يتم التحميل...

الأخلاق الفرديّة والإجتماعيّة

مقدمات في الأخلاق

هل أنّ المسائل الأخلاقيّة تتشكل من خلال علاقة النّاس بالآخرين، بحيث أنّ الإنسان إذا ما عاش وحيداً فريداً لا يكون لديه مفهوم حول الأخلاق، وأنّ بعض المفاهيم الأخلاقيّة لها موارد في سلوك الإنسان حتى لوعاش لِوَحده، بالرّغم من أنّ أعظم المسائل الأخلاقيّة، تتجلى أكثر في عمليّة علاقة الأشخاص مع بعضهم البعض...

عدد الزوار: 27

هل أنّ المسائل الأخلاقيّة تتشكل من خلال علاقة النّاس بالآخرين، بحيث أنّ الإنسان إذا ما عاش وحيداً فريداً لا يكون لديه مفهوم حول الأخلاق، وأنّ بعض المفاهيم الأخلاقيّة لها موارد في سلوك الإنسان حتى لوعاش لِوَحده، بالرّغم من أنّ أعظم المسائل الأخلاقيّة، تتجلى أكثر في عمليّة علاقة الأشخاص مع بعضهم البعض، ولهذا يمكن تقسيم الأخلاق إلى قسمين: فرديّة وإجتماعيّة؟. للجواب عن هذا السّؤال، يجب أن نلفت أنظاركم، إلى البحث الذي جاء في كتاب "زندگى در پرتوأخلاق"، "الحياة على ضوء الاخلاق" وسنورده بالكامل هنا:


"يعتقد البعض أنّ كلّ الاُسس الأخلاقية، تعود إلى العلاقات الإجتماعية مع الآخرين، فلوإنعدم المجتمع وعاش الإنسان وحيداً فريداً، وأنّ كلّ إنسان عاش مستقلاّ عن الآخر، لا يعرف عنه شيء، فلن يكون هناك مفهوم للأخلاق أصلا!، لأنّ الحسد والتّواضع والكِبَر، وحُسن الظّن، والعدالة والجَور والعفّة والكَرم، كلّها من المسائل الّتي لا يتجلى مفهومها إلاّ بوجود المجتمع خاصّة، وتعامل النّاس مع بعضهم البعض، وبناءاً على هذا، فإنّ الإنسان بدون المجتمع، يساوي الإنسان من دون أخلاق".


ولكن بعقيدتنا، وعلى الرّغم من الإعتراف، بأنّ كثيراً من الفضائل والرّذائل الأخلاقيّة، لها علاقة مباشرة بالحياة الإجتماعية، ولكنّها ليست بصورة مطلقة، فكثيرٌ من الأخلاق لها جوانب فردية، وتصدق على الإنسان الوحيد بصورة خاصة، فمثلا الصّبر والجزع، والشّجاعة والخوف، والمشاجرة والكسل، وأمثال ذلك من الحالات والصّفات النّفسية التي تفرضها حالات الصّراع مع الطّبيعة، وكذلك الغفلة والشّعور تّجاه الخالق الكريم، والشّكر والكفران لنعمه التي لا تُحصى، وما شابه تلك الاُمور، الّتي بحثها علماء الأخلاق في كتبهم، وعدّوها من  الفضائل والرّذائل، فكلّ تلك الاُمور يمكن أن تدخل في الإطار الفردي للسّلوك، وتصدق على الإنسان المعزول عن المجتمع ومن هنا يتبيّن أنّ الأخلاق على قسمين: "أخلاقٌ فرديّةٌ" و"أخلاق ٌإجتماعيّةٌ".


ومن المعلوم أنّ الأخلاق الإجتماعيّة، التي لها الثّقل الأكبر في علم الأخلاق، وصياغة شخصيّة الإنسان:" تدور حول هذا المحور، وإن كنّا لا ننسى أيضاً أنّ الأخلاق الفرديّة لها وزنها، ووضعها الخاص بها"1. ولا شكَّ أنّ هذا التّقسيم، لا يقلّل من قيمة المسائل الأخلاقيّة، ولكنّه يُقسّم المباحث الأخلاقيّة إلى درجات من حيث الأهميّة، ولا داعي لإتلاف الوقت في معرفة وتمييز الأخلاق، هل أنّهافردية أم إجتماعية، وما أشرنا إليه آنفاً، يكفي للإحاطة بمعرفة إجماليّة حول هذا الموضوع. ولا يمكن اِنكار أنّ الأخلاق الفردية، لها تأثيرها غير المباشر في القضايا الإجتماعية أيضاً.

*الأخلاق في القرآن،آية الله مكارم الشيرازي،مدرسة الامام علي بن ابي طالب عليه السلام-قم،ط2،ج1،ص61-62


1- زندگى در پرتوأخلاق، ص29 - 31.

2009-07-29