أحب الناس إلى الله
ربيع الثاني
قال تعالى في كتابه الكريم: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ﴾(آل عمران:30) وفي الحديث الشريف أنَّ رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: أيُّ النّاس أحبُّ إلى الله، فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: "أنفع النّاس للنّاس"
عدد الزوار: 388بسم الله الرحمن الرحيم
أحب الناس إلى الله
قال تعالى في كتابه الكريم: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ﴾( آل عمران:30)
وفي الحديث الشريف أنَّ رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: أيُّ النّاس أحبُّ إلى الله، فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: "أنفع النّاس للنّاس". وروي عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم قوله: "الخلقُ كلّهم عيال الله فأحبّهم إلى الله عزّ وجلّ أنفعهم لعياله".
إنّ من الأُسس التي يبتني عليه النظام الاجتماعي والأخلاقي في الإسلام، هو الدعوة إلى فعل الخير، وأن يكون الإنسان قوّة خير وعطاء وإصلاح في هذا العالم... متحرّراً من النزعات الشيطانيّة، والأنانيّة المقيتة التي تحول بينه وبين التفكير في الخير وفعله للنّاس والمجتمع..
وإنَّ مشكلة الإنسان الاجتماعيّة تكمن في الأنانيّة، وحبّ المنفعة للنّفس، وعدم الاهتمام بخير الآخرين ومنافعهم أحياناً، بل ومنع الخير عن الآخرين أحياناً أخرى.
وهذه النزعة الشرّيرة أي نزعة الأنانيّة ومنع الخير عن الآخرين سمّاها القرآن الكريم بـ(الشُحّ) فاستنكرها، وذمّ الإنسان المتصفَ بها، وعدَّه من المجرمين، والمعتدين على الحياة والقيم الإنسانيّة، وتوعّده بالويل والعذاب. قال تعالى: ﴿أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ..﴾(ق:24-25) وقال عزّ من قائل: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾( النساء:128)
ولذلك نجد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله يحثُّ على فعل الخير ويعتبرُ فاعله من خيرِ النّاسِ.. وفي حياتنا اليوميّة نجد مصاديق الدعوة إلى الخير والسُبل كثيرةً.. فليس عليك إلا أن تستكثر من عمل الخير والمواظبة على فعله بما أوتيت من قوّة وقدرةٍ وملكةٍ.
إن الزهرة والوردة توصف بأنّها خير من العطر والشذى الذي يفوح منها، لأنّها مصدر وأصل هذا الشذى. لذلك جاء فيما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: "فاعل الخير خيرٌ منه". إذاً لا تدع يوماً يمرُّ عليك دون أن تفعل الخير فيه للنّاس.. ولا تترك فرصة لفعل الخير تمرّ دون أن تستثمرها لإسداء ذلك الخير.
إنّ أوّل عمل الخير، معرفته، والدعوة إليه. وأفضل عمل الخير هداية الناس وإرشادهم,لذلك كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم هادياً ومبشراً ونذيراً، وقد سار الأئمة عليهم السلام على هذا النهج فكانوا هم الهداة وسفينة النجاة. وحذا حذوهم العلماء والسائرون على نهجهم، فلا تدع فرصة تستطيع فيها هداية الناس وأمرهم بالمعروف إلاّ وأن تبادر إليها.
وتستطيع أن تزور مريضاً فتخفّف من آلام المرض عنه، وتنال الثواب العظيم. أو تصلح بين النّاس لتزيل الخصومة والعداوة بينهم. أو تطلق كلمة السلوى لتعزّي بها نفساً حزينة. أو تساهم بما تستطيع من المال، لقضاء حاجة محتاج.. أو تسعى في الوساطة الخيّرة، وقضاء حوائج النّاس.. أو تجد ساخطاً فتشيع الرّضا والقبول في نفسه.. أو تؤمن خائفاً، قد فقد حلاوة الأمن والطمأنينة.. أو تداعب يتيماً، فتمسح على رأسه وتشعره بالعطف والحنان.. أو تستر خطأً وقع أمامك فلا تبديه للنّاس... أو تغفر زلّةً وتكظم غيظاً، ساقهما الجهل والغضب.. فيا أيّها العزيز فلنبادر جميعاً لنكون من أهل الخير وفاعليه، ومن أحب النّاس إلى الله تعالى ونبيّه الكريم والأئمة المعصومين الغرِّ الميامين.
عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: "لا تعمل شيئاً من الخير رياءً, ولا تدعه حياءً".
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين