التطيّر
العلاقة مع النفس
في الحديث: ليس منّا من تطيّر ولا من تطيّر له.... أ- في ظلال الحديث لا بد في البداية من الوقوف عند معنى التطير. التطيّر: هو ما يتشاءم به من الفأل الرديء، وأطيّرنا أي تشاءمنا. قال تعالى: فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ... أي يتشاءمون بموسى ومن معه. ب- الإسلام والتطيّر
عدد الزوار: 763
في الحديث: "ليس منّا من تطيّر ولا من تطيّر له..."1.
أ- في ظلال الحديث
لا بد في البداية من الوقوف عند معنى التطير.
التطيّر: هو ما يتشاءم به من الفأل الرديء، وأطيّرنا أي تشاءمنا2.
قال تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ...﴾(الأعراف:131) أي يتشاءمون بموسى ومن معه.
ب- الإسلام والتطيّر
لقد حارب رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ظاهرة التطير محاربة شديدة حتى قال: "الطيرة شرك"3 و"من ردّته الطيرة عن حاجته فقد أشرك"4 و"من خرج يريد سفراً فرجع من طير فقد كفر بما أنزل على محمد"5.
وكان من عادة العرب أنهم إذا أرادوا المضيّ لأمر مهم مرّوا بالأماكن التي تحطّ فيها الطيور، وأثاروها ليستفيد من ذلك جوازاً كي يمضوا إلى مهمتهم أو نهياً ليرجعوا من حيث أتوا حيث يطيّرون بها أي يتشاءمون ولا يكملون طريقهم فنهاهم النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك موضحاً أن هذا الأمر لا يتصل بالإسلام والإسلام لا يقرّه ولا يرتضيه.
إلا أنه وللأسف الشديد لا يزال في مجتمعنا الحاضر ذيول لتلك الظاهرة التي كانت قبل الإسلام، بل اتسع مصدر الشؤم ليتعدّى الطير إلى غيره.
فنجد اليوم أن بعض الناس يتشاءمون من البوم إذا حطت على نافذة منزلهم أو سمحت لنفسها بالتحليق في سماء حديقتهم وربما بادرت ربّة المنزل إلى ايقاف سفر زوجها أو ولدها معتبرة أن اليوم الذي زارتهم فيه البوم هو يوم أسود لا يجلب إلا التعاسة والشؤم، وإذا ما حدث أن توافق حلول أمر مكروه متزامناً مع زيارة البوم سارعت المرأة إلى إشراك البوم واعتبارها من المسبّبات لذلك الحادث إن لم تكن هي السبب بكامله دون شريك.
وهكذا ظاهرة التشاؤم من يوم الأربعاء، ورفّة العين اليمنى، حيث يقال بأنها تجلب الحزن، ووضع الحذاء مقلوباً فإنه يميت صاحب الدار، وإصابة باطن القدم بالحكاك فإنها تؤدي إلى المشي خلف الجنائز وما شابه هذه الأقاويل التي لا واقع لها أبداً ولا يمكن أن تكون أسباباً لا للسعادة ولا للتعاسة والشقاوة.
فقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله كان يحب الفأل الحسن ويكره الطيرة، وكان يأمر من يرى شيئاً يكرهه ويتطيّر منه أن يقول: "اللهم لا يؤتي الخير إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك"6.
وكان صلى الله عليه وآله يدعو دائماً إلى التوكل على اللَّه تعالى الذي إن أرادنا بخير لا رادّ لفضله، ويعتبره كفارة للتشاؤم والتطيّر.
قال صلى الله عليه وآله: "كفارة الطيرة التوكّل"7.
والمؤمن ينبغي أن يكون شعاره الدائم (تفاءلوا بالخير تجدوه).
* صفات الموالين, إعداد ونشر جمعية المعارف الثقافيه, ط1, محرم 1424هـ, ص 82-88.
1- ميزان الحكمة، حديث: 11339.
2- لسان العرب، ج8، ص240.
3- ميزان الحكمة، حديث: 11336.
4- نفس المصدر. حديث: 11337.
5- نفس المصدر. حديث: 11338.
6- البحار، ج77، ص153.
7- الكافي، ج8، ص198.