ما هي الأسئلة التي تنتظرنا بعد الموت؟
الموت والبرزخ
ما تعرّض له القرآن حول هذه المسألة هو أنّ هناك برزخاً وأنّ فيه فريقاً يتنعّم بنعم الله تعالى، وفريقاً آخر في العذاب. إلا أنّ السنة المباركة تحدّثت بإسهاب عن هذه التفاصيل،
عدد الزوار: 1081ما تعرّض له القرآن حول هذه المسألة هو أنّ هناك برزخاً وأنّ فيه فريقاً يتنعّم بنعم الله تعالى، وفريقاً آخر في العذاب. إلا أنّ السنة المباركة تحدّثت بإسهاب عن هذه التفاصيل، فقد ذُكر في الروايات أنّ الإنسان عندما يوضع في القبر يأتي إليه اثنان من ملائكة الله فيسألانه عن أصول دينه، حتى أنّ بعض الروايات أشار إلى أنّه يُسأل حتى عن كيفية عمره من جوانب عدّة، كسُبل كسب المال ونحوه، وإن كان من المؤمنين فإنّه سوف يجيب بسهولة، وتغمره الرحمة الإلهيّة، وإلا فإنّه سوف يفشل في الإجابة ويغرق في العذاب. وقد أطلق على هذين الملكين اسم "ناكر ونكير، وفي رواية "منكر ونكير"، فيروى عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنّه كان يعظ الناس ويذكّرهم بحضور "منكر ونكير" في القبر قائلاً: "ألا وإنّ أوّل ما يسألانك عن ربّك الذي كنت تعبد، وعن نبيك الذي أُرسل إليك، وعن دينك الذي كنت تدين به، ثمّ عن عمرك فيما أفنيته، ومالك من أين اكتسبته، وفيما أتلفته، فخذ حذرك وأعدّ للجواب قبل الامتحان والمساءلة"[1].
وقال أبو عبد الله عليه السلام: "يُسأل الميِّت في قبره عن خمس: عن صلاته وزكاته وحجّه وصيامه وولايته إيّانا أهل البيت، فتقول الولاية من جانب القبر للأربع: ما دخل فيكنّ من نقص فعليّ تمامه"[2].
وكيف يتم هذا السؤال؟ ومع من؟ مع الرّوح في عالم البرزخ، أم مع نفس هذا الجسم والرّوح؟ وما هي نوعية الأسئلة التي تُسأل هناك؟
وفي الإجابة عن السؤال الأوّل قولان:
الأول: أن يتوجّه السؤال إلى نفس هذا الجسم والرّوح على نحو أنّها تعاد الرّوح إلى الجسم المادي بصورة مؤقتّة. ومن البديهي أنّ المقصود هنا ليس عودة الرّوح بصورة تامة بحيث يعود الإنسان كما لو كان في الدّنيا، بل تعود على قدر ما يمكّنه من الإجابة عن الأسئلة. فالمستفاد من موضوع بعض الروايات هو أنّ الرّوح تتعلّق وترتبط بنفس هذا الجسم المادي بنوع من التعلّق على قدر ما يتمكّن الميِّت من فهم الأسئلة والإجابة عنها. ولكن يبقى الثابت عندنا، عدم عودة النَّفس إلى هذا الجسم المادي بعينه كما هو الحال في الآخرة.
الثاني: أن يتوجّه السّؤال إلى الرّوح التي في القالب المثالي والبرزخي. وإلى هذا أشار العلاّمة المجلسي في تحقيقه حول أحاديث هذا الباب في البحار: "فالمراد بالقبر في أكثر الأخبار ما يكون الرّوح فيه في عالم البرزخ"[3]. أما نوعية الأسئلة في القبر فيتّضح من الروايات أنّها ليست أسئلة وأجوبة عاديّة يتمكّن الإنسان من الإجابة عنها بما يحلو له، بل هي أسئلة تنبع إجابتها من أعماق روح الإنسان ومن صحيح معتقداته، وما تلقين الأموات للشهادة إلاّ للإشارة إلى هذه الأمور. ويضاف إلى هذا الكلام وجود روايات أخرى تشير إلى أنّ السؤال يتناول أحياناً تفاصيل حياة الإنسان كساعات عمره، وتحصيله لرزقه، وكيفية صرفه، وهذا يعني أنّ سؤال القبر لا يتعلّق فقط بالكفر والإيمان على مستوى العقيدة والفكر أو بالأمور العقائدية فقط.
* الحياة الآخرة – دروس في المعاد والآخرة - جمعية المعارف الإسلاميّة الثقافية
[1] م. س.
[2] بحار الأنوار، ج 21، ص 260.
[3] بحار الأنوار، ج 6، ص 270.