يتم التحميل...

الموضوع: شرح أبعاد التدخلات والجرائم الامريكية في إيران‏

مقابلة

اجرى المقابلة: صحيفة تايم

عدد الزوار: 73

التاريخ 24 آذر 1358 هـ. ش/ 25 محرم 1400 هـ ق‏
المكان: قم‏
اجرى المقابلة: صحيفة تايم

بسم الله الرحمن الرحيم‏

السؤال: ظهرت في إيران مشاعر عداء شديدة ضد امريكا، ومشاعر مماثلة مناوئة لإيران في امريكا. سماحة الإمام، كيف تنظرون الى مستقبل العلاقات بين إيران وامريكا في حال معالجة الأزمة الحالية؟ هل سيستمر العداء بين البلدين جيلًا كاملًا؟ وهل ستستمر هذه المشاعر جيلًا كاملًا؟
الإمام الخميني: أما قولكم توجد هنا مشاعر معادية لامريكا، فهنا توجد مشاعر معادية للحكومة الامريكية، وحينما يقال امريكا هنا، فالمقصود الحكومة الامريكية، وليست هذه المشاعر ضد الشعب الامريكي. أمّا الوضع هناك، فلا أدري ما هو، وأتوقع أن الدعايات الواسعة التي بثوها في كل مكان، خصوصاً الدعايات التي بثها الصهاينة ضدنا أدت إلى تشويش ذهن الشعب الامريكي إلى حد ما، ويتصورون أن كلامهم صحيح. لذلك ربما كانت مشاعرهم حيال إيران هكذا مثلما يقال، وإذا انكشفت الحقائق، واستطعنا بواسطة الأشخاص وبواسطة الصحف والإذاعة والتلفزيون وما إلى ذلك أن نعيدهم ونجلّي لهم الحقائق كما هي، حينئذ من المحتمل جداً أن يتغير رأي الشعب الامريكي ويكون على شاكلة رأينا فيهم وهو ليس بالرأي السلبي. وهكذا يصبح رأيهم فينا.
طبعاً نحن لا نأمل أن يتغير رأي الحكومة الامريكية فينا ويكون ايجابياً. لأنها خسرت الكثير من مصالحها، والأسوأ هو المناخ الذي حصل. ففي الكثير من الأماكن ظهر مناخ خسرت فيه الحكومة الامريكية حتى سمعتها السياسية.

إذن، لهم نظرة سيئة عنا، لأنهم يعتبروننا أعداءهم، ونحن في الوقت الذي نرفع نداء المظلومية طوال أكثر من ثلاثين عاماً تسلط فيها هذا الشاه هنا، وكانوا هم الذين نصبوه، كما اعترف محمد رضا نفسه بهذا إنه بعد أن جاء الحلفاء إلى هنا- ومنهم روزفلت الذي جاء إلى هنا- وجدوا من الصلاح أن أكون أنا واسرتي هنا، مثلما جاء الانجليز أول مرة بأبيه إلى إيران، هذا ايضاً جاء به الحلفاء أي هذه الدول الثلاث المتحالفة وسلطوه علينا. ونحن نرى الحكومة الامريكية سلطت علينا شخصاً أهدر كل سمعتنا، وبدّد مصادرنا وطاقاتنا الشابة وشؤوننا الأخرى التي كانت لنا، هؤلاء نزعوا أسلحتنا تقريباً. ولهذا كان رأينا تجاه الحكومة الامريكية، ورأي شعبنا تجاه الشعب الامريكي ليس ايجابياً.

خصوصاً وقد اتضح مؤخراً أن امريكا اتخذت من مكان ما هنا في إيران اسمه السفارة محلًا للتجسس لا على إيران وحسب، بل على المنطقة. والجواسيس كانوا هنا مشغولين بالتجسس تحت عنوان موظفي السفارة. الآن وقد اكتشف شعبنا هذا اضحت امريكا، أي حكومة امريكا العدو الأول له، ولا ذنب للشعب الامريكي في هذا المضمار، ولكن عليهم أن يعلموا أن الحكومة الامريكية التي ظلمتنا وأساءت لنا، ظلمت الشعب [الامريكي‏] أيضاً. ظلمتنا لأنها نهبت كل ما عندنا بواسطة عميلها محمد رضا. وظلمتهم لأنها عرضت شرفهم وسمعتهم للخطر. إن الشرق قد يكون سيئ الظن حالياً حتى بالشعب الامريكي وهذا ما يفعله كارتر، وعلى الشعب الامريكي أن ينقذ نفسه، ويدرك أن وجود كارتر في رئاسة الجمهورية يمثل خطراً كبيراً على امريكا، إذ سيذهب شرفها على يده أدراج الرياح. على هذا الاساس، فيما يتعلق بما بعد هذه القضايا وحلها ينبغي أن ننظر كيف تحل القضايا. ولا نستطيع الآن تخمين كيف ستحل لكي نخمن ماذا سيكون بعد ذلك.

ربما كان الحل أن يأتي بالعسكر أو يفرض حظراً اقتصادياً مثلًا ليضغط علينا وبعد ذلك يفرض علينا العزلة بعنترياته وبالقوة وبإكراه كل البلدان الصديقة له في العالم، وليس هذا هو الحل، إنما هو تعقيد أكبر للأمور، فهي لن تعالج بهذه الصورة. وربما يحصل أننا لا نستطيع فعل ما نريد، وإذا حصل هذا، فستبقى العقدة، ولن تحل إلى الأبد. وإذا التفت هؤلاء جيداً إلى أن المسألة كانت خطأً لحد الآن، كان من الخطأ استضافة مجرم في امريكا، والخطأ الأول تنصيب مجرم على شعب، كان هذا أحد الأخطاء. وحينما نقول: مجرم، فلأنه ابن رضا خان الذي يعلم الجميع ما هو والذئب يلد ذئباً. أحد الأخطاء هو أنهم فرضوا هذا علينا، فرضوه على شعبنا.

والخطأ الآخر هو أنهم جميعاً إلى آخرهم تابعوا ذلك الفعل الأول ونهبونا بواسطته، هذا ايضاً كان خطأ. والخطأ الآخر هو إننا عندما أردنا اسقاطه، بمعنى أن شعبنا قرر أن لا يكون هذا النظام ولا يكون محمد رضا، أصروا على أن يبقى، وأصروا إصراراً شديداً. وهذا خطأ، والخطأ الآخر هو أنّه بعدما انتصر الشعب ولم يستطيعوا الإبقاء عليه وذهب للخارج، وشاهدوا شعباً بأكمله يعارض هذا المجرم بهذه الصورة أخذوه إلى امريكا باسم الاعتبارات الإنسانية، وكان هذا هو الخطأ الكبير.

حتى شعبهم لا أظن أنه يصدق أن المسألة مسألة إنسانية. الإنسان غير مهم بالنسبة لهم اطلاقاً. حب الإنسانية غير مفهوم لديهم أصلًا. هؤلاء مستعدون لإبادة بلد من أجل فائدة واحدة. يلقون قنبلة واحدة على أحد الأماكن، ويقتلون مائتي ألف إنسان من أجل منفعة واحدة. هؤلاء الذين تكون هذه حالهم ... لا يصدق أحد أنهم محبون للإنسانية وقد استضافوا هذا الشخص حباً للإنسانية. يجب القول: إنّهم سرقوه وأخذوه لئلا يقع في أيدينا، لا من باب أنه إذا وقع فسوف يقتله الناس، لا، هذه ايضاً ليست مسألة مهمة لهم. الذي يقلقهم هو أن يتضح من فعل هذه الأفعال، حينما يأتي هنا ونحاكمه، وسيتضح أن الممارسات جرت على يده وعلى يد رؤساء الجمهورية وعلى يد السيد كارتر نفسه. إنهم قلقون من الكشف عن هذه المسألة، وقد تكون نتيجة الكشف عن هذه المسألة برأيهم أنه لو تبين أن رئيس الجمهورية ارتكب كل هذه المخالفات، فلن يصوّت له الشعب الامريكي.

كل غاية السيد كارتر برأينا هو أنه يريد أن يكون رئيساً للجمهورية مرة ثانية، وهو يفعل كل هذا من أجل أن يكون رئيساً للجمهورية خمسة أعوام مثلًا أو ستة أعوام. أولًا يبدد سمعة امريكا. وثانياً يشاع في العالم أن هؤلاء مجرمون حتى أنهم استضافوا مجرماً حطم كل ما لبلاده طوال أكثر من ثلاثين عاماً، ويقولون: لا، يجب أن يبقى هذا هنا، وعندها يريد السيد المحب للإنسانية أن يضغط علينا بالحظر الاقتصادي مضحياً بشعب كامل مثلًا من أجل أن يبقى أحد المرضى على قيد الحياة!

لا نستطيع الاقتناع بهذا. لو كان محباً للإنسانية فهؤلاء الخمسة وثلاثون مليوناً بشر أيضاً وفيتنام كانوا بشراً أيضاً، وبقية الأماكن بشر أيضاً، وكذلك لبنان، حسناً، نحن نراهم يرتكبون الجرائم الآن في لبنان وبتأييد من هذا الرجل. هذه هي المسألة. الحل بالمعنى الذي نريده لن يكون بهذه السهولة. الذي نريده هو أن يبعثوه لنا ويعوضونا عن الجرائم التي حلت بنا على يدهم، ويعوضونا عما نهبوه منا، وطبعاً هنالك أشياء لا تعوض، لأننا قدمنا ما يقارب مئة ألف قتيل، وهذا لا يعوض حتى يعوضوه، ودمروا طاقاتنا الشابة وطاقاتنا الإنسانية، وهذا مما لا يمكن تعويضه. ولكن يجب أن يعوضوا ما يمكن تعويضه وما نهبوه من إيران، هذا بمستطاعهم تعويضه. إذا عوضوا وأخذوا بنظر الاعتبار لاحقاً أن الزمن ليس كالسابق، وأن إيران في هذا العصر تختلف عن إيران في عهد النظام السابق [قد يمكن حل الخلافات‏].

لقد تغيرت إيران، وأضحت بنحو آخر، وكانت هذه معجزة وقعت. كان ثمة أناس يمكن أن يغلقوا السوق بشرطي واحد. كانوا يستطيعون اصدار أوامر برفع بيارق في الأسواق في يوم 4 آبان مثلًا، ويأتي شرطي واحد فلا يستطيع الناس فعل أي شي‏ء حياله، ولكن وقعت معجزة وتغير الناس إلى ناس يتقدمون بقبضات مشدودة الى الدبابة والمدافع، وهم مستعدون لذلك الآن ايضاً. الآن أيضاً يرتدون الأكفان ويأتون يطلبون الشهادة ويتمنونها. إذا غدا الشعب هكذا، فلن يمكن فرض شي‏ء عليه.

من أخطاء السيد كارتر أيضاً أنه لم يستطع إدراك عمق هذا التحول الذي حدث في إيران، يتوهم أن هذا الشعب هو نفسه ذاك الشعب الذي يفرضون عليه أحداً، ويأمرونه فيستطيع أن يعيش هاهنا، أو إذا حدث شغب وفرضوا شخصاً علينا، يتخيلون إنه سيستطيع العيش هنا.

لو فهموا أن هذا غير ممكن، وأن الوضع في إيران غدا وضعاً لا يمسّها فيه مثل هذه المصائب، إذ ذاك قد يُعدِّلون أفكارهم، ويتنازلون عما هم عليه، ويستبعد الشعب الامريكي كارتر الذي لسنا معه على وفاق ويأتون برئيس جمهورية صالح. عندئذ إذا رأت إيران إنهم لا يريدون ظلمها، فقد تكون لإيران علاقاتها بهم كما لها علاقات بسائر دول العالم.
ليس لي جواب آخر.


*صحيفة الإمام، ج‏11، ص: 203

2011-05-14