رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا
شهر رمضان
إذا كانتِ الغايةُ مِنْ كلِّ الأعمالِ الّتي أدّاها الإنسانُ في هذهِ الدنيا الفلاحَ والفوزَ في الآخرةِ، فإنَّ الفلاحَ يتحقّقُ بالوصولِ إلى السعادةِ الأخرويّةِ، وإنَّ أصحابَ الفوزِ يزيلونَ مِنْ طريقِهِم كلَّ الموانعِ والحواجزِ والحجبِ، لينالُوا الفلاحَ والسعادةَ.
عدد الزوار: 932إذا كانتِ الغايةُ مِنْ كلِّ الأعمالِ الّتي أدّاها الإنسانُ في هذهِ الدنيا الفلاحَ والفوزَ في الآخرةِ، فإنَّ الفلاحَ يتحقّقُ بالوصولِ إلى السعادةِ الأخرويّةِ، وإنَّ أصحابَ الفوزِ يزيلونَ مِنْ طريقِهِم كلَّ الموانعِ والحواجزِ والحجبِ، لينالُوا الفلاحَ والسعادةَ.
لذا، يتوسّلُ العاملونَ إلى اللهِ تعالى دائماً بالدعاءِ، ليكونَ عملُهُم مقبولاً عندَهُ عزَّ وجلَّ، قالَ تعالى حكايةً عنْ إبراهيمَ (عليه السلام): ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾[1].
ولاستجابةِ الدعاءِ وقبولِ الأعمالِ شروطٌ وردَتْ في تعاليمِ أهلِ البيتِ (عليهم السلام)، تتمثّلُ بالآتي:
1. التقوى: لقدْ حكى اللهُ عزَّ وجلَّ قصَّةَ ابنَيْ آدمَ، وبيَّنَ لنا أنَّ معيارَ القَبولِ كانَ التقوى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ﴾[2].
2. الالتزامُ بطاعةِ اللهِ عزَّ وجلَّ: فقدْ رُويَ أنَّ اللهَ أوحى إلى داوودَ (عليه السلام): «يا داوودُ، إنّهُ ليسَ عبدٌ مِنْ عبادي يطيعُني في ما آمرُهُ، إلّا أعطيتُهُ قبلَ أنْ يسألَني، وأستجيبُ لهُ قبلَ أنْ يدعوَني»[3].
3. الإخلاصُ للهِ عزَّ وجلَّ: عنْ فاطمةَ الزهراءِ (عليها السلام): «مَنْ أصعدَ إلى اللهِ خالصَ عبادتِهِ، أهبطَ اللهُ عزَّ وجلَّ لهُ أفضلَ مصلحتِهِ»[4].
4ـ اجتنابُ المعاصي وما نهى اللهُ عزَّ وجلَّ عنهُ: عنِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «مَرَّ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ (عليه السلام) بِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِه وهُوَ سَاجِدٌ، فَانْصَرَفَ مِنْ حَاجَتِه وهُوَ سَاجِدٌ عَلَى حَالِه، فَقَالَ لَه مُوسَى (عليه السلام): لَوْ كَانَتْ حَاجَتُكَ بِيَدِي لَقَضَيْتُهَا لَكَ، فَأَوْحَى اللَّه عَزَّ وجَلَّ إِلَيْه: يَا مُوسَى، لَوْ سَجَدَ حَتَّى يَنْقَطِعَ عُنُقُه مَا قَبِلْتُهُ، حَتَّى يَتَحَوَّلَ عَمَّا أَكْرَه إِلَى مَا أُحِبُّ»[5].
5. أنْ يطلبَ مِنَ المؤمنينَ الدعاءَ لهُ بقَبولِ الأعمالِ: عنِ الإمامِ الباقرِ (عليه السلام): «أَسْرَعُ الدُّعَاءِ نُجْحاً لِلإِجَابَةِ، دُعَاءُ الأَخِ لأَخِيه بِظَهْرِ الْغَيْبِ، يَبْدَأُ بِالدُّعَاءِ لأَخِيه، فَيَقُولُ لَه مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِه: آمِينَ، ولَكَ مِثْلَاه»[6].
6. الإلحاحُ والمداومةُ على الطلبِ والدعاءِ: عنِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ كَرِه إِلْحَاحَ النَّاسِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْمَسْأَلَةِ، وأَحَبَّ ذَلِكَ لِنَفْسِه. إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ ويُطْلَبَ مَا عِنْدَه»[7].
ومنْ أهمِّ ما ينبغي أنْ يكونَ محلَّ عنايةِ المؤمنِ أنْ يحفظَ عملَهُ مِنَ الضياعِ، ويعلّمُنا الإمامُ زينُ العابدينَ (عليه السلام) في دعاءِ وداعِ شهرِ رمضانَ أنْ ندعوَ بالآتي: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِه، واجْبُرْ مُصِيبَتَنَا بِشَهْرِنَا، وبَارِكْ لَنَا فِي يَوْمِ عِيدِنَا وفِطْرِنَا، واجْعَلْهُ مِنْ خَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْنَا أَجْلَبِه لِعَفْوٍ، وأَمْحَاه لِذَنْبٍ، واغْفِرْ لَنَا مَا خَفِيَ مِنْ ذُنُوبِنَا ومَا عَلَنَ. اللَّهُمَّ اسْلَخْنَا بِانْسِلَاخِ هَذَا الشَّهْرِ مِنْ خَطَايَانَا، وأَخْرِجْنَا بِخُرُوجِه مِنْ سَيِّئَاتِنَا، واجْعَلْنَا مِنْ أَسْعَدِ أَهْلِه بِه، وأَجْزَلِهِمْ قِسْماً فِيه، وأَوْفَرِهِمْ حَظَّاً مِنْه»[8].
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
[1] سورة البقرة، الآية 127.
[2] سورة المائدة، الآية 27.
[3] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج90، ص376.
[4] ورّام بن أبي فراس المالكيّ، تنبيه الخواطر ونزهة النواظر (مجموعة ورّام)، ج2، ص427.
[5] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج8، ص129.
[6] المصدر نفسه، ج2، ص507.
[7] المصدر نفسه، ج2، ص475.
[8] الإمام زين العابدين (عليه السلام)، الصحيفة السجّاديّة، ص202، الدعاء 45.