يتم التحميل...

عظمة القرآن الكريم

مفاهيم قرآنية

لقد أثنى اللَّه سبحانه على نفسه وامتنّ على خلقه بهذا الكتاب، فقال عز شأنه: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَاً..."1. وأماط اللثام عن جانب من جوانب عظمة القران، وعلو شأنه، في قوله عزّ وجلّ: "لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ"2.

عدد الزوار: 31

لقد أثنى اللَّه سبحانه على نفسه وامتنّ على خلقه بهذا الكتاب، فقال عز شأنه:
﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَاً...﴾1.

وأماط اللثام عن جانب من جوانب عظمة القران، وعلو شأنه، في قوله عزّ وجلّ:
﴿لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ2.

ولا عجب في ذلك، فهو كلام اللَّه الذي سمعته الجن فقالوا:
﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا3.

وسمعته الملائكة فقالت:
"طوبى لأمة ينزل عليها هذا، وطوبى لأجواف تحمل هذا، وطوبى لألسن تتكلم بهذا..."4.

وسمعته فطاحل قريش وبلغاؤها فقال قائلهم ناطقاً بلسان حالهم:
"ما هو من كلام الإنس ول من كلام الجن. وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة. وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه، وما يقول هذا بشر"5.

وقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وعلى آله قوله في تعظيم القران:
"من أوتي القران فظنّ أن أحداً من الناس أوتي أفضل مما أوتي فقد عظّم ما حقّر اللَّه وحقّر ما عظّم اللَّه"6.

وفي الحديث القدسي أقسم اللَّه على نفسه تكريماً للقرآان:
"وعزّتي وجلالي وارتفاع مكاني لأكرمنّ اليوم من أكرمك ولأهيننّ من أهانك".

القران كتاب عالمي

لا يختص القران الكريم في خطابه بأمة من الأمم، أو شعب من الشعوب كقريش والأمة العربية، كما لا يختص بطائفة معينة كالمسلمين بل هو في كثير من خطاباته يخاطب الجميع ويوجّه دعواته إلى الكفار والمشركين وأهل الكتاب يهوداً ونصارى وغيرهم، ويحتج على الجميع ويدعوهم إلى معارفه الحقة فقال لأهل الكتاب:
﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ7.

وقال لعبّاد الأصنام:
﴿فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ8.

وشمل خطابه المشركين عربهم وغيرهم.

وما أكثر الخطابات التي صدّرها بقوله: "يا أيها الناس" فالقران الكريم قد شمل بمشروعه الإنسان أينما وجد.

﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ9، ﴿وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ10.

إلا أنه في بدء الدعوة حيث الدعوة منحصرة في إطار شبه الجزيرة العربية كان الخطاب موجهاً للعرب خاصة "لتنذر أم القرى ومن حولها" لكن لا يعدو كون هذا التوجه نحو فئة خاصة منطلقاً للتغيير على مساحة أشمل، كي تتحمل هذه الفئة والنواة الأولى هذه المهمة العالمية.

القرآن كتاب كامل وشامل

القران الكريم يحتوي على الغاية الأسمى للإنسانية، ويدل على تلك الغاية بأتم الدلائل وأحسن الشواهد، وذلك لأن الوصول إليها لا يكون إلا بالنظرات الواقعية للكون والعمل بالأصول الأخلاقية والقوانين العملية، وهذا ما يتولى شرحه بصورة كاملة حيث يقول:
"يهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم"11.

ويشتمل على حقيقة شرائع الأنبياء، قال تعالى:
﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى12.

كما أنه يصدّق الكتب السابقة ويفوقها في معارفه
﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ13.

وفيه بيان ما يحتاجه الإنسان في مسيرته التكاملية، إلى اللَّه سواء الأسس العقائدية أو الأصول الأخلاقية والعملية ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ14.

القرآن كتاب دائم

القران الكريم كتاب دائم أبدي لا يبطله شي‏ء، وذلك لأن أي كلام لو كان صحيحاً تاماً بصورة مطلقة لا يمكن تحديده بوقت من الأوقات أو زمن من الأزمنة، وتسري أحكامه على كل الناس فيجري في الغائب كما يجري في الحاضر وينطبق على الماضي والمستقبل كما في الحال. وهو الحق نزل بالحق فلا يتطرق إليه بطلان، لا إلى أصوله الاعتقادية ولا إلى الأصول الأخلاقية أو القوانين العملية قال تعالى:
﴿وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ15.

وإذا كان حقاً مطلقاً.
﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ 16.

وقال تعالى إثباتاً لذلك وتقريراً
﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ17.
فالباطل لا يأتيه أبداً.

القرآن وحي اللَّه

القران هو كلام اللَّه العظيم، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله أن:
"فضل كلام اللَّه على سائر الكلام كفضل اللَّه على خلقه"18.

"ولو لم يكن للقران من فضل سوى كونه كلام اللَّه لكفى ذلك في سمو منزلته وعلو شأنه"19.

والقران الكريم يصرح في ايات عديدة عدم كونه من كلام النبي صلى الله عليه وعلى آله أو أي إنسان اخر فيقول:
﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِ  مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ20.

المعجزة الخالدة

لئن استندت النبوات في إثبات مدعاها إلى المعجز، فكان لكل نبي معجزة أثبتت صدق دعواه إلا أن القران الكريم امتاز عنها بأنه المعجزة الخالدة وما زالت ايات التحدي على الإتيان بمثله التي نزلت في بدايات الدعوة تتحدى البشر إلى الآن وإلى قيام الساعة فهو المعجزة التي لا تغلب والعروة الوثقى التي لا تفصم، والحجة البالغة التي لا تنقض، وأما سائر المعجزات فقد انقضت بانقضاء زمانها ومكانها وناسها.

القرآن سند النبوة

القران الكريم الذي ثبت إنتسابه إلى اللَّه تعالى بما تحدى به الإنس والجن ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا21.

يصرّح في كثير من اياته بأن محمداً صلى الله عليه وعلى آله نبي ورسول اللَّه، وبأنه خاتم النبيين
﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ22.

وبهذا يكون القران سنداً للنبوة ويدعمها في دعواها. ومن هنا أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله في بعض الايات بأن يحتج على من أنكر نبوّته بشهادة اللَّه
﴿قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ 23.

وشهادة اللَّه هي تصريح قرانه بذلك، وكذا ثبتت النبوات جميعاً من خلال نبوة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصدق كتابه.

عناية اللَّه بالقرآن

أحاط اللَّه تعالى كتابه الكريم بالعناية الفائقة منذ بدء نزوله من اللوح المحفوظ وإلى انتهاء أمد النزول: قال تعالى:
﴿وبالحق أنزلناه وبالحق نزل..24.

تتجلى هذه العناية التامة من خلال تنزيله بواسطة ملك كريم من جهة.

وفي جعل متلقيه وحامله ومبلغه إلى البشرية هو أفضل المخلوقات قاطبة صدقاً وطهراً وأمانةً.. وأطهر الموجودات عامة نبلاً وقداسةً.. ألا وهو النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله، من جهة ثانية.

كما أن نوعية التوجيهات الربانية للنبي صلى الله عليه وعلى آله والتي واكبت عملية تبليغ الوحي تشير إلى ما يتمتع به القران من تشريف وتكريم إلهي كبير، حيث تعهده اللَّه تعالى بالحفظ والرعاية الكاملة في جميع مراتب نزوله، قال تعالى:
﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ25.

وقال تعالى:
﴿وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا26.

وذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله كان يحرص حرصاً شديداً على ضبط القران وثبته، فطمأنه اللَّه تعالى بالحفظ والرعاية الكاملة:
﴿سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى27.

ومن جهة رابعة خصّ اللَّه سبحانه زمان نزول القران بهالة قدسية مميزة حيث أنزل في ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر وهي ليلة تقدير الآجال والأرزاق.

القرآن كتاب الفطرة

من الخصال المميزة لهذه الصحيفة الإلهية المقدسة أنها تضمنت التشريعات والمعارف التي تنسجم ومتطلبات الفطرة الأصيلة في الإنسان، وهذا هو السر في أن القران يلقى تجاوباً من قبل مستمعيه ويحملهم على التفاعل مع آياته بما يترك فيهم من تأثير عميق.

فالقران يخاطب الفطرة ويلامس وجدان الإنسان، ويضع له العلاج الشافي الذي يدفع قلقه واضطرابه، ويرسم له البرنامج السلوكي الذي يزرع فيه الطمأنينة والاستقرار، ويشرع له من الأحكام ما ينسجم مع احتياجاته النفسية والروحية والغريزية.

فهو حين يحث الإنسان على سلوك طريق الاخرة، يدعوه أيضاً إلى عدم نسيان نصيبه من الدنيا ولا تنسى نصيبك من الدني.

والقران حين يشدد على ضرورة تهذيب النفس ويعلي شأن الروح فإنه يدعو أيضاً إلى احترام الجسد ويرفض اعتبار المادة مصدر الشر.

ولذلك فإن القران يدعو إلى تنظيم عمل الغرائز وضبطها بما يسمح لها بالقيام بدورها المطلوب، ويرفض الدعوة إلى إماتة الغرائز وقلعها من الجذور، كما يشجع التزويج ويرفض الرهبنة.

قال تعالى:
﴿فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ28.

وقال تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا..29.

والقرآن حين يرسم للإنسان سبيله إلى الحياة الطيبة، يراعي في ذلك مصالح الفرد وضرورات الاجتماع، ولا يغلّب أحدهما على الأخر بل يوازن بينهما بحيث يصبح كل منهما في خدمة الآخر ومصلحته، فالقران لا يهمل المجتمع لصالح الفرد، ولا يلغي الفرد لصالح المجتمع، بل يعترف بكل منهما، ويدعو إلى الإصلاح على مستوى المجتمع
﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى"، " وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ.

كما يدعو إلى إصلاح الأفراد


﴿إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ30.

وهكذا نجد أن القران الكريم قد تضمن العلوم والمعارف التي تنسجم ومتطلبات الفطرة الإنسانية في كل أبعادها وجوانبها الأساسية، قال تعالى:
﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ.

* دروس قرآنية. سلسلة المعارف الاسلامية، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية. ط:6 آب 2009م - 143ه. ص: 7-12.


1- الكهف: 1.
2- الحشر: 21.
3- الجن: 1.
4- ستدرك الوسائل، ج4، ص344.
5- تفسير القرطبي، ج19، ص72.
6-الكافي، ج2، باب فضل حامل القران: ح5.
7- ال عمران: 64.
8- التوبة: 11.
9- الأنعام: 19.
10- ص: 87.
11- الأحقاف: 30.
12- الشورى: 13.
13- المائدة: 48.
14- النحل: 89.
15- الإسراء: 105.
16- يونس: 32.
17- فصلت: 42 41.
18- البحار، ج19، ص6.
19- السيد الخوئي، البيان، ص11.
20- هود: 13.
21- الإسراء: 88.
22- الأحزاب: 40.
23- الرعد: 46.
24- الإسراء: 105.
25- القيامة: 19 16.
26-  طه: 114.
27- الأعلى: 6.
28- النساء: 3.
29- الروم: 21.
30- الزمر: 41.

2010-06-09