كيف حصلت المباهلة؟
يوم المباهلة
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾
عدد الزوار: 608قال الله تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾[1]، فتلاها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم على النصارى، ودعاهم إلى المباهلة، وقال: "إنّ الله عزّ اسمه أخبرني أنّ العذاب ينزل على المبطل عقيب المباهلة، ويبيّن الحقّ من الباطل بذلك"، فاتّفق رأيهم على استنظاره إلى صبيحة غد من يومهم ذلك.
فلمّا رجعوا إلى رحالهم قال لهم الأسقف. انظروا محمّداً في غد، فإن غدًا بولده وأهله فاحذروا مباهلته، وإن غدا بأصحابه فباهلوه فإنّه على غير شيء.
فلمّا كان من الغد جاء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم آخذاً بيد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والحسن والحسين بين يديه يمشيان وفاطمة عليها السلام تمشي خلفه، وخرج النصارى يقدمهم أسقفهم.
فلمّا رأى النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قد أقبل بمن معه، سأل عنهم، فقيل له: هذا ابن عمّه علي بن أبي طالب وهو صهره وأبو ولده وأحبّ الخلق إليه، وهذان الطفلان ابنا بنته من عليّ وهما من أحب الخلق إليه، وهذه الجارية بنته فاطمة أعزّ الناس عليه وأقربهم إلى قلبه.
فنظر الأسقف إلى العاقب والسيد وعبد المسيح وقال لهم: انظروا إليه قد جاء بخاصّته من ولده وأهله ليباهل بهم واثقاً بحقّه، والله ما جاء بهم وهو يتخوّف الحجّة عليه، فاحذروا مباهلته، والله لولا مكان قيصر لأسلمت له، ولكن صالحوه على ما يتّفق بينكم وبينه، وارجعوا إلى بلادكم وارتؤوا لأنفسكم، فقالوا له: رأينا لرأيك تبع، فقال الأسقف: يا أبا القاسم إنّا لا نباهلك ولكنّا نصالحك، فصالحنا على ما ننهض به.
فصالحهم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم على ألفي حلّة من حلل الأواقي قيمة كل حلة أربعون درهماً جياداً، فما زاد أو نقص كان بحساب ذلك، وكتب لهم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كتاباً بما صالحهم عليه، وكان الكتاب: "بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من عند محمد النبيّ رسول الله لنجران وحاشيتها، في كل صفراء وبيضاء وثمرة ورقيق، لا يؤخذ منه شيء منهم غير ألفي حلّة من حلل الأواقي ثمن كل حلة أربعون درهماً، فما زاد أو نقص فعلى حساب ذلك، يؤدون ألفاً منها في صفر، وألفاً منها في رجب، وعليهم أربعون ديناراً مثواة رسولي مما فوق ذلك، وعليهم في كلّ حدث يكون باليمن من كل ذي عدن عارية مضمونة ثلاثون درعاً وثلاثون فرساً وثلاثون جملاً عارية مضمونة، لهم بذلك جوار الله وذمة (محمد بن عبد الله)، فمن أكل الربا منهم بعد عامهم هذا فذمّتي منه بريئة". وأخذ القوم الكتاب وانصرفوا[2].
دروس تمهيدية في سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم والأئمة المعصومين عليهم السلام، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
[1] سورة آل عمران، الآيات 59 - 61.
[2] الشيخ المفيد، محمد بن النعمان، الإرشاد، ج1، ص169.