يتم التحميل...

رفض خطوبة زينب (بنت عبد الله بن جعفر من يزيد)

إضاءات إسلامية

من بعض كتب المناقب القديمة: روي أن معاوية كتب إلى مروان وهو عامله على المدينة أن يخطب على يزيد بنت عبد الله بن جعفر على حكم أبيها في الصداق وقضاء دينه بالغا ما بلغ، وعلى صلح الحيين: بني هاشم وبني أمية.

عدد الزوار: 45

 من بعض كتب المناقب القديمة: روي أن معاوية كتب إلى مروان وهو عامله على المدينة أن يخطب على يزيد بنت عبد الله بن جعفر على حكم أبيها في الصداق وقضاء دينه بالغا ما بلغ، وعلى صلح الحيين: بني هاشم وبني أمية. فبعث مروان إلى عبد الله بن جعفر يخطب إليه فقال عبد الله: إن أمر نسائنا إلى الحسن بن علي عليهما السلام فاخطب إليه، فأتى مروان الحسن خاطبا فقال الحسن: اجمع من أردت ! فأرسل مروان فجمع الحيين من بني هاشم وبني أمية فتكلم مروان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فان أمير المؤمنين معاوية أمرني أن أخطب زينب بنت عبد الله بن جعفر على يزيد بن معاوية على حكم أبيها في الصداق وقضاء دينه بالغا ما بلغ، وعلى صلح الحيين: بني هاشم وأمية، ويزيد بن معاوية كفو من لا كفو له، ولعمري لمن يغبطكم بيزيد أكثر ممن يغبط يزيد بكم، ويزيد ممن يستسقي الغمام بوجهه ثم سكت. فتكلم الحسن عليه السلام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما ما ذكرت من حكم أبيها في الصداق، فانا لم نكن لنرغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله في أهله وبناته، وأما قضاء دين أبيها فمتى قضت نساؤنا ديون آبائهن ؟ وأما صلح الحيين فانا عاديناكم لله وفي الله فلا نصالحكم للدنيا. وأما قولك من يغبطنا بيزيد أكثر ممن يغبطه بنا، فان كانت الخلافة فاقت النبوة فنحن المغبوطون به، وإن كانت النبوة فاقت الخلافة، فهو المغبوط بنا. وأما قولك إن الغمام يستسقي بوجه يزيد، فان ذلك لم يكن إلا لآل رسول الله صلى الله عليه وآله وقد رأينا أن نزوجها من ابن عمها القاسم بن محمد بن جعفر وقد زوجتها منه، وجعلت مهرها ضيعتي التي لي بالمدينة، وكان معاوية أعطاني بها عشرة آلاف دينار، ولها فيها غنى وكفاية. فقال: مروان: أغدرا يا بني هاشم ؟ فقال الحسن: واحدة بواحدة. وكتب مروان بذلك إلى معاوية، فقال معاوية: خطبنا إليهم فلم يفعلوا ولو خطبوا إلينا لما رددناهم.1

وفي تاريخ دمشق: 57/245: (كتب معاوية إلى مروان وهو على المدينة أن يزوج ابنه يزيد بن معاوية زينب بنت عبد الله بن جعفر، وأمها أم كلثوم بنت علي وأم أم كلثوم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله ويقضي عن عبد الله بن جعفر دينه، وكان دينه خمسين ألف دينار، ويعطيه عشرة آلاف دينار، ويُصْدقها أربعمائة دينار، ويكرمها بعشرة آلاف دينار ! فبعث مروان بن الحكم إلى عبد الله بن جعفر فأجابه واستثنى عليه برضا الحسين بن علي وقال: لن أقطع أمراً دونه مع أني لست أولى به منها وهو خال والخال والد ! قال: وكان الحسين بينبع فقال له مروان: ما انتظارك إياه بشئ فلو حزمتَ ؟ فأبى، فتركه فلم يلبثوا إلا خمس ليال حتى قدم الحسين، فأتاه عبد الله بن جعفر فقال: كان من الحديث ما تسمع وأنت خالها ووالدها، وليس لي معك أمر فأمرها بيدك، فأشهد عليه الحسين بذلك جماعة. ثم خرج الحسين فدخل على زينب فقال: يا بنت أختي إنه قد كان من أمر أبيك أمر، وقد ولاني أمرك وإني لا آلوك حسن النظر إن شاء الله، وإنه ليس يخرج منا غريبة فأمرك بيدي ؟ قالت: نعم بأبي وأمي ! فقال الحسين: اللهم إنك تعلم أني لم أرد إلا الخير، فقيِّضْ لهذه الجارية رضاك من بني هاشم، ثم خرج حتى لقي القاسم بن محمد بن جعفر بن أبي طالب فأخذ بيده فأتى المسجد وقد اجتمعت بنو هاشم وبنو أمية وأشراف قريش وهيؤوا من أمرهم ما يصلحهم !

فتكلم مروان فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن يزيد بن أمير المؤمنين يريد القرابة لطفاً وألحق عظماً، ويريد أن يتلافى ما كان بصلاح هذين الحيين، مع ما يحب من أثره عليهم، ومع المعاد الذي لا غناء به عنه، مع رضا أمير المؤمنين. وقد كان من عبد الله بن جعفر في ابنته ما قد حسن فيه رأيه وولى أمرها الحسين بن علي، وليس عند الحسين خلاف لأمير المؤمنين إن شاء الله تعالى.

فتكلم الحسين: فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الإسلام يرفع الخسيسة ويتم النقيصة ويذهب الملامة، فلا لوم على امرئ مسلم إلا في أمر مأثم، وإن القرابة التي أعظم الله حقها وأمر برعايتها وسأل الأجر في المودة عليها، والحافظة في كتاب الله تعالى قرابتنا أهل البيت، وقد بدا لي أن أزوج هذه الجارية من هو أقرب إليها نسباً وألطف سبباً، وهو هذا الغلام يعني القاسم بن محمد بن جعفر، ولم أرد صرفها عن كثرة مال نازعتها نفسها ولا أبوها إليه، ولا أجعل لامرئ في أمرها متكلماً، وقد جعلت مهرها كذا وكذا منها في ذلك سعة إن شاء الله ! فغضب مروان وقال: أغدراً يا بني هاشم ؟! ثم أقبل على عبد الله بن جعفر فقال: ما هذه بأيادي أمير المؤمنين عندك وما غبتَ عما تسمع ! فقال عبد الله: قد أخبرتك الخبر حيث أرسلت إليَّ وأعلمتك أني لا أقطع أمراً دونه ! فقال الحسين بن علي: على رسلك، أقبلْ عليَّ ! فأُولى الغدر منكم وفيكم ! إنتظر رويداً حتى أقول: نشدتكم الله أيها النفر ثم أنت يا مسوَّرَ بن مَخْرمة أتعلم أن حسن بن علي خطب عائشة بنت عثمان حتى إذا كنا بمثل هذا المجلس من الإشفاء على الفراغ، وقد ولوك يا مروان أمرها قلت: إنه قد بدا لي أنا أزوجها عبد الله بن الزبير؟ هل كان ذلك يا أبا عبد الرحمن يعني المسور؟ قال: اللهم نعم ! فقال مروان قد كان ذلك، أنا أجيبك وإن كنت لم تسألني! فقال الحسين: وأنتم موضع الغدر). انتهى.


1- بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 44 - ص 119 – 120.

2012-01-09