الوقف والدوافع وتحذير الكاظم عليه السلام منه
شهادة الإمام الرضا(ع)
الإمام موسى بن جعفر نظر بنور الله وفراسة المؤمن وهو الذي يظن بك الظن كان قد رأى وقد سمع فعرف من هذا النظر الدقيق أن هناك جماعة سوف تغلبهم دنياهم وهواهم وينحرفوا عن جادة الحق فحذّر ما استطاع، ووقف موقفاً لا مثيل له في الدفاع عن خط الإمامة ومنهاج الرسالة المتمثل بالأئمة الاثني عشر صلوات الله وسلامه عليهم.
عدد الزوار: 203
الإمام موسى بن جعفر نظر بنور الله وفراسة المؤمن وهو الذي يظن بك الظن كان قد رأى وقد سمع فعرف من هذا النظر الدقيق أن هناك جماعة سوف تغلبهم دنياهم وهواهم وينحرفوا عن جادة الحق فحذّر ما استطاع، ووقف موقفاً لا مثيل له في الدفاع عن خط الإمامة ومنهاج الرسالة المتمثل بالأئمة الاثني عشر صلوات الله وسلامه عليهم.
فعن البطائني قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام إنّ أباك أخبرنا بالخلف من بعده فلو خبرتنا به قال: فأخذ بيدي فهزها ثم قال: (ما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتّقون).
وكأنه يشير إلى الواقع المخزي الذي يصير إليه هذا الرجل بعد وضوح الحق وبيانه ويشير الإمام بصراحة إلى حركة الوقف من بعده وينعى على القائلين به دينهم في حديث رواه محمد بن سنان قال: دخلت على أبي الحسن قبل أن يحمل إلى العراق بسنة وعلي ابنه بين يديه. فقال لي: يا محمد!. قلت: لبيّك.
قال: إنّه سيكون في هذه السنة حركة فلا تجزع منها، ثم أطرق ونكث بيده في الأرض ورفع رأسه إليّ وهو يقول: يضلّ الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء.
قلت: وما ذاك جعلت فداك؟
قال: من ظلم ابني هذا حقّه، وجحد إمامته من بعدي، كان كمن ظلم علي بن أبي طالب حقّه، وجحد إمامته من بعد محمد صلى الله عليه وآله.
فعلمت أنّه قد نعى إليّ نفسه ودلّ على ابنه.
الدوافع المادية للواقفة
إنّ الذين أثاروا مسألة الوقف وابتدعوها يحفظ التاريخ أسماءهم وإنّهم من خزنة الإمام وقوام أمره والمقربين لديه.
فحين مضى الإمام موسى إلى ربّه كان عند علي ابن حمزة البطائني ثلاثون ألف دينار وعند زياد بن مروان القندي سبعون ألف دينار وعند عثمان بن عيسى الرواسي ثلاثون ألف دينار وست جوار.
وقد نازعتهم نفوسهم في تسليم هذه الأموال لولده القائم من بعده فتحيلوا لذلك بإنكار موت الإمام موسى بن جعفر عليه السلام وأنّه حيّ يرزق وإنّهم لن يسلّموا الأموال حتى يرجع فيسلّموها له.
فعن أحمد بن حماد قال: كان أحد القوام عثمان بن عيسى وكان بمصر وكان عنده مال كثير وست جوار.
قال: فبعث إليه: إنّه قد مات وقد اقتسمنا ميراثه وقد صحّت الأخبار بموته واحتجّ عليه فيه.
فكتب إليه: إن لم يكن أبوك مات فليس لك من ذلك شيء وإن كان قد مات على ما تحكي فلم يأمرني بدفع شيء إليك وقد أعتقت الجواري وتزوجتهن .
وفي رواية (الغيبة): إنّ أباك لم يمت وهو حيّ قائم ومن ذكر أنّه مات فهو مبطل .1
ويحاول علي بن حمزة البطائني وزياد القندي أن يقفا في وجه ملاحقة الإمام لهما ومطالبته إيّاهما بالمال بإنكارهما وجود أي مال لديهما لأبيه ولكن يونس بن عبد الرحمن الذي حاول إغراءه بالمال لكي يتبني معهما الدعوة للوقف يكشف لنا عن تلبسهما بجرم السرقة واغتصاب مال الإمام.
يقول يونس: مات أبو إبراهيم وليس من قوامه أحد إلاّ وعنده المال الكثير وكان ذلك سبب وقفهم وجحدهم موته طمعاً في الأموال، كان عند زياد القندي سبعون ألف دينار وعند علي بن حمزة البطائني ثلاثون ألف دينار فلما رأيت ذلك وتبينت الحق وعرفت من أمر أبي الحسن الرضا ما علمت ودعوت الناس فبعثا إليّ وقالا: ما يدعوك إلى هذا إن كنت تريد المال فنحن نغنيك وضمنا لي عشرة آلاف دينار وقالا لي: كف، فأبيت.2
وقلت لهما: إنّا روينا عن الصادقين عليهم السلام أنهم قالوا: إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه، فإن لم يفعل سلب نور الإيمان وما كنت لأدع الجهاد في أمر الله على كل حال فناصباني وأضمرا لي العداوة .3
1- عيون أخبار الرضا ج 1 ص 28.
2- الغيبة للشيخ الطوسي ص 29.
3- الإمام الرضا عرض وتحليل ص145_147.