هل توجد للجهاد شروط؟
التربية الجهادية
إنّ الجهاد عمليّةٌ هدفها تحقيقُ إحدى الحسنيين: إمّا النَّصر والغلبة على العدوّ، وبالتالي رفع ظلمه، وردّ عدوانه، وبسط العدالة، ورفع لواء الحرّيّة عاليًا، وإمّا الفوز بوسام الشهادة في سبيل الله.
عدد الزوار: 299إنّ الجهاد عمليّةٌ هدفها تحقيقُ إحدى الحسنيين: إمّا النَّصر والغلبة على العدوّ، وبالتالي رفع ظلمه، وردّ عدوانه، وبسط العدالة، ورفع لواء الحرّيّة عاليًا، وإمّا الفوز بوسام الشهادة في سبيل الله. ولكي تتمّ هذه العمليّة بأبهى صور النجاح والكمال، كان لا بدّ من وجود مجموعة من الشروط والظروف المعنويّة والعقائديّة، بحيث يصير الوصول إلى الأهداف الإلهيّة الكبرى متيسّرًا بفعل هذه الشروط مجتمعة. وأبرز هذه الشروط هي:
1- الإخلاص لله تعالى:
المجاهد في سبيل الله، عند أدائه لواجباته وتكاليفه الشرعيّة، هو في حالة عبادة، ولأعماله بُعدٌ إلهيّ يمكن أن يرفعه إلى أعلى عليّين، ويقرّبه من الحق نجيًّا، في حال اتّسمت أعماله ونواياه بالإخلاص. أمّا إذا لم تكن النوايا خالصةً، ولم يكن الدافع الأساس من وراء الجهاد رضا الله وأداءَ التكليف الشرعيّ، فلن تكون الأعمال مقبولةً، وبالتالي لن ينال الأجر والثواب الذي يستحقّه. ففي الحديث القدسيّ المرويّ عن الإمام الصادق عليه السلام قال: "يقول اللَّه عزّ وجلّ: أَنا خير شريك، من أَشرك معي غيري في عملٍ عمله لم أَقبله، إلّا ما كان لي خالصًا"[1].
2- التحلّي بالصبر:
من العوامل المهمّة للتوفيق في الجهاد هو تحلِّي المجاهد بالصَّبر، وقد ورد عن الإمام عليّ عليه السلام أنّه قال: "الصبر أن يحتمل الرجل ما يَنُوبه، ويكظم ما يُغضبه"[2].
3- التحلّي بالشجاعة:
الشجاعة صفة في النفس تدفع بالمجاهد إلى الثبات في ميادين الحرب والجهاد في مواجهة أعداء الله تعالى وأعداء الإنسانيّة، وتؤهّله لتحمُّل الشدائد والصعاب وأعباء القتال ولوازمه.
قال تعالى ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ﴾[3].
4- طاعة الوليّ وأداء التكليف:
إنَّ الطاعة للإمام في زمن الغيبة هي للفقيه الجامع للشرائط المعتبَرة، وهي في مستوى طاعة الإمام المعصوم نفسه. قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾[4].
والنظام العسكريّ الذي يقيمه الوليّ الفقيه قائم على وجود القائد لهذه المجموعة أو تلك، والطاعة للقيادة العسكريّة يكمن فيها سرُّ النَّجاح وتحقيق النَّصر، ومن دون الطَّاعة، لا بدّ أن يقع التنازع والفشل والخسارة[5]. من هنا، وجب على المجاهد طاعةُ الوليّ والالتزام بأداء التكليف.
5- امتلاك الوعي والبصيرة السياسيّة:
إنَّ معرفة الزمان والظروف الخاصّة لكلّ عصر، ومعرفة الصديق من العدوّ، ومعرفة خطط العدوّ الشيطانيّة، وامتلاك الوعي والبصيرة، تعدُّ كلُّها جزءًا من البرامج الأساس للمؤمن بصورة عامّة، والمجاهد بصورة خاصّة. يقول الإمام الرضاعليه السلام: "المؤمن العارف بأهل زمانه لا تهجم عليه اللوابس"[6].
التربية الإيمانية، دار المعارف الإسلامية الثقافية
[1] الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص295.
[2] الليثي الواسطي، عيون الحكم والمواعظ، ص56.
[3] سورة الفتح، الآية 29.
[4] سورة النساء، الآية 59.
[5] في سؤال وُجِّه للإمام الخمينيّ قدس سره: "يُلحظ أحيانًا أنّ بعض الإخوة المقاتلين لا يراعون بدقَّة المقرّرات المعيّنة من قبل القادة، ولا يستخدمون الوسائل المؤمِّنة والواقية كخوذتهم ونظّاراتهم الخاصَّة وما شابه ذلك. وعدمُ الاعتناء هذا يؤول أحيانًا إلى الشهادة وجرح هؤلاء أو مقاتلين آخرين غيرهم، وهم يتصوَّرون أنّ ذلك عملٌ صحيح لأنّه يؤدّي إلى الشهادة، فهل هذا العمل جائز أم لا؟ نتمنَّى بيان رأيكم المبارك. قال في الجواب: يجب على المقاتلين الأعزَّاء العمل بحسب مقرّرات الجبهة وأوامر مسؤوليها، ومراعاة الوسائل المؤمِّنة والواقية، ولا يجوز التخلُّف".
[6] الشيخ الكليني، الكافي، ج1، ص27.