براءتانِ لمَن يذكرُ اللهَ عزَّ وجلَّ
صفر
رُوي عنْ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله) أنَّه قال: «مَنْ أكثرَ ذِكْرَ اللهِ عزَّ وجلَّ؛ أحبَّه اللهُ، ومَنْ ذكرَ اللهَ كثيراً كُتبتْ له براءتان: براءةٌ مِنَ النار، وبراءةٌ مِنَ النفاق»
عدد الزوار: 176رُوي عنْ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله) أنَّه قال: «مَنْ أكثرَ ذِكْرَ اللهِ عزَّ وجلَّ؛ أحبَّه اللهُ، ومَنْ ذكرَ اللهَ كثيراً كُتبتْ له براءتان: براءةٌ مِنَ النار، وبراءةٌ مِنَ النفاق»[1].
لقدْ جعلَ اللهُ عزَّ وجلَّ للإنسانِ سُبُلاً للوصولِ إليه. وهذه السُبُلُ تحتاجُ إلى مُداومةٍ ومثابرةٍ دائمتَين، ومِن أبوابِ ذلكَ ذكرُ اللهِ عزَّ وجلَّ، فعنْ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله): «إنَّ الملِكَ ينزلُ بصحيفةٍ أوّلَ النهارِ وأوّلَ الليل، فيُكتَبُ فيها عملُ ابنِ آدم، فاعملوا في أوَّلِها خيراً، وفي آخرِها خيراً، فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يغفرُ لكم فيما بينَ ذلكَ إنْ شاءَ الله، وإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يقول: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾[2]، ويقولُ جلَّ جلالُه: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾[3]»[4].
وحقيقةُ الذكرِ تتَّضحُ بالتأمُّلِ فيما أوصى به رسولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله) أميرَ المؤمنينَ (عليه السلام) بقولِه: «يا عليّ، ثلاثٌ لا تُطيقُها هذه الأمّة: المواساةُ للأخِ في مالِه، وإنصافُ الناسِ مِن نفْسِه، وذكرُ اللهِ على كلِّ حال، وليسَ هو سبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلاَّ اللهُ واللهُ أكبر، ولكنْ إذا وردَ على ما يحرُمُ عليه خافَ اللهَ عزَّ وجلَّ عندَه وتركَه»[5].
وفي الروايةِ المذكورةِ عن رسولِ الله (صلّى الله عليه وآله) بيانٌ لثلاثِ ثمراتٍ لذكرِ الله:
1ـ يحبُّه اللهُ عزَّ وجلّ: وهذه المحبَّةُ تتجلّى في العنايةِ الإلهيّةِ الخاصَّةِ بالعبدِ الذاكر، ففي الروايةِ عنْ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله): «ما جلسَ قومٌ يذكرونَ اللهَ إلّا حفَّتْهُمُ الملائكة، وغشِيَتْهُمُ الرحمة، وتنزَّلَتْ عليهِمُ السكينة، وذكَرَهُمُ اللهُ في مَن عندَه»[6].
والمؤمنُ يحرُصُ في هذه الدنيا على أنْ لا تضيعَ منه ساعةٌ يتحسَّرُ عليها يومَ القيامة، ففي الروايةِ عنْ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله): «إنَّ أهلَ الجنّةِ لا يندمونَ على شيءٍ من أمورِ الدنيا؛ إلّا على ساعةٍ مرّتْ بهم في الدنيا لم يذكروا اللهَ تعالى فيها»[7].
2ـ البراءةُ مِنَ النار: فدائمُ الذكرِ للهِ عزَّ وجلَّ يكونُ بعيداً عن الذنوبِ والآثام؛ وبذلكَ يتّقي أسبابَ الدخولِ إلى النار، وبهذا يحقِّقُ البراءةَ من النار، ففي الروايةِ عنْ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله) حولَ آثارِ ذكرِ اللهِ عزَّ وجلّ: «عليكم بذكرِ الله؛ فإنّه شفاء، وإيّاكم وذكرَ الناس؛ فإنّه داء»[8].
وقد ورد الحثُّ الشديدُ على ذكرِ اللهِ عند الفجرِ مِن كلِّ يوم، فهو بابٌ لاجتنابِ النار، فعنْ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله): «مَن صلّى الفجر، ثمَّ جلسَ في مجلِسِه يذكرُ اللهَ عزَّ وجلَّ حتّى تطلُعَ الشمس؛ سَتَرَهُ اللهُ عزَّ وجلَّ مِنَ النار، سَتَرَهُ اللهُ عزَّ وجلَّ مِنَ النار، سَتَرَهُ اللهُ عزَّ وجلَّ مِنَ النار»[9].
3ـ البراءةُ مِنَ النِفاق: النِفاقُ شَرَكٌ مِن أشراكِ الشيطانِ يوقِعُ فيه الإنسان، فيخرجُه مِن دائرةِ أهلِ الإيمان. وسلاحُ المؤمنِ في مواجهةِ ذلكَ هو ذكرُ اللهِ عزَّ وجلّ، ففي الروايةِ عنْ رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله): «على كلِّ قلبٍ جاثمٌ مِن الشيطان، فإذا ذكرَ اسمَ اللهِ عزَّ وجلَّ خنسَ [الشيطانُ] وذاب، وإذا تركَ الذكرَ التقَمَهُ الشيطان، فجذَبَهُ وأغواه، واستزلَّهُ وأطغاه»[10].
[1] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص500.
[2] سورة البقرة، الآية 152.
[3] سورة العنكبوت، الآية 45.
[4] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص579.
[5] الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج4، ص358.
[6] الشيخ الطبرسيّ، مكارم الأخلاق، ص312.
[7] الديلميّ، إرشاد القلوب إلى الصواب، ج1، ص52.
[8] المصدر نفسه، ج1، ص117.
[9] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص576.
[10] ابن فهد الحلّيّ، عدة الداعي ونجاح الساعي، ص206.