القناعةُ
شوال
ورد عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال: "من قنع بما رزقه الله فهو من أغنى الناس". وعن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه سئل جبرائيل عليه السلام عن تفسيره للقناعة فقال: "يقنع بما يصيب من الدنيا، يقنع بالقليل ويشكر اليسير".
عدد الزوار: 260بسم الله الرحمن الرحيم
القناعةُ
ورد عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال: "من قنع بما رزقه الله فهو من أغنى الناس".
وعن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه سئل جبرائيل عليه السلام عن تفسيره للقناعة فقال: "يقنع بما يصيب من الدنيا، يقنع بالقليل ويشكر اليسير".
القناعة عند علماء الأخلاق هي: الاكتفاء من المال بقدر الحاجة والكفاف وعدم الاهتمام فيما زاد عن ذلك, وهي صفة كريمة تعرب عن عزّة النفس, وشرف الوجدان, وكرم الأخلاق...
وإنّما صار القانع أغنى الناس، لأنّ حقيقة الغنى هي: عدم الحاجة إلى الناس، والقانع راضٍ ومكتفٍ بما رزقه الله، لا يحتاج ولا يسأل سوى الله.
والقناعة من علامات الإيمان كما يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "يستدلُّ على إيمان الرجل بلزوم الطاعة والتحلّي بالورع والعفّة والقناعة".
وهي ثواب الراغبين في الآخرة كما يقول رسول الله صلّى الله عليه وآله : "من أصبح وأمسى والآخرة أكبر همه، جعل الله القناعة في قلبه، وجمع له أمره، ولم يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه، ومن أصبح وأمسى والدنيا أكبر همه، جعل الله الفقر بين عينيه، وشتّت عليه أمره، ولم ينل من الدنيا إلاّ ما قسم له".
ولا شك بأنّ القناعة تورث الإنسان الطمأنينة والهدوء النفسي، والصفاء في دائرة العلاقات الاجتماعية. ولها أثر بالغ في حياة الإنسان، وتحقيق رخائه النفسي والجسمي، فهي تحرّره من عبودية المادة، وتنفح فيه روح العزّة، والكرامة، والإباء، والعفة، والترفّع عن الدنايا، وقد شكى رجل إلى الإمام الصادق عليه السلام أنّه يطلب فيصيب، ولا يقنع، تنازعه نفسه إلى ما هو أكثر منه، وقال: علّمني شيئاً أنتفع به. فقال عليه السلام: "إن كان ما يكفيك يُغنيك، فأدنى ما فيها يُغنيك، وإن كان ما يكفيك لا يُغنيك، فكلُّ ما فيها لا يغنيك".
وقال الإمام الباقر عليه السلام: "إيّاك أن يطمح بصرك إلى من هو فوقك فكفى بما قال الله تعالى لنبيّه صلّى الله عليه وآله : "ولا تعجبك أموالهم ولا أولادهم" وقال: "ولا تَمُدّنَ عينيك إلى ما متَّعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا"، فإن دخلك من ذلك شيء، فاذكر عيش رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فإنّما كان قوته الشعير، وحلواه التمر، ووقوده السعف إذا وجده".
وها هو الصحابي الجليل أبو ذرّ الغفاري رضوان الله تعالى عليه يعلمنا درساً كبيراً في القناعة وذلك في المشهد البطولي الرائع الذي وقف فيه أمام الخليفة الثالث وذلك عندما أرسل له مع عبدٍ له كيساً من الدراهم وقال له: إنْ قَبِل هذا فأنت حُرّ، فأتى الغلام بالكيس إلى أبي ذر رضوان الله تعالى عليه ، وألحّ عليه في قبوله، فلم يقبل، فقال له: اقبله فإنّ فيه عتقي. فقال أبو ذر رضوان الله تعالى عليه: نعم ولكن فيه رقّي.
يقول الإمام علي عليه السلام في مدح القناعة, في كلام بليغ ومعبّر:" فلا يغرنّك سواد الناس من نفسك, وقد رأيت من كان قبلك ممن جمع المال, وحذِر الإقلال, وأمن العواقب.كيف نزل به الموت, فأزعجه عن وطنه وأخذه في مأمنه, أما رأيتم الذين يأملون بعيداً, ويبنون مشيداً, ويجمعون كثيراً.كيف أصبحت بيوتهم قبوراً, وما جمعوا بوراً, وصارت أموالهم للوارثين, وأزواجهم لقومٍ آخرين, لا في حسنةٍ يزيدون, ولا في سيئةٍ يستعتبون...ومن العناء أنّ المرء يجمع ما لا يأكل, ويبني ما لا يسكن, ثمّ يخرج إلى الله تعالى, لا مالاً حمل, ولا بناءً نقل".
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين