يتم التحميل...

العلم وعمر الإمام الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف

الإمام المهدي (عج)

يعالج العلامة الشهيد الشيخ مرتضى مطهريّ قدس سره مسألة طول عمر الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف من حيث علاقة طول العمر بالقوانين العلمية التي تجري على البشر فيقول قدس سره: "عندما يطرح موضوع الإمام الحجّة المنتظر

عدد الزوار: 33

يعالج العلامة الشهيد الشيخ مرتضى مطهريّ قدس سره مسألة طول عمر الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف من حيث علاقة طول العمر بالقوانين العلمية التي تجري على البشر فيقول قدس سره: "عندما يطرح موضوع الإمام الحجّة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف، فإنّ كثيراً من النّاس يتساءلون: هل من الممكن أن يعمّر الإنسان ألفاً ومائتي سنة؟ أليس ذلك مخالفاً لقانون الطبيعة؟

إنَّ هؤلاء يتصوّرون أنّ كلّ الأمور التي تحدث في هذه الدنيا تنطبق مائة بالمائة مع قوانين الطبيعة الاعتياديّة أي مع تلك القوانين التي توصّل إليها علم البشر.. في حين أنّ جميع التطوّرات الكبرى التي حدثت في تأريخ حياة جميع الموجودات الحيّة - من نبات وحيوان - لم تكن تطوّرات عاديّة. فهل أنّ انعقاد أوّل نطفة للحياة على وجه الأرض يتطابق مع أصول علم الحياة؟ كلّا، فلم يكن ذلك متطابقاً مع أي قانون طبيعيّ في الأرض.

واستناداً إلى النظريات العلمية المعتبرة اليوم فإنّ عمر أرضنا هذه يقدر بحوالي أربعين مليارداً من السنين، حيث كانت الأرض في بداية أمرها كتلة منصهرة ملتهبة يستحيل على أيّ كائن حيّ أن يعيش فيها. ثمّ مرّت ملياردات عديدة من السنين حتّى بردت هذه الكتلة وظهر على سطحها أول موجود حيّ.

والعلم اليوم يقرّر بأنّ أيّ كائن حيّ لا بدّ أن يتولّد أو ينشأ من كائن حيّ آخر، ولا يمكن أن يوجد كائن حيّ من كائن غير حيّ أبداً، إلّا أنّه لم يستطع إلى الآن أن يفسّر كيف وجد أوّل كائن حيّ على وجه الأرض، وكيف انعقدت أوّل نطفة للحياة فيها.

وعندما يتجاوز العلم هذه النقطة، فإنّه يقع في الحيرة مرّة أخرى.. ذلك أنّ العلم يقرّر بأنّ أوّل خلية حيّة وجدت على وجه الأرض أخذت تنقسم وتتكاثر وتنتقل من مرحلة إلى مرحلة في التكامل والتطوّر إلى أن جاء وقت تشعبت فيه إلى فرعين رئيسين، ونشأت من ذلك المملكة النباتية والمملكة الحيوانيّة.. فكيف حصل هذا التطوّر الكبير الذي أدّى إلى أن تنقسم الخلايا البدائيّة الأولى إلى فرع نباتي وفرع حيواني يكمّل واحد منهما الآخر خصوصاً من ناحية امتصاص وإطلاق الغازات الموجودة في الجوّ؟؟

وهكذا يواصل العلم حيرته في المراحل الأخرى - وخصوصاً في المرحلة التي وجد فيها الإنسان، ذلك المخلوق العجيب الذي يتمتّع بالعقل والفكر والإرادة - ويبقى عاجزاً عن إعطاء تفسيرات مقنعة لكلّ هذه الأحداث.

ثمّ هل أنّ مسألة الوحي مثلاً أمر عاديّ لا يلفت النظر؟

هل أنّ مسألة وصول إنسان ما إلى درجة يكون مستعداً فيها لاستلام تعليمات آتية من عالم ما وراء الطبيعة، أقلّ شأناً من مسألة بقاء فرد من الأفراد حيّاً لمدة ألف ومائتي سنة أو أكثر من ذلك؟

كلّا، بل يمكننا القول بأنّ مسألة طول عمر الإنسان شيء طبيعيّ لا يخرج عن دائرة القوانين الطبيعيّة، بدليل أنّ العلم يسعى اليوم إلى ابتكار وسائل أو عقاقير تزيد في معدّل عمر الإنسان. فقانون الطبيعة لم يحدّد رقماً معيناً لحياة الإنسان على وجه الأرض.. صحيح أنّ خلايا بدن الإنسان لها دورة حياتية محدودة، ولكن هذا لا يكون إلا في ظروف معيّنة، وإذا اكتشف العلم في المستقبل العلاقة العلمية بين الظروف المحيطة، ومدة دورة حياة خلايا الجسم الإنسانيّ، فلا يستبعد أن يتمكّن الإنسان آنئذٍ أن يعيش خمسمائة سنة أو ألف سنة وربّما أكثر!

أضف إلى ذلك أنّ الله سبحانه وتعالى قد بيّن عبر الكثير من آياته الكونيّة بأنّ هناك أشياء تحدث في هذه الدنيا وفي بعض المراحل المعيّنة، ويكون ذلك أشبه شيء بيد تخرج من وراء الغيب فتحدث تطوّرات خارقة في الحياة لا تنطبق مع قانون الطبيعة أصلاً ولا يمكن التنبؤ بها مسبقاً..

فسواء درسنا المسألة من الناحية العلمية أم من الناحية الغيبيّة، فإنّ موضوع طول عمر صاحب الزَّمان عجل الله تعالى فرجه الشريف لا يحتاج إلى أيّ تشكيك أو ارتياب، خصوصاً بعد أن صرّحت الأحاديث والروايات الدينيّة بذلك. إنّ إحدى وظائف الدين هي أن يفتّح عقل الإنسان ويخرج تفكيره من الدائرة الضيّقة للأحداث العادية المألوفة التي يراها في حياته اليوميّة"1.

* من كتاب أمل الإنسان، سلسلة المسابقات الثقافية، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.


1- العلامة الشهيد الشيخ مرتضى مطهري، أصالة الروح، ص212-214.

2014-06-25