان، وباكستان. نحن في ظرفٍ
تاريخيٍّ حسّاس. من واجبنا جميعًا أن نتحلّى باليقظة في هذا المقطع التاريخيّ،
ونكون حذِرين ولا نخطئ.
في قضيّة الانتخابات هذه لقد أدّى الشعب واجبه للحقّ والإنصاف، كان واجب النّاس أن
يحضروا عند صناديق الاقتراع وقد تمّ إنجاز هذا الواجب على أفضل وجه. لكن علينا
وعليكم واجبات أثقل. يجب على الذين لهم نوع من المرجعيّة لدى الرأي العام؛ من رجال
السياسة ورؤساء الأحزاب وقادة التيّارات السياسيّة، وهناك من يستمع لكلامهم؛ أن
يدقّقوا في تصرّفاتهم وأقوالهم إلى أقصى درجة. فإذا ما نزعوا شيئًا ما نحو التطرّف
فإنّ امتدادات هذا التطرّف ستسري في كيان الشعب إلى مواطن جِدُّ حسّاسة وخطيرة بحيث
لا يستطيعون حتّى هم أنفسهم تداركها وتطويقها، وقد شاهدنا نماذج لذلك. حينما يظهر
التطرّف في مجتمعٍ ما فإنّ أيّ حركة إفراطيّة وأيّ خطوة متطرّفة ستثير تطرّف الجانب
الآخر. إذا أراد النخبة السياسيّون ضرب القانون عرض الجدار، أو فقأ العيون من أجل
تزيين الحاجب فسيكونون شاءوا أم أبوا مسؤولين عن الدماء والعنف والفوضى. إنّني أوصي
جميع هؤلاء السادة والأصدقاء القدامى والإخوة وأقول: سيطروا على أنفسكم وتحلّوا
بسعة الصدر، ولاحظوا أيدي الأعداء، فالذئاب الجائعة في كمائنها وهي تخلع اليوم
أقنعة الدبلوماسيّة عن وجوهها شيئًا فشيئًا وتعرض وجهها الحقيقي فانظروا إليهم ولا
تغفلوا عنهم.
وجوب العودة للقانون وعدم اللجوء إلى الشارع
لقد خلع اليوم دبلوماسيّون بارزون من بعض البلدان الغربيّة الأقنعة عن وجوههم بعدما
كانوا يتحدّثون معنا بالمجاملات الدبلوماسيّة، وراحوا يعرضون وجوههم الحقيقية.
{قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر}8.
بدأوا يعلنون عداءهم للنظام الإسلامي؛ وأخبثهم الحكومة البريطانية. أقول لهؤلاء
الإخوة9: فكّروا بمسؤوليّتكم أمام الله تعالى؛ إنّكم مسؤولون أمام الله
وسوف تسألون. تذكّروا آخر وصايا الإمام: القانون هو فصل الخطاب، فاعتبروا القانون
فصل الخطاب. لماذا الانتخابات أساسًا؟ إنّها من أجل حلّ جميع الاختلافات وفصلها عند
صناديق الاقتراع. ينبغي لنا معرفة ما يريده الناس وما لا يريدونه عند صناديق
الاقتراع، وليس في الشوارع. إذا تقرّر بعد كل انتخابات أن يعسكر الذين خسروا في
الشوارع ويأتوا بأنصارهم إلى الشوارع، ثم يعسكر الذين فازوا ردًّا عليهم فلماذا
أقيمت الانتخابات؟ وما هو ذنب الناس؟ ما هو ذنب الناس الذين تمثّل الشوارع أماكن
كسبهم وعملهم ومرورهم وحياتهم؟ لأنّنا نريد استعراض أنصارنا، هذا الجانب بشكل وذاك
الجانب بشكل. أيّ شيءٍ أفضل للإرهابيّ المندسّ الذي يريد توجيه ضربة إرهابيّة،
وقضيّته ليست قضيّة سياسيّة، من الاختفاء بين الناس الذين يريدون التظاهر أو
التجمع. إذا وفّرت هذه التجمّعات الغطاء له فمن سيكون المسؤول؟ من الذي سيتحمّل
مسؤوليّة هذا العدد الذي قُتل في هذه الأحداث من الناس العاديّين ومن التعبئة؟ ردود
الفعل التي ستحصل حيال ذلك -ينتهزون الشغب والفوضى في الشارع فيغتالون التعبئة
وقوّات الشرطة- ومن ثمّ ستحصل ردود فعل عاطفيّة. من الذي سيحسب لهذه الردود حسابها؟
يتقرّح قلب الإنسان من بعض هذه الأحداث؛ يذهب عدّة أفراد إلى الحي الجامعي فيهاجمون
الشباب والطلبة الجامعيّين -الطلبة الجامعيّين المتديّنين الملتزمين وليس أولئك
المشاغبين -ويهتفون لصالح القيادة! يتقرّح قلب الإنسان لهذه الأحداث. فاستعراض
العضلات في الشوارع بعد الانتخابات ليس ممارسة صائبة، إنّما هو تحدٍّ لأصل
الانتخابات وأساس السيادة الشعبيّة.
أطلب من الجميع إنهاء هذا الأسلوب، إنّه ليس أسلوبًا صحيحًا؛ وإذا لم ينهوه فسوف
يتحمّلون مسؤوليّة تبعاته ومسؤوليّة الفوضى.
ومن الخطأ أن يتصوّرَ البعض أنّهم يوفّرون بحركات الشارع عامل ضغط على النظام ومن
ثمّ يرغمون مسؤولي النظام على الخضوع لما يفرضونه تحت عنوان المصلحة.. كلا، هذا
أيضًا خطأ. فأوّلًا إنّ الخضوع للمطالب غير القانونيّة بفعل الضغط بداية
الدكتاتوريّة؛ هذا خطأ في الحسابات، إنّها حسابات خاطئة. وإذا كان لها عواقب فإنّها
ستطال مباشرةً المسؤولين القابعين خلف الكواليس. وإذا اقتضت الضرورة فستعرفهم
الجماهير في الوقت المناسب.
إنّني أطلب من جميع هؤلاء الأصدقاء والإخوة أن يعملوا على أساس الأخوّة والتفاهم
وأن يراعوا القانون، فطريق القانون مفتوح، طريق المحبة والصفاء مفتوح فاسلكوه.
وأرجو أن يوفّق الله الجميع للسير في هذا الطريق، الجميع ينشدون تقدّم البلاد.
ليكرِّم هؤلاء الإخوة احتفال انتصار الأربعين مليونًا ولا يسمحوا للعدو بنسف هذا
الاحتفال، ويريد الأعداء نسفه. طبعًا إذا أراد البعض سلوك طريقٍ آخر؛ فعندها سآتي
مرةً أخرى وأتحدّث مع الناس بصراحةٍ أكبر.
قوى الاستكبار تستغل "فتنة الإنتخابات" بأمل إسقاط النظام
أمّا خطابي الثالث فهو لقادة الاستكبار وزعماء وسائل الإعلام الاستكباريّة. لقد
تابعت خلال هذين الأسبوعين أو الثلاثة سلوك وتصريحات الساسة الأمريكان وساسة بعض
البلدان الأوروبيّة طوال الأسابيع القريبة من الانتخابات ويوم الانتخابات وليلة ما
بعد الانتخابات ثمّ اليومين أو الثلاثة التي أعقبت الانتخابات. كان الوضع متغيرًا
ومتفاوتًا؛ فقبل بدء الانتخابات كان منحی ساستهم ووسائل إعلامهم التشكيك في أصل
الانتخابات عسى أن تنخفض مشاركة الجماهير. طبعًا هم أنفسهم -الأوروبيّون
والأمريكان- كانوا يخمّنون هذه النتائج ويحتملونها لكنّهم لم يكونوا يتوقّعون حركة
الجماهير الضخمة هذه، وهذه المشاركة التي بلغت 85 بالمائة، وأربعين مليون. وبعد أن
بدت هذه المشاركة الهائلة صُدِموا وأدركوا أيّ حدثٍ كبيرٍ وقع في إيران، وأدركوا
أنّ عليهم التكيّف مع هذه الظروف الجديدة، سواء في الشؤون الدوليّة أو في شؤون
الشرق الأوسط والعالم الإسلاميّ، أو فيما يخصّ القضيّة النوويّة. صدموا في ما
يتعلّق بشؤون إيران، وأدركوا أنّ فصلًا جديدًا قد بدأ فيما يتعلّق بشؤون الجمهوريّة
الإسلاميّة وهم مضطرّون إلى قبوله. عندما شوهدت حركة الجماهير العظيمة وتمّ تزويدهم
بالمعلومات لحظة بلحظة بواسطة عملائهم وأبدوا جميعهم دهشتهم. بدأت هذه تصريحاتهم
منذ صباح الجمعة، ولوحظت أيضًا بعض انعكاسات هذه التصريحات.
حينما شاهدوا اعتراض بعض المرشّحين، شعروا فجأة، أنّ هناك فرصةً أمامهم، فاغتنموا
هذه الفرصة كي يركبوا الموجة. تغيّرت لهجتهم منذ يوم السبت والأحد؛ وحينما لاحظوا
تدريجيًّا بعض التجمّعات الشعبيّة في الشوارع بدعوة من المرشّحين خامرهم الأمل
وراحوا يخلعون أقنعتهم وقرّروا إظهار حقيقتهم. تحدّث بعض وزراء الخارجيّة وبعض
رؤساء الحكومات في عدّة بلدان أوروبيّة وفي أمريكا بكلام يفضح بواطنهم. نقل عن رئيس
جمهوريّة أمريكا قوله إنّنا كنّا بانتظار مثل هذا اليوم حيث ينـزل الناس للشوارع.
من جانب يبعثون الرسائل ويبدون رغبتهم في إقامة علاقات ويعربون عن احترامهم
للجمهوريّة الإسلاميّة ومن جانب آخر يطلقون مثل هذه التصريحات، أيّهما نصدّق؟
و قد تحرّك عملاء هؤلاء الأجانب في الداخل وبدأ خط التسقيط في الشوارع، خط التخريب
والإحراق وإشعال الأموال العامة وزعزعة الأمن في حرم مشاغل الناس وتكسير زجاج
دكاكينهم ونهب ممتلكات بعض المحلّات، وسلب الناس أمنهم في أرواحهم وممتلكاتهم؛
تعرّض أمن الناس لتطاول هؤلاء. لا علاقة لهذا بالناس وأنصار المرشّحين، إنّما هو من
فعل المسيئين والمرتزقة وعملاء أجهزة التجسّس الغربيّة والصهيونيّة. هذا الفعل
الساذج الذي صدر عن البعض في الداخل أطمعهم فتصوّروا أنّ إيران أيضًا جورجيا(!)
ثمّة رأسمالي صهيوني أمريكي ادّعى قبل سنوات ونقلت وسائل الإعلام ادّعاءه وقوله:
إنّني أنفقت عشرة ملايين دولار وأطلقت في جورجيا ثورة مخمليّة فأسقطتُ حكومة وجئتُ
بحكومة. توهّم هؤلاء الحمقى أنّ حال الجمهوريّة الإسلاميّة، وإيران، وهذا الشعب
العظيم كالحال هناك. بأيّ مكانٍ يقارنون إيران؟! مشكلة أعدائنا أنّهم لم يفهموا
الشعب الإيرانيّ إلى حدّ الآن.
أميركا تتباكى على حقوق الإنسان في إيران!
و الأسوأ والأقبح من كلّ شيء في هذه الغمرة هو الكلام الذي صدر عن هؤلاء الساسة
الأمريكان بعنوان "الحرص على حقوق الإنسان" وضدّ "العنف والشدّة مع الناس" فقالوا:
نحن نعارض أن يكون التعامل مع الناس بهذه الطريقة وقلقون لذلك! أنتم قلقون على
الناس؟! وهل تعترفون بشيء اسمه حقوق الإنسان؟! من الذي أغرق أفغانستان بالدماء ولا
يزال؟ من الذي أهان العراق تحت أحذية جنوده؟ من الذي قدّم كلّ تلك المساعدات
السياسيّة والماديّة إلى الحكومة الصهيونيّة الظالمة في فلسطين؟ وفي أمريكا نفسها
-والإنسان ليعجب حقًا- في زمن حكومة هذا الحزب الديمقراطي، وفي عهد رئاسة جمهوريّة
زوج هذه السيدة 10 التي تصرّح حاليًّا، قد أحرقوا ثمانين ونيّف من أتباع
فرقة الداوديين وهم أحياء؛ هذا ممّا لا سبيل لإنكاره. هؤلاء السادة الديمقراطيّون
هم الذين فعلوا ذلك. أصبحت فرقة الداوديين وعلى حدّ تعبيرهم الديفيديين، مورد غضب
الحكومة الأمريكيّة لسببٍ من الأسباب ولجأوا إلى منـزل واعتصموا هناك. ولم يخرجوا
من هناك رغم كلّ المحاولات. فجاء هؤلاء وأحرقوا المنـزل فاحترق ثمانون رجلًا وامرأة
وطفلًا في ذلك البيت وهم أحياء. وهل تفهمون أنتم شيئًا اسمه حقوق الإنسان؟! أعتقد
أنّ من واجب هؤلاء المسؤولين والساسة الأوروبيّين والأمريكيّين أن يخجلوا ويستحوا
قليلًا. إنّ الجمهوريّة الإسلاميّة حاملة لواء حقوق الإنسان. وإنّ دفاعنا عن
الإنسان المظلوم في فلسطين، ولبنان، والعراق، وأفغانستان، وفي أيّ مكانٍ يُظلم فيه
الإنسان دليلٌ على ذلك؛ وهذا دليلٌ على أنّ راية حقوق الإنسان مرفوعة في هذا البلد
بفضل الإيمان بالإسلام. لسنا بحاجة إلى أن ينصحنا أحد بخصوص حقوق الإنسان. حسنًا،
كان هذا كلامنا حول الانتخابات.
وخطابٌ أخير..
ولديّ خطاب أخيرٌ أقوله لمولانا وسيّدنا الإمام بقية الله (أرواحنا فداه): يا سيدنا
ومولانا: إنّنا نفعل ما يجب أن نفعله، وقد قلنا ما يجب أن نقوله وسنقوله. نفسي
رخيصة وجسمي عليل والقليل من السمعة التي لديّ هي منك. أضع كلّ هذا على راحتيّ
وأقدّمه في سبيل هذه الثورة وفي سبيل الإسلام. وليكن هذا أيضًا فداءً لك. سيّدنا
ومولانا ادعُ لنا الله. أنت صاحبنا وسيدنا، أنت مالك هذا البلد وهذه الثورة، وأنت
سندنا وعوننا. سوف نواصل هذا الطريق، وسوف نواصله باقتدار، فكن سندنا في هذا الدرب
بدعائك وحمايتك وعنايتك.
{بسم الله الرحمن الرحيم * إذا جاء نصر الله والفتح*
ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجًا * فسبّح بحمد ربك واستغفره* إنّه كان
توابًا}
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1- سورة الفتح، الآية: 4
2- سورة الرعد، الآية: 4.
3- سورة الجمعة، الآية: 9.
4- الجدل والمنازعة في الحديث والانتقادات.
5- سورة العصر، الآيات1-3
6- فروردين هو أوّل أشهر السنة الهجريّة الشمسيّة.
7- 22 خرداد يوم إجراء الانتخابات الرئاسيّة عام 2009 والتي أعقبتها أمواج فتنة
غذّاها الإعلام والمخابرات الغربيّة وقد باءت بالفشل؛ وكانت كلمة الإمام الخامنئيّ
هذه-التي بين أيدينا- إحدى الضربات القويّة التي وُجّهت لهم.
8- سورة آل عمران، الآية: 118.
9- موجّهًا الخطاب إلى المعترِضين على الانتخابات
10- وزيرة الخارجيّة كلينتون