الأكل والشرب واللباس
زاد المغترب
من المسائل التي يبتلي بها المغترب مسألة الطعام والشراب واللباس، وذلك لكون الاغتراب كثيراً ما يكون في البلاد التي يدين أهلها بغير الإسلام، وبالتالي فإن معاييرهم تختلف فيما يتعلق بالطعام من جهة الطهارة أو من جهة حليّة الأكل،
عدد الزوار: 873
تمهيد
من المسائل التي يبتلي بها المغترب مسألة الطعام والشراب واللباس، وذلك لكون
الاغتراب كثيراً ما يكون في البلاد التي يدين أهلها بغير الإسلام، وبالتالي فإن
معاييرهم تختلف فيما يتعلق بالطعام من جهة الطهارة أو من جهة حليّة الأكل، وكذلك
بالنسبة للباس وشرائطه فيما يتعلق بصحة الصلاة به، ومن هنا فعلى المكلف أن يلتفت
إلى ما يتناوله من المطاعم والمشارب، خوفاً من تناول ما يحرم تناوله من الأطعمة
والأشربة، ومن جهة الطهارة والنجاسة وصحة الصلاة فيما يختص باللباس.
وقبل كل ذلك ما هو حكم غير المسلمين من حيث الطهارة والنجاسة؟
طهارة أهل الكتاب
والمقصود من أهل الكتاب كل من ينتمي إلى دين إلهي ويعتبر نفسه من أمَّة نبيٍ من
أنبياء الله تعالى، على نبينا واله وعليهم السلام، ويكون لهم كتاب من الكتب
السماوية التي أنزلها الله تعالى على الأنبياء عليهم السلام ، كاليهود، والنصارى،
والزرادشتيين، وكذلك الصابئون فإنهم من أهل الكتاب، والمعاشرة مع هؤلاء مع رعاية
الضوابط والأخلاق الإسلامية، ليس فيها إشكال 1 ، وحكمهم الطهارة، وما
يؤخذ منهم محكوم بالطهارة كذلك، إلا أن يرى المكلف بعينه النجاسة، أو يخبره عنها
صاحبها 2 .
غير أهل الكتاب
كل من لم يكن من المسلمين ولا أهل الكتاب، فحكمه النجاسة، سواءً كان ملحداً أو كان
من طوائف تعتبر غير مسلمة كالغلاة، أو من أديان غير أهل الكتاب.
اللحوم
إن حليَّة اللحم وطهارته متوقفة على التذكية الشرعية، وهي تتحقق بالشروط التي ذكرها
العلماء من شروط للذبح بطريقة خاصة، وشروط للذابح التي من بينها أن يكون مسلماً،
واللحم الذي يوزع من المسالخ في البلدان غير الإسلامية لا تراعى فيها هذه الشروط،
وبناءً عليه فاللحوم عندهم تعتبر نجسة، ولا يجوز أكلها.
وأما الدهن الحيواني فهو محكوم بالحلية والطهارة إلا أن يحرز أنه من شحم حيوان غير
مذكى، أو أنه أصبح نجسا على أثر ملاقاة النجس له 3 .
الجلد
هناك تكليفان يتعلقان بالجلد، الأول: الطهارة، والثاني: صحة الصلاة، فما هو حكم
الجلود من هذه الجهة؟
الحيوان ينقسم إلى قسمين: الأول: ذو النفس السائلة كالغنم والبقر...، والثاني: ذو
النفس غير السائلة كالحيّة.
حكم جلد الحيوان ذي النفس غير السائلة كالحية:
1- لا تصح الصلاة فيه.
2- طاهر غير نجس.
حكم جلد الحيوان ذي النفس السائلة:
إذا علم أنها مذكاة، فهي طاهرة وتصح الصلاة معها.
إذا علم أنها غير مذكاة، فهي نجسة ولا تصح الصلاة معها.
وأما مع الشك في التذكية فهنا حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون الشك في أن هذا الجلد طبيعي أو اصطناعي، فهنا يجوز له الحكم
بطهارته كما يجوز له الصلاة فيه بلا أي إشكال.
الحالة الثانية: أن يعلم أنه من الجلد الطبيعي ولكن يشك في تذكيته وعدمه، فهنا يجوز
له الحكم بطهارته إلا أنه لا يجوز له الصلاة فيه.
ــ لو صلّى المكلف في الجلد المشكوك بتذكيته، جاهلاً بأن حكم الجلد الطبيعي في
الأسواق غير الإسلامية عدم صحة الصلاة فيه، ثم علم بالحكم فلا تجب عليه إعادة
الصلوات السابقة 4 .
ملاحظة: تستعمل بعض الشركات شعر الخنزير في بعض منتجاتها كفراشي الطلاء
والتخطيط والرسم وينبغي التنبه إلى ما يلي:
1- شعر الخنزير نجس.
2- لا يجوز الاستفادة منه في الأمور التي تعتبر فيها الطهارة شرعا ككتابة ايات الله
الكريمة بها، وأما استخدامها في الأمور غير المشروطة بالطهارة فلا إشكال فيه.
3- الريشة إذا شك المكلف أنها صنعت من شعر الخنزير أم لا، فاستخدامها حتى في الأمور
المشروطة بالطهارة لا إشكال فيه 5 .
الخمر والمسكر
إن الخمر والمواد المسكرة فضلاً عن كونها من الأمور التي تضرُّ بالجسد والعقل
بإجماع علماء الطبيعة، فإنها من المحرمات الكبيرة التي حرمها الإسلام، قال الله
تعالى: ﴿يَسْأَلونَكَ
عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْم كَبِير وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ
وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾6
.
وجاء في الخبر عن الإمام الصادق عليهم السلام : "... وأما الخمر فإنَّه حرمها
لفعلها وفسادها، وقال: مدمن الخمر كعابد وثن يورثه الارتعاش، ويذهب بنوره، ويهدم
مروءته، ويحمله على أن يجسر على المحارم من سفك الدماء، وركوب الزنا، ولا يؤمن إذا
سكر أن يثب على حرمه وهو لا يعقل ذلك، والخمر لا يزداد شاربها إلا كل شر" 7.
وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه و آله لعن فيها عشرة: "غارسها، وحارسها،
وعاصرها، وشاربها، وساقيها، وحاملها، والمحمول إليه، وبائعها، ومشتريها، واكل
ثمنها" 8 .
وبالنسبة للمسكر بشكل عام فهناك حكمان يتعلقان به، الأول يتعلق بحرمة التناول، والثاني يتعلق بالنجاسة.
أما حكمه من جهة تناوله: فلا يجوز تناول أي نوع من أنواع المسكرات سواء كان مائعاً
كالخمر أو جامداً كالمخدرات.
وأما حكمه من جهة النجاسة:
ــ فالمسكر المائع بالأصل نجس، والجامد غير نجس وإن كان محرماً تناوله، وأما الكحول
التي لا يعلم كونها من صنف المسكر المائع بالأصالة فمحكومة بالطهارة، وبيع وشراء
واستعمال المائعات الممزوجة به كالدواء لا إشكال فيه 9 .
ــ قد تستعمل بعض الشركات الكحول ضمن سلعها الإستهلاكية كبعض أنواع الأشربة، أو
الشوكولاته، أو العصير، فالكحول الموجود في المادة المنتجة إذا كان مسكراً في نفسه
فهو نجس وحرام، حتى لو لم يكن مسكراً للمستهلك بسبب قلة المقدار والامتزاج بالمادة
المنتجة، ولكن إذا كان هناك شك وترديد في كونه مسكراً في نفسه، أو في كونه مائعاً
بالأصالة فالحكم يختلف 10 .
*زاد المغترب, سلسلة المعارف الإسلامية , نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
1- أجوبة الاستفتاءات،
السيد علي الخامنئي، ج1، ص98.
2- أجوبة الاستفتاءات، السيد علي الخامنئي، ج1، ص103.
3- أجوبة الاستفتاءات، السيد علي الخامنئي، ج1، ص83.
4- أجوبة الاستفتاءات، السيد علي الخامنئي، ج1، ص131.
5- أجوبة الاستفتاءات، السيد علي الخامنئي، ج1، ص83.
6- سورة البقرة، الاية: 219.
7- وسائل الشيعة ال البيت ، الحر العاملي، ج42، ص99.
8- تحرير الوسيلة، للإمام الخميني، ج2، ص146.
9- أجوبة الاستفتاءات، السيد علي الخامنئي، ج1، ص91.
10- أجوبة الاستفتاءات، السيد علي الخامنئي، ج1، ص92.