كلمة الإمام الخامنئي في أرباب العمل والصناعات من كافة أنحاء البلاد
2010
ضروروة توفير فرص العمل بالتوازي مع طفرة التطور النوعية
عدد الزوار: 182كلمة الإمام الخامنئي في أرباب العمل والصناعات من كافة أنحاء البلاد بمناسبة ملتقى الشخصيات الاقتصادية ومبتكري فرص العمل 07-09-2010
ضروروة توفير فرص العمل بالتوازي مع طفرة التطور النوعية
العناوين الرئيسية
العمل المقترن بالعلم أعظم نفعا
أهمية توفير فرص العمل
أ ــ العمل ينتج الثروة ورأس المال
ب ــ العمل فرصة لاكتشاف الطاقات وتوظيفها
أهمية العمل وفضيلته في الإٍسلام
العمل اليوم لبلدنا أكثر أهمية لسببين
أ ــ الشعب يعيش مرحلة طفرة تطورية
ب ــ سعي قوى الإستكبار للهيمنة على البلد مجددا عبر الضغط الإقتصادي
عوامل تزيد من إمكانية توفير فرص عمل جديدة
أ ــ جودة الإنتاج المحلي
ب ــ ضبط حركة الإستيراد بحدود الحاجة
ج ــ تنمية المهارات المهنية والحرفية
بسم الله الرحمن الرحيم
الشكر الجزيل للأصدقاء الأعزاء الذين أعدوا هذا اللقاء، وحققوا هذه الفرصة لهذا العبد ليلتقي بهذا الجمع المحترم والعزيز من الذين يخلقون فرص العمل، في الأيام الأخيرة للشهر المبارك ـ التي هي أيامٌ غنيمة ـ ولنستمع إلى هذه المطالب المفيدة. بالطبع، إنني واثق بأن لديكم الكثير من الكلام, والكل في مجاله وقطاعه لديه اقتراحات وأفكار جديدة وأيضاً بشائر ترضي شعبنا وبلدنا مثل تلك المطالب التي ذكرها الأصدقاء فإن معظمها مُرضٍ لشعبنا العزيز . وكذلك انتقاداتكم ومطالبكم التي هي في محلها.
العمل
المقترن بالعلم أعظم نفعا
حسناً، قبل يومين من هذا اللقاء اجتمعنا بأهل العلم واليوم نجتمع بأهل العمل. هذا
وإن كان الكثير منكم من أهل العلم وقد مزجوا العلم بالعمل. وكما جاء في الرواية
الشريفة: "العلم يهتف بالعمل فإن أجابه، وإلا ارتحل".
فإذا اتّبع العمل العلم فإن العلم يبقى، ولعله يزداد وينمو, وإذا لم يلحق به فإنه لا يبقى. (وإلا ارتحل). ومن هنا نفهم أهمية العمل. والعمل بدون العلم قليل الأثر, بل العلم بدون العمل بلا أثر. هذه هي أهمية العمل.
أهمية
توفير فرص العمل
أ ــ العمل ينتج الثروة ورأس المال
حسناً، عندما يكون العمل مهماً إلى هذه الدرجة فإن إيجاده وخلق فرص له سيكون مهماً
بنفس المقدار. فمن استطاع تأمين أرضية العمل فإنه يكون قد أدّى إحدى العبادات.
والنظر إلى هذا العمل المتولّد، لا يكون من جهة أننا قد أمّنا لعاملٍ عملاً يعتاش
منه. هذا ، وإن كان شيئاً جيداً جداً وضرورياً بلا شك، فإيجاد فرص العمل في البلد
يؤدي إلى إنتاج الثروة، ومثلما أن الرأسمال والثروة تنتج العمل ـ سواء كانت ثروات
مالية أو علمية ـ فإن العامل أيضاً ينتج الثروة والرأسمال. وهذا، بلا شك بعدٌ مهمٌّ
في العمل, لكن الأهمية لا تنحصر به.
ب ـ العمل
فرصة لاكتشاف الطاقات وتوظيفها
فهناك بعدٌ آخر فيه وهو أنكم تقومون باستخراج كنزٍ. والإنسان الذي يمتلك الاستعدادت
سيتمكن حينها من الإنتاج والابتكار, وأنتم الذين مكّنتموه من العمل تساهمون في
استخراج هذا الكنز. والذي لا يعمل وليس لديه فرصة الإشتغال فإنه يكون قد جمّد بدون
إرادته ذلك الاستعداد الكامن فيه، والذي هو من المواهب الإلهية, وعندما توفرون له
العمل فإن هذا النبع الذي كان كامناً فيه ولا يُستفاد منه ولا يروي ظمآناً سوف
يتدفق جرياناً. فللعمل ولخلق فرصه بعدٌ اقتصاديٌّ كبير وبعدٌ إنسانيٌّ في غاية
السمو.
لهذا أقول إنّ إيجاد فرص العمل في القطاعات المختلفة عبادة. بالطبع ما ذكره أصدقاؤنا وأعزاؤنا اليوم هو قسمٌ محدود، ولا ينحصر به.
ففي قطاعات واسعة هناك فروعٌ كثيرة لمثل هذا الأمر فيما يتعلق بالقابليات الكامنة في البلاد والقدرات الطبيعية والبشرية وأنتم تمثّلون باقة منها حيث إنّ عمليّة إيجاد فرص العمل في البلد واسعة جداً. إن هذا العمل له قيمة كبيرة مثلما أنه يخلق القيم.
حسناً، لقاؤنا هذا من الأساس لقاء للعرض. وصحيحٌ أنني استفدت من كلمات الأصدقاء والتي سوف تُنشر ليستفيد منها الشعب, لكن هذا اللقاء يشير إلى مدى سعة القدرات الموجودة في بلدنا العزيز.
فلاحظوا لو أنه جاء كل قطاع من القطاعات الزراعية والصناعية وغيرها من العلمية والتكنولوجية والخدماتية والتجارية وعرض ما أُنجز من أعمالٍ لأدرك كل مستمعٍ وشاهد رأي العين أن بلدنا العزيز ـ وبحمد الله كما قلت مراراً ـ لديه استعدادات كثيرة وطاقات كبيرة. وفي الواقع نشاهد اليوم البلد وقد تحوّل إلى مصنع عظيم مترامي الأطراف حيث يفور العمل من كل جانبٍ وتظهر الابتكارات والإبداعات والاعتماد على العلم والتجربة.
أهمية
العمل في الإٍسلام
حسناً، قبل يومين قلت لأساتذة الجامعات الذين شرّفونا ما سأقوله لكم: لا تتصوروا
أننا نقنع بهذه الأشياء، أو أنّنا غير مطّلعين على معدّل البطالة في البلد ولا نراه
. كلا، فإن كل هذه الأعمال التي تُنجز هي خطوة أولى. وهناك خطواتٌ لاحقة يجب أن
نحققها. وما هو الشيء المهم لتحقق ذلك؟ إنه بالدرجة الأولى أن نعلم أنه يمكننا أن
نفعل ذلك.
فإذا أدركنا هذا الأمر، علينا أن نشعر بأن الإقدام عليه تكليفٌ عظيم. وبالطبع فإنّ العمل والاشتغال بحد ذاته أمرٌ مهم, ولكنه اليوم أضحى أكثر أهمية مما مضى لسببين أساسين، وما ذُكر حول أهمية العمل وفضيلته في الإسلام حيث لدينا هذا العدد الكبير من الروايات المنقولة عن الأئمة عليهم السلام فإن الإنجازات التي تعرّضتم لها تمثّل نماذج في هذا المجال، وقد دوّنت هنا رواية: "من يعمل يزدد قوة ومن يقصّر في العمل يزدد فترة". فخاصية العمل هي أنه يشتد ويزداد قوة بذاته لا من حيث الإنتاج فحسب.
في هذه الرواية المنقولة عن أمير المؤمنين عليه السلام يتبين لنا أن من يعمل يزدد قوة وترتفع طاقته بخلاف من يقصّر في العمل فإنه يقع في الفتور والضعف. وهذا الأمر لا يتعلق بالأفراد فقط، بل يسري إلى المجتمعات والشعوب. فعندما تزداد طاقتكم العملية وتقوى تحركاتكم فإن نشاطكم يزداد. كانت هذه رواية من الروايات العديدة بشأن أهمية العمل في الإسلام.
العمل
اليوم لبلدنا أكثر أهمية لسببين
ويبقى أن للعمل وبالتالي إيجاد فرص العمل أهميّة زائدة لسببين:
أ ــ الشعب
يعيش مرحلة طفرة تطورية
السبب الأوّل: هو أنّنا نعيش في مرحلة نستعدّ فيها لطفرة نوعيّة, وهي الطفرة
المتعلّقة بالتطوّر. فقضيّتنا اليوم ليست أن نمضي قدماً. لقد أضحت ظروف البلد بحيث
إنّ هذا الشعب يستطيع أن يحقّق حركة عظيمة وطفرة نوعيّة على صعيد التطوّر. لماذا؟
أوّلاً، لوجود الكثير من البنى التحتيّة, فالمستوى العلميّ قد ارتفع وهناك مستويات إداريّة قويّة، وإحدى مشاكلنا في الماضي كانت تتعلّق بعدم وجود إدارة قويّة وسليمة في بلدنا. واليوم لدينا تجربة إداريّة ثوريّة قويّة عمرها ثلاثون سنة. وهو ما يمثّل إحدى البنى التحتيّة. لقد تأمّنت مجالات العمل وزاد الأمل بالتطوّر. فعندما يُقال إنّنا نصنع دواء يحتاج إليه العالم كلّه ويفتقر إليه ولم يتمكّن أيّ مركزٍ علميٍّ في العالم من تصنيعه ونحن تمكّنا من ذلك، فإنّ هذا بالطبع سيعطي الأمل لشبابنا. عندما يشاهد الشعب أنّنا قد استطعنا أن نطوّر العلوم النوويّة بأنفسنا من دون دعم دولة أخرى وننقلها إلى مجالاتٍ أعلى, حسناً، إنّ هذا يبعث الأمل في الشباب.
فكم هي الدول الّتي تمتلك المعرفة النوويّة الذاتيّة؟ إنّها قليلة جدّاً. يوجد منها، لكنّها نادرة جدّاً جدّاً, فقد أخذوا ذلك من غيرهم. والكثير من هؤلاء الّذين يمتلكون المعرفة النوويّة ـ وهو ما أعرفه بنفسي وأذكره عن اطلاع ـ إنّما حصلوا عليها كهديّة من دول داعمة لأسبابٍ أيديولوجيّة وسياسيّة وغيرها.
أمّا نحن فقد استطعنا أن ننجز هذا بأنفسنا. وكما ذُكر في التقرير فإنّ أعمالاً كبرى قد أُنجزت في هذا المجال. وفي مجال الخلايا الجذعيّة فقد تمكّن شبابنا من إنجاز أعمالٍ عظيمة بالمثابرة والتحقيق والسعي المتواصل. كلّ هذا يبعث على الأمل. وهكذا أضحت تجاربنا أكثر نضجاً وارتفعت آمالنا وازدادت البنى التحتية وأطلّ موسم الاقتدار والطفرات. تعرّف الشعب إلى نفسه، وإلى شبابه وتبيّن المعدّل المرتفع للذكاء فيه. فالموسم إذاً موسم الطفرات وفيه تتضاعف أهمية العمل، وبالتالي قضية إيجاد فرص العمل، هذا هو السبب الأول.
ب ــ سعي
قوى الإستكبار للهيمنة على البلد مجددا عبر الضغط الإقتصادي
السبب الثاني: في أنّ العمل مهمٌّ عندنا وكذلك إيجاد
فرص العمل هو أننا اليوم نواجه ضغوطاً عالمية. هناك عداء في العالم يريد استعادة
هيمنته الشيطانية على هذا البلد من خلال الضغط الاقتصادي والحظر وغيرها من الأمور
التي تشاهدونها.
هذا هو الهدف. فدولة بهذه الجودة وبهذه الثروات والموقع الاستراتيجي والإمكانات كانت تحت إشراف قوّة دولية, في وقتٍ كان الإنكليز وفي وقت آخر كان الأمريكيون ـ وهو في الواقع ما يُسمّى بنظام الهيمنة وإمبراطورية التسلّط حيث تمثل أمريكا اليوم جانباً منه ـ كانوا يهيمنون على هذا البلد ثم جاءت الثورة وقطعت أيديهم. ويُراد للهيمنة أن تعود إلى هذا البلد. وكل هذه المساعي من أجل هذا الأمر. والملف النووي ليس إلا حجة.
· الملف
النووي ليس إلا حجة للعبور إلى الهيمنة
أولئك الذين يتصورون أننا إذا قمنا بحل هذا الملف فسوف تُحلّ المشاكل مخطئون. فإنهم
يطرحون قضية الطاقة النووية وقضية حقوق الإنسان وغيرهما من القضايا التي ليست سوى
حجج. لأن القضية هي قضية ممارسة ضغوط يُراد منها إركاع وإخضاع هذا الشعب وهذه
الثورة. وأحد الأمور المهمة هو هذا الحظر الاقتصادي. ويقولون إننا لا نعادي شعب
إيران! ولا يقولون إلا كذباً، فخصمهم هو شعب إيران، وكلّ هذا الحظر من أجل إخضاع
هذا الشعب.
يقولون إننا نفعل ذلك بسبب حكومة الجمهورية الإسلامية لأجل قطع علاقة الشعب بهذا النظام وهذا هو الهدف. وبالطبع فإنهم لا يعرفون شعبنا، وفي هذا كغيره من الحالات كانت حساباتهم خطأً في خطأ. وبنظر النظام التسلطي فإن ذنب شعب إيران الكبير هو أنه حرّر نفسه منه. وإنما يريدون معاقبته على هذا الذنب، وفي الأساس فإن حساباتهم خاطئة وهم لا يعرفون ماذا يفعلون، وماذا ينبغي أن يفعلوا. ولكنهم يمارسون الضغوط الاقتصادية من خلال الحظر.
يجب علينا أن نوجد اقتصاداً مقاوماً حقيقياً في البلد. وهذا هو معنى إيجاد فرص العمل اليوم. وقد أجاد الأصدقاء حينما قالوا إننا نستطيع أن نقلب موازين هذا الحظر, وأنا على يقين من ذلك.
فشعب إيران ومسؤولو البلد يمكنهم من قلب كل أنواع الحظر وإفشال أصحابها، كغيرها من القضايا التي حدثت في السنوات الماضية في المجالات السياسية عندما ارتكبوا تلك الأخطاء وقاموا بتلك التحركات التي أجبرتهم فيما بعد على التراجع والاعتذار واحداً واحداً. ولا شك أنكم تذكرون بعضها. وشبابنا اليوم لا يعرفونها.
ففي العقدين الأخيرين قاموا بمثل هذه الأمور عدة مرات. وها هم اليوم كذلك. فالحظر ليس جديداً علينا لأننا نعيشه منذ ثلاثين سنة. وجميع هذه الأعمال التي أُنجزت وكل ما يتعلق بهذه الحركة العظيمة لشعب إيران قد تحقق في ظلّ الحظر والحصار.
لهذا لن يتمكّنوا من فعل شيء,.. ولكن هذا يمثّل سبباً لكي يرى الجميع ـ مسؤولين وحريصين ـ أنفسهم مكلّفين بإيجاد فرص العمل والإنتاج والإبداع وزيادة رونق هذا المصنع العظيم الذي أضحت عليه إيران. فالجميع عليهم أن يعتبروا أنفسهم مكلّفين.
بعض مشكلات
العمل وعلاجها
أ ــ الإدارة العلمية الدقيقة للموارد والمصادر
وما أستنتجه من مجموع ما ذكره السادة والسيدات ـ وهو ما يشعر به المرء من خلال
التقارير أيضاً ـ وجود الكثير من الشكاوى في مجريات العمل.
نحن قد وضعنا حجر الأساس بما يتوافق مع سياسات المادة 44, وفي الحقيقة لو استفدنا من المادة 44 والتي بدورها تفسّر البنود الموجودة فيها، وقمنا بتبيينها وكذلك بمشيئة الله تمّ تطبيقها تطبيقاً كاملاً ودقيقاً وبجميع الأبعاد وباستمرار، فإن الكثير من المشاكل ستُحل. لكنني أشعر من مجموع هذه المطالبات بأن هناك عملين متوقعين من أجهزة الدولة: أحدهما الإدارة الدقيقة والعلمية للموارد والمصادر.
فالكثير من المطالب المذكورة ناشئ من عدم إدارة المصادر المالية بصورة دقيقة وفي جميع المجالات. فهذا أمرٌ ضروري, وإنني أوصي الأعزاء في الحكومة والحاضرين هنا أن يركّزوا على هذا الأمر. فالكثير من هذه الإشكالات والاعتراضات التي أغلبها صحيح يرتبط بهذه القضية. وإدارة المصادر تعني أن نأخذها بالاتجاه الذي يحقق للبلد القيمة المضافة على الصعيد المالي وغيره. ومرادي من القيمة المضافة يتعدّى البعد المالي إلى كل ما من شأنه أن يزيد من الإنتاج ويحسن رونق العمل ويرفع من مستوى الأمل، ويزيد من فرص العمل وغيرها. فالنقطة الأساس هي قضية إدارة المصادر.
ب ــ
البيئة الميسرة للتكسب
النقطة الثانية: تحسين بيئة التكسّب والعمل، وهو من الوظائف الأساس للحكومة. لقد
أشار الوزير المحترم في تقريره إلى تحسّن بيئة العمل, وهذا الأمر أكثره بعهدة
الحكومة. فلو تمّ تحسين الأنظمة والتسهيلات المختلفة والتشعبات الإدارية وأمثالها،
فإن تحسّن بيئة العمل الذي يُعدّ من قضايانا الاقتصادية الأساس سوف يتحقق. ولو تم
ما ورد في تعبير الوزير أنه نافذة على كل الأعمال فإن الكثير من المشاكل سوف يُحل
بحسب ما أرى. وهو أمرٌ متعلق بقطاع الحكومة وله أهمية كبيرة. فوظيفة الحكومة بنظري
هي في الأساس هذه الأمور, وبالطبع فإن على المسؤولين وظائف كثيرة، لكن الأصل
والأساس مما يستنبطه المرء من مجموع التقارير والكلمات هو هذان الأمران.
عوامل تزيد
من إمكانية توفير فرص عمل جديدة
أ ــ جودة الإنتاج المحلي
والنقطة الإساس الأخرى في باب العمل التي يجب على من يخلق فرص العمل أن يتوجه إليها
هي مسألة العمل على كون الإنتاج المحلّي مرغوباً, فكيفية الإنتاج الداخلي مهمة
جداً، وبالطبع فإن قسماً منها يرتبط بتلك القضايا المالية وغيرها من القرارات
التنظيمية والدعم الحكومي، ولكن قسماً آخر يرتبط بعزم المسؤولين وإرادتهم، وكذلك
بالذين يوجدون فرص العمل ويبتكرونها. ورد عن الأمير عليه السلام: "رحم الله امرأً
عمل عملاً فأتقنه". وهذا يتعلق باستشراف المستقبل لا الحاضر. فأنتم اليوم تشاهدون
شركات عالمية تعمل منذ أكثر من مئة سنة وتعرض إنتاجها في كل العالم ويكفي ذكر اسمها
لترويج بضائعها كل ذلك لأنها عملت على أساس صحيح فأصبحت مورد ثقة الزبائن.
أنتم تقولون إنه علينا أن نوصي الناس بشراء المنتجات المحلية. وها أنا منذ عدة سنوات أفعل ذلك. لقد قلت ذلك مراراً لكن هذا الأمر لا يتحقق بمجرد إطلاق الشعار. حسناً، قد يتحقق شيء من الثقة بينهم ويتوجهون إلى الكلام لأنه صادر عنا، لكن هذا جزء من القضية والجزء الآخر يرتبط بالنوعية. فلنرفع من جودة النوعية.
ب ــ ضبط
حركة الإستيراد بحدود الحاجة
نعم، إنني أؤيد ما ذكره بعض الأصدقاء بشأن الواردات وقد ذكرت ذلك في لقاء المسؤولين
بداية شهر رمضان، سواء المجلس أم الحكومة التي تتولى هذه القضية. وقد سألت وزير
التجارة وأطلعني على أن هناك أعمالاً مهمة هي في طور التحقق. فقضية الواردات غير
الضرورية وغير المنطقية تشكّل خطراً كبيراً وضرراً فادحاً، وعلى الناس أن يعرفوا
هذا الأمر.
فعندما نشتري منتجاً خارجياً فإننا في الواقع نرمي بأحد عمَّالنا إلى البطالة ونشِّغل عمَّال غيرنا, والأمر هكذا ولكن مسألة الرغبة ومسألة جودة النوعية مهمة جداً. وكذلك المتانة. فلو تمتّعت البضائع والمنتجات المحلية بهذه الخصوصيات فإن الرغبة بها ستحصل بشكل طبيعي. وبالطبع، هناك وللأسف بعض الناس ما زالوا يتطلعون إلى الخارج بسبب تأثير الثقافة المنحرفة لعهد الشاه المنحوس الذي كان يمثّل عهد الطاغوت والتبعية. حينها قال أحد مسؤولي هذا البلد وبصراحة إن الإيراني لا يستطيع أن يصنع إبريقاً بشكلٍ صحيح. وكانوا يستوردون كل شيء في الواقع. في ذلك العهد الطاغوتي التقيت صدفة بأحد المسؤولين الحكوميين في أحد المجالس ـ فنحن لم يكن لدينا أي نوع من التواصل معهم ـ وكنت أنتقد مثل هذه الأمور. فتوجّه إليّ وقال ماذا تنتقد؟ فنحن هنا مثل الباشاوات وبقية الدول تعمل في خدمتنا كالعبيد ويرسلون إلينا بضائعهم . انظروا إلى هذا المنطق الذي كان سائداً بين رجال الدولة في عهد الطاغوت! وهذا المنطق يعبّر عن ظاهر القضية، أما باطنها فأمور أخرى: من أنواع الفساد الاقتصادي المستشري والفساد الأخلاقي الكبير. أجل إن قضية الاستيراد وإدارته مهمة جداً. لقد أوصينا في ذلك اليوم أصدقاءنا الذين كانوا هنا في لقاء المسؤولين والعاملين في النظام وقلنا لهم إن عليكم تبرير عملية الاستيراد, نحن نقول أوقفو الاستيراد.
فهناك أشياء يجب أن تُستورد وهناك ما لا ينبغي أن يُستورد. ويجب القيام بحركة إدارية صحيحة.
ج ــ تنمية
المهارات المهنية والحرفية
ومن الأعمال الأخرى التي تقع على عاتق مسؤولي الحكومة ـ وقد دونتها هنا ـ تنمية
المهارات. فهذه المهنيات والمعاهد العلمية ـ التطبيقية والحِرَفية ـ يجب زيادتها
وتوسيعها. فنحن بحاجة إلى العلم ولكننا بحاجة أيضاً إلى اليد الفعّالة. فأحد
الأعمال الأساس التي بنظري يجب أن نعمل عليها هو ما يتعلق بالصناعة والزراعة.
والنقطة الأخرى، هي قضية الإبداع والابتكار والجودة في الإنتاج المحلي. فمن الأشياء التي يجب الالتفات إليها التجديد في جميع المنتجات تجديداً متواصلاً وبلحاظ إشباع الرغبة بالجودة لدى المستهلك. وإنني في الحقيقة أشكر الأصدقاء الذين يعملون في هذا المجال ويبذلون المساعي المحمودة.
وآخر توصياتي: هو ضرورة الاهتمام الفائق بتأهيل وإعداد الطاقات وخصوصاً في مجال الصناعات التي تعتمد على العلم، مثلما ذكر أصدقاؤنا. وقد تحقق هذا الأمر في بعض القطاعات لحسن الحظ. ولديّ اطّلاع على ما يجري في قطاع الطاقة النووية وكذلك هناك إنجازات مهمة في قطاع إنتاج الخلايا على مستوى إعداد الطاقات الماهرة والفعّالة العلمية والتحقيقية. فيجب الالتفات إلى هذا الأمر في بقية القطاعات.
نسأل الله تعالى أن يوفقكم جميعاً إن شاء.. أجل، إننا إن شاء الله سنتغلب على العدو وسيرتد عليه هذا الحظر وسيشاهد شبابنا أياماً جميلة إن شاء الله في المستقبل. حيث إن هذا البلد يتوفر على طاقات كثيرة. فيومنا هذا كنسر قويٍّ يستطيع التحليق إلى مرتفاعات عالية لكنه اليوم قد طار من هذا الدار إلى سطحه. فهذه تجربة وفيها سيكون مستوى التحليق أعلى بكثير، ونسأل الله أن يأتي ذلك اليوم الذي يصبح فيه بلدكم مرجعاً علمياً يفتخر به المسلمون ويقولون إن الإسلام يدير دولة بهذه الطريقة. وإن شاء الله تكون باللحاظ العملي والإنتاجي مرجعاً ترجع إليه شعوب العالم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
2017-02-14