دليل النظام-دليل الامكان باسلوب آخر
أدلة إثبات الخالق
إنّ الأدلّة التي سنتعرض لها لإثبات وجود الله تعالى يمكن تقسيمها إلى فئتين: الفئة الأولى:هي الأدلّة التي تقام عن طريق مشاهدة الآثار والآيات الإلهية في العالم، وتستند إلى قدمات حسيّة تجريبية. مثل دليل النظام الذي يطرح عن طريق الإنسجام والترابط والتناسب المنظّم للعالم...
عدد الزوار: 403
• انواع الأدلة
إنّ الأدلّة التي سنتعرض لها لإثبات وجود الله تعالى يمكن تقسيمها إلى فئتين:
الفئة الأولى: هي الأدلّة التي تقام عن طريق مشاهدة الآثار والآيات الإلهية في العالم، وتستند إلى مقدّمات حسيّة تجريبية. مثل دليل النظام الذي يطرح عن طريق الإنسجام والترابط والتناسب المنظّم للعالم.
الفئة الثانية: هي الأدلة الفلسفية الخالصة التي تتكوّن من مقدّمات عقليّة محضة، مثل دليل الإمكان ودليل الصدّيقين.
• دليل النظام
إن دليل النظام هو من أوضح الأدلة وأيسرها فهماً بالنسبة للجميع، وهو يعتبر من أشهر أدلة الفئة الأولى، ويقوم دليل النظام على أساس مشاهدة الآثار والآيات الإلهية في العالم، وملاحظة الإنسجام والتناسب القائم بين مخلوقات هذا العالم، والإهتداء إلى وجود الله تعالى عن طريق مشاهدة هذا النظام الدقيق البديع السائد في عالم الكون. ويمكن توضيحه من خلال الخطوات التالية:
أوّلاً: الصياغة المنطقية
الصياغة المنطقية لهذا الدليل هي
- هذا العالم منظَّم.
- وكل منظَّم يحتاج إلى منظِّم.
- إذن: هذا العالم يحتاج إلى منظِّم.
ثانياً: مفهوم النظام
مفهوم النظام من المفاهيم الواضحة في ذهن الإنسان، ومن خصائص النظام أنه يتحقق بين أمور مختلفة سواء كانت أجزاء لمركب1، أو أفراداً من ماهية واحدة2، أو ماهيات مختلفة3. فهناك ترابط وتناسق بين الأجزاء، أو توازن وانسجام بين الأفراد يؤدي إلى هدف وغاية مخصوصة، هي وجود الشيء على ما هو عليه من النظام الهادف.
ثالثاً: كيفيّة الإستدلال بالنظام
يتألّف دليل النظام من مقدمتين: إحداهما حسيّة وهي (هذا العالم منظَّم)، والأخرى عقلية وهي (كل منظَّم يحتاج إلى منظِّم)، وإذا تمّت المقدمتان يثبت المطلوب، وهو: (هذا العالم يحتاج إلى منظِّم).
1- إثبات المقدمة الأولى (هذا العالم منظَّم)
لا شك في أن هناك نظام سائد في الظواهر الطبيعية التي يعرفها الإنسان إمّا بالمشاهدة الحسيّة الظاهرية وإمّا بفضل الأدوات والطرق العلميّة التجريبية. ومن هنا فإن للعلوم الطبيعية دور واسع في هذا الدليل. وفيما يلي إشارات سريعة على بعض النماذج النظامية:
المنظومة الشمسية
إنّ من أهم ما يلفت النظر في المنظومة الشمسيّة هو المسافات الدقيقة التي تفصل الشمس عن الكواكب التابعة لها. والحركات المنتظمة لهذه الشمس والكواكب وما يتولد عن ذلك، أو يترتب عليه من الأحوال اللازمة كالفصول والليل والنهار وما شابه ذلك.
عالم النبات
إنّ النظر إلى النباتات يهدينا إلى أنّ هذا النوع من الكائنات عالم عجيب تحكمه المعادلات الدقيقة ونجد من عجيب التركيب هذه الأمور والأسرار العجيبة في عالم النباتات إلى ظهور علوم مختلفة مثل علوم تركيب النبات وشكله، وعملية التخليق الضوئي و.. إلخ.
خلقة الإنسان
لو قلنا بأنّ الإنسان من أعجب الكائنات وأكثرها إثارة للدهشة لم نكن في ذلك مبالغين، وذلك لأننا نجد في هذا الكائن كل ما تفرق في المخلوقات مضافاً إلى أجهزة معقّدة أخرى.
ومن الأجهزة المعقّدة التي تثير الدهشة لكثرة ما فيها من عجائب وأسرار وأنظمة وقوانين: عالم الخلايا، جهاز الهضم، جهاز الدورة الدموية، جهاز التنفس، جهاز المخّ، ولعلّ أكثر أقسام الجسم البشري تعقيداً ونظاماً هو "المخ" بإعتباره مركز القيادة والأعصاب التي هي وسيلة اتصال المخ بالجسم وبالعكس4.
وعليه، فإن المقدمة الأولى في دليل النظام ثابتة بالمشاهدة الحسيّة الظاهرية،أو من خلال الأدوات والطرق العلميّة التجريبية. ولهذا ذكرنا في خصائص هذا النوع من الأدلة أنها تستند إلى مقدمات حسيّة تجريبية.
2- إثبات المقدمة الثانية (كل منظَّم يحتاج إلى منظِّم)
إنّ العقل بعدما لاحظ النظام وما يقوم عليه من دقة وروعة في التقدير والتوازن والإنسجام، يحكم بالبداهة بأن أمراً هكذا شأنه يمتنع صدوره إلا عن فاعل قادر عليم ذي إرادة وقصد، ويستحيل أن يتحقق ذلك صدفة5 وتبعاً لحركات فوضوية للمادة العمياء الصمّاء، فإنّ تصوّر مفهوم النظام، وأنه ملازم للحساب الدقيق والعلم، يكفي في التصديق بأن النظام لا ينفك عن وجود منظِّم عالِم أوجده، وحُكم العقل بذلك من البديهيات.
وعليه، فإن وجود النظام في الكون والحياة لا بد أن يكشف عن وجود المنظّم، وذلك بمقتضى حساب الإحتمالات الذي يرفض إعتبار الصدفة سببا لوجودالنظام في الكون، فالشخص الأمي إذا أراد أن يكتب مقالة بسيطة أو شعرا بمجرد الضغط عشوائيا على مفاتيح الآلة الكاتبة بصورة عفوية وتصادفية، فإن ذلك بحساب الإحتمالات يستغرق بلايين السنين بحيث لا يكفي حتى عمر الكرة الأرضية لإنجاز ذلك. هذا إذا تصورنا ما تحتاجه مجرد مقالة بسيطة لتظهر صدفة فكيف بهذا الكون الرحب والواسع والمعقد في تكوينه تعقيداً بالغاً؟!
وعليه، فإن المقدمة الثانية في دليل النظام عقلية بديهية لا تحتاج إلى الدليل والبيان، وهي ترتكز في صميمها إلى قانون العليّة الثابت بحكم العقل البديهي.
3- النتيجة
بما أن العالم منظَّم بحسب المشاهدات الحسية والوقائع التجريبية، وبما أن كل منظَّم يحتاج إلى منظِّم بالبداهة العقلية، إذن فالعالم يحتاج إلى الخالق المنظِّم،وبذلك يثبت المطلوب.
رابعاً: خصائص الاستدلال بالنظام
يتميّز دليل النظام بالخصائص التالية
1- إن هذا الدليل لا يحتاج إلى مقدمات صعبة معقّدة، بل إن مقدماته واضحة وسهلة، ويمكن لجميع الناس على إختلاف مستوياتهم الثقافية فهمه واستيعابه، وذلك لأن مقدماته إما حسيّة تجريبية واضحة، وإما عقلية بديهية.
2- إن مقدّمات هذا الدليل توجّه الإنسان مباشرة إلى معرفة الخالق العالم القادر من خلال مظاهر الخلق والعلم والقدرة في العالم المشهود، بخلاف الأدلة العقلية المحضة التي تثبت وجود واجب الوجود، ثم تثبت علمه وقدرته وخالقيته وسائر صفاته بأدلّة أخرى.
3- إن هذا الدليل ينهض بدور إيقاظ الفطرة وتحويل المعرفة الفطرية إلى مجال الوعي والشعور.
خامساً: النظام في الكتاب والسنّة
يزخر القرآن بالآيات الكريمة التي تلفت الأنظار إلى ما في الكون من أنظمة بديعة
منها قوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُون﴾(الملك:23).
وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِين﴾(المؤمنون:12-13).
وقوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاء إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُون﴾(السجدة:27).
وفي كلمات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام إشارات واضحة إلى هذا الدليل كقوله عليه السلام: "ولو فكروا في عظيم القدرة وجسيم النعمة، لرجعوا إلى الطريق، وخافوا عذاب الحريق، ولكن القلوب عليلة، والبصائر مدخولة"6.
وقد أملى الإمام الصادق عليه السلام على تلميذه المفضل، عدداً من الأنظمة وما فيها من أسرار وحكم وعجائب، من أجهزة الإنسان والحيوانات الأخرى، والطيور والحشرات، والفلك وما يحصل من تغيّرات، والنباتات وأسرار إختلافها، والأمراض وأدويتها، ثمّ الموت والفناء7.
• دليل الإمكان
تقدّم أنّ الفئة الثانية من الأدلّة على وجود الله تعالى هي الأدلة الفلسفية الخالصة التي تتكون من مقدمات عقلية محضة، مثل دليل الإمكان، ودليل الصدّيقين، ونكتفي هنا بذكر دليل الإمكان.
دليل الإمكان
من الأدلة المعروفة لإثبات واجب الوجود دليل "الإمكان"، أو دليل "الإمكان والوجوب"، وهذا الدليل يثبت وجود الله بعنوان أنّه "واجب الوجود"، أي أنّ وجوده ثابت بالضرورة العقلية التي يستحيل معها فرض عدمه، وإذا كان كذلك فلا يكون محتاجا إلى علّة توجده، وهذا بخلاف "الممكن الوجود"، وهو الذي يكون محتاجا في وجوده إلى العلّة التي توجده.
أولاً: الصياغة المنطقية
الصياغة المنطقية لدليل الإمكان هي كالتالي:
الموجود إمّا بذاته، أو بغيره (ممكن الوجود).
وكل ما بالغير لا بدّ أن ينتهي إلى ما بالذات.
إذن: واجب الوجود بالذات موجود.
ثانياً: مفهوم الإمكان
يمكن أن يتّضح معنى الوجوب والإمكان من خلال المثال التالي، وهو أن العدد "إثنان" مثلاً يجب أن يكون زوجاً (وهو الوجوب)، ويستحيل أن يكون فرداً (وهو الامتناع). أما "مطلق العدد" فيمكن أن يكون زوجاً كما لو فرضناه أربعة، ويمكن أن يكون فرداً كما لو فرضناه ثلاثة، (وهو الإمكان).
والسرّ في ذلك هو أنه عندما تكون العلاقة بين شيئين هي علاقة الإمكان فيمكن أن نفترض أحد الشيئين بدون الآخر، كما في "مطلق العدد" و"الزوجية" فإن العدد ثلاثة مثلاً هو عدد ولكنه ليس بزوج. أما عندما تكون العلاقة بين الشيئين هي علاقة الوجوب فلا يمكن أن نفترض أحد الشيئين بدون الآخر، فلا يمكن أن نفترض العدد إثنين بدون أن يكون زوجا. وما ذكرناه هو من باب التقريب وإلاّ ففي الوجوب لا يوجد شيئان في الحقيقة بل شيء واحد، فعندما نقول "الطعام مالح" هنا يوجد شيئان: الطعام والملوحة. ولكن عندما نقول "الملح مالح" فهنا لا يوجد شيئان بل شيء واحد؛ إذ الملوحة هي عين الملح.
وإذا التفتنا إلى قضية أن المثال يضرب ولا يقاس، فيمكن تشبيه القضية "الله واجب الوجود" بالقضية "الملح مالح" إذ لا يوجد هنا شيئان أحدهما منسوب إلى الآخر، بل إن وجوب الوجود هو عين الذات المقدسة، بخلاف قولنا "الإنسان ممكن الوجود" الذي يشبه قولنا "الطعام مالح" فهنا يوجد شيئان وأحدهما منسوب إلى الآخر.
وحيث إن الطعام لا يكون مالحاً بذاته بل إن الملوحة طارئة عليه يحق لنا أن نتساءل عن السبب والعلّة التي أوجبت الملوحة للطعام، كما يحق لنا أن نتساءل عن السبب والعلة التي أوجبت الوجود للإنسان.
وحيث إن الملح مالح بذاته وليست الملوحة طارئة عليه، فلا يحق لنا التساؤل عن السبب والعلة التي أوجبت الملوحة للملح، كما لا يحق لنا التساؤل عن السبب والعلة التي أوجبت الوجود للذات المقدسة الواجبة. بل يتضح أن مثل هذا السؤال لا معنى له حينئذ.
ومن هنا نعرف أن الممكن الوجود (كالإنسان) هو الذي تتساوى النسبة في ذاته إلى الوجود والعدم، وبالتالي لا يترجّح جانب وجوده على عدمه إلا بسبب تدخّل عامل خارجي، وما لم يتدخل عامل خارجي فلا يتحقّق وجود الإنسان. فالإنسان لا يملك "ضرورة الوجود" بدون تدخّل من الغير، وهذا هو معنى أنه موجود بالغير وليس بالذات.
ثالثاً: كيفية الإستدلال بالإمكان
ويمكن توضيح كيفية الإستدلال بالإمكان من خلال الخطوات التالية:
لا يشكّ الإنسان في وجوده ووجود كائنات أخرى من حوله.
هذه الموجودات بما فيها وجود الإنسان نفسه يدور أمرها بين أن تكون واجبة الوجود جميعا، أو ممكنة الوجود جميعا، أو أن بعضها واجب وبعضها الآخر ممكن.
على القول الأول (جميع الموجودات واجبة) والقول الثالث (بعض الموجودات واجبة) يثبت وجود الواجب . ولكن على القول الثاني (جميع الموجودات ممكنة) لا يثبت وجود الواجب، وهنا فقط نحتاج لإثبات وجود الواجب.
إذا كانت جميع الموجودات ممكنة فتكون جميعها معلولة ومحتاجة إلى علة موجِدة لها. وحيث إن الموجودات الممكنة معلولة فلا تكون واجبة بالذات؛ إذ الواجب بالذات يستحيل أن يكون له علة، فيكون وجوبها بالغير.
وهذا الغير إما واجب بالغير أيضا وإما واجب بالذات، فإن كان واجبا بالغير فإما أن تكون علته هو نفس الوجود الممكن بالذات فيلزم الدور المحال، وإما أن تكون علته الغير أيضا فلا تقف السلسلة إلى حد فيلزم التسلسل المحال.
وحيث إن الدور والتسلسل محال كما تبين في الدرس السابق فلا بد أن تنتهي سلسلة الوجوبات بالغير إلى الوجوب بالذات، وهو المطلوب.
وعليه، فكل ممكن متّصف بالوجود لا بدّ أن يستمدّ الوجود من قِبَل الواجب الوجود بالذات؛ لأن الممكن الوجود إما أن يستمد وجوده من العدم وهو باطل بالبداهة، وإما أن يستمد وجوده من ممكن آخر، وهو باطل أيضا لاستحالة التسلسل والدور، فينحصر الأمر في أن يكون الموجِد هو الواجب الوجود.
رابعاً: خصائص الإستدلال بالإمكان
1- يتكوّن دليل الإمكان من مقدمات عقلية محضة، بخلاف الأدلة السابقة التي تتألف في بعض مقدماتها من قضايا حسيّة تجريبية.
2- يبتني دليل الإمكان على إبطال الدور والتسلسل.
3- يبدأ دليل الإمكان من الممكن الوجود وليس من حقيقة الوجود الواجبة.
خامساً: دليل الإمكان في القرآن
وقد أُشير في الذكر الحكيم إلى شقوق دليل الإمكان، فإلى أنّ حقيقة الممكن حقيقة مفتقرة لا تملك لنفسها وجوداً ولا أي شيء آخر أشار بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾(فاطر:15).
وقوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى﴾(النجم:48).
وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء﴾(محمد:38).
وإلى أن الممكن ومنه الإنسان لا يتحقق بلا علّة، ولا تكون علّته نفسه، أشار سبحانه بقوله: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُون﴾(الطور:35).
وإلى أن الممكن لا يصح أن يكون خالقاً لممكن آخر بالأصالة والإستقلال ومن دون الإستناد إلى خالق واجب أشار بقوله: ﴿أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ﴾(الطور:36).
وهكذا إذا تمعّنا في كتاب الله عزّ وجل لرأينا عدداً لا يحصى من الآيات والأدلة حول دليل الإمكان.
سادساً: إشكال ورد
استشكل على القول بانتهاء الممكنات إلى علّة أزليّة موجودة بنفسها بأنّ ذلك منافٍ للقاعدة العقلية الحاكمة بأن الشيء لا يتحقق بلا علّة.
والجواب: إنّ القاعدة العقلية تختص بالموجودات الإمكانية التي لا تقتضي في ذاتها وجوداً ولا عدماً؛ إذ الحاجة إلى العلّة، ليس من خصائص الموجود بما هو موجود، بل هي من خصائص الموجود الممكن، فإنه حيث لا يقتضي في حدِّ ذاته الوجود ولا العدم، لا بدّ من علّة توجده، ويجب إنتهاء أمر الإيجاد إلى ما يكون الوجود عين ذاته ولا يحتاج إلى غيره، لما تقدم من إقامة الدليل على إمتناع التسلسل، فالإشتباه نشأ من الغفلة عن وجه الحاجة إلى العلّة وهو الإمكان لا الوجود.
*دروس في العقيدة الاسلامية.إعداد ونشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافية ،ط 1،ص24-34.
1- كالتلائم الموجود بين الأجزاء الأساسية التي تتركب منها الشجرة الواحدة.
2- كالتوازن الحاصل بين الأشجار المتعددة الداخلة تحت ماهية الشجرة الواحدة.
3- كالتأثر والتأثير المتبادل بين الشجر والإنسان مثلاً.
4- انظر: الإلهيات، ص22-24.
5- الصدفة هنا لا تعني وجود معلول من دون علة، بل تعني وجود نظام من فاعل غير قاصد وغير مدرك لما يقوم به.
6- نهج البلاغة، تحقيق محمد عبده، ج2،ص335-336.
7- كتاب توحيد المفضل، ص37-38.