يتم التحميل...

حضور القلب في الصلاة

الصلاة

اعلم ان كون الامور المذكورة روح الصلاة وحقيقتها، والمقصود الاصلي منها، امر ظاهر. اذ الغرض الاصلى من العبادات والطاعات هي تصفية النفس وتصقيلها، فكل عمل يكون اشد تاثيرا فيهما يكون افضل.

عدد الزوار: 34

اعلم ان كون الامور المذكورة روح الصلاة وحقيقتها، والمقصود الاصلي منها، امر ظاهر. اذ الغرض الاصلى من العبادات والطاعات هي تصفية النفس وتصقيلها، فكل عمل يكون اشد تاثيرا فيهما يكون افضل.

و لا ريب في ان المقتضى لصفاء النفس وتجردها وتصقيلها عن الكدورات من الصلاة ليس الا الامور المذكورة، وليس لنفس الحركات الظاهرة كثير مدخلية فيها، وكيف لا يكون حضور القلب والخشوع روح الصلاة ولا يتوقف كمال الصلاة عليه، مع ان المصلى في صلاته ودعائه مناج ربه؟ ولا شك ان الكلام مع الغفلة ليس بمناجاة، وايضا الكلام اعراب عما في الضمير، ولا يتاتى الاعراب عما في الضمير الا بحضور القلب، فاى سؤال في قوله: " "اهدنا الصراط المستقيم‏" " اذا كان القلب غافلا؟ ولا شك ايضا ان المقصود من القراءة والاذكار الثناء والحمد والتضرع والدعاء، والمخاطب هو الله-تعالى-، فاذا كان قلب العبد محجوبا عنه بحجاب الغفلة، ولا يراه ولا يشاهده، بل كان غافلا عن المخاطب، ويحرك لسانه بحكم العادة، فما ابعد هذا عن المقصود بالصلاة التي شرعت لتصقيل القلب، وتجديد ذكر الله، ورسوخ عقد الايمان بها. هذا حكم القراءة والذكر.

و اما الركوع والسجود، فالمقصود منهما التعظيم قطعا، والتعظيم كيف يجتمع مع الغفلة، واذا خرج عن كونه تعظيما، لم يبق الا مجرد حركة الظهر والراس، وليس فيه من المشقة ما يقصد الامتحان به، كما في افعال الحج، واعطاء المال في الزكاة، وامساك النفس عن الشهوات في الصوم.

فكيف يجعل مجرد هذه الحركة مع خفتها وسهولتها عماد الدين، والفاصل بين الكفر والاسلام، وتقدم على سائر العبادات، ويجب القتل بسبب تركها على الخصوص؟ ولكون الحضور والخشوع والخشية عمدة ما يقصد به من الصلاة، تظاهرت الآيات والاخبار على الترغيب عليها وفضيلتها ومدح اهلها، وعلى ذم الغفلة والتفكر في امور الدنيا والوساوس الباطلة عند الاشتغال بالصلاة، وقد تظاهرت الاخبار ايضا بان الانبياء والاوصياء واكابر الاولياء كانوا عند اشتغالهم في الصلاة في غاية الاقبال والخشوع والخوف. قال الله-سبحانه-: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (المؤمنون:2).

و قال: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (طه:14).و الغفلة تضاد الذكر، فمن كان غافلا فى صلاته لا يكون مقيما للصلاة لذكره وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ(الماعون:5).

ذمهم على الغفلة عنها مع كونهم مصلين، لا لانهم سهوا عنها وتركوها. وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ.(النساء:43).

قيل: المراد: سكارى من كثرة الهم، وقيل: من حب الدنيا. ولو حمل على ظاهره ففيه تنبيه على سكر الدنيا، اذ بين فيه العلة. وقال: حتى تعلموا ما تقولون. وكم من مصل لم يشرب الخمرة وهو لا يعلم ما يقول فى صلاته.1

وقال رسول الله صلى الله عليه واله: من صلى ركعتين، لم يحدث فيهما نفسه بشى‏ء من الدنيا، غفر له ما تقدم من ذنبه ‏.2

و قال: اذا صليت صلاة فريضة، فصل لوقتها صلاة مودع يخاف الا يعود فيها. 3

و قال: لا ينظر الله الى صلاة لا يحضر الرجل فيها قلبه مع بدنه‏.4

وقال: انما فرضت الصلاة، وامر بالحج والطواف، واشعرت المناسك، لاقامة ذكر الله، فاذا لم يكن في قلبك للمذكور الذي هو المقصود والمبتغى عظمة ولا هيبة، فما قيمة ذكرك؟ ! 5


1- جامع السعادات ج2 باب الصلاة.
2- جامع السعادات ج2 باب الصلاة.
3- جامع السعادات ج2 باب الصلاة.
4- جامع السعادات ج2 باب الصلاة.
5- جامع السعادات ج2 باب الصلاة.

2011-10-06