علة عدم إلزام المرأة ببعض التكاليف
دور الأم في الأسرة والمجتمع
إذا وصلت المرأة إلى مرحلة يكون فيها الرجل مكلفاً، فان جميع المسائل لديها كالرجل. ولكن الأعمال الصعبة لم توجب عليها من ناحية أنها ريحانة وليست بقهرمانة، ولكن في حد الرخصة وليس العزيمة، وبديهي أن هناك فرقاً بين الرخصة والعزيمة...
عدد الزوار: 235
إذا وصلت المرأة إلى مرحلة يكون فيها الرجل مكلفاً، فان جميع المسائل لديها كالرجل. ولكن الأعمال الصعبة لم توجب عليها من ناحية أنها ريحانة و(ليست بقهرمانة)، ولكن في حد الرخصة وليس العزيمة، وبديهي أن هناك فرقاً بين الرخصة والعزيمة، فالعزيمة تعني أن نهياً عن شيء ورد لا يحق لأحد القيام به مثل أن المسافر يجب أن لا يصوم، يجب أن لا يصلي صلاة الظهر أو العصر أو العشاء أربع ركعات. وهذه تسمى إصطلاحاً (العزيمة) أي يجب الإطاعة. أما (الرخصة) فهي رفع الوجوب عن عمل، بدون أن يكون قد حرّم، إذا قيل إن صلاة الجمعة ليست واجبة على المرأة، أي ليس واجباً أن تحضر لأنها إذا حضرت فان حضورها لن يكون مقبولاً أو ليس لها فضيلة وأمثال ذلك.
أحياناً يقال إن المرأة محرومة من كثير من المزايا الدينية مثل المشاركة في صلاة الجمعة، والمشاركة في صلاة الجماعة وتشييع الجنازة وأمثال ذلك، بدليل الروايات التي وردت في هذا المجال.
"فيما أوصى به النبي صلى الله عليه وآله وسلم علياً عليه السلام يا علي ليس على النساء جمعة ولا جماعة ولا أذن ولا إقامة"1.
في جواب هذا الإشكال يجب القول: إن هذا الحرمان في حد الرخصة وليس العزيمة، أي أن الإلزام دفع عن المرأة لا أنها لا يحق لها المشاركة في الجمعة والجماعات، لأنه ذكر في أحكام صلاة الجمعة انه في حال تعين وجوب صلاة الجمعة، على المكلفين حتى مسافة فرسخين يجب أن يحضروا في صلاة الجمعة ولا يحق لهم في مسافة فرسخ واحد تشكيل صلاتي جمعة، وبعبارة أخرى أن المسالة بين الصلاتين يجب أن لا يكون أقل من فرسخ واحد.
بناء على هذا إذا كانت صلاة الجمعة مهمة إلى هذا الحد، وأنه في حالة الوجوب التعييني يجب أن يشترك الموجودون في حدود فرسخين حتماً، فهذا العمل صعب على المرأة لأن المرأة (ريحانة ليست بقهرمانة)، من هذه الناحية سلب الإلزام والعزيمة عن المرأة، أي ليس لازماً على المرأة أن تقطع هذه المسافة البعيدة حتماً. لا بمعنى أنه لا يحق للمرأة المشاركة أو أنها إذا تحملت هذا العناء وحضرت في صلاة الجمعة فصلاتها لا تكون مقبولة، أو لا تكفي عن صلاة الظهر، أو تكون فاقدة لفضيلة صلاة الجمعة.
وبشأن الجماعة كذلك أيضاً، صلاة الجماعة مهمة ومعتبرة في الإسلام إلى حد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر لمنع نفاق المنافقين في صدر الإسلام بتعزير الذين لا يشتركون في صلاة الجماعة ويعتزمون تدريجاً التآمر وإضعاف الإسلام، وكذلك الذين يستطيعون الحضور إلى صلاة الجماعة ولكن لا يعدون صلاة الجماعة مكرمة ولا يشتركون فيها، أمر بتخريب بيوتهم على رؤوسهم. ففي رواية عن الصادق عن آبائه عليهم السلام قال: اشترط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على جيران المسجد شهود الصلاة، وقال: لينتهن أقوام لا يشهدون الصلاة أو الآمرنّ مؤذناً يؤذن ثم يقيم آمر رجلاً من أهل بيتي وهو على عليه السلام فليحرفنّ على أقوام بيوتهم بجزم الحطب، لأنهم لا يأتون الصلاة2.
هذا التهديد كان لمنع نفوذ المنافق، على هذا الأساس فمشاركة في صلاة جماعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لازمة بدون عذر، وعدم الحضور بدون عذر كان ممنوعاً، هذا الأمر لم يصبح لازماً على النساء لأنه كان مقروناً بصعوبة. لا أن المرأة إذا تحملت هذه المشقة واشتركت في صلاة الجماعة لا تكون صلاتها مقبولة، أو لا تكون صحيحة أو ليس فيها فضيلة وأمثال ذلك.
نوع هذه المسائل هو من باب الرخصة وليس العزيمة.
*جمال المرأة وجلالها،الشيخ جوادي آملي،دار الهادي،بيروت ـ لبنان،ط1 1415هـ ـ1994م،ص333ـ335.
1- بحار الأنوار، ج 81، الباب 35، ص 115.
2- وسائل الشيعة، ج 5، ص 376، الباب 2 من أبواب صلاة الجماعة.