الموضوع: شعبية المسؤولين في النظام الاسلامي وضرورة خدمتهم للشعب
خطاب
المناسبة: عشية الذكرى الاولى لاستشهاد السيدين: رجائي (رئيس الجمهورية) وباهنر (رئيس الوزراء)، اسبوع الحكومة
عدد الزوار: 38
التاريخ: 7 شهريور 1361 هـ. ش/ 9 ذي العقدة 1402 هـ. ق
المكان: طهران، جماران
المناسبة: عشية الذكرى الاولى لاستشهاد السيدين: رجائي (رئيس الجمهورية) وباهنر (رئيس الوزراء)، اسبوع الحكومة
بسم الله الرحمن الرحيم
المسؤولون في النظام الاسلامي ليسوا من المرفهين
عليّ ان ابين قضية ولا اقصد من وراءها مدح الحكومة او الاجهزة الاخرى، بل ان ما اقوله عين الحقيقة ولربما انتم مطلعون على ذلك وتعلمون به.
ان احد الالتفاتات الالهية بالجمهورية الاسلامية، هذه الحركة الاسلامية هي ان القائمين على الامور، سواء الذين في المجلس (البرلمان) او الذين يخدمون في الحكومة، او الذين يعملون في الجيش، جميع هؤلاء ليسوا من الشريحة المرفهة، ليسوا من الشريحة التي لا همّ لها سوى ان تصل انفسها وضمان مصالحها حتى لو كان ثمن ذلك العمل ضد الجماهير.
فلو نظرتم الى الحكومات عبر التاريخ وخاصة تلك التي قامت خلال السنوات الخمسين الاخيرة، ستجدون ان القائمين على رأس السلطة، هم دعاة (الملكية) و (السلطنة) ومن الشرائح التي تسمى بالنبلاء. وعندما يتصدى لشؤون البلاد النبلاء او كما يقولون هم الاعيان واصحاب الثروات والطواويس، فمن الطبيعي ان لا يأخذ هؤلاء بنظر الاعتبار عامة الناس. هذه القضية الزامية، بالعكس فهؤلاء يخضعون امام القوة الاكبر منهم، وتراهم في مقابل الضعفاء والشعب جبارين وظالمين.
لو كنتم تلاحظون فأن تعامل هذه الحكومات التي كانت قائمة في بلادنا في السابق مع الشعب وقارنوا ذلك بتعاملهم مع السفارات الاجنبية، فقد كانوا يفقدون شخصيتهم- وهم لا يمتلكونها بالاساس في مقابل الاجانب بالكامل. وعلى ما اذكر فأن احد السفراء اتصور انه السفير البريطاني او سفير آخر قام وامسك الصدر الاعظم (رئيس الوزراء) من خناقه وضرب به الحائط. وكان هؤلاء يتحاشونهم، لكنهم في مقابل الناس، يظلمون بشكل لا يطاق، وقد كانوا يتصرفون مع الشعب بكبرياء وجلال كما يصفون هم ذلك بما تعلمونه جميعا.
ولعله من المصائب الكبيرة التي يبتلى بها شعب معين هو ان يحكمه ويتصدى لتسيير اموره شريحة حسب تعبيرهم الاعيان والمرفهين والاثرياء و- لا ادري اصحاب الحدائق والسيارات والعربات وغيرها. ان مصدر جميع المصائب التي تعاني منها الشعوب هو ان يكون حكّامها من المرفهين الذين يصفون انفسهم بالاعيان. ومثل هؤلاء، اقصد النبلاء والاعيان، يعتبرون القيمة القصوى في ان يعيشوا بأماكن افضل من غيرهم، وان يتعامل معهم الناس وكأن الناس عبيد وموالي لهم، ان كل ما يحملونه من افكار هي على هذه الشاكلة.
فلابد ان تكون له اكثر من حديقة، واكثر من بستان في شميران بطهران، او غيرها، حتى يصبح رئيسا للوزراء او وزيرا مثلا. وهؤلاء بالطبع وعلى اساس اوضاعهم الروحية والنفسية، يقفون خاضعين وكالعبيد امام القوى الاكبر منهم واسيادا وحكاما امام الضعفاء الذين ليس لهم حيلة، لأنهم يرون القيمة كل القيمة في السلطة وفي المكنة المالية. واذا ما كان حكام اي بلد من المرفهين او كما يسمون انفسهم بالنبلاء والاعيان، فأن مثل هذه الاوضاع ستكون طبيعية.
وعندما تصبح الحكومة على هذه الشاكلة، فلا احد يتصور كيف ستتصرف مع الشعب، ومن جانب آخر كيف ستتعامل مع الدول الاجنبية. فقد كانت مثل هذه الحكومات تخضع مقابل قوة وسلطة الاجانب، واذا ما شعروا بأن فوق سلطتهم هناك سلطة اكبر يمكن ان تضررهم، كانوا ينحنون امامها ويخضعون لها بشتى الطرق، والهدف في كل الاحوال البقاء على سدة الحكم، اما الشعب فليس مهماً ما سيحل به او ما سيفعله الاجانب بحقه.
ومن نعم الباري عزوجل هو ان حكومة الجمهورية الاسلامية والمتصدين للشؤون الاسلامية ليس من الشرائح المرفهة ولا من الاعيان والنبلاء والسلاطين والملوك. وقد ادى ذلك وسوف يؤدي لأن تكون القيمة في اشياء اخرى بالحياة، لأن حياتهم المادية عادية وطبيعة، لذلك ستكون القيمة في القيم الانسانية والقيم الاسلامية والقيم الاخلاقية، ومثل هذه الحكومة التي تنظر الى القيم الاسلامية وتريد خدمة النوع الانساني، وتعتبر نفسها خادمة للشعب، فأن مثل هذه الحكومة ستجد الشعب الى جانبها ولن تستطيع اية قوة اجنبية التأثير عليها. فالقوى الاجنبية ولكي تهيمن على الشعب تخيف دائما اولئك المترفين والنبلاء ابناء المجتمع المخملي. ولكي يبقى هؤلاء على وجاهتهم وجلالهم امام الشعب ولكي يفرضون سلطتهم عليه فأنهم يخضعون امام القوى الاجنبية التي تمارس الظلم عليهم ايضا.
وهذه هي الحالة الطبيعية لمثل هذه الحكومات التي يمسك بزمامها ابناء الشرائح المرفهة اما الحكومة التي تنبع من الناس، موضعها الطبيعي هو ان تكون مع الناس وتخدمهم لأنها لا ترى قيمة للجاه والمنصب.
قيمة المنصب في خدمة الناس
تعلمون انتم ان المناصب في الجمهورية الاسلامية فقدت معانيها السابقة، فلا رئيس الجمهورية ولا رئيس الوزراء ولا سائر الوزراء كما يتصورون، فلن يتصوروا اليوم انهم مسؤولون رفيعي المستوى، ذوو شأن وانهم (حضرة الاشرف) «1» وما الى ذلك من الالقاب. انهم يرون ان قيمتهم في المجتمع على قدر الخدمات لتي يقدونها، انهم يخدمون الشعب ولاقيمة في ان يحكموا الشعب. والمنصب في الجمهورية الاسلامية ليس كما في العهد السابق، كما ان الاشخاص الذين يتولون مناصب في الدولة ليسوا من الذين تربوا في اسر النبلاء والذوات او ان تكون حياتهم هكذا ولايستطيعون مؤاساة الشعب في حياته العادية.
اتصور انني شاهدت للمرة الثانية الشريط الذي جرى بثه ليلة امس عن المرحوم رجائي «2» والذي صور داره، بعض الاشخاص الذين كانوا عندي قالوا: لقد زرنا بيت السيد رجائي، لقد جادوا تصويره، الحقيقة هو انه اصغر بكثير من ذلك. ان الشريط يصوره مكانا واسعا في حين اننا لم نشاهد الدار بتلك السعة التي صور بها، لقد جادوا تصويره، الحقيقة هو انه اصغر بكثير من ذلك. ان الشريط يصوره مكانا واسعا في حين اننا لم نشاهد الدار بتلك السعة عن قرب. واذا كان رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء على هذه الحالة ويعيش في مثل هذا البيت، فمثل ذلك لايخاف من اية قوة عظمى، لاي شيء يخاف؟ فلن يسلبوه ذلك. انما يخاف الذي يريد ان ينهب من خلال السلطة، او الذي يريد ان يكون حاكما، بالشكل الفلاني، اما رجائي رحمه الله وامثاله ك- (باهنر) «3» والذين فقدناهم، لم يكونوا على تلك الشاكلة ولم يكونوا خائفين على ان يفقدوا وضعهم لانه لم يكن شيئا يذكر، وعلى هذا لم يكونوا يخضعون امام الآخرين او ان يظلموا الناس لتزيد منافعهم الدنيوية.
وهذه من عناية الله تبارك وتعالى بهذا الشعب، لقد خرج هؤلاء الاشخاص من صميم الجماهير، من الشعب نفسه، من البازار لا ادري من الازقة والبيوت واقاموا الحكومة. فالناس التي قامت من البازار وشكلت الحكومة هي تعرف جيدا وضع السوق (المركز التجاري التقليدي في ايران).
فهم يعرفون جيداً وضع السوق، وعندما تخرج الحكومة من بين الجماهير غير المرفهة فأنها تعرف كيف تعالج هموم الناس. انني لا اريد هنا وبهذا الكلام الاطراء والمديح عليكم، بل اقصد منه التذكير ولفت الانتباه الى ان الحكومة قائمة وباقية على اسلاميتها مادام الوضع هكذا، مادامت الحكومة والمجلس (البرلمان) وغيرهما كالجيش ورؤساءه والقادة، على ما نراه من حال، ولا خوف على النظام في ظل مثل هذه الاوضاع بل الخوف يكون من ان تنال الجمهورية الاسلامية آفة وانحراف عن مبادئها.
آفة النظام تكمن في ابتعاد المسؤولين عن الشعب
اذا كنتم تخافون من شيء، فيجب ان تخافوا من انفسكم، فقد يتحول خط سيركم لا سمح الله الى مسار آخر، ولا تلتفتوا الى ما تلتفتون اليه الآن، وتفقدوا جماهيريتكم. يجب ان تخافوا لا سمح الله ان يحصل مثل هذا الامر وتفقدوا بعدكم الجماهيري وتصبحوا في حال اخرى، تتصورون الآن وقد اصبحتم رئيسا للوزراء، او رئيسا للجمهورية او احمل حقيبة الوزارة الفلانية، فيجب ان اكون كذا وكذا، عندها يجب ان تعرفوا انكم معرضون للخطر، لأنه في مثل تلك الحالة سيطمع فيكم الاجانب.
هؤلاء يعرفون الطرق التي تؤدي الى شقاء ودمار اي بلد، انهم يعرفون جيدا ان هذه الاعمال يجب ان تجري على يد الحكومة نفسها، على يد السلطة نفسها، على يد البرلمان نفسه، ان يتم العمل من الداخل. فهم يدركون ان خلق اضطرابات في بلد ما والقضاء عليه امر مستحيل مع الوضع الذي يعيشه مثل بلدنا، فقد جربوا ذلك في افغانستان. ففي افغانستان وبالرغم من ان الحكومة كانت الى جانبهم «1» وكذلك العديد من الاحزاب، لكنهم فشلوا بسبب الجماهير المسلمة الواعية التي تعارض سيطرة القوى العظمى لقد عجزوا عن فعل شيء وهم يتجهون نحو الفشل والاندحار الكامل. انهم يمتلكون تجارب في هذا المجال ويدركون حقيقة الامر. يعلمون ان الشعب الذي صمد في مواجهة جميع الضغوطات التي استعملت ضده ولايزال صامداً، الشعب الذي اطفاله بالامس كان طفلا بعمر هذا السيد الصغير لا يتجاوز عمره العاشرة، كان يبكي ويقول ادعو لي بأن استشهد بهذا الوعي، وهكذا نساءه ورجاله وشيبه وشبابه، يعلمون ان اساليب الضغط واستخدام الحراب والقهر لا تنفع مع مثل هذا الشعب. وبالتأكيد هم يسعون الى تمرير خطة اخرى، وهم يراقبون الوضع بدقة ويتحينون الفرصة المناسبة لذلك.
انهم يخططون منذ الآن لخمسين سنة قادمة، يخططون لثلاثين عاما، يضعون المخططات الآن ليحصلوا على النتيجة بعد ثلاثين سنة، بمعنى لو ان جامعاتنا شهدت انحرافا في الوقت الحاضر فأنهم سيجنون نتيجة ذلك بعد ثلاثين سنة. لو دخل الى جامعاتنا اشخاص غير ملتزمين بالاسلام وما شابه ذلك اذا ما دخل اشخاص منحرفون، حتى لو لم يتمكنوا حاليا من عمل شيء وهم بالطبع غير مستعجلين للقيام بشيء ما فان امثال هؤلاء الجامعيين سيقومون بالدعاية شيئا فشيئا عن طريق الحديث وبعض التصرفات وغيرها وبعد فترة من الزمن سنجد ان جميع مقدرات البلاد وقعت في ايديهم. وعندما يتسلط هؤلاء على مقدرات بلد او شعب معين، وبهذه المسيرة المنحرفة، يكونون قد وصلوا الى النتائج المرجوة عن طريق اشخاص محليين.
المحافظة على الدعم الجماهيري من قبل المسؤولين
لابد ان تسعوا جميعكم، وأي شخص في اي وزراة كان، يجب ان يسعى لأن يكون اعضاء وزارته في حالة نفسية تجعله منسجما مع الشعب. يجب ان لا يشعر الناس بصعوبة الوصول الى الوزير وعندما يتقدمون بطلب او شكوى عليهم ان يراجعوا اكثر من مسؤول وعليهم ان يبقوا منتظرين في باب الوزير لفترة طويلة. لا، فلو شاهدتم حصول مثل هذه الحالة لا سمح الله اعلموا انكم تتجهون نحو السقوط، انكم تضعون اقدامكم في طريق السقوط والانحطاط. انكم اقوياء مادمتم لا تفرقون بين الوجهاء والاعيان والنبلاء ان وجدوا من جهة وذلك الحانوتي العادي في الحي او ذلك المؤمن البسيط الذي يرتاد المسجد من جهة اخرى. بالعكس عليكم ان تقدموا الفئة الثانية على الاولى، لأن هؤلاء هم الذين اوصلوكم الى سدة الوزارة مع ان الوزارة اليوم ليست شيئا مهما بالنسبة لكم وهؤلاء هم الذين اخرجوا القوى العظمى، وهم الذين طردوا اولئك الذين كانوا يسيطرون على مقدراتنا ومقدراتكم ومقدرات البلد عامة ويوجهونها نحو الانحطاط، هؤلاء هم الذين يجب ان نعرف منزلتهم ومكانتهم، اي علينا ان نحافظ عليهم. عليكم ان تراعوا وتحافظوا على هؤلاء الحفاة والمستضعفين من اجل الله، من اجل الاسلام، من اجل حفظ ماء وجوهكم وماء وجه بلدكم، هؤلاء الذين يخرجون في مسيرات لتشييع شهداءكم ويضربون على رؤوسهم وصدورهم، وجميعا نشاهد ذلك. يجب ان تحافظوا على مثل هذا الشعب وهذه المهمة تقع على عاتقكم وعاتق امثالكم. فأذا ما شعر الشعب يوما باليأس من الحكومة وشعر بأنها تقوم ببعض الاعمال لصالحها دون ان تلحظ مصالح الشعب، عندها سوف تنتهون جميكم لا سمح الله وحينها لن تجدوا احدا يقرأ الفاتحة على ارواحكم!
عليكم ان تتصرفوا بشكل يجعل ارتباط الناس بكم بهذا الشكل حتى بعد مماتكم، وان يبقى الناس على هذه العلاقة معكم حتى بعد الشهادة اذا كانت من نصيبكم-.
لأن ذلك له قيمة عند الله، فعندما يرى الله تبارك وتعالى تلك الجموع واقفة وتهتف وتضرب على رؤوسها من اجل (رجائي) فأن الله سيرحم (رجائي) حتى لو كان في اداءه بعض النقائص فأن الله سيرحمه لأجل وقفة الناس تلك. لأنه لو شهد اربعون مؤمناً بحسن مؤمناً، فأن الله سيقبل شهادتهم، لان اربعين مؤمنا لم يشهدوا منه الا الحسن، وعندما يشهد هؤلاء بذلك فأن الله سيعفو عنه، هذا فضلا عن تلك المسيرات التي خرجت له في الشوارع والتي كانت تضرب على رؤوسها وصدورها من اجله.
ان قيمة ومنزلة السيد رجائي، او منزلة السيد باهنر او منزلة السيد بهشتي «1» ومنزلة ائمة جمعتنا المظلومين «2» لم تكن في الاجهزة التي تولوها مثلا بل كانت في (شعبيتهم) وقربهم من الناس، وخدمتهم للشعب، فقد كانت الجماهير تشعر ان هؤلاء يعملون لخدمتهم، لذلك لم تؤثر كل تلك الدعاية التي قامت بها الايادي الفاسدة ضد المرحوم بهشتي خاصة حيث واجه هجمة شرسة، اما ما قام به ذلك الفاسق «3» ضد المرحوم رجائي والاذى والضغط الذي واجهه به، فقد بقي الشعب مع هؤلاء والى جابنهم.
فقد وقف الشعب مع ذلك المظلوم بعد وفاته كما كانوا يقفون معه في حياته. وعليكم جميعا ان تكونوا بهذا الشكل. ارجو ان يلتفت الجميع الى هذه القضية والحفاظ على هذه الحالة. اسعوا لأن يحفظ الاسلام، عليكم ان تحافظوا على هذه الحالة. اسعوا لأن تحافظوا على ايران، حافظوا عليها، اسعوا لأن تحافظوا على انفسكم، عليكم ان تحافظوا على جميع ذلك.
ضرورة التعامل الحاسم مع المخالفات من قبل الحكومة
وفي النهاية، يجب ان يسير هذا الوضع القائم حاليا نحو الافضل، عليكم ان تسعوا لأسلمة بعضكم البعض، لقد تحدثت اليكم عن ضرورة اسلمة الامور، والأن ايضا اقول: ما تتحدثون عنه من تخريب الغابات هذه إعمال غير اسلامية. وانا اقول يجب ان تكون التصرفات اسلامية. فمن يخالف قوانين الدولة يقوم بعمل غير اسلامي، ولابد ان تكون التصرفات اسلامية، اي انه على الحكومة الوقوف بوجه اي شخص يخالف القوانين التي وضعتها الدولة لحفظ النظام وبقوة، لأن عمله ذلك غير اسلامي، وانا اؤكد على ان الامور يجب ان تكون اسلامية. فقطع الاشجار في البلاد وتخريب الغابات عمل غير اسلامي، ويجب الوقوف بوجهه. وكذلك مخالفة قوانين المرور عمل غير اسلامي ولابد من التصدي له. فلو تخطى شخص مثلا الاشارة الحمراء يكون قد تصرف بشكل غير اسلامي، ولابد من ملاحقته واحالته الى القضاء.
وهنا ايضا اعلن ان الاسلام لا يتعارض مع النظام، بالعكس الاسلام يريد الحفاظ على النظام. والاسلام يتضمن جميع الامور الخاصة بالنظام. واذا ما خالف شخص ما النظام فأنه يكون قد قام بمخالفة شرعية ويجب التصدي له.
قيمة الانسان في الالتزام بالتكاليف الالهية
اقولها مرة اخرى للسادة عليكم ان تنتبهوا، فلا يغركم المنصب، ان قيمة الانسان ليست في المنصب الذي يحتله، ليست في كونه رئيسا للوزراء او رئيسا للجمهورية، او رئيسا للبرلمان او عضوا فيه، فهذه لا تمثل قيمة. بل قيمة الانسان في التزامه بتكاليفه امام الله تبارك وتعالى وفي عبوديته لله عزوجل، فما هي مسؤولية الانسان امام الله وامام العباد، هذه هي القيمة الحقيقية. وما دمتم محافظين على هذه القيم فأنكم محافظون على القيم الاسلامية والانسانية. واذا ما حصل انحراف في ذلك، وفقدتم القيمة الحقيقية، فلا قيمة لكم امام الله وامام عباده حتى لو بلغتم اعلى درجات العلم بين العلماء وحتى لو بلغتم ما بلغتم من الزهد. عليكم ان تفكروا في هذا الامر، وهو ان تخدموا بلدكم وتخدموا شعبكم ومن ثم تفكروا بأنفسكم وآمل ان يديم الله اعماركم عليكم ان تكونوا مثل المرحوم رجائي الذي ندبه الشعب بهذا الشكل وضربوا على الرؤوس والصدور من اجله، يجب ان يشهد الناس لكم بالعمل والفعل انكم جيدون حتى يقبلكم الباري عزوجل في حضرته، فالمرحوم رجائي شهد له الكثيرون، وحزنوا لفقده عملياً، وهذه شهادة معبرة عن صلاح وقبول هذا الانسان، والله سبحانه وتعالى يقبل بها هكذا، لو كان لكم بعض الذنوب، فأن الله تبارك وتعالى سيغفرها لكم.
ارجو ان تسيروا جميعاً على خطى الانبياء، وقد وقف الانبياء في مواجهة الطاغوت بقوة، فيما كانوا يتواضعون امام الضعفاء والفقراء والمستضعفين والمحرومين. حتى يبلغ الامر مرتبة، عندما يدخل ذلك العربي الى مسجد رسول الله، يقول: ايكم رسول الله؟ هذا في حين ان الرسول كان وقتها على رأس السلطة، كانوا حينها في المدينة، وقد اقام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حكومة فيها، لكنه كان يحكم بتلك الطريقة. وفي مقابل ذلك لم يكن لينحني امام اية قوة، لانه كان يستحضر الله في اعماله، فالذي يشعر ان القوة كلها لله تبارك وتعالى وان ما عداه لا يشكل شيئا، فمثل هذا الشخص لا يمكنه الخضوع امام اي متجبر.
الفضائل الاخلاقية للشهيد مدرس
جميعكم مطلعون على تاريخ المرحوم مدرس، فهذا السيد الضعيف جسديا نعم اقول هذا السيد الذي كان يرتدي الزهيد من الملابس حتى ان احد الشعراء هجاه لزهد ملابسه وقف امام شخص متجبر مثل رضا شاه والذي ادرك زمن الاخير يعلم جيدا انه غير (ابنه) محمد رضا شاه. لقد كان رضا شاه متجبرا بمكان لم يشهد مثله تاريخنا الكثير من امثاله، لكن الشهيد مدرس وقف بوجهه في المجلس (البرلمان) وفي خارجه، حتى وصل الامر برضا شاه لأن يقول: ماذا تريد مني يا سيد؟ ورد عليه مدرس: اريد ان لا تكون، ان لا تبقى على قيد الحياة! هذا الشخص الذي حضرت يوماً درسه كان يأتي الى مدرسة سبهسالار التي تسمى مدرسة الشهيد مطهري حاليا- ويلقي دروسه هناك، ذهبت يوما لحضور درسه وجدته عالم دين بسيط وكأنه لا عمل له سوى التدريس، لقد كان على مرتبة روحية كبيرة. في حين انه كان حينها في صميم القضايا السياسية، فقد كان عليه بعدها ان يتوجه الى البرلمان ويقوم بما قام به. وبعد ان انهى الدرس علينا ذهب الى البرلمان. وكان حينها شخص يحسب له الجميع الف حساب. انني شاهدت البرلمان آنذاك، كانوا كأنما ينتظرون مجيء مدرس، بالرغم من عداءهم له، لكنهم كانوا يشعرون بالنقيصة اذا لم يحضر مدرس. واذا ما جاء مدرس كان الشعور بأن شيئاً جديدا سيحدث. لماذا كان مدرس بهذا الشكل؟ لانه كان غير مهتماً الى المنصب ولا الى الثروة وما شابه ذلك، لم يكن ينظر الى هذه الامور، فلا يشده المنصب ولا المال الى شيء كان على تلك الحالة وقد حدثني البعض انه كان يعمل نرجيلته (الشيشة) بيده. كان هكذا. وقد دخل عليه يوماً الحاكم، وعندما اقول الحاكم قد لا تتصورون ماذا كان يعني الحاكم حينها، قال له مدرس: معالي الحاكم سوف اضع الماء انا في النرجيلة على ان تجمرلي الفحم انت، او ان نتبادل العمل، كان يستصغرهم بهذا الاسلوب لكي لا يطمعوا فيه، فعندما يتصرف مع الحاكم بهذا الشكل ويقول له تعال وجمر الفحم، في حين كان الجميع يعظّمون الحاكم وينحنون امامه، ويستصغره بهذا النحو، كان يقطع الطريق امام اي طلب للحاكم منه او الطمع في موقفه.
كنت حاضرا عندما كتب احدهم شيئا، كان في زمن رئاسة رضا شاه للوزراء قبل ان يصبح ملكاً وحينها كان رضا شاه متجبرا وطاغية جاهل ايضا يصفّي جميع معارضية جاء احدهم وقال: كتبت شيئا الى العدلية (القضاء) ارجو ان تعطيه ليأخذوه الى معالي رئيس الوزراء او مثل هذا التعبير ليطلع عليه. فقال مدرس: رضا خان الذي لا يعرف كيف تكتب كلمة (عدلية) بالعين او بالألف، انا اوصله له ليطلع عليه؟! لم يكن ضد رضا شاه من وراءه، بل كان يواجهه بمثل هذا الكلام. لقد كان مدرس هكذا.
لماذا كان مدرس هكذا؟ لأنه كان متقيا، لم تضلله اهواءه (اتخذ الهه هواه) «1» لقد كان الهه الله عزّ وجل. لم يكن يعمل ويتصرف ليحصل على الجاه والمنصب او ما شابه ذلك، كان يعمل في سبيل الله. والذي يعمل من اجل الله ستكون حياته بهذا الشكل، فلم يكن يتوقع ان يواجه ما هو اسوأ من الوضع الذي يعيش فيه. فلماذا لا يقوم بمثل هذه الاعمال؟
وهو لا يخاف احدا، وعندما دخل رضا شاه البرلمان وكان جلاوزته ينادون ويهتفون يعيش فلان ويعيش فلان، قام مدرس ووقف امامه وقال له: الموت لفلان واعيش انا! جيد، هل تدركون ماذا يعني الوقوف امام ذلك الشخص، لكنه وقف. هذا لانه كان متحرراً من اهواء النفس، كان متقيا، ولم يكن يدين لاحد.
كمال الانسان في التحرر من التبعية
مصدر جميع انواع التبعية يكمن في تبعية الانسان للأنا. وبالتالي فأن الانسان هو مصدر تبعيته. فعندما يكون الانسان تابعا نجد في الحقيقة ان نفسه هي التابعة لبعض الجوانب الموجودة منه، تابعة لاهواءه، تابعة للأنا التي يحملها، حتى التبعية للخارج مصدرها داخل نفسه. وعندما تكون له تبعية داخلية فأنه سيتقبل اي نوع من التبعية تفرض عليه من الخارج.
لأنه عندما يجد بعض الامور تتعارض مع الاهواء التي يحملها، فأنه سيعمل خلافها. والانسان اذا ما تحرر من تبعيته لذاته ونفسه، فأنه لن يكون تبعاً لغيره ولا يخاف من شيء حتى لو اجتمعت ضده جميع قوى العالم، لأن النهاية هي الموت ولا شيء اسمى منها بالنسبة اليه، الشيء الذي يسعى اليه ابناء شعبنا، حيث يطلبون ان ندعو لهم بالشهادة. كل يوم التقي بمجموعة هنا يطلبون مني ان ادعو لهم بالشهادة ولكنني اقول لهم: ادعوا لكم بالنصر ان شاءالله.
ارجو من الله ان يوفقكم جميعا، يؤيدكم جميعا، ويرحم جميع الشهداء والذين خدموا هذا الشعب، كالموحوم رجائي التي تحل هذه إلايام ذكرى مرور سنة على استشهاده وايضا المرحوم باهنر وامثالهما ممن فقدناهم، والحقيقة هي اننا تضررنا بفقدهم كثيرا (لكن لم يطاح بنظامنا) لأن الشعب هو الذي تولى ادارة الامور بعدهم، والجماهير هي التي خلفتهم ولم يكن خلفاءهم من الاعيان والنبلاء. في النظام السابق. كان اذا ما قتل احد رؤساء الوزراء، تضطرب الامور في جميع انحاء البلاد ويشعر النطام الملكي انه آيل الى السقوط. اما اليوم يقتل رئيس الجمهورية ولا يؤثر ذلك على اوضاع البلاد لأن هناك من الشعب من سيخلفه... (وايران كلها بهشتي) «1» نعم مشروع الجماهير هو ان بهشتي واحد منها، لم يأت الينا من الخارج، لم يصدر الينا ولم نستورده! بل هو من لحمتنا واذا ما ذهب احدنا سيأتي شخص آخر منا ليحل مكانه. فأذا ما رحل رجائي، سيأتي شخص آخر مكانه، وهذا لو ذهب هذا ايضا، فأن هناك من يقوم مقامه. اي واحد منا يذهب هناك من يخلفه ويحل مكانه، وهذا هو حال ايران اليوم، وعلينا ان نحافظ على مثل هذا الوضع. يجب ان ندعو الله كي يديم علينا هذه الحالة، لأن مع وجود هذه الحالة، فأذا ما ذهب اي منا فأن هناك من يحل مكانه ويملأ الفراغ الذي يوجده، واذا ماتغير هذا الوضع سنعود الى سابق العهد وستضطرب الامور لمجرد ذهاب شخص. ادعوا الله ان يحفضكم جميعا انشاء الله، وان يوفقنا جميعا للعمل طبقا لاحكام شرعته وان نجعل وزاراتنا اسلامية.
واذا ما كان بعض الاشخاص المنحرفين لا سمح الله فعلينا نصيحتهم واذا لم يفد النصح معهم فلابد من استبدالهم. فليس من الصحيح الابقاء على شخصيات غير سوية، ليذهبوا لممارسة اعمال في مجالات اخرى. ارجو الله لكم بالتوفيق والتأييد ان شاء الله.
* صحيفة الإمام، ج16، ص:69