المباهلة ومقام أهل البيت (عليهم السلام)
يوم المباهلة
المباهلة ومقام أهل البيت (عليهم السلام)
عدد الزوار: 557
سأل وفد نجران النبيّ (صلى الله عليه وآله) أن يكتب مقدار الجزية التي اتفق على دفعها من قبل أهالى نجران إلى النبي (صلى الله عليه وآله) في كتاب، وأن يضمن النبي (صلى الله عليه وآله) أمن نجران في ذلك الكتاب، فكتب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب بأمر النبي كتابا هذا نصه:
«بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما كتب النبي محمّد رسول الله لنجران وحاشيتها، إذ كان له عليهم حكمة في كل ثمرة وصفراء وبيضاء وسوداء ورقيق فأفضل عليهم وترك ذلك لهم: ألفي حلة من حلل الأواقي في كل رجب ألف حلة، وفي كل صفر ألف حلة، كل حلة أوقية، وما زادت حلل الخراج أو نقصت عن الأواقي فبالحساب، وما نقصوا من درع أو خيل أو ركاب أو عرض أخذ منهم بالحساب، وعليهم في كل حرب كانت باليمن ثلاثون درعا، وثلاثون فرسا، وثلاثون بعيرا عارية مضمونة لهم بذلك، وعلى أهل نجران مثواة رسلي (واستضافتهم) شهرا فدونه، ولهم بذلك جوار الله وذمة محمّد النبي رسول الله على أنفسهم وملتهم وارضهم واموالهم وبيعهم ورهبانيتهم على أن لا يعشّروا ولا يأكلوا الربا ولا يتعاملوا به فمن أكل الربا منهم بعد ذلك فذمّتي منه بريئة»([1]).
أكبر فضيلة:
تعتبر واقعة المباهلة وما نزل فيها من القرآن أكبر فضيلة تدعم موقف الشيعة على مر التاريخ. لأن ألفاظ الآية النازلة في المباهلة ومفرداتها تكشف عن مكانة ومقام من باهل بهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) والذين يتخذهم الشيعة قادة لهم.
فهذه الآية اعتبرت الحسن والحسين أبناء لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وفاطمة الزهراء المرأة الوحيدة التي ترتبط برسول الله (صلى الله عليه وآله) ويصدق عليها عنوان «نسائنا». وقد عبّر عن عليّ (عليه السلام) بأنفسنا فكان علي (عليه السلام) تلك الشخصية العظيمة بحكم هذه الآية بمنزلة نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ترى أية فضيلة أعظم وأسمى من أن ترتفع مكانة المرء من الناحية المعنوية ارتفاعا وتسمو سموا عظيما حتى أنه يوصف صاحبها بأنه بمنزلة نفس النبي([2]).
أليست هذه الآية شاهد صدق على أفضلية أمير المؤمنين علي (عليه السلام) على جميع المسلمين.
لقد ذكر الفخر الرازي الذي عرف الجميع اسلوبه في الابحاث الكلاميّة ومواقفه من القضايا المرتبطة بالإمامة، ذكر استدلال الشيعة بهذه الآية ثم أورد على هذا الاستدلال اعتراضا قليل الأهمية ممّا لا يخفى جوابه على أرباب العلم وأهل المعرفة.
هذا ويستفاد من الأحاديث الواردة عن ائمة أهل البيت أنّ المباهلة لا تختص بالنبي الاكرم بل يجوز أن يتباهل كل مسلم في القضايا الدينية مع من يخالفه ويجادله فيها، وقد جاءت طريقة المباهلة والدعاء المخصوص بها في كتب الحديث، وللوقوف على هذا الامر يراجع كتاب «نور الثقلين»([3]).
سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله)، آية الله الشيخ جعفر سبحاني
([1]) فتوح البلدان: ص 76، امتاع الاسماع: ص 502 واعلام الورى: ص 78 و79.
([2]) وقد استند رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى هذه الآية في قوله: «علي مني كنفسي».
([3]) نور الثقلين: ج 1 ص 291 و292، وراجع أيضا الكافي ج 2 كتاب الدعاء باب المباهلة، وقد اشار العلامة الطباطبائي في احدى رسائله إلى هذه الموضوع أيضا، ويعتبره من معاجز الاسلام الخالدة.