يتم التحميل...

الموضوع: ضرورة تبليغ الإسلام بجميع أبعاده، التحرر من التبعية للغرب‏

خطاب

الحاضرون: أعضاء الاتحاد الإسلامي للقوة الجوية‏‏

عدد الزوار: 32

التاريخ: 10 شهريور 1358 هـ. ش/ 9 شوال 1399 هـ. ق
الحاضرون: أعضاء الاتحاد الإسلامي للقوة الجوية‏‏

‏‏بسم الله الرحمن الرحيم

التبليغ الصحيح والكامل للإسلام‏

في البداية أشكر هذا السيد على الإفاضة التي منحنا إياها بتلاوة الآيات الشريفة، تقبل الله منكم، وآمل أن يستطيع اتحادكم الإسلامي وجميع الاتحادات الإسلامية في البلاد نشر الإسلام كما هو. إن الإسلام إذا ما عرض بالشكل الصحيح، فسيقبل عليه كل من يملك ذرة إنصاف وسيجد فيه مبتغاه، ولكننا طوال التاريخ، وبعد غيبة الإمام المهدي- عليه السلام- لم نستطع عرض الإسلام بالشكل الصحيح، وفي المئتي سنة الأخيرة، وبسبب تدخل الأيادي الأجنبية التي جاءت إلى هنا وطالعت كل ما نملك، حتى كتبنا نقلوها ليدرسها مفكروهم، وقد استنتجوا أنه إذا ما طبق الإسلام بالشكل الصحيح، فلن تبقى أمامهم أي فرصة، ولهذا بذلوا كل ما في وسعهم في الداخل والخارج للحؤول دون اطلاع العالم على الإسلام، وأخفوا ذلك تحت عناوين مختلفة.

ضرورة طرح أحكام الإسلام الاجتماعية والسياسية

ومما يؤسف له أننا مهدنا الأرضية لذلك، وساعدناهم كثيراً. فنحن لم ندرك سوى بعض المسائل الخاصة بعلاقة الفرد بربّه والمسائل الأخرى- التي هي في كتبنا الفقهية- وأما القسم الأعظم فقد بقي مدفونا في الكتب ولم يظهر. إن المسائل التي بحثت في حوزتنا، وكل تلك الأخبار والآيات وكل هذه الكتب الفقهية بقيت بعيدة عن واقع حياتنا اليومية. لم نستطع أن نعرض المسائل الاجتماعية والسياسية المرتبطة بالحياة، ودخل الغرب علينا من هذه الناحية ونحن غافلين عن كل هذا.

رد الادعاء بأن الإسلام وقوانينه قديمة

إنهم وبالاستعانة بالأقلام المسمومة التي مازال بعضها موجود في إيران، عرّفوا الإسلام بأنه أفكار تعود الى ما قبل 1400 سنة مضت ويجب الآن أن نوجد أفكاراً جديدة، لقد قالوا ولفقوا للإسلام ما استطاعوا من تهم. والآن أيضاً ولأنهم يخافون من الإسلام فإنهم يرفعون أقلامهم‏ المسمومة ومخططاتهم الخبيثة في وجه الإسلام والجمهورية الإسلامية. إن بعضهم أو أكثرهم لا يعلمون شيئاً عن الإسلام، مغفلون ولايفقهون شيئا، وإنما قرأوا بعض ما نشر في أوروبا، فهم وضعوا ما ينشر ويقال في أوروبا ميزانا لفهمهم، لقد أصبحوا مهووسين بالغرب، وكل ما يقوله الغرب يقبلونه بدون دليل، وفي النهاية دليلهم هو إن البروفيسور الفلاني قال كذا. راحوا يستدلون بكلام الغربيين مثلما نستدل نحن بكلام الله ورسوله. فبالنسبة لهم إن كل ما يقول ماركس صحيح ولا يلزمه دليل يثبت صحته، ماركس الذي انتهى في باقي المناطق ودفن مذهبه معه، يتم تزريق أفكاره الى أبناءنا وشبابنا الذين أيدوه وقبلوه دون أن يفقهوا ما يقول ودون أن يدركوا نواياه. البعض يدرك ولكنه مأجور لكي لايسمح للإسلام أن ينتشر في الخارج وتظهر حقيقته للشعوب الأخرى. إن الأجانب لم يستطيعوا أن يحكمونا ولذلك استأجروا البعض هنا كي يقفوا في وجه انتشار الإسلام الحقيقي، ومن جملتهم أولئك الكتاب التابعين للشاه المخلوع، فهذه الكتب ليس الشاه من كتبها، فهو ليس أهلا للكتابة وليس ممن يفهمون هذه المواضيع، لقد كانوا يكتبون له، ففي السابق كانوا يكتبون الشعر للشاه ناصر الدين وينسبونه له، والآن أيضا يؤلفون الكتب ويضعون اسم صاحب الجلالة عليها.

الهدف المشؤوم للغرب والمتغربين‏

لقد سعوا بأقلامهم للحؤول دون معرفة الإسلام، هم يعلمون الحقيقة ولكنهم يخفونها لأنها إذا ما عرفت لن يكون لهم ولا لأسيادهم نصيب، وفي هذه الفترة التي ازداد ترددهم على الشرق، نجحوا في تجريد المجتمع من هويته، وليس من قبيل الصدفة أن يربطوا كل شي‏ء كالطب مثلًا، بالغرب وكأن الغرب بات قبلتهم. أتاتورك- أظن أني رأيت تمثاله- لقد قالوا لي أنه يمد يده باتجاه الغرب، بمعنى أن كل شي‏ء يؤخذ من الغرب. وقد سبق لأحد الكتّاب هنا أن دعا لأن يكون كل شي‏ء لدينا بريطانيّاً. إن سبب كل هذا هو أن إعلام الغرب ودعاياته أفرغت عقول هؤلاء المتغربين وجعلتهم غرباء عن أنفسهم، لقد أعموا الشرقيين عن مآثر الشرق. فالآن في أوروبا يستفيدون من كتب الشيخ الرئيس" ابن سينا"، أخذوا مآثر الشرق منا وجعلونا هكذا، فإذا ماتحدثنا تحدثنا عن الغرب، وإذا ما أصيب أحد بزكام عليه أنه يذهب إلى أوروبا، إذا أراد أن يستأصل لوزتيه يجب أن يذهب إلى أوروبا، وإذا كان ميسور الحال أحضر طبيباً من أوروبا. وقد قلت مرة لمجموعة من الأطباء كانوا هنا، إن هذه الأمور تعني أنكم لا تستطيعون عمل شي‏ء، قالوا لدينا الخبرة الكافية وبعضنا يعمل في أوروبا، ولكن هذه الأفكار انتشرت في كل مكان، أنه إذا ما أراد شخص دراسة علم ما فعليه أن يذهب إلى أوروبا غير أن هذا ليس صحيحاً، ولكن دعاياتهم مسخت شرقيتنا ووضعت لنا عقولًا غربية مكانها، هذه الأدمغة الغربية المتطفلة، وهذا الشي‏ء منتشر في جميع الطبقات، فالجميع تابع للغرب بعضهم أكثر من بعض.

انقاذ البلد من التبعية للغرب‏

إذا ما أردنا انقاذ بلدنا يجب علينا أولًا أن نتحرر من هذه التبعية للغرب، لاحظوا أن أسماء شوارعنا (روزفلت) و (تشرشل) و... لماذا؟! نحن لا نعترف بعظمائنا ولا نثق إلّا بالشخصيات الغربية، ويجب علينا أن نزين بلدنا بأسماءهم، لقد جعلونا هكذا، حمّلونا هذه الأفكار لئلا نصبح شيئاً. إذا ما ألفنا كتاباً يجب أن نبدأه باسم أحدهم لكي يحقق مبيعا، شبابنا إذا ما أرادوا شراء كتاب لا يقبلون إلّا على الكتب التي تتحدث عن (ماركس) أو (لينين)، أما إذا كان باسم (ابن سينا) فلن يشتريه أحد لأنه شرقي، مع أن جميع هؤلاء لا يستطيعون فهم صفحة واحدة مما كتبه (ابن سينا) و (صدر المتألهين)، وحتى لم يسمعوا بأسمائهم، فهم لم يسمعوا بأسماء علماءنا، أما رجالهم فمشهورون، يزعمون بأنهم باحثون إسلاميون غير أنهم لا يعرفون عن الإسلام شيئاً. إنهم يعرفون حربين أو ثلاثة حروب، وهل الإسلام يعني الحرب؟! وهل علوم الإسلام حرب؟! إنهم لا يعرفون شيئاً عن الإسلام، وشبابنا إذا ما أرادوا أن يعرفوا الإسلام فإنهم يقرأونه في كتب الغرب، الغربي يعرّف لنا الإسلام!! لأننا فقدنا الثقة بأنفسنا، فالشرق خسر هويته أمام الغرب، ومالم نتحرر من هذه التبعية لن يتحقق استقلالنا.

طريق الاستقلال هو التحرر من التعبية

الاستقلال العسكري مسألة، والاستقلال الفكري والمعنوي مسألة أخرى. يجب أن يصبح عقل الإنسان ملكاً له وليس مُلكاً للغرب، فإذا لم يدرك الشرقيون أنفسهم وأنهم فيما مضى كانوا قبلة الغرب عندما كان الغرب بربريا متخلفا، وإذا لم يعودوا الى ذاتهم ويصبحوا شرقيين فلن يستطيعوا الاستقلال. ومهما بذلنا من جهود فإن لم تضع جامعاتنا هذه العقل الغربي جانباً وتضع مكانه عقلًا شرقياً، لن نحصل علياستقلالنا. فكل ما يفكرون به هو الذهاب للدراسة في أوروبا وإذا لم يذهبوا فلن ينجحوا هنا. شعبنا أصبح هكذا، شعبنا وحكومتنا والجميع أصبحوا هكذا، فأحدهم إذا لم يذهب إلى أوروبا ولو لمدة قصيرة، وحتى لو ذهب دون أن يفعل شيئاً- والأغلب كذلك- وهناك يمنحونه الشهادة بالمجان لأنهم لا يريدون أن يرسلوا لنا علماء، يريدون أن يرسلوا لنا أناسا متخلفين يحملون هذه الشهادة التي صادق عليها الاستعمار، لأنهم يريدون أن يبقونا بحاجة إليهم، ونحن طالما لم نتحرر من تبعيتنا ونغير عقولنا ونعرف أنفسنا، نستطيع الاستقلال أو عمل أي شي‏ء.

السعي لتعريف المجتمع بالإسلام‏

ابذلوا جهدكم لإطلاع الناس على الإسلام، فهذه الاتحادات الإسلامية يجب أن تعمل للتعريف بهذا الكنز الذي لا يملكه أحد سوانا- هذا القرآن وهذه السنة النبوية التي لا يملكها أحد في الدنيا- استعينوا بالباحثين واسعوا لنشر الإسلام، حتى تصبح إيران بإذن الله اتحاداً إسلامياً ولا يقتصر وجود الاتحاد الاسلامي في القوى الجوية أو البرية بل اتحاد إسلامي عام. أسأل الله لكم التوفيق وأن تكونوا خدمة للإسلام بقصد إلهي ونية خالصة إن شاء الله.


* صحيفة الإمام، ج‏9، ص: 300,297

2011-05-09