معركة مؤتة
معركة مؤتة
والمتحدّث عن الكرك لابدّ له أن يتحدّث عن أهم أقضيتها وهو قضاء (مؤتة) الواقع على بعد عشرة كيلو مترات إلى الجنوب من الكرك.
عدد الزوار: 465
والمتحدّث عن الكرك لابدّ له أن يتحدّث عن أهم أقضيتها وهو قضاء (مؤتة) الواقع على بعد عشرة كيلو مترات إلى الجنوب من الكرك.
يتحدّث ياقوت الحموي في (معجم البلدان) تحت مفردة (مؤتة) فيقول: (مؤتة قرية من قرى البلقاء في حدود الشام، وقيل مؤتة من مشارف الشام وبها كانت تُطبع السيوف وإليها تُنْسب المشرفية من السيوف).
وينقل ياقوت في (ج5، ص 254) من (معجمه) كلاماً عن مؤتة، فيقول: (مآب وأذرح مدينتا الشراة، على اثني عشر ميلاً من أذرح ضيعة تُعرف بمؤتة بها قبر جعفر بن أبي طالب. بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليها جيشاً في سنة ثمان للهجرة (630م) فساروا حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء - عند أم الرَّصاص إلى الجنوب الشرقي من مأدبا - لقيتهم جموع هرقل من الروم والعرب بقرية من قرى البلقاء يُقال لها مؤتة فالتقى الناس عندها فلقيتهم الروم في جمع عظيم).
ومؤتة تقع إلى جنوبي مدينة الكرك على مسافة عن مركز المحافظة تقدَّر بنحو (76 كم2). ويتداخل اسم المدينة وتاريخها مع تلك المعركة الشهيرة التي وقعت بين المسلمين والمشركين في العام (8هـ - 630م)، حيث قاد جيوش المسلمين جعفر بن أبي طالب (عليه السلام).
وعن سبب معركة مؤتة يذكر محمد بن عمر الواقدي (المتوفى سنة: 207هـ) في (ج2 ص 755) من كتابه (المغازي) فيقول: (بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحارث بن عُمَير الأزدي ثم أحد بني لهْب إلى ملك بخصرى وهي قطبة من أعمال الشام بكتاب، فلما نزل مُؤتة عرض له شُرَحْبيل بن عمرو الغسّاني وهو من كبار بلاط قيصر، فقال: أين تريد؟ قال: الشام، قال: لعلك من رُسُل محمد؟ قال: نعم،. فأمر به فأوثق رباطاً، ثم قدّمه فضرب عنقه صبراً. فبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخبر فاشتد عليه، وندب الناس وأخبرهم بالحارث ومن قتله، فأسرع الناس وخرجوا فعسكروا بالجرف).
ويضيف الواقدي في (ج2 ص 758) أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (خرج مشيِّعاً لأهل مؤتة حتى بلغ ثنّية الوداع، فوقف ووقفوا حوله، فقال: اغزوا بسم الله، فقاتلوا عدوّ الله وعدوكم بالشام، وستجدون فيها رجالاً في الصوامع (جمع صومعة وهي بيت عبادة النصارى) معتزلين للناس، فلا تعرضوا لهم، وستجدون آخرين للشيطان، في رؤوسهم مفاخر فاقلعوها بالسيوف ولا تقتلُنَّ امرأة ولا صغيراً ولا مُرضعاً ولا كبيراً فانياً، ولا تغرقنّ نخلاً ولا تقطعن شجراً ولا تهدموا بيتاً).
نختصر هنا ما كتبه أبو الفداء ابن كثير (ت: 774هـ 1372م) وهو يتحدّث عن غزوة مؤتة فيقول ما مضمونه: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث سرية إلى مؤتة في جمادى الأولى من سنة ثمان للهجرة فتجهَّز الناس وخرج القوم وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يشّيعهم، ثم مضوا حتى نزلوا معاناً من أرض الشام. فبلغ الناس أن هرقل (ت: 641م) قد نزل مآب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم، وانضم إليه من لخم وجذام وبلقين. أو كما يعبِّر مؤرّخ: إن هرقل إنّما نزل بمآب في مائة ألف من الروم ومائة ألف من المستعربة فلما بلغ ذلك المسلمين أقاموا على معان ليلتين ينظرون في أمرهم، وقالوا نكتب إلى رسول الله نخبره بعدد عدونا فإما أن يمدنا بالرجال، وإمّا أن يأمرنا بأمره فنمضي له، قال فشجَّع الناس أحدهم وقال: يا قوم والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون الشهادة، وما نقاتل الناس بعددٍ ولا قوة ولا كثرة ما نقاتلهم إلاّ بهذا الدين الذي أكرمنا الله به. فانطلقوا فإنّما هي إحدى الحُسنيين، إما ظهور عليهم فذلك ما وَعَدنا الله ووعدنا نبينا وليس لوعده خُلْفٌ وإما شهادة فنلحق بالإخوان نرافقهم في الجنان.
وهكذا مضى جيش المسلمين حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل من الروم والعرب بقرية من قرى البلقاء يقال لها مشارف، ثم دنا العدو وانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها (مؤتة) فالتقى الناس عندها فتعبأ لهم المسلمون. فقاتل جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) القوم حتى قُتل، وتسلّم قيادة الجيش من بعده زيد بن حارثة ثم عبد الله بن رواحة.
* كتاب جعفر الطيار وشهداء مؤتة.
2013-04-20