يتم التحميل...

النبى (ص) وأمير المؤمنين (ع) على المنبر

عيد الغدير

وحان الوقت الموعود ونادى منادي الرسول صلى الله عليه وآله، فخرج المسلمون من الخيام واصطفوا للصلاة، وخرج النبي صلى الله عليه وآله من خيمته وصلى بهم صلاة الظهر.

عدد الزوار: 23
 

وحان الوقت الموعود ونادى منادي الرسول صلى الله عليه وآله، فخرج المسلمون من الخيام واصطفوا للصلاة، وخرج النبي صلى الله عليه وآله من خيمته وصلى بهم صلاة الظهر.

ورقى النبي صلى الله عليه وآله المنبر ووقف على مرقاته الأخيرة، ثم دعا بأمير المؤمنين عليه السلام وأمره أن يصعد المنبر ويقف إلى يمينه. فجاء أمير المؤمنين عليه السلام ووقف على المنبر أدنى من موقف النبي صلى الله عليه وآله بمرقاة بحيث وضع النبي صلى الله عليه وآله يده على كتفه.

ثم ألقى النبي صلى الله عليه وآله ببصره الشريف يميناً وشمالا يتفحص ذلك الحشد الكبير من الناس وانتظر هنيئة كيما يصغى الناس بأسرهم. وكانت النساء في جانب من ذلك المكان يسمعن النبي صلى الله عليه وآله ويشاهدنه.

وشرع النبي صلى الله عليه وآله في خطبته التاريخية، آخر خطبة رسمية له إلى العالم أجمع، التي لم يذكر التاريخ خطبة لنبي من الأنبياء عبر التاريخ مثلها في مثل هذا الحشد المهيب.

وبدأ النبي صلى الله عليه وآله باسم الله تعالى وأخذ يرتِّل قصيدة نبوية في حمد الله تعالى والثناء عليه... ويشهد الله والناس على عبوديته المطلقة لربه العظيم.

ثم قال لهم: إن الله عز وجل بعثني برسالة فضقت بها ذرعاً وخفت الناس أن يكذبوني; فقلت في نفسي من غير أن ينطق به لساني: أمتي حديثو عهد بالجاهلية، ومتى أخبرتهم بهذا في ابن عمي يقول قائل ويقول قائل! فأتتني عزيمة من الله بتلة قاطعة في هذا المكان، وتواعدني إن لم أبلغها ليعذبني. وقد ضمن لي تبارك وتعالى العصمة من الناس، وهو الكافي الكريم; فأوحى إليَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ.

ثم قال صلى الله عليه وآله: لا إله إلا هو، لا يؤمن مكره ولا يخاف جوره. أقِرُّ له على نفسي بالعبودية وأشهد له بالربوبية، وأؤدي ما أوحى إليَّ، حذراً من أن لا أفعل فتحلَّ بي منه قارعةٌ لايدفعها عني أحدٌ، وإن عظمت حيلته. أيها الناس، إني أوشك أن أُدعى فأجيب، فما أنتم قائلون؟

فقالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت.

فقال صلى الله عليه وآله: أليس تشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن الجنة حقٌ وأن النار حقٌ وأن البعث حق؟

قالوا: يا رسول الله، بلى.

فأومأ رسول الله صلى الله عليه وآله إلى صدره وقال: وأنا معكم.

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا لكم فرط، وأنتم واردون عليَّ الحوض; وسِعته ما بين صنعاء الى بصرى; فيه عدد الكواكب قِدْحان; ماؤه أشد بياضاً من الفضة... فانظروا كيف تخلفونى فى الثقلين.

فقام رجل فقال: يا رسول الله، وما الثقلان؟

قال صلى الله عليه وآله: الأكبر كتاب الله، طرفه بيد الله وسبب طرفه بأيديكم، فاستمسكوا به ولا تزلُّوا ولا تضلوا; والأصغر عترتي أهل بيتي. أُذكِّركم الله في أهل بيتي، أُذكِّركم الله في أهل بيتي، أُذكِّركم الله في أهل بيتي. وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض. سألت ربي ذلك لهما; فلا تقدِّموهم فتهلكوا; ولا تتخلفوا عنهم فتضلوا; ولا تعلِّموهم فإنهم أعلم منكم. أيها الناس، ألستم تعلمون أن الله عز وجل مولاى، وأنا مولى المؤمنين، وأنى أولى بكم من أنفسكم؟

قالوا: بلى يا رسول الله.

قال صلى الله عليه وآله: "قم يا على". فقام على عليه السلام، وأقامه النبي صلى الله عليه وآله عن يمينه وأخذ بيده ورفعها حتى بان بياض إبطيهما وقال: "من كنت مولاه فعلى مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله، وأدِر الحق معه حيث دار. فاعلموا معاشر الناس أن الله قد نصبه لكم ولياً واماماً مفترضاً طاعته على المهاجرين والأنصار، وعلى التابعين لهم باحسان، وعلى البادى والحاضر، وعلى الأعجمى والعربى، والحر والمملوك والصغير والكبير".

فقام أحدهم فسأله وقال: يا رسول الله، ولاؤه كما ذا؟

فقال صلى الله عليه وآله: ولاؤه كولائى، من كنت أولى به من نفسه فعلى أولى به من نفسه!

وأفاض النبي صلى الله عليه وآله في بيان مكانة علي عليه السلام والعترة الطاهرة والأئمة الاثني عشر من بعده: علي والحسن والحسين وتسعة من ذرية الحسين عليهم السلام، واحدٌ بعد واحد، الذين هم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفارقونه ولا يفارقهم، حتى يردوا عليَّ حوضي...

ثم أشهد المسلمين مرات أنه قد بلغ عن ربه... فشهدوا له.

وأمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب... فوعدوه وقالوا: نعم.

وقام إليه آخرون فسألوه... فأجابهم...

وما أن أتم خطبته حتى نزل جبرئيل بقوله تعالى "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الاسلام ديناً". فكبَّر رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الرب برسالتي وولاية علي بعدي...

هذا ملخص الخطبة المباركة و سنعطيك تفصيلها إن شاء الله.


1- بحار الأنوار: ج 21 ص 387، ج 37 ص 209. عوالم العلوم: ج 15/3 ص 44، 97، 301. إثبات الهداة: ج 2 ص 267 ح 387، 391. إحقاق الحق: ج 21 ص 53، 57.

2011-11-12