الموضوع: المشاركة في البناء- الله تعالى في كل مكان
خطاب
الحاضرون: الأطبّاء ومسعفو الهلال الأحمر الإيراني
عدد الزوار: 43
التاريخ: 1358 هـ. ش/ 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: الأطبّاء ومسعفو الهلال الأحمر الإيراني
بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة الشعب في الإعمار
كلّ منّا اليوم يعمل ونحن مطمئنّون أنّنا نخدم بلادنا التي ماعاد الآخرون ينتفعون بها، فقد آل إلينا هذا الانتفاع بعدما كنّا في النظام السابق لايمرّ الاطمئنان بخاطِر طبقة منّا إلّا المنتفعين بذاك النظام.
وكل عمل تعملونه اليوم يُحتسب عند الله، فافتحوا عند الله حسابا.
ولأنّ عملكم وثيق الصلة بفئة مستضعفة تستحق الخدمة تتمتّعون بموقع حسّاس يقتضي العمل الدائب. إن لهذا العمل قيمة رفيعة ولو قصّرتم- لا سمح الله- سيكون العكس.
كلنا الآن مكلّفون أن ننشغل ببناء بلاد فقدتْ كل ثرواتها إذ أزالوها، والحمد لله أن سرى مثل هذا الإحساس في جميع الطبقات تقريبا.
فنرى الساعة عدداً من الأطبّاء والمتعلّمين والجمعيات يعملون متطوّعين.
وهذا الإحساس بالمسؤولية لدى جميع الطبقات يبعث الإنسان على الأمل، وحينما ترون جميع الفئات تريد خدمة بلادها الإسلامية، وتخدم إن شاء الله مجتمعة يتقدّم العمل.
ليس لجماعة أن تقعد، وتنظر لما يفعل الآخرون، بل على كل جماعة أن تؤدّي واجبها أداءً صادقاً بين يدي الله الحاضِر الذي يرى كل شيء.
العالم في حضرة الله
الله- تبارك وتعالى- حاضر في كل مكان، ونحن الآن بين يديه نتكلّم في حضرته.
وأنتم مشغولون بالطبابة في محضره.
وإن تُقوّوا النظر، تروا أنكم بين يدي الله، وعندما تقفون على رأس المريض يظهر لكم أنّه من الله، وأنّ هنا محضر الله وأنتم تُعالجون في محضر الله وتخدمون.
ومتى استولى هذا الإحساس على الإنسان، واستقام إدراكه أنّه في محضر ربِّه- تبارك وتعالى- دائما في حركاته وسكناته، عَدَّل أعمالَه.
فربّما زلّ الإنسان واشتبه وعصى- لا سمح الله- غفلة عن أنّ الله يراه، ولو استحضره لما ابتلي بذلك، فحين يكون الإنسان في حضرة إنسان محترم عنده، لا يرتكب مايخالف رضاه.
ولو كنتم أخوين، لما فعل أخ مايخالف رضا أخيه.
ولو وعينا أن الله يرانا وأن كل حركاتنا وسكناتنا تحت نظره وبمحضره، لما أثِم إنسان.
وهذه هي حقيقة عصمة الأنبياء، وليست عصمتهم أن يجبرهم أحدٌ بالقوّة ألّا تعصوا.
هؤلاء وجدوا أنهم في محضر الله، فعاشوا هذا المعنى.
نحن نتكلّم بهذا، وهؤلاء أدركوا بأنّهم في محضر الله.
وعندما يجد أحد هذا المعنى، ويشاهد المحضر لايأثم، إذ لايتسنَّى له الإثم، فمن يكون في حضرة عظيم، ويريد أن يفعل مايغيظه، أو أن يَعْصِيه في شأن، يجتنب ذلك بين يديه.
فعلينا أن نحِسّ هذا الإحساس بحسب البرهان العقلي على أنّ الله حاضر في كل مكان.
لكن البرهان العقلي لا فائدة منه إذا لم يكن للمرء إحساس قلبيّ يقظ دائما.
يجب أن يكون قلب الإنسان يقظاً يحسّ أن كل ما نفعله إنّما في محضر الله.
إذا تحقّق هذا، أنجز الجميع أعمالهم على أحسن ما يرام.
واجب الإخلاص في العمل
أنتم الذين لكم عمل مع من هم بحاجة للرعاية إذا لم تَرْعَوهم تجرحون مشاعرهم.
وعليكم أن تنهضوا بهذا، لئلا يبقى عبد الله الموجود الآن هنا مكلوم الفؤاد.
فألمه وعدم ارتياحه يكونان سبباً لعدم رضا الله- تبارك وتعالى- عنّا.
وحين يسود هذا الإحساس يؤدّي الجميع عملهم أداءً حسنا.
ونحن الذين مملكتنا الآن مضطربة، ولايكفّون أيديهم عن أطرافها على كل منا إينما كنّا أن ننجز ما بذمتنا من عمل.
وإذا أحسّ كل واحدٍ منا هكذا، وقام الواقف على رأس المريض؛ الطبيب عَملَه جيّداً، ففحصه فحصاً حسناً، ودقّق في حاله، ولم يفرّق بين غنيّ وفقير، واعتنى بالفقير أكثر، لأنّه يحتاج إلى اللطف به والالتفات إليه لإحساسه بالفقر، أراح واستراح.
وعلى الممرِّض أن يُؤَدِّي وظيفته خير أداء، فهو يتقاضى بها راتباً، وإذا لم يؤدِّها على ما يجب، فراتبه حرام.
وكلّنا هكذا، كلّكم، كل الشعب وأنا أيضاً.
وأملي أن نتقدّم سريعاً بهذا الإحساس وإحساس التعاون الذي ساد جميع الطبقات، وها هو ذا يتقدم والحمد لله.
ونحن مطمئنون أنّ هذه المؤامرات لا تأثير لها إن شاء الله.
وإذا أراد الشعب أمراً كان إرادة الشعب كله فما من قدرة تستطيع أن تفرض عليه شيئاً، وأنا داع لجميع الطبقات ولكم أيها السادة وخادم أيضاً لكم كلّكم.
* صحيفة الإمام، ج8، ص: 92,89