يتم التحميل...

الحساب في عالم ما بعد الموت

بحوث ومعتقدات

قال الإمام زين العابدين عليه السلام مبيّنا فعل الله تعالى بالإنسان ( قبضه إلى ما ندبه إليه من موفور ثوابه، أو محذور عقابه ). لا مفر من الموت، وأيضاً لا مفر من البعث بعد الموت لا لمجرد البعث، بل للحساب، والمعاملة بالمثل لأن الله تعالى وعد يأن هناك يعث وثواب وعقاب وسجزى كل عبد

عدد الزوار: 40

قال الإمام زين العابدين عليه السلام مبيّنا فعل الله تعالى بالإنسان ( قبضه إلى ما ندبه إليه من موفور ثوابه، أو محذور عقابه ).1

لا مفر من الموت، وأيضاً لا مفر من البعث بعد الموت لا لمجرد البعث، بل للحساب، والمعاملة بالمثل لأن الله تعالى وعد يأن هناك يعث وثواب وعقاب وسجزى كل عبد بالذي يليق به وهذا ما أشارت اليه الآيات البيّنات كقوله تعالى:

﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ المجادلة:6.

﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى النجم:31.

﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ
- سبأ:37.

وهذا الحساب من عدله ً تعالى تقدست أسماؤه وتظاهرت آلاؤه، فلا يستقيم في عدل الله أن يستوي مصير المؤمن، والكافر، والبر، والفاجر، فيفلت المسئ من العقاب، ويحرم المحسن من الثواب، ولذا قال تعالى:﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ آل عمران:106.

قال إفلاطون: لو لم يكن معاد نرجو في الخيرات لكانت الدنيا فرصة الأشرار، وكان القرد أفضل من الإنسان.2

أما أقوال المنكرين للبعث والحساب وأدلتهم فترتكز على أمرين:

الأول:أنه ما ذكر أحد أنه شاهد ميتاً خرج من قبره، وعاد إلى النشأة الأولى.


والجواب:

لا أحد يدعي عودة الميت إلى النشأة الأولى ( أي الحياة الدنيا ) كي يقال له: ما رأينا ميتاً عادت إليه الحياة، وإنما العودة إلى النشأة الأخرى، وهي الآن في عالم الغيب، ولا يجليها سبحانه إلا لوقتها.

الأمر الثاني: مجرد الاستبعاد أن يعود الميت إلى الحياة.
و الجواب: لقد وجد الإنسان ولم يك شيئاً، فالذي أوجده من لا شيء يعيده ثانية، وبكلام آخر كل من يعترف بأن الإنسان وجد بسبب، أو بالصدفة، فعليه أن يعترف حتماً بإمكان وجوده حياً بعد الموت بالصدفة، أو سبب تماماً كما وجد في البداية، أبداً لا مفر من الاعتراف بإمكان الوجودين معاً، أو بإنكارهما معاً، علماً بأن إنكار الأول مخالف للحس، والعيان، ومن أعترف بالوجود الأول، وأنكر إمكان الوجود الثاني فقد فصل الشيء عن ذاته، وناقض نفسه بنفسه، ولذا قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: "عجبت لمن أنكر النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى "3، فالحياة بعد الموت حاصلة لا محالة وفيها الحساب والثواب والعقاب فنسأله تعالى أن يجعلنا من المرحومين في دار الخلد لا من المحرومين.4

1- من فقرات الدعاء الاول من الصحفة السجادية .
2- انظر ، جمهورية إفلاطون ، البحث الخامس .
3- انظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 8 / 112.
4- في ظلال الصحيفة السجادية / العلامة محمد جواد مغنية ص60_62.

 

2011-10-18