يتم التحميل...

إصلاح شؤون المرأة داخل الأسرة

دور الأم في الأسرة والمجتمع

إن أحد أهداف الزواج هو تحقيق حالة الاستقرار النفسي، والطمأنينة الروحية، وفي ظلال هذه الحياة المشتركة ينبغي على الزوجين العمل على تثبيت هذه الحالة التي تمكِّنهم من التقدُّم والتكامل.

عدد الزوار: 229

الحب والأمن داخل الأسرة

إن أحد أهداف الزواج هو تحقيق حالة الاستقرار النفسي، والطمأنينة الروحية، وفي ظلال هذه الحياة المشتركة ينبغي على الزوجين العمل على تثبيت هذه الحالة التي تمكِّنهم من التقدُّم والتكامل.

لقد أثبتت التجارب أنه عندما تزداد أمواج الحياة عنفاً، وحين يهدِّد خطر ما أحد الزوجين فإنَّهما يلجان إلى بعضهما البعض لتوفير حالة من الأمن تمكِّنهما من مواجهة الحياة والمضي قدماً. وعليه فإن الزواج ينبغي أن يحقِّق حالة الاستقرار وإلا فإن الحياة ستكون جحيماً لا يطاق يقول السيد الخامنئي دام ظله : " وعندما تُشكَّل الأسرة فإن الإسلام يعتبر أن المرأة والرجل شريكان في الحياة، وعلى كلّ‏ٍ منهما أن يعامل الاخر بالمحبَّة. فلا يحق للرجل أن يعامل زوجته بالقوَّة، ولا المرأة أن تعامل زوجها بالقوَّة. ... الأسرة هي المكان الذي يجب أن تنمو فيها العواطف والأحاسيس، وتجد فيها رونقها، أن يجد الأطفال فيه المحبة والحنان، وحتى الزوج الرجل، إن طبيعة الرجل أبسط من المرأة، وأكثر حدَّة وحزماً في مجالات خاصة، وليس يداوي جرحه إلا حنان زوجته، لا بد أن تحنّ‏َ عليه، حيث لا ينفعه حنان أمِّه. فإنّ‏َ الزوجة تستطيع أن تفعل بالرجل الكبير ما تفعله الأم بابنها الصغير، وإن النساء على معرفة دقيقة وظريفة بهذا الأمر، وإذا افتقرت هذه العواطف والأحاسيس لمحورها الأساسي في البيت أي إلى المرأة وسيِّدة البيت، فستصبح الأسرة شكلاً لا معنى له. ... وهناك قول رائج بين النساء العاقلات ذوات التجربة، سمعته من كبيرات السِّن، وهو صحيح، إنِّهنّ‏َ يقلن: الرجل كالطفل، إنَّهن محقَّات في ذلك، فهذا هو الواقع. وهو يعني أن الرجل العالم والفاضل وصاحب الشعور والذي لا يعاني من أي نقص ذهني، هو كالطفل في مواجهته ومعاملته للمرأة، والمرأة كأم الطفل! فكما أن الطفل يبدو سي‏ء الخلق عندما يجوع، ولا بد من إقناعه وسدِّ حاجته؛ فإن المرأة إذا استطاعت أن تؤدي مهمتها بدراية فسيصبح الرجل بين يديها هادئاً أليفاً.

... انظرن إلى هذه الاية الشريفة التي تشير إلى المرأة والرجل داخل الأسرة، يقول تعالى:  ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَة1 .

... لتسكنوا إليها... أي لتجدوا إلى جانب الجنس الاخر داخل الأسرة الطمأنينة والسكينة. الرجل إلى جانب المرأة، والمرأة إلى جانب الرجل. فالرجل يحسّ‏ُ بالطمأنينة والسكينة عندما يعود إلى بيته وإلى محيط أسرته الامن وإلى جانب زوجته الأمينة والعطوفة والمُحبَّة. وكذلك المرأة فإنَّها تشعر بالسعادة وبحسن الحظ والسكينة عندما تكون إلى جانب زوجها الذي يحبُّها ويشكِّل الحصن المنيع لها حيث أنه الأقوى جسدياً عادة، الأسرة تؤمن ذلك لكلا الطرفين، فالرجل يحتاج للمرأة في جو الأسرة ليحصل على السكينة، والمرأة تحتاج إلى الرجل في جوِّ الأسرة لتجد السكينة، لذلك قال: لتسكنوا إليها؛ لأن الإثنين بحاجة للسكون والسكينة، إن أهمّ‏َ شي‏ء يحتاج البشر إليه هي السكينة، فسعادة الإنسان تكون في أمانه من التلاطم والاضطراب الروحي، وحصوله على الطمأنينة والسكينة الروحية. وهذا الأمر تحققه الأسرة للإنسان، تحققه للرجل والمرأة معاً.

ثم تأتي الجملة التالية وهي جميلة جدّاً وجذّابة حين يقول تعالى: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً2.

إذاً فالعلاقة الصحيحة بين الرجل والمرأة هي علاقة المودَّة والرحمة، علاقة المحبة والعطف، أن يحب كل واحد منهما الاخر، أن يعشق كل واحد منهما الاخر، أن يحنّ كل منهما إلى الاخر. ولا تجتمع المحبة والاحترام مع العنف، ولا يقبل وجود حنان دون محبَّة.

إن الطبيعة الإلهية للرجل والمرأة في جو الأسرة هي طبيعة علاقة الحب والحنان بين الرجل والمرأة: مودّة ورحمة فإذا تغيّرت هذه العلاقة، وإذا أحسّ‏َ الرجل في البيت أنه المالك، وإذا نظر إلى زوجته نظرة المستخدمة ونظرة استغلال، فذلك ظلم، ومع الأسف فإن الكثيرين يرتكبون ذلك الظلم.

... البعض يظن أن مشكلة المرأة في عدم تصدّيها للأعمال الكبيرة والخوض في الضجيج، ليست تلك هي مشكلة المرأة، فحتى المرأة التي تتولَّى عملاً كبيراً فهي تحتاج إلى جو امن داخل أسرتها، وتحتاج لزوج حنون ومحب، وتحتاج إلى زوج يمثل لها الركن الذي تطمئن إليه عاطفياً وروحياً، فتلك هي طبيعة المرأة، وتلك هي حاجاتها العاطفية والروحية، ولا بد من تأمينها" .

ضرورة إحساسها بالأمن‏

يقول القائد الخامنئي دام ظله في هذا المجال: " إذا استطعتن أن تساهمن في وضع قوانين وقرارات تجعل المرأة تحسّ‏ُ بالأمن في بيت زوجها فهو أمر حسن جداً. فالإنسان يربِّي ابنته بمشقَّة كبيرة وبمحبة وعطف من الوالدين، فتصبح شابَّة، لكنها تعدُّ في بيت والدتها طفلة، ثم تذهب إلى بيت زوجها، فيتوقع منها أن تكون سيدة، تفهم كل شي‏ء، وتقوم بكل شي‏ء، وتعرف كل شي‏ء، حتى إذا بدر منها أي خطأ، تعرَّض لها! يجب أن لا يحصل ذلك.

اسعين إلى أن تحسّ‏َ الفتاة بالأمن عندما تذهب إلى بيت زوجها مهما كان سنُّها. وأن تحسّ‏َ بأنها لن تتعرَّض للقسوة، إن استطعتنّ‏َ تأمين ذلك وتحقيقه فإني اعتبر ذلك أهم خطوة تخطونها، أن لا يتعرضن لسماع الكلام القاسي، وإذا سمعت ذلك يمكنها أن تدافع عن حقِّها، فإذا تحقق ذلك فإن عملاً مهماً يكون قد أنجز. إنّ‏َ جلّ‏َ همتي وأكثر قلقي منصرف لتأمين ذلك، وأرى أنه غير مؤمَّن حالياً، حتى داخل الأسرة المؤمنة والمتقية، وليس داخل الأسر العصرية. قبل عدَّة سنوات جاءتني طبيبة تشكو لي زوجها غير المثقَّف لأنَّه يعنِّفها، وقد عجزت عن الدفاع عن نفسها. توجد نماذج كهذه الاف مع الأسف.

استعنّ‏َ لمعالجة الأمر بالقوانين والقرارات إن استطعتن ذلك. وقد ذكرت انفاً أن سبب ذلك التعنيف هو ضعف المرأة جسدياً في مقابل الرجل، ولا بد من معالجة الأمر بالمعرفة والثقافة من جهة، وبالقانون من جهة أخرى، أي يجب أن توضع وسائل القوَّة بيد المرأة، تلك الوسائل من جهة تشكِّل المعرفة والثقافة اللذين يمنعان تعرُّض المرأة للظلم، ومن الجهة الأخرى القانون. فإذا تمّ‏َ تأمين الأمرين كان خيراً" .

مشكلة المرأة لا تحل عن طريق المفاهيم الغربية

إن العالم الإسلامي يتعرَّض إلى غزو جديد قد يكون أخطر من الغزو العسكري، القديم، هذا الغزو هو الغزو الثقافي والفكري والعقلي. لقد عمل الأمريكيون في المرحلة الأخيرة، وبعد تفكُّك الاتحاد السوفياتي على إرساء قواعد سياسية واقتصادية لنظام عالمي ليبرالي، وهو أمر لا يمكن أن يكون من دون إعادة تشكيل البنى الاجتماعية والفكرية من جديد.

إنهم يحاولون وتحت عناوين برَّاقة تخدع العقول تفكيك العلاقات الأسرية، وتدمير أمومة المرأة ودورها الأساس في التربية الأسرية، ويعملون على غسل دماغ بل توسيخ دماغ اجتماعي وتربوي وفكري وعقائدي كامل يحضِّر الشعوب لتقبُّل مفاهيمهم الغربية المدمِّرة التي لا تقيم وزناً لقيم أو دين أو أخلاق، وبهذا يستطيع الغرب كسب المعركة بأقل كلفة.

لهذا كان من الضروري للإمام القائد دام ظله الحريص على قوَّة المسلمين، وأُسَرِهم ونسائهم ومجتمعهم التنبيه على هذا الأمر الخطير قائلاً:
" إن مشكلة المرأة في المجتمعات التي تعاني فيها المرأة من مشاكل، ومن تلك المجتمعات مجتمعنا، حيث تعاني النسوة من مشاكل داخل الأسر مع الأسف.

إن كل المشاكل لن تحل من خلال ما يطرحه مدَّعو الدفاع عن حقوق المرأة العاملة والموظفة، بل إن ما تحتاج إليه النساء ليس ما يكتبه اليوم بعض الكتّاب وما يتفوَّه به بعض المنادين بالأفكار الغربية المعادية للإسلام في إيران الإسلامية، فأولئك يعيدون نفس الأخطاء التي جعلت نساءنا خلال عهد حكومة الطاغوت يصلن إلى حافة السقوط. إن مشاكل السيِّدات في بلدنا لا تحل بهذه الطرق.

... خلال العقود الثلاثة التي سبقت الثورة تزلزل في إيران بنيان الأسرة بسبب غزو الثقافات الأوروبية لإيران، أي أن الأسرة كانت قد فقدت أصالتها وقيمتها وعظمتها التي كانت قد اكتسبتها من الإسلام" .

" ... إنني أقول للنساء المسلمات الشابات وربَّات البيوت لا تذهبن وراء الإعلام الاستهلاكي الذي يروِّج له الغرب كالأرَضة في روح المجتمعات البشرية ومجتمعات الدول النامية ومنها دولتنا" .

الإسلام هو الحلّ‏ُ للمرأة والأسرة

أ-  نموذج المرأة المسلمة الأولى‏
يقول السيد الخامنئي دام ظله في هذا المقام: " إذا ما استطاع مجتمعنا الإسلامي أن يربِّي نساءاً على شاكلة نموذجنا الإسلامي، أي كالنموذج الزهرائي والنموذج الزينبي، نساءاً جليلات وعظيمات، نساءاً تتأثَّر بهن الدنيا والتاريخ، عندئذ ستنال المرأة مقامها الشامخ والحقيقي.

وإذا استطاعت المرأة في مجتمعنا أن تنهل من العلم والمعرفة والكمالات المعنوية والأخلاقية التي حدَّدها اللَّه تعالى والرسالات الإلهية لجميع البشر رجالاً ونساءاً على حدٍّ سواء، فستتحسَّن تربية الأطفال، وسيصبح الجو العائلي أكثر حرارة وصفاءاً، وسيتقدَّم المجتمع وسيتمكن من حلّ عقد الحياة بسهولة أكثر، وبالتالي سيسعد الرجل والمرأة معاً. يجب أن نسعى لتحقيق ذلك" .

ب ـ نموذج المرأة المسلمة الإيرانية

يشير الإمام القائد دام ظله إلى النموذج الجديد للمرأة المسلمة الملتزمة، وهو نموذج المرأة الإيرانية، حيث قال: " ... وهذه هي أسوة المرأة المسلمة المعجزة العظيمة التي تصنعها المرأة المسلمة عندما تعود إلى فطرتها وأصلها، كما حصل في الثورة والنظام الإسلامي وللَّه الحمد وكما يشاهد اليوم أيضاً، فنحن لم نرَ تلك القدرة والعظمة من النساء كما نراها في أمَّهات الشهداء، ولم نر تلك التضحية من النساء الشابات كما رأيناها في فترة الحرب حيث كنّ‏َ يرسلن أزواجهن الأحباء إلى ميادين الحرب ويحافظن على أسرهن وعفَّتهن وأمانتهن ليبقى الأزواج مرتاحي البال هناك، فهذه هي عظمة الإسلام التي ظهرت على وجوه نسائنا الثوريات في أيام الثورة وحالياً أيضاً وللَّه الحمد .

فلا يقول البعض أن النساء لا يمكنهن كسب العلم إذا حافظن على الحجاب والعفة وإدارة البيت وتربية الأولاد، فكم من النساء العاملات لدينا في مختلف المجالات في مجتمعنا وللَّه الحمد فهناك عدد كبير من الطالبات الجامعيات المجدَّات ومن ذوات القابلية، وكذلك من الخريجات في مستويات عالية وطبيبات ممتازات من النمط العالي في مجالات علمية متنوِّعة.

إن نساءنا اليوم في الجمهورية الإسلامية يحافظن على عفافهن وطهارتهن كنساء ويحافظن على الحجاب بشكل كامل، ويقمن بتربية أولادهن بالطريقة الإسلامية كذا بالواجبات الزوجية كما يقول الإسلام، ويمارسن نشاطات علمية وساسية" .

*دور المرأة في الأسرة, سلسلة في رحاب الولي الخامنئي, نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


1- سورة الروم، الاية/21.
2- سورة الروم، الاية/21.

2013-02-13