نبذ من قصة عيسى وأمه عليهما السلام
نبي الله عيسى(ع)
كانت أم المسيح مريم بنت عمران حملت بها أمها فنذرت أن تجعل ما في بطنها إذا وضعته محررا يخدم المسجد وهي تزعم أن ما في بطنها ذكور فلما وضعتها وبان لها أنها أنثى حزنت وتحسرت ثم سمتها مريم أي الخادمة وقد كان توفي أبوها عمران قبل ولادتها فأتت بها المسجد...
عدد الزوار: 452
كانت أم المسيح مريم بنت عمران حملت بها أمها فنذرت أن تجعل ما في بطنها إذا وضعته محررا يخدم المسجد وهي تزعم أن ما في بطنها ذكور فلما وضعتها وبان لها أنها أنثى حزنت وتحسرت ثم سمتها مريم أي الخادمة وقد كان توفي أبوها عمران قبل ولادتها فأتت بها المسجد تسلمها للكهنة وفيهم زكريا فتشاجروا في كفالتها ثم اصطلحوا على القرعة وساهموا فخرج لزكريا فكفلها حتى إذا أدركت ضرب لها من دونهم حجابا فكانت تعبد الله سبحانه ولا يدخل عليها إلا زكريا وكلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله والله يرزق من يشاء بغير حساب وقد كانت عليها السلام صديقة وكانت معصومة بعصمة الله طاهرة مصطفاة محدثة حدثها الملائكة بأن الله اصطفاها وطهرها وكانت من القانتين ومن آيات الله للعالمين.
ثم إن الله تعالى أرسل إليها الروح وهي محتجبة فتمثل لها بشرا سويا وذكر لها أنه رسول من ربها ليهب لها بإذن الله ولدا من غير أب وبشرها بما سيظهر من ولدها من المعجزات الباهرة وأخبرها أن الله سيؤيده بروح القدس ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ورسولا إلى بني إسرائيل ذا الآيات البينات وأنبأها بشأنه وقصته ثم نفخ الروح فيها فحملت بها حمل المرأة بولدها، ثم انتبذت مريم به مكانا قصيا فأجائها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا فناداها من تحتها أن لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا فأتت به قومها تحمله وكان حمله ووضعه وكلامه وسائر شؤون وجوده من سنخ ما عند سائر الافراد من الانسان.
فلما رآها قومها والحال هذه ثاروا عليها بالطعنة واللوم بما يشهد به حال امرأة حملت ووضعت من غير بعل ﴿...قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا *يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا * فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا* قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا *وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا* وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا *وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا﴾، فكان هذا الكلام منه عليه السلام كبراعة الاستهلال بالنسبة إلى ما سينهض على البغي والظلم وإحياء شريعة موسى عليه السلام وتقويمه وتجديد ما اندرس من معارفه وبيان ما اختلفوا فيه من آياته. ثم نشأ عيسى عليه السلام وشب وكان هو وامه على العادة الجارية في الحياة البشرية يأكلان ويشربان وفيهما ما في سائر الناس من عوارض الوجود إلى آخر ما عاشا.
ثم إن عيسى عليه السلام أوتي الرسالة إلى بني إسرائيل فانبعث يدعوهم إلى دين التوحيد ويقول اني قد جئتكم بآية من ربكم اني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الاكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه. وكان يدعوهم إلى شريعته الجديدة وهو تصديق شريعة موسى عليه السلام إلا أنه نسخ بعض ما حرم في التوراة تشديدا على اليهود وكان يقول إني جئتكم بالحكمة ولابين لكم بعض الذي تختلفون فيه وكان يقول يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد.
وأنجز عليه السلام ما ذكره لهم من المعجزات كخلق الطير وإحياء الموتى وإبراء الاكمه والأبرص والاخبار عن المغيبات بإذن الله. ولم يزل يدعوهم إلى توحيد الله وشريعته الجديدة حتى أيس من إيمانهم لما شاهد من عتو القوم وعنادهم واستكبار الكهنة والاحبار عن ذلك فانتخب من الشرذمة التي آمنت به الحواريين أنصارا له إلى الله. ثم إن اليهود ثاروا عليه يريدون قتله فتوفاه الله ورفعه إليه وشبه لليهود فمن زاعم أنهم قتلوه ومن زاعم أنهم صلبوه ولكن شبه لهم.
* تفسير الميزان ج 3ص 279_281.
2012-01-17