عِلمٌ نافِعٌ
رجب
قَالَ الإمامُ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ (عليه السَّلام): «وَجَدْتُ عِلْمَ النَّاسِ فِي أَرْبَعٍ؛ أَوَّلُهَا: أَنْ تَعْرِفَ رَبَّكَ، وَالثَّانِيَةُ: أَنْ تَعْرِفَ مَا صَنَعَ بِكَ، وَالثَّالِثَةُ: أَنْ تَعْرِفَ مَا أَرَادَ مِنْكَ، وَالرَّابِعَةُ: أَنْ تَعْرِفَ مَا يُخْرِجُكَ مِنْ دِينِكَ»
عدد الزوار: 265قَالَ الإمامُ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ (عليه السَّلام): «وَجَدْتُ عِلْمَ النَّاسِ فِي أَرْبَعٍ؛ أَوَّلُهَا: أَنْ تَعْرِفَ رَبَّكَ، وَالثَّانِيَةُ: أَنْ تَعْرِفَ مَا صَنَعَ بِكَ، وَالثَّالِثَةُ: أَنْ تَعْرِفَ مَا أَرَادَ مِنْكَ، وَالرَّابِعَةُ: أَنْ تَعْرِفَ مَا يُخْرِجُكَ مِنْ دِينِكَ»[1].
العلمُ والمعرفةُ بابُ كلِّ عمل. وفي كلامِ الإمامِ الكاظمِ (صلواتُ اللهِ عليه)، بيانٌ للعلومِ والمعارفِ النافعةِ للإنسان، وهي:
1. معرفةُ الله: مضافاً إلى معرفةِ أنَّهُ تعالى هو الخالقُ لك، والذي أخرجكَ مِنَ العدمِ إلى الوجود، عليكَ أنْ تعرفَ أنَّ تدبيرَ الكونِ كلِّه، وتدبيرَ أمورِكَ بيدِه أيضاً، ﴿اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ﴾[2].
2. معرفةُ نِعَمِ الله: وهي -كما وردَ في القرآنِ الكريمِ- لا تقبلُ الإحصاء: ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَ﴾[3]؛ مِنْ إنشائِكَ في ظلماتِ الأرحامِ وشَغَفِ الأستار، وإعطاءِ الوجودِ والقدرة، وإفاضةِ النَفْسِ وقواها، وحُسنِ الصورةِ وقوامِ الاعتدال، وإيجادِ الأعضاءِ الظاهرةِ والباطنةِ؛ مِنْ لسانٍ لافظ، وبصرٍ لاحظ، وقلبٍ حافظ، ثمَّ إرسالِ الرسولِ وإنزالِ الكتاب، إلى المقاماتِ العاليةِ في الدارِ الآخرة، قالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ* الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَك* فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾[4].
3. معرفةُ ما يريدُه اللهُ عزَّ وجلّ: مِنَ الأمورِ التي يكونُ المطلوبُ فيها الإيمانُ والاعتقادُ الصحيحُ والسليم، البعيدُ عَنِ الانحرافِ والباطل، ومِنَ الأمورِ التي يكونُ المطلوبُ فيها العملُ، وتنقسمُ إلى الواجباتِ والمستحبَّات، وعلى الإنسانِ أنْ يعرفَها بشروطِها كافّةً، حتَّى يؤدِّيَها بالنحوِ المطلوب، فعَنِ الإمامِ الباقرِ (عليه السلام): «لا يُقبَلُ عملٌ إلَّا بمعرفة، ولا معرِفةٌ إلَّا بعمل. ومَنْ عَرَفَ، دلَّتْهُ معرِفَتُهُ على العمل، ومَنْ لمْ يعرِفْ، فلا عَمَلَ له»[5].
وليعلَمِ المؤمنُ أنَّ طريقَهُ إلى الجنَّةِ يمرُّ عَبْرَهَا، فعَنِ الإمامِ عليٍّ (عليه السَّلام): «الفرائضَ الفرائض! أدُّوها إلى اللهِ، تؤدِّكُم إلى الجنَّة»[6].
4. معرفةُ ما حرّمَهُ الله: فالمحرَّماتُ تُخرِجُ الإنسانَ مِنْ طاعةِ اللهِ ومِنَ الصراطِ السويّ، وتجعلُه في خانةِ الظالمينَ لأنفسِهِم، فمَنْ أرادَ أنْ يحفظَ دِينَهُ، عليهِ أنْ يعرفَ المحرَّماتِ فيتجنَّبُها؛ وذلكَ لأنَّها تفتحُ لهُ أبوابَ النيران، قالَ تعالى: ﴿وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ﴾[7].
كما أنَّها تَهدِمُ العملَ الصالحَ الذي يقومُ به، ففي الروايةِ عَنِ الإمامِ الصاقِ (عليه السلام) -في قولِه عزَّ وجلّ: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾[8]-: «أَمَا واللَّه، إِنْ كَانَتْ أَعْمَالُهُمْ أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ الْقَبَاطِيِّ، ولَكِنْ كَانُوا إِذَا عَرَضَ لَهُمُ الْحَرَامُ لَمْ يَدَعُوه»[9].
ختاماً، نعزِّي صاحبَ العصرِ والزمانِ (عجَّلَ اللهُ تعالى فرجَه)، ووليَّ أمرِ المسلمين، والمجاهدينَ جميعاً، بذكرى شهادةِ الإمامِ موسى بنِ جعفرٍ الكاظمِ (عليهما السَّلام) في الخامسِ والعشرينَ مِنْ رجبٍ مِنْ عامِ 183 للهجرة.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
[1] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج1، ص50.
[2] سورة الرعد، الآية 2.
[3] سورة إبراهيم، الآية 34.
[4] سورة الانفطار، الآيات 6-8.
[5] ابن شعبة الحرّانيّ، تحف العقول، ص294.
[6] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص242، الخطبة 167.
[7] سورة الأنعام، الآية 120.
[8] سورة الفرقان، الآية 23.
[9] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص81.