يتم التحميل...

نبذ عن حياة الامام الصادق عليه السلام العلميّة

ولادة الإمام الصادق(ع)

ولا غرابة لو كان العلم أفضل من العبادة أضعافاً مضاعفه، لأنّ العابد صالح على طريق نجاة قد استخلص نفسه فحسب، ولكن العالم مصلح يستطيع أن يستخرج عوالم كبيرة من غياهب الضلال، وصالح في نفسه أيضاً، وقد فتح عينيه في طريقه، ومن فتح عينه أبصر الطريق.

عدد الزوار: 79

لا فضيلة كالعلم، فإن به حياة الاُمم وسعادتها، ورقيّها وخلودها، وبه نباهة المرء وعلوّ مقامه وشرف نفسه.

ولا غرابة لو كان العلم أفضل من العبادة أضعافاً مضاعفه، لأنّ العابد صالح على طريق نجاة قد استخلص نفسه فحسب، ولكن العالم مصلح يستطيع أن يستخرج عوالم كبيرة من غياهب الضلال، وصالح في نفسه أيضاً، وقد فتح عينيه في طريقه، ومن فتح عينه أبصر الطريق.

وليس في الفضائل ما يصلح الناس وينفعهم ويبقى أثره في الوجود مثل العلم، فإن العبادة والشجاعة والكرم وغيرها اذا نفعت الناس فإنما نفعها مادام صاحبها في الوجود، وليس له بعد الموت إِلا حسن الاحدوثة، ولكن العالم يبقى نفعه مادام علمه باقياً، وأثره خالداً.

وقد جاء في السنّة الثناء العاطر على العلم وأهله، كما جاء في الكتاب آيات جمّة في مدحه ومدح ذويه، وهذا أمر مفروغ عنه، لا يحتاج الى استشهاد واستدلال.

مدرسته العلميّة

ما كان أخذ العلم عنه على الطراز الذي تجده اليوم من الحوزات العلميّة والنقاش في الدليل والمأخذ، بل كان تلامذته يرون إِمامته عدا قليل منهم، والاماميّة كما تقدّم ترى أن علم الامام لا يدخل فيه الرأي والاجتهاد فيحاسب الامام على المصدر والمستند، وإِنما علمه إِلهي موروث، نعم ربّما يسأله السائل عن علّة الحكم سؤال تعلّم واستفاده لا سؤال ردّ وجدل.

على أن من أخذوا عنه العلم من غير الاماميّة كانوا يرون جلالته وسيادته وإِمامته وقد عدّوا أخذهم عنه منقبة شرفوا بها وفضيلة اكتسبوها.

وهذا ابن أبي الحديد قد أرجع علم المذاهب الأربعة اليه في الفقه.1

فكان السائل يأتي اليه ويستعلمه عمّا أشكل عليه، وكان الكثير منهم قد استحضر الدواة والقرطاس ليكتب ما يمليه عليه الامام ليرويه عنه عن تثبّت.

وإِذا أردت أن تعرف مبلغ علمه فانظر إِلى كثرة من استقى منه العلم فقد بلغ من عرفوه منهم أربعة آلاف أو يزيدون، ولماذا روى هؤلاء كلّهم عنه ولم يرووا عن غيره، مع وفرة العلماء في عصره، ولماذا إِذا روى أحد منهم عنه وقف عليه، ولا يسأل عمّن يروي ما أملاه، إِلا أن يخبر هو أن ما أملاه عن آبائه عن جدّه الرسول صلّى اللّه عليه وآله.

وما كانت تلك المدرسة التي خرّجت ذلك العدد الجم مدرسة تريد أن تعلّم العلوم للذكر والصيت والفخر والشرف، وما كانت غاية تلامذتها إِلا أن يتعلّموا العلم للعمل وخدمة الدين والشريعة، ومن خالف هذه السيرة أبعده الامام عن حوزته، فكم طرد اُناساً ولعن قوماً خالفوه في سيرته وسريرته وما زالت عظاته وارشاداته تسبق تعاليمه، أو تطّرد مع بيانه. 2


1- شرح النهج: ج1 ص/6.
2- كتاب الامام الصادق/ محمد حسين المظفر ج 2ص175_178.

2011-09-22