سِمات الأنبياء :التنزّه عن المُنفرات
العصمة العامة
إنّ قيادة الناس وهدايتهم، من الأُمور الصعبة الّتي تتطلب من المدير والقائد أن يتمتع بصفات عالية تسهّل توفيقه للغرض الّذي بعث له، أو نَهَضَ لتحقيقه. إنّ مسؤولية هداية البشر في جميع النواحي ملقاةٌ على عاتق الأنبياء، وأنّ العصمة بمراتبهاإحدى الصفات اللازمة فيهم.وهناك صفات أخرى يجب اتّصاف الأنبياء بها تحصيلاً لغرضهم.
عدد الزوار: 308
إنّ قيادة الناس وهدايتهم، من الأُمور الصعبة الّتي تتطلب من المدير والقائد أن يتمتع بصفات عالية تسهّل توفيقه للغرض الّذي بعث له، أو نَهَضَ لتحقيقه. إنّ مسؤولية هداية البشر في جميع النواحي ملقاةٌ على عاتق الأنبياء، وإنّ العصمة بمراتبها إحدى الصفات اللازمة فيهم. وهناك صفات أخرى يجب اتّصاف الأنبياء بها تحصيلاً لغرضهم، الّتي لولاها لما وصلوا إليه. ويجمعها التنزّه عن كل ما يوجب تنفر الناس، والتحلّي بكلّ ما يوجب انجذابهم إليهم. ونحن نشير إلى بعض عناوين هذه الصفات مع تفسيرها إجمالاً.
1- التنزّه عن دناءة الآباء و عهر الأُمهات
لا شكّ أنّ القائد إذا كان وليد بيت طيب طاهر، معروف بالعفاف والتُّقى، فإنّ ذلك يكون له تأثيره الخاص في انسياق الناس وميلهم إليه. بخلاف ما إذا كان وليد بيت صفر من القيم الأخلاقية سواء في جانب الآباء أو الأُمهات، فإنّ أفئدة الناس تنفضُّ من وليده بحجة أنّ الأبناء يرثون صفات الآباء والأُمهات.
2- سلامة الخِلْقة
ومن العوامل الباعثة على اجتماع الناس حول القائد، سلامته في بدنه من التشوّه، ومن الأمراض الّتي يستوحش الناس معها من التعاطي مع المصاب بها، كالجذام والبرص.
3- كمال الخُلُق
إنّ لحسن الخُلُق وكماله تأثيراً خاصاً في جذب الناس، كما أنّ لِقَسْوَة القلب وفظاظة المعاملة تأثيراً في تنفير الناس، فلهذا يلزم أن يكون الأنبياء في القمة من صفاء النفس ولين الطباع، والتواضع والنزاهة عن الحسد والتجبّر وما شاكل ذلك.
قال سبحانه: ﴿فَبِما رَحْمَة مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾(آل عمران:159).
4- كمال العقل
كما أنّ للعقل سهماً وافراً في حقل القيادة، فيجب أن يكون الأنبياء على درجة عالية من الذكاء والفطنة والرأي القاطع لا يتردَّدون في أُمورهم بعد تبيِّنها.
وقد ذكرنا سابقاً قوله عليه السَّلام. "ولا بعث الله نبياً ولا رسولاً حتى يستكمل العقل، ويكون عقله أفضل من عقُول أُمته"1.
حُسْنُ السِيرة
إنّ البسطاء من الناس وما أكثر وجودهم في الأُمم ينظرون إلى البواطن من خلال الظواهر، فيستكشفون سرائر الأنبياء من ظواهر أفعالهم. ولذلك يجب أن يكون الأنبياء في معاشراتهم مجانبين للأراذل والسفلة وأرباب الهزل، مبرَّئين عن المشاحنات والمشاجرات التافهة وغير ذلك ممّا يسقط شأن القائد في أعين الناس.
وما عددناه من الصفات هنا، نماذج من الأصل الكلِّي الّذي صدَّرنا به البحث وهو اتّصاف الأنبياء بكل ما يوجب توفيقهم في هداية الناس، الّذي هو الغرض من بعثتهم. ولعلّ هناك مصاديق أُخرى لها دخالة في هذا المضمار، لم نذكرها فيما ذكرناه.
*الإلهيات،آية الله جعفر السبحاني.مؤسسة الامام الصادق عليه السلام ،ج3،ص209-211
1- الكافي، ج 1، كتاب العقل والجهل، الحديث 11.