يتم التحميل...

الموضوع: بيان عظمة أبعاد شخصية الإمام علي عليه السلام اللامحدودة ونهج البلاغة

نداء

المخاطب: المشاركون في المؤتمر 1

عدد الزوار: 50

التاريخ 27 أرديبهشت 1360  هـ. ش/ 12 رجب 1401  هـ. ق‏
المكان: طهران، جماران‏
المناسبة: افتتاح المؤتمر الألفي لنهج البلاغة
المخاطب: المشاركون في المؤتمر 1

بسم الله الرحمن الرحيم‏

في المؤتمر الألفي عن ماذا سيكون الحديث ومن نُعرِّف؟ هل يريد علماء الدنيا الكبار أن يُعرفوا مولانا أمير المؤمنين للآخرين أو يُعرّفون كتاب نهج البلاغة؟ بأية إمكانيات وأي رصيد سنخوض مثل هذا الأمر؟ أنتحدث عن شخصية علي بن أبي طالب، عن حقيقته المجهولة، أو نتحدث من خلال معرفتنا الضئيلة القليلة؟ هل إن علياً عليه السلام أصلًا بشر مادي ودنيوي، حتى يتحدث عنه أهل الأرض أم هو موجود ملكوتي يقيسه الملكوتيون؟ فماذا لدى أهل العرفان سوى معرفتهم العرفانية وماذا لدى الفلاسفة الإلهيين غير علومهم المحدودة؟ فهل لديهم وسيلة أخرى لمعرفته؟ فإلى أي حد عرفوه حتى يطلعونا نحن المهجورين؟
فالعلماء وأهل الفضيلة والعرفاء الفلاسفة بكل فضلهم وعلمهم النفيس عرفوا ما عرفوا من هذا التجلي الإلهي، وهم في حجاب وجودهم وفي حدود أنفسهم، ومولانا غير ذلك.

إذاً فلنترك هذا المجال ونكتفي بالقول إن علي بن أبي طالب كان عبداً لله فقط، وهذه أكبر خصائصه التي يمكن الحديث عنها، وهو ربيب تربى في حجر النبي العظيم صلى الله عليه واله وسلم ، وهذا من أكبر مفاخره، فأي شخصية تستطيع الإدعاء بأنها عبد لله، وبعيد عن كل عبودية أخرى، غير الأنبياء العظام والأولياء المعظمين وعلي عليه السلام في مقدمتهم وهو ذلك العبد المنقطع عن غير الله والمتصل بالحبيب الذي كشف حجب النور والظلمات ووصل إلى معدن العظمة.

وأية شخصية تستطيع الإدعاء بأنها كانت منذ الطفولة وحتى آخر عمر الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم في حضنه وفي ظله وتحت تربية الوحي ومبلّغه إلا علي بن أبي طالب الذي غُرست في روحه جذور الوحي وتربية صاحب الوحي. فإذاً هو حقاً عبد الله وتربية عبد الله الأعظم 2.

أما كتاب نهج البلاغة الذي هو من روحه فهو لتعليمنا وتربيتنا نحن الغارقين في سبات‏ الأنا والغارقين في حجاب الأنا والأنانية، وهو شفاء لنا وبلسم للآلام الفردية والاجتماعية، كتاب له أبعاد بحجم الإنسان والمجتمع الإنساني الكبير منذ ظهوره وعلى مرّ التاريخ مهما تقدم، ومهما ظهرت المجتمعات وتوالت الدول والشعوب، ومهما ظهر المفكرون والمفسرون والفلاسفة وغاصوا فيه وغرقوا.

فليأت الحكماء والفلاسفة ويحققوا في جمل الخطبة الأولى من هذا الكتاب الإلهي وليستخدموا أفكارهم العظيمة والكبيرة ويفسروا هذه الجملة القصيرة بمساعدة أصحاب المعرفة وأرباب العرفان وليطلبوا بحق إرضاء ضمائرهم من أجل الفهم الحقيقي لهذه الجملة، بشرط أن لا تخدعهم الأقوال التي ظهرت في هذا المضمار وشريطة ألّا يخدعوا ضمائرهم بدون فهم صحيح ولا أن يقرأوها ويتركوها، عندئذ يفهمون الأفق الواسع لفكر ابن الوحي ويعترفون بقصور نظرتهم. والجملة هي: (مع كل شي‏ء لا بمقارنة وغير كل شي‏ء لا بمزايلة).3

وقد وردت هذه الجملة ونظيرها في كلمات أهل بيت الوحي، بياناً وتفسيراً لكلام الله تعالى في سورة الحديد ولمفكري آخر الزمان: (وهو معكم أينما كنتم) 4.

والأمل الآن أيها العلماء والمفكرون الملتزمون المجتمعون في المؤتمر الألفي لنهج البلاغة، في أن تبينوا الأبعاد العرفانية والفلسفية والأخلاقية والتربوية والاجتماعية والعسكرية والثقافية والأبعاد الأخرى بالشكل الميسور، وأن تعرفوا هذا الكتاب الكبير للمجتمعات البشرية واعرضوه كمتاع يقتنيه الناس والعقول النيرة.
والصلاة والسلام دوما على الرسول الأعظم الذي ربى مخلوقاً إلهياً كهذا في حجره وأوصله إلى الكمال اللائق للإنسانية. والتحية والسلام على مولانا المثل الأعلى للإنسان والقرآن الناطق الذي سيبقى اسمه إلى الأبد وهو قدوة الإنسانية ومظهر الاسم الأعظم. والتحية والسلام عليكم أيها العلماء الذين تفتحون الطريق للوصول إلى الأهداف العالية لهذا الكتاب المقدس بجهدكم القيم والمفيد. والسلام على عباد الله الصالحين.

روح الله الموسوي الخميني‏

* صحيفة الإمام، ج‏14، ص: 274


1- ألقى نداء الإمام الخميني، في ذكرى ولادة الإمام علي عليه السلام 13 رجب- في مدرسة الشهيد مطهري العليا، مكان إقامة المؤتمر الألفي لنهج البلاغة، السيد أحمد الخميني على جمع من المفكرين من داخل البلاد وخارجها.
2- الرسول الأكرم.
3-قسم من الخطبة الأولى لنهج البلاغة حول بيان أوصاف ذات الباري تعالى‏
4- قسم من الآية 4 من سورة الحديد.

2011-05-28