يتم التحميل...

موجبات دخول الجنة في المنظور القرآني

إضاءات إسلامية

لقد تحدثت آيات كثيرة في القرآن الكريم عن اوصاف اهل الجنة كما حددت الأوصاف والأعمال التي توصل الانسان الى الجنة والتنعم بالمنزلة الرفيعة فيه.

عدد الزوار: 46

 لقد تحدثت آيات كثيرة في القرآن الكريم عن اوصاف اهل الجنة كما حددت الأوصاف والأعمال التي توصل الانسان الى الجنة والتنعم بالمنزلة الرفيعة فيه.

ويمكن اجمال هذه الأوصاف بالنقاط الاتية:

1.الإيمان والعمل الصالح:
ان رأس المال للنجاة والسعادة وفتح ابواب الجنة هو الإيمان والعمل الصالح قال تعالى ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ البقرة:82.

ولـقـد ورد نـفـس هـذا التعبير او ما يشبهه في كثير من الآيات وما تكراره الا دليلا على اهمية الموضوع وعناية القرآن الخاصة به.

وبـهـذا فـان الـقـرآن الـكريم قد كشف النقاب عن الاوهام التي كان يعتقد بها جمع من اهل الكتاب والـسـائريـن عـلى نهجهم من سائر الامم حيث كانوا يتصورون بان النجاة ودخول الجنة تقوم على اسـاس سـلسلة علاقات وروابط معينة او انهم وضعوا ضوابط غير الإيمان والعمل الصالح فجا القرآن ليعبي الناس ويبني انفسهم على اساس بعدين رئيسيين هما (العقيدة) و (العمل). وردّت الآيات على اليهود الذين كانوا يعتقدون بانهم اوليا اللّه واحباؤه (وقالوا لن تمسنا النار الا اياما معدودات).

ومـن الـبديهي ان علاقة الإيمان والعمل الصالح هي كعلاقة (الشجرة) و(الثمرة) فالشجرة الطيبة (من اشجار الفواكه) لن تخلو من الثمرات الطيبة وكذا الحال بالنسبة للايمان فهو لا ينفك عن العمل الـصـالح الا ان يكون ضعيفا او خاليا من الروح فيتاثر بالشهوات والاهوا النفسية لذا نقرا حديثا عن الإمـام الـصادق عندما سئل عن حقيقة الإيمان فقال (الإيمان ان يطاع اللّه فلا يعصى)1 وبتعبير اوضـح:(الـعـمـل الصالح هو تجسيم الإيمان القلبي) ولا يعني هذا الحديث ان العاصين اومرتكبي الكبائر كفار كما يعتقد الخوارج وانما المقصود ان الإيمان القوي لا ينفك ابدا عن العمل الصالح، اما الإيمان الضعيف فيمكن ان ينفك عن هذا العمل الصالح ويقع صاحبه في ارتكاب الكبائر.ومـن الـجدير بالذكر ان اغلب الآيات الكريمة تقدم الإيمان على العمل الصالح بالرغم من ان الاتيان بـالـواجبات وترك المحرمات هو اكثر صعوبة من الإيمان ومقدم عليه عرفا ولعل السبب في تقديم الإيمان عـلى العمل الصالح يعود الى ان القرآن الكريم يريد ان يبين بان الإيمان هو اساس الأعمال الصالحة.واخـيـرا فـان تعبير الإيمان والعمل الصالح تعبيران واسعان الى حد يشملان جميع مراحل الإيمان بـاللّه وسـائر الاصول الاعتقادية، من جهة والاتيان بكافة الأعمال الفردية والاجتماعية والعبادية والسياسية من جهة اخرى وهذا هو المفتاح الاول من مفاتيح الجنة.

2.التقوى: العامل الاخر من عوامل دخول الجنة هو (التقوى) ولقد ذكرت الكثير من الآيات القرآنية هذا العامل مـن جـملتها ماورد في سورة مريم بعد الاشارة الى (جنات عدن) وبعض من نعمها ﴿تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا مريم-63.

من المعلوم ان الاسلام اعطى اهمية كبيرة للتقوى، واعتبرها احد شعاراته المشهورة كما ورد ذلك فـي سورة الحجرات الاية 13 (ان اكرمكم عند اللّه اتقاكم)فتقول الاية (ان الشرف والكرامة هو بتقوى اللّه سبحانه وهي الوسيلة الوحيدة الى سعادة الدار الاخرة) فليس من العجب ان تصف الكثير من الآيات القرآنية (التقوى)بانها مفتاح الجنة.

والـتـقـوى: هـي اجتناب الذنوب والمعاصي والامتثال لاوامر اللّه ونواهيه،واتباع الحق والعدل وبتعبير آخر: هي حالة الخوف الباطنية والوازع الذاتي الذي يمنع الانسان من الوقوع في المعاصي والاثام اي ان التقوى مفهوم جامع يضم كافة التكاليف الالهية والاخلاقية والانسانية.

والـتـعـبير بـ (تلك) في بداية الاية يشير الى البعيد وهو اشارة الى عظمة الجنة وكانها عالية بدرجة خارجة عن نطاق الفكر والخيال.واما كلمة (الارث) اشارة الى كلمة نورث الواردة في الآية فيمكن ان يشير بها الى المعاني الاتية:

1- كل تمليك ثابت، لان الملك الوحيد الذي لا يقبل الرجوع والفسخ هوما ينتقل عن طريق الارث وكذلك الجنة فان اللّه سبحانه وتعالى يورثها للمتقين.

2- قـبـل ان يـكـون لـلوراثة
بعدا قانونيا وتشريعيا فان لها بعد تكويني وطبيعي اذ تنقل مجموعة الصفات الوراثية للاباء والامهات الى الابنا، وبهذا يكون المراد بالارث في الاية اعلاه: هو ان هناك علاقة معنوية تكوينية بين التقوى والجنة.

3- الأموال الموروثة:
هي اموال تصل الى الانسان بدون تعب وعناء غالبا والنعم الالهية في الجنة من الـعـظمة بحيث تعتبر اعمال المتقين لا شي قبالها فكان الجنة تعطى لهم مجانا وبدون اي مقابل لضلة اهمية اعمال المتقين قياسا بهذه النعمة العظيمة. وبـتـعـبـير آخر نقول: حقا ان اعمال الانسان وتقواه هي الاساس في استحقاق الجنة ولكن عظمة الجنة ومافيها من النعم كانها اعطيت للمتقين مجان. مـن هنا يجب القول اضافة الى كون الجزا الاخروي له بعد استحقاقي كذلك له بعد تفضلي ايضا، اي ان الجنة هى تفضل من اللّه سبحانه وتعالى للمتقين.

3. الاحسان:
الاحـسـان عامل آخر من عوامل الدخول في موضع النعمة الالهية ولقداشار القرآن الكريم الى هذا الـمـفـهـوم الواسع في آيات عديدة من جملتها الاية 85 المائدة فبعد ان اشارت هذه الاية الى وضع مـجموعة من علماء اهل الكتاب الذين انقلبوابعد سماعهم آيات القرآن الكريم وفاضت اعينهم بالدمع مـمـا عـرفـوه مـن الحق، قال تعالى بصددهم (فاثابهم اللّه بما قالوا جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيهاوذلك جزا المحسنين).

صـحـيـح ان القرآن يذكر بان كل هذه النعم التي آثابهم اللّه بها لما قالوا بعظمة القرآن والإيمان به ولـكن من البديهي ان هذا لم يكن قولا فقط بل كان قولا ممزوجا بالايمان، ذلك الإيمان الذي ملا كل وجـودهـم لـذا تقول الآيات التي قبلها(ترى اعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق) لكن كيف يـكـون كـلام هـؤلاء مـصـداقـا لـلاحـسان ؟ يمكن القول اضافة الى انهم درسوا القرآن وتدبروا معانيه جيداكذلك انهم اقروا واعترفوا بدين الحق وعملوا به بشكل جيد.

4.الجهاد والشهادة: ان كـل مـن له ادنى اطلاع على منطق القرآن والاسلام يعلم جيدا بالمقام السامي والدرجة الرفيعة لـلـمـجاهدين والشهداء في الاسلام، فلقد وعد القرآن صراحة هذه الطائفة المضحية بالجنة، ومن جـمـلـة الآيات قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ التوبة:111.

حقا انها لتجارة لا نظير لها،فالمشتري هو اللّه سبحانه وتعالى والبائعون هم المؤمنون المجاهدون.الـبضاعة: الانفس والاموال التي وهبها اللّه اليهم والثمن الذي يدفع اليهم هو جنة الخلد وسند هذه المعاملة الكتب السماوية الثلاثة اضافة الى كل هذا هناك تبريك من قبل المشتري للبائع.

5.نهي النفس عن الهوى:
من الامور الاخرى التي هي من موجبات دخول الجنة الخوف من اللّه تعالى ونهي النفس عن الهوى قال تـعالى في الاية 40، 41 سورة النازعات:(واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي الماوى).2


1- بحار الأنوار ج 70ص 245.
2- نفحات من القرأن ج6ص137_141.

2011-10-24